هذه المصادر القديمة ووجوه الاشتراك التاريخيّة إلى جانب المحافظة على معايير نقد النصوص والإسناد التاريخي ، أساسنا في تقييم اعتبار الكتب المؤلّفة وسنديّتها في العصور اللّاحقة .
وبما أنّ حادثة عاشوراء تمثّل أحد الأحداث الدمويّة في تاريخ إمامة الشيعة ، فإنّ من اللّازم تقييم الروايات والمصادر المرتبطة بعاشوراء بمعيار عصمة الإمام عليه السلام أيضاً ، واتّخاذ السيرة السلوكيّة لأئمّة الشيعة معياراً في تقييم ما ينسب إليهم .
وعلى هذا الأساس ، فإنّ الكتب والمصادر التي لم تستخدم اُسلوب النقد في عرضها للنقول التاريخية ، ولم تطابق تلك النقول مع المصادر التاريخيّة المعتمدة ، أو لم تلحظ اختلافها مع سيرة الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وكراماتهم ومنزلتهم وطبيعة شخصيّاتهم ؛ فهي في نظرنا مبتلاة بالضعف وخارجة من دائرة الاعتبار والنقل والاستناد ، فكلّما تضمّن الكتاب عددا أكبر من الروايات الفاقدة للأصل والسند أو غير المنسجمة مع كرامة هذه الشخصيّات الكريمة والأبيّة ، فإنّ ذلك يزيد من ضعف الكتاب ، وكلّما كانت أمثال هذه الروايات فيه أقلّ فهو يتمتّع بقيمة أكبر .
وهذا يعني أنّ نقدنا في هذا المجال يتوجّه إلى محتوى الكتاب لا إلى مؤلّفه ، ذلك أنّ بعض مؤلّفي هذا النوع من الكتب هم من الذين بادروا إلى التأليف بدافع إعجابهم بهذه الملحمة التاريخية وشخصيّة الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه، وتقديراً لتضحياتهم ، وكتبوا في مجال يختلف اختلافاً أساسيّاً عن ثقافتهم العلميّة، مثل: الفقه وتفسير القرآن ، دون أن يكون تخصّصهم الأصلي هو التاريخ والسيرة .
وبعبارة اُخرى فإنّ الإحساس بالمسؤوليّة تجاه الإمام الحسين عليه السلام قد امتزج مع الحماس الذي يعتري كلّ إنسان عند دراسة نهضة عاشوراء ، فدفعهم هذا الإحساس إلى التساهل في التعامل مع الروايات العديمة الأساس أحيانا ، ممّا أدّى بهم أحيانا إلى