۱۲۳۵.مقاتل الطالبيّين عن مدرك بن عمارة :ثُمَّ اُدخِلَ عَلى عُبَيدِ اللّه ِ بنِ زِيادٍ ـ لَعَنَهُ اللّه ُ ـ فَلَم يُسَلِّم عَلَيهِ ، فَقالَ لَهُ الحَرَسُ : ألا تُسَلِّمُ عَلَى الأَميرِ ؟ فَقالَ : إن كانَ الأَميرُ يُريدُ قَتلي فما سَلامي عَلَيهِ ؟! وإن كانَ لا يُريدُ قَتلي ، فَلَيَكثُرَنَّ سَلامي عَلَيهِ .
فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللّه ِ ـ لَعَنَهُ اللّه ُ ـ : لَتُقتَلَنَّ . قالَ : أكَذلِكَ ؟ قالَ : نَعَم . قالَ : دَعني إذا اُوصي إلى بَعضِ القَومِ . قالَ : أوصِ إلى مَن أحبَبتَ .
فَنَظَرَ ابنُ عَقيلٍ إلَى القَومِ وهُم جُلَساءُ ابنِ زِيادٍ ، وفيهِم عُمَرُ بنُ سَعدٍ ، فَقالَ : يا عُمَرُ ، إنَّ بَيني وبَينَكَ قَرابَةً دَونَ هؤُلاءِ ، ولي إلَيكَ حاجَةٌ ، وقَد يَجِبُ عَلَيكَ لِقَرابَتي نُجحُ حاجَتي ، وهِيَ سِرٌّ . فَأَبى أن يُمَكِّنَهُ مِن ذِكرِها .
فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللّه ِ بنُ زِيادٍ : لا تَمتَنِع مِن أن تَنظُرَ في حاجَةِ ابنِ عَمِّكَ . فَقامَ مَعَهُ ، وجَلَسَ حَيثُ يَنظُرُ إلَيهِما ابنُ زِيادٍ لَعَنَهُ اللّه ُ .
فَقالَ لَهُ ابنُ عَقيلٍ : إنَّ عَلَيَّ بِالكوفَةِ دَينا استَدَنتُهُ مُذ قَدِمتُها ، تَقضيهِ عَنّي حَتّى يَأتِيَكَ مِن غَلَّتي بِالمَدينَةِ ، وجُثَّتي فَاطلُبها مِنِ ابنِ زِيادٍ فَوارِها ، وَابعَث إلَى الحُسَينِ عليه السلام مَن يَرُدُّهُ .
فَقالَ عُمَرُ لِابنِ زِيادٍ : أتَدري ما قالَ ؟ قالَ : اُكتُم ما قالَ لَكَ . قالَ : أتَدري ما قالَ لي ؟ قالَ : هاتِ ، فَإِنَّهُ لا يَخونُ الأَمينُ ، ولا يُؤتَمَنُ الخائِنُ ۱ . قالَ : كَذا وكَذا .
قالَ : أمّا مالُكَ ، فَهُوَ لَكَ ولَسنا نَمنَعُكَ مِنهُ ، فَاصنَع فيهِ ما أحبَبتَ . وأمّا حُسَينٌ ، فَإِنَّهُ إن لَم يُرِدنا لَم نُرِدهُ ، وإن أرادَنا لَم نَكُفَّ عَنهُ . وأمّا جُثَّتُهُ ، فَإِنّا لا نُشَفِّعُكَ فيها ؛ فَإِنَّهُ لَيسَ لِذلِكَ مِنّا بِأَهلٍ ، وقَد خالَفَنا وحَرَصَ عَلى هَلاكِنا .
ثُمَّ قالَ ابنُ زِيادٍ لِمُسلِمٍ : قَتَلَنِي اللّه ُ إن لَم أقتُلكَ قِتلَةً لَم يُقتَلها أحَدٌ مِنَ النّاسِ فِي الإِسلامِ . قالَ : أما إنَّكَ أحَقُّ مَن أحدَثَ فِي الإِسلامِ ما لَيسَ فيهِ ، أما إنَّكَ لَم تَدَع سوءَ القِتلَةِ ، وقُبحَ المُثلَةِ ، وخُبثَ السّيرَةِ ، ولُؤمَ الغيلَةِ ، لِمَن هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنكَ .
ثُمَّ قالَ ابنُ زِيادٍ : اِصعَدوا بِهِ فَوقَ القَصرِ فَاضرِبوا عُنُقَهُ. ۲