303
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3

ملاحظة تاريخية وفقهية حول خروج الإمام عليه السّلام من مكة

وفيما يتعلّق بخروج الإمام من مكّة في العشرة الاُولى من ذي الحجّة ، هناك ملاحظة تاريخية واُخرى فقهيّة تسترعيان الاهتمام بها :

1 . الملاحظة التاريخية

يبدو أنّ خروج الإمام الحسين عليه السلام في العشرة الاُولى من ذي الحجّة متّفق عليه بين المؤرّخين ، ولكنّ هناك اختلافاً بشأن التاريخ الدقيق لخروج الإمام عليه السلام ، فقد رويت أيّام مختلفة لخروجه ، وهي : اليوم الثالث ۱ ، اليوم السابع ۲ ، اليوم الثامن ۳ واليوم التاسع ۴ من شهر ذي الحجّة ، ولكنّ الأشهَر والأصحّ أنّ الإمام خرج من مكّة في يوم التروية ؛ أي الثامن من ذي الحجّة ، والرواية الصحيحة التي نقلها معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام ۵
تؤيّد هذا الرأي .

2 . الملاحظة الفقهية

اشتهر أنّ الإمام الحسين عليه السلام غيّر في يوم التروية حَجّه إلى العمرة وخرج من مكّة ، ويبدو أنّ المصدر الرئيس لهذه الشهرة هو ما ذكره بعض أرباب المقاتل وأصحاب السير ، ۶ ومن جملتهم العلّامة المجلسي رحمه الله ، حيث قال في بيان سبب خروج الإمام من المدينة إلى مكّة ، ومن مكّة في موسم الحجّ :
إنّه قد ظهر لك من الأخبار السابقة أنّه عليه السلام هرب من المدينة ـ خوفا من القتل ـ إلى مكّة ، وكذا خرج من مكّة بعدما غلب على ظنّه أنّهم يريدون غيلته وقتله ، حتّى لم يتيسّر له ـ فداه نفسي وأبي واُمّي وولدي ـ أن يتمّ حجّه ، فتحلّل وخرج منها خائفاً يترقّب ، وقد كانوا لعنهم اللّه ضيّقوا عليه جميع الأقطار ، ولم يتركوا له موضعاً للفرار .
ولقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة أنّ يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر عظيم وولّاه أمر الموسم وأمّره على الحاجّ كلّهم ، وكان قد أوصاه بقبض الحسين عليه السلام سرّا ، وإن لم يتمكّن منه بقتله غيلة ، ثم إنّه دسّ مع الحاجّ في تلك السنة ثلاثين رجلاً من شياطين بني اُمية ، وأمرهم بقتل الحسين عليه السلام على أيّ حالٍ اتّفقَ ، فلمّا علم الحسين عليه السلام بذلك حلّ من إحرام الحجّ ، وجعلها عمرةً مفردةً . ۷
ولكنّ هذا الكلام لا يمكن الأخذ به للأسباب التالية :
أوّلاً : إنّ رواية معاوية بن عمّار ، وكذلك إبراهيم بن عمير اليماني ـ المعتبرتان من حيث السند ـ تدلّان بوضوح على أنّ عمرة الإمام الحسين عليه السلام كانت عمرة مفردة لا عمرة تمتّع ، وعلى هذا فإنّ الإمام عليه السلام لم يكن محرماً أساساً عند خروجه من مكّة ، ولم يكن يواجه مشكلة من هذه الناحية ، ويفيد نصّ رواية معاوية بن عمار بأنّه سأل الإمام الصادق عليه السلام :
من أين افترق المتمتّع والمعتمر ؟ فقال :
إنَّ المُتَمَتِّعَ مُرتَبِطٌ بِالحَجِّ ، وَالمُعتَمِرُ إذا فَرَغَ مِنها ذَهَبَ حَيثُ شاءَ ، وقَدِ اعتَمَرَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام في ذِي الحِجَّةِ ثُمَّ راحَ يَومَ التَّروِيَةِ إلَى العِراقِ ، وَالنّاسُ يَروحونَ إلى مِنى ، ولا بَأسَ بِالعُمرَةِ في ذي الحِجَّةِ لِمَن لا يُريدُ الحَجَّ . ۸
ثانياً : لا يصحّ من الناحية الفقهية تغيير إحرام الحجّ إلى العمرة ، والشخص المحرم بإحرام الحجّ يخرج من الإحرام بالتضحية إذا ما منعه شيء منه . ۹ ولا يتغيّر حجّه إلى العمرة ، ولذلك يقول الفقيه الكبير آية اللّه السيّد محسن الحكيم في هذا المجال :
وأمّا ما في بعض كتب المقاتل من أنّه جعل عمرتَه عمرةً مفردة ممّا يظهر منه أنّها كانت عمرة تمتّع وعدل بها إلى الإفراد ، فليس ممّا يصحّ التعويل عليه في مقابل الأخبار المذكورة الّتي رواها أهل البيت عليهم السلام . ۱۰
ومن البديهي أنّه لو كان هناك دليل يمكن الاعتماد عليه على أنّ الإمام كان قد أبدل حجّه إلى عمرة ، لَما أفتى الفقهاء بخلافه ، وعلى هذا ـ وكما سبقت الإشارة ـ فإنّنا لا نفتقد الدليل على هذا المعنى وحسب ، بل إنّ الدليل يُثبت خلاف ذلك .

1.راجع : ص ۳۰۰ ح ۱۴۰۲ و ۱۴۰۳ .

2.الكافي : ج۴ ص۵۳۵ ح۳ ، تذكرة الخواصّ : ص۲۴۰ وراجع: هذه الموسوعة: ج۳ ص۲۹۸ ح۱۳۹۶.

3.راجع : ص۲۹۹ و ۳۰۰ ح۱۳۹۷ ـ ۱۴۰۲ .

4.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۷۱ وراجع : هذه الموسوعة : ج۳ ص۳۰۰ ح۱۴۰۱ .

5.راجع : ص ۲۹۹ ح ۱۳۹۸ .

6.في الإرشاد : لمّا أراد الحسين عليه السلام التوجّه إلى العراق ، طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ، وأحلّ من إحرامه وجعلها عمرة ؛ لأنّه لم يتمكّن من تمام الحجّ (راجع : الإرشاد : ج ۲ ص ۶۷ و إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۵ و روضة الواعظين : ص ۱۹۶ و مثير الأحزان : ص ۳۸ و ص ۴۰) .

7.بحار الأنوار : ج۴۵ ص ۹۹ .

8.الكافي : ج ۴ ص ۵۳۵ ح ۴ ، تهذيب الأحكام : ج ۵ ص ۴۳۷ ح ۱۵۱۹ وراجع : ص ۴۳۶ ح ۱۵۱۶ والكافي : ج ۴ ص ۵۳۵ ح ۳ .

9.راجع : تهذيب الأحكام : ج ۱۲ ص ۳۴۹ وتقريرات الحجّ للگلپايگاني : ج ۱ ص ۵۸ و كتاب الحجّ للداماد : ج ۱ ص ۳۳۳ .

10.مستمسك العروة الوثقى : ج ۱۱ ص ۱۹۲ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3
302
  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 142796
الصفحه من 458
طباعه  ارسل الي