65
التّصحيف في متن الحديث

الفصل الثالث: مناشئ التصحيف

لا ريب أنّ الحديث الشريف يحظى بمكانة سامية بين المسلمين، وله منزلة جليلة على المستوى الفكري والعقيدي، وعلى الصعيد العملي. فإذا أخذنا ذلك بنظر الاعتبار واهتمام المحدّثين بالحديث ونقله من جهةٍ أُخرى، انقدح السؤال التالي في الأذهان: ما السبب في وقوع التصحيف في الحديث إذن؟
والجواب عليه هو أنّ الخطأ والاشتباه من طبيعة البشر، فمهما بذل الإنسان جهده في مجال معيّن ، فإنّ سهام الخطأ قد تصيبه في كلّ آن، ولهذا نجد خطأ العلماء والعظماء في بعض القضايا، بل لا نجد أحداً نزيهاً عن الخطأ إلّا من عصمه اللّه‏ تعالى. وهذا واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.
إنّما المهمّ هو معرفة جذور هذه الأخطاء وأسبابها، إذ لا يقع الإنسان في الخطأ إلّا بسبب معيّن، فكما أنّ الذي يجيد المشي لا ينكب على وجهه إلّا لسبب من جليد وشبهه من المزالق، أو ظلمة تمنعه عن رؤية المعاثر، أو غير ذلك، فكذلك القراءة والكتابة لا يخطأ الإنسان فيها إلّا بأسباب معيّنة، فما هي هذه الأسباب كي نتحاشاها ونحذرها من جانب، ونعرف المواطن التي يمكن وقوع الخطأ فيها من جانب آخر ؟
وبعد التتبعّ في النماذج المختلفة للتصحيف الطارئ على الحديث عثرنا على أسباب عديدة للخطأ في نقل الحديث، يرجع بعضها إلى الكتابة، وبعضها إلى النطق بالكلمات، وبعضها إلى ضعف الناقل من الناحية الثقافية، وبعضها إلى الطباعة وما يقارنها في هذا العصر، ولهذا فإنّنا سنبحث أسباب التصحيف ضمن المحاور التالية:


التّصحيف في متن الحديث
64

وَيَرى مِن خَلفِهِ كَما يَرى مِن بَينِ يَدَيهِ، وَلا يَكونُ لَهُ ظِلٌّ، وَإِذا وَقَعَ عَلى الأَرضِ مِن بَطنِ أُمِّهِ وَقَعَ عَلى راحَتَيهِ رافِعاً صَوتَهُ بِالشَّهادَتَينِ، وَلا يَحتَلِمُ، وَتَنامُ عَينُهُ وَلا يَنامُ قَلبُهُ... . ۱

فذلكة البحث

1. اتّضح ممّا تقدّم أنّ التصحيف له آثار عديدة تختلف قيمتها باختلاف تبعاتها، وهذا ما يبرز أهمّية علاج التصحيف.
2. بعض أنواع التصحيف لها تأثير مباشر على معنى الحديث ، وبالتالي فهي تستتبع نوعاً من التبعات والآثار، فيما هناك نوع آخر منها له تأثير مباشر على لفظ الحديث ويستتبع آثاراً أُخرى.
3. من الآثار السلبية الهامّة للتصحيف هي الاستنباط الفقهي الموافق للنسخة المصحّفة.
4. اتّضح بما ذكرناه أنّ بعض الأحاديث التي يتمسّك بها المخالفون للطعن على الشيعة هي من الأحاديث المصحّفة، فعلاج التصحيف من شأنه إزالة بعض الشبهات من الأساس، فينبغي الالتفات إلى هذا الجانب في مقام ردّ الشبهات.
5 . تنبغي الدقّة الفائقة في مقام تنقيح المصادر الحديثية وتصحيحها، بعد أخذ مناشئ التصحيف بنظر الاعتبار، إذ التصحيح القياسي قد ينتهي إلى نتائج غير مرضية.
6. ما ذكرناه في هذا الفصل من الآثار إنّما هو بعض الآثار التي عثرنا عليها أثناء العمل على الحديث، وقد تكون له آثار أُخرى أهمّ من المذكورات خفيت علينا، أو لم نعثر على نماذجها.

1.كتاب من لا يحضره الفقيه: ج ۴ ص ۴۱۸ ح ۵۹۱۴ .

  • نام منبع :
    التّصحيف في متن الحديث
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث، للطباعة و النشر
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1432 ق / 1390 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
    شمارگان :
    1000
    قیمت :
    45000 ریال
تعداد بازدید : 251766
صفحه از 277
پرینت  ارسال به