۱۳۶۶.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) :دَخَلَ عَبدُ اللّه ِ بنُ العَبّاسِ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام فَكَلَّمَهُ طَويلاً ، وقالَ : أنشُدُكَ اللّه َ أن تَهلِكَ غَدا بِحالِ مَضيعَةٍ ، لا تأتِ العِراقَ ، وإن كُنتَ لابُدَّ فاعِلاً ، فَأَقِم حَتّى يَنقَضِيَ المَوسِمُ وتَلقَى النّاسَ ، وتَعلَمَ عَلى ما يَصدُرونَ ، ثُمَّ تَرى رَأيَكَ ـ وذلِكَ في عَشرِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتّينَ ـ فَأَبَى الحُسَينُ عليه السلام إلّا أن يَمضِيَ إلَى العِراقِ .
فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ : وَاللّه ِ إنّي لَأَظُنُّكَ سَتُقتَلُ غَدا بَينَ نِسائِكَ وبَناتِكَ كَما قُتِلَ عُثمانُ بَينَ نِسائِهِ وبَناتِهِ ، وَاللّه ِ إنّي لَأَخافُ أن تَكونَ الَّذي يُقادُ بِهِ عُثمانُ ! فَإِنّا للّه ِِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ ! فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : أبَا العَبّاسِ ، إنَّكَ شَيخٌ قَد كَبَرتَ .
فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ : لَولا أن يُزرِيَ ذلِكَ بي أو بِكَ لَنَشَبتُ يَدَيَّ في رَأسِكَ ، ولَو أعلَمُ أنّا إذا تَناصَينا أقمتَ لَفَعَلتُ ، ولكن لا أخالُ ذلِكَ نافِعي !
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : لَأَن اُقتَلَ بِمَكانِ كَذا و كَذا أحَبُّ إلَيَّ أن تُستَحَلَّ بي ـ يَعني مَكَّةَ ـ قالَ : فَبَكَى ابنُ عَبّاسٍ وقالَ : أقرَرتَ عَينَ ابنِ الزُّبَيرِ . فَذاكَ الَّذي سَلا بِنَفسي عَنهُ .
ثُمَّ خَرَجَ عَبدُ اللّه ِ بنُ عَبّاسٍ مِن عِندِهِ وهُوَ مُغضَبٌ ، وَابنُ الزُّبَيرِ عَلَى البابِ ، فَلَمّا رَآهُ قالَ : يَابنَ الزُّبَيرِ ، قَد أتى ما أحبَبتَ ، قَرَّت عَينُكَ ، هذا أبو عَبدِ اللّه ِ يَخرُجُ ويَترُكُكَ وَالحِجازَ :
يا لَكِ مِن قُبَّرَةٍ بمَعمَرِخَلا لَكِ الجَوُّ فَبيضي وَاصفِري
ونَقِّري ما شِئتِ أن تُنَقِّري . ۱