57
التّصحيف في متن الحديث

النموذج الرابع:

۳۰.۱) روى الشيخ الطوسي في الاستبصار: عَنهُ، عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعيدٍ، عَنِ القاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَن مُحَمَّدِ بنِ يَحيى الخَثعَميِّ قالَ: سَأَلتُ أَبا عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام ، فَقالَ: كَما كانَت يَكونُ، مَعَ ما مَضى مِن أَولادِها وَما جَرَّبَت. قُلتُ: فَلَم تَلِد فيما مَضى، قالَ: بَينَ الأَربَعينَ إِلى الخَمسينَ. ۱

ولا نفهم معنىً واضحاً للحديث ؛ لعدم وضوح محور السؤال فيه، وبمراجعة الحديث في المصادر الأُخرى يتّضح أنّ سبب ذلك هو التصحيف الطارئ عليه، فقد ورد نفس الحديث في تهذيب الأحكام وغيره كالتالي:

۳۱.۲) في تهذيب الأحكام: وَرُويَ أَيضاً عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الحُسَينِ بنِ سَعيدٍ، عَنِ القاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَن مُحَمَّدِ بنِ يَحيى الخَثعَميِّ قالَ: سَأَلتُ أَبا عَبدِ اللّه‏ِ عليه ‏السلام عَنِ النُّفَساءِ، فَقالَ: كَما كانَت تَكونُ، مَعَ ما مَضى مِن أَولادِها وَما جَرَّبَت، قُلتُ: فَلَم تَلِد فيما مَضى، قالَ: بَينَ الأَربَعينَ إِلى الخَمسينَ. ۲

علماً أنّ عنوان الباب الذي ورد فيه الحديث في الاستبصار هو «باب أكثر أيّام النفاس»، وهو قرينة على كون السؤال المطروح في الحديث يدور حول النفاس، وهو شاهد لصحّة النصّ الثاني.
و ستأتي بعض الأمثلة الأُخرى لهذا العنوان في طيّات الأبحاث القادمة إن شاء اللّه‏، أعرضنا عن ذكرها تحاشياً للتكرار.

و ـ التقطيع الخاطئ للحديث

لا شكّ ولا ريب أنّ من الأُمور التي تعرّض لها الحديث الشريف خلال العصور السابقة هي التقطيع؛ وذلك أنّ المحدّثين ـ رحم اللّه‏ الماضين منهم وحفظ الباقين ـ

1.الاستبصار: ج ۱ ص ۱۵۲ ح ۹ .

2.تهذيب الأحكام: ج ۱ ص ۱۷۷ ح ۷۹، وسائل الشيعة: ج ۲ ص ۳۸۸ ح ۲۴۲۹ .


التّصحيف في متن الحديث
56

النموذج الثالث:

۲۸.۱) في البلد الأمين والمصباح للكفعمي وردت الفقرة التالية في زيارة عاشوراء: وَلَعَنَ اللّه‏ُ أُمَّةً أَسرَجَت وَأَلجَمَت وَتَهيَّأَت وَتَنَقَبَت لِقِتالِكَ. ۱

فلا نفهم معنىً مناسباً لكلمة «تنقّبت» بحيث يكون منسجماً مع سياق العبارة المذكورة؛ لأنّ التنقّب عادةً يكون بهدف إخفاء الإنسان نفسه عن الآخرين لئلّا يعرفونه، في حين أنّ الذين خرجوا لقتال سيّد الشهداء عليه ‏السلام كانوا يفتخرون بقتالهم له، ويتسابقون إلى ذلك؛ لأنّه يؤمّن لهم دنياهم كما يتصوّرون، وهو موافق لمطلوب السلطة الحاكمة، فلا داعي للتنقّب.
نعم ، أصحاب الحسين عليه ‏السلام ومن خرج لنصرته كانوا ممّن خرج على النظام الحاكم، فإذا كانت هذه الصفة قد وردت في وصفهم كانت مناسبة لحالهم. أو فقل: إن كان هناك تنقّب في يوم عاشوراء فالمفروض حسب ما يقتضيه الواقع الخارجي هو أن يكون في عسكر الحسين لا في عسكر يزيد. وعليه فلا تنسجم العبارة مع الواقع الخارجي، ويكون معناها غامضاً، ولهذا حاول بعض المحدّثين تأويل هذه العبارة بوجوهٍ لا تخلو من بعد. ۲
مع أنّنا إذا راجعنا هذه الفقرة في المصادر الأُخرى وجدناها كالتالي:

۲۹.۲) في إقبال الأعمال وغيره: فَلَعَنَ اللّه‏ُ أُمَّةً أَسرَجَت وَأَلجَمَت وَتَهيَّأَت لِقِتالِكَ. ۳

فورد فيها «تهيّأت» بدل «تنقّبت»، والتهيّؤ منسجم مع العبارة تمام الانسجام، ولا غموض في العبارة بتاتاً. فمنشأ الإبهام والغموض في العبارة السابقة هو التصحيف الطارئ على كلمة «تهيّأت» وصيرورتها «تنقّبت». ۴

1.البلد الأمين: ص ۲۶۹، المصباح للكفعمي: ص ۴۸۲.

2.انظر: بحار الأنوار: ج ۹۸ ص ۳۰۰.

3.إقبال الأعمال: ص ۳۳۳، البلد الأمين: ص ۲۸۸، كامل الزيارات: ص ۱۷۷، مصباح المتهجّد: ص ۷۱۹.

4.تعرّض السيّد محمّد جواد الشبيري لهذا البحث بتفصيل في مقالٍ له تحت عنوان: «درنگى در واژه «تنقبت» در زيارت عاشوراء» (باللغة الفارسية)، مجلّة علوم حديث (الفارسية): العدد ۲۱ ص ۳۰.

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251753
صفحه از 277
پرینت  ارسال به