2 / 6
شُخوصُ الإِمامِ عليه السلام مِنَ المَدينَةِ وإقامَتُهُ في مَكَّةَ
۹۸۰.الإرشاد :أقامَ الحُسَينُ عليه السلام في مَنزِلِهِ تِلكَ اللَّيلَةَ ، وهِيَ لَيلَةُ السَّبتِ لِثَلاثٍ بَقينَ مِن رَجَبٍ سَنَةَ سِتّينَ . وَاشتَغَلَ الوَليدُ بنُ عُتبَةَ بِمُراسَلَةِ ابنِ الزُّبَيرِ فِي البَيعَةِ لِيَزيدَ وَامتِناعِهِ عَلَيهِ . وخَرَجَ ابنُ الزُّبَيرِ مِن لَيلَتِهِ عَنِ المَدينَةِ مُتَوَجِّها إلى مَكَّةَ ، فَلَمّا أصبَحَ الوَليدُ سَرَّحَ في أثَرِهِ الرِّجالَ ، فَبَعَثَ راكِبا مِن مَوالي بَني اُمَيَّةَ في ثَمانينَ راكِبا ، فَطَلَبوهُ فَلَم يُدرِكوهُ فَرَجَعوا .
فَلَمّا كانَ آخِرُ نَهارِ يَومِ السَّبتِ بَعَثَ الرِّجالَ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام لِيَحضُرَ فَيُبايِعَ الوَليدَ لِيَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ ، فَقالَ لَهُمُ الحُسَينُ عليه السلام : أصبِحوا ثمَّ تَرَونَ ونَرى ، فَكَفّوا تِلكَ اللَّيلَةَ عَنهُ ولَم يُلِحّوا عَلَيهِ .
فَخَرَجَ عليه السلام مِن تَحتِ لَيلَتِهِ ـ وهِيَ لَيلَةُ الأَحَدِ لِيَومَينِ بَقِيا مِن رَجَبٍ ـ مُتَوَجِّها نَحوَ مَكَّةَ. ۱
۹۸۱.تاريخ الطبري عن أبي مخنف :أمَّا ابنُ الزُّبَيرِ فَقالَ : الآنَ آتيكُم ، ثُمَّ أتى دارَهُ فَكَمَنَ فيها ، فَبَعَثَ الوَليدُ إلَيهِ فَوَجَدَهُ مُجتَمِعا في أصحابِهِ مُتَحَرِّزا ، فَأَلَحَّ عَلَيهِ بِكَثرَةِ الرُّسُلِ وَالرِّجالِ في أثَرِ الرِّجالِ .
فَأَمّا حُسَينٌ عليه السلام فَقالَ : كُفَّ حَتّى تَنظُرَ ونَنظُرَ ، وتَرى ونَرى . وأمَّا ابنُ الزُّبَيرِ فَقالَ : لا تُعجِلوني ؛ فَإِنّي آتيكُم ، أمهِلوني . فَأَلَحّوا عَلَيهِما عَشِيَّتَهُما تِلكَ كُلَّها وأوَّلَ لَيلِهِما، وكانوا عَلى حُسَينٍ عليه السلام أشَدَّ إبقاءً .
وبَعَثَ الوَليدُ إلَى ابنِ الزُّبَيرِ مَوالِيَ لَهُ فَشَتَموهُ وصاحوا بِهِ : يَابنَ الكاهِلِيَّةِ ، وَاللّه ِ لَتَأتِيَنَّ الأَميرَ أو لَيَقتُلَنَّكَ . فَلَبِثَ بِذلِكَ نَهارَهُ كُلَّهُ وأوَّلَ لَيلِهِ ، يَقولُ : الآنَ أجيءُ ، فَإِذَا استَحَثّوهُ قالَ : وَاللّه ِ لَقَدِ استَرَبتُ بِكَثرَةِ الإِرسالِ وتَتابُعِ هذِهِ الرِّجالِ ، فَلا تُعجِلوني حَتّى أبعَثَ إلَى الأَميرِ مَن يَأتيني بِرَأيِهِ وأمرِهِ . فَبَعَثَ إلَيهِ أخاهُ جَعفَرَ بنَ الزُّبيرِ ، فَقالَ : رَحِمَكَ اللّه ُ كُفَّ عَن عَبدِ اللّه ِ ؛ فَإِنَّكَ قَد أفزَعتَهُ وذَعَرتَهُ بِكَثرَةِ رُسُلِكَ وهُوَ آتيكَ غَدا إن شاءَ اللّه ُ ، فَمُر رُسُلَكَ فَليَنصَرِفوا عَنّا . فَبَعَثَ إلَيهِم فَانصَرَفوا .
وخَرَجَ ابنُ الزُّبَيرِ مِن تَحتِ اللَّيلِ ، فَأَخَذَ طَريقَ الفُرعِ ۲ هُوَ وأخوهُ جَعفَرٌ لَيسَ مَعَهُما ثالِثٌ ، وتَجَنَّبَ الطَّريقَ الأَعظَمَ مَخافَةَ الطَّلَبِ ، وتَوَجَّهَ نَحوَ مَكَّةَ .
فَلَمّا أصبَحَ بَعَثَ إلَيهِ الوَليدُ فَوَجَدَهُ قَد خَرَجَ ، فَقالَ مَروانُ : وَاللّه ِ إن أخطَأَ مَكَّةَ فَسَرِّح في أثَرِهِ الرِّجالَ . فَبَعَثَ راكِبا مِن مَوالي بَني اُمَيَّةَ في ثَمانينَ راكِبا فَطَلَبوهُ فَلَم يَقدِروا عَلَيهِ فَرَجَعوا ، فَتَشاغَلوا عَن حُسَينٍ عليه السلام بِطَلَبِ عَبدِ اللّه ِ يَومَهُم ذلِكَ حَتّى أمسَوا .
ثُمَّ بَعَثَ الرِّجالَ إلى حُسَينٍ عليه السلام عِندَ المَساءِ ، فَقالَ : أصبِحوا ثُمَّ تَرَونَ ونَرى . فَكَفّوا عَنهُ تِلكَ اللَّيلَةَ ولَم يُلِحّوا عَلَيهِ ، فَخَرَجَ حُسَينٌ عليه السلام مِن تَحتِ لَيلَتِهِ وهِيَ لَيلَةُ الأَحَدِ لِيَومَينِ بَقِيا مِن رَجَبٍ سَنَةَ سِتّينَ ، وكانَ مَخرَجُ ابنِ الزُّبَيرِ قَبلَهُ بِلَيلَةٍ ؛ خَرَجَ لَيلَةَ السَّبتِ. ۳
1.الإرشاد : ج ۲ ص ۳۴ ، روضة الواعظين : ص ۱۸۹ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۳۵ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۲۶ .
2.الفُرْعُ : قرية من نواحي المدينة ... بينها وبين المدينة ثمانية بُرُد على طريق مكّة (معجم البلدان : ج ۴ ص ۲۵۲) وراجع: الخريطة رقم ۳ في آخر هذا المجلّد .
3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۴۰ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۳۰ وراجع : الأخبار الطوال : ص ۲۲۸ وتذكرة الخواصّ : ص ۲۳۶ .