31
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3
30

۱۰۰۷.الفتوح :اِجتَمَعَتِ الشّيعَةُ في دارِ سُلَيمانَ بنِ صُرَدٍ الخُزاعِيِّ ، فَلَمّا تَكامَلوا في مَنزِلِهِ قامَ فيهِم خَطيبا ، فَحَمِدَ اللّه َ وأثنى عَلَيهِ وصَلّى عَلَى النّبِيِّ صلى الله عليه و آله وعَلى أهلِ بَيتِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ أميرَ المُؤمِنينَ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ ، فَتَرَحَّمَ عَلَيهِ وذَكَرَ مَناقِبَهُ الشَّريفَةَ ، ثُمَّ قالَ :
يا مَعشَرَ الشّيعَةِ ! إنَّكُم قَد عَلِمتُم بِأَنَّ مُعاوِيَةَ قَد صارَ إلى رَبِّهِ ، وقَدِمَ عَلى عَمَلِهِ ، وسَيَجزيهِ اللّه ُ تَبارَكَ وتَعالى بِما قَدَّمَ مِن خَيرٍ أو شَرٍّ ، وقَد قَعَدَ في مَوضِعِهِ ابنُهُ يَزيدُ ـ زادَهُ اللّه ُ خِزيا ـ وهذَا الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام قَد خالَفَهُ وصارَ إلى مَكَّةَ خائِفا مِن طَواغيتِ آلِ أبي سُفيانَ ، وأنتُم شيعَتُهُ وشيعَةُ أبيهِ مِن قَبلِهِ ، وقَدِ احتاجَ إلى نُصرَتِكُمُ اليَومَ ، فَإِن كُنتُم تَعلَمونَ أنَّكُم ناصِروهُ ومُجاهِدو عَدُوِّهِ فَاكتُبوا إلَيهِ ، وإن خِفتُمُ الوَهنَ وَالفَشَلَ فَلا تَغُرُّوا الرَّجُلَ مِن نَفسِهِ .
فَقالَ القَومُ : بَل نَنصُرُهُ ونُقاتِلُ عَدُوَّهُ ، ونَقتُلُ أنفُسَنا دونَهُ حَتّى يَنالَ حاجَتَهُ . فَأَخَذَ عَلَيهِم سُلَيمانُ بنُ صُرَدٍ بِذلِكَ ميثاقا وعَهدا أنَّهُم لا يَغدِرونَ ولا يَنكِثونَ .
ثُمَّ قالَ : اُكتُبوا إلَيهِ الآنَ كِتابا مِن جَماعَتِكُم أنَّكُم لَهُ كَما ذَكَرتُم ، وسَلوهُ القُدومَ عَلَيكُم . قالوا : أفَلا تَكفينا أنتَ الكِتابَ إلَيهِ ؟ قالَ : لا ، بَل يَكتُبُ جَماعَتُكُم . قالَ : فَكَتَبَ القَومُ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ عليه السلام :
بِسمِ اللّه ِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، مِن سُلَيمانَ بنِ صُرَدٍ ، وَالمُسَيَّبِ بنِ نَجَبَةَ ، وحَبيبِ بنِ مُظاهِرٍ ، ورِفاعَةَ بنِ شَدّادٍ ، وعَبدِ اللّه ِ بنِ والٍ ، وجَماعَةِ شيعَتِهِ مِنَ المُؤمِنينَ . أمّا بَعدُ ، فَالحَمدُ للّه ِِ الَّذي قَصَمَ عَدُوَّكَ وَعَدُوَّ أبيكَ مِن قَبلِكَ ، الجَبّارَ العَنيدَ الغَشومَ الظَّلومَ ، الَّذي أبتَرَ هذِهِ الاُمَّةَ وعَضاها ۱ ، وتَأَمَّرَ عَلَيها بِغَيرِ رِضاها ، ثُمَّ قَتَلَ خِيارَها وَاستَبقى أشرارَها ، فَبُعدا لَهُ كَما بَعُدَت ثَمودُ . ثُمَّ إنَّهُ قَد بَلَغَنا أنَّ وَلَدَهُ اللَّعينَ قَد تَأَمَّرَ عَلى هذِهِ الاُمَّةِ بِلا مَشوَرَةٍ ولا إجماعٍ ولا عِلمٍ مِنَ الأَخبارِ ، ونَحنُ مُقاتِلونَ مَعَكَ وباذِلونَ أنفُسَنا مِن دونِكَ ، فَأَقبِل إلَينا ۲ فَرِحا مَسرورا ، مَأمونا مُبارَكا ، سَديدا وسَيِّدا ، أميرا مُطاعا ، إماما خَليفَةً عَلَينا مَهدِيّا ، فَإِنَّهُ لَيسَ عَلَينا ۳ إمامٌ ولا أميرٌ إلَا النُّعمانُ بنُ بَشيرٍ ، وهُوَ في قَصرِ الإِمارَةِ وَحيدٌ طَريدٌ ، لَيسَ يُجتَمَعُ مَعَهُ في جُمُعَةٍ ، ولا يُخرَجُ مَعَهُ إلى عيدٍ ، ولا يُؤَدّى إلَيهِ الخَراجُ ، يَدعو فَلا يُجابُ ، ويَأمُرُ فَلا يُطاعُ . ولَو بَلَغَنا أنَّكَ قَد أقبَلتَ إلَينا أخرَجناهُ عَنّا حَتّى يَلحَقَ بِالشّامِ ، فَاقدَم إلَينا فَلَعَلَّ اللّه ُ عَزَّ وجَلَّ أن يَجمَعَنا بِكَ عَلَى الحَقِّ ، وَالسَّلامُ عَلَيكَ ورَحمَةُ اللّه ِ وَبرَكاتُهُ يَابنَ رَسولِ اللّه ِ ، ولا قُوَّةَ إلّا بِاللّه ِ العَلِيِّ العَظيمِ .
ثُمَّ طَوَى الكِتابَ وخَتَمَهُ ودَفَعَهُ إلى عَبدِ اللّه ِ بنِ سَبعٍ الهَمدانِيِّ وعَبدِ اللّه ِ بنِ مِسمَعٍ البَكرِيِّ ، ووَجَّهوا بِهِما إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام . فَقَرَأَ الحُسَينُ عليه السلام كِتابَ أهلِ الكوفَةِ فَسَكَتَ ولَم يُجِبهُم بِشَيءٍ .
ثُمَّ قَدِمَ عَلَيهِ بَعدَ ذلِكَ قَيسُ بنُ مُسهِرٍ الصَّيداوِيُّ وعَبدُ الرَّحمنِ بنُ عَبدِ اللّه ِ الأَرحَبِيُّ وعُمارَةُ بنُ عُبَيدٍ السَّلولِيُّ وعَبدُ اللّه ِ بنُ والٍ التَّميمِيُّ ، ومَعَهُم جَماعَةٌ نَحوَ خَمسينَ ومِئَةٍ ، كُلُّ كِتابٍ مِن رَجُلَينِ وثَلاثَةٍ وأربَعَةٍ ويَسأَلونَهُ القُدومَ عَلَيهِم ، وَالحُسَينُ عليه السلام يَتَأَنّى في أمرِهِ فَلا يُجيبُهُم بِشَيءٍ .
ثُمَّ قَدِمَ عَلَيهِ بَعدَ ذلِكَ هانِئُ بنُ هانِئٍ السَّبيعِيُّ وسَعيدُ بنُ عَبدِ اللّه ِ الحَنَفِيُّ بِهذَا الكِتابِ ـ وهُوَ آخِرُ ما وَرَدَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام مِن أهلِ الكوفَةِ ـ :
بِسمِ اللّه ِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
لِلحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ أميرِ المُؤمِنينَ مِن شيعَتِهِ وشيعَةِ أبيهِ . أمّا بَعدُ ، فَحَيَّهَلا فَإِنَّ النّاسَ مُنتَظِرونَ لا رَأيَ لَهُم في غَيرِكَ ، فَالعَجَلَ العَجَلَ يَابنَ بِنتِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ! قَدِ اخضَرَّتِ الجَنّاتُ ، وَأينَعَتِ الثِّمارُ ، وأعشَبَتِ الأَرضُ ، وأورَقَتِ الأَشجارُ ، فَاقدَم إذا شِئتَ فَإِنَّما تَقدَمُ إلى جُندٍ لَكَ مُجَنَّدٍ ، وَالسَّلامُ عَلَيكَ وَرحمَةُ اللّه ِ وبَرَكاتُهُ وعَلى أبيكَ مِن قَبلِكَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام لِهانِئٍ وَسعيدِ بنِ عَبدِ اللّه ِ الحَنَفِيِّ : خَبِّراني مَنِ اجتَمَعَ عَلى هذَا الكِتابِ الَّذي كُتِبَ مَعَكُما إلَيَّ ؟ فَقالا : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، اجتَمَعَ عَلَيهِ شَبَثُ بنُ رِبعِيٍّ ، وحَجّارُ بنُ أبجَرَ ، ويَزيدُ بنُ الحارِثِ ، ويَزيدُ بنُ رُوَيمٍ ، وعُروَةُ بنُ قَيسٍ ، وعَمرُو بنُ الحَجّاجِ ، ومُحَمَّدُ بنُ عُمَيرِ بنِ عُطارِدٍ .
قالَ : فَعِندَها قامَ الحُسَينُ ، فَتَطَهَّرَ وصَلّى رَكعَتَينِ بَينَ الرُّكنِ وَالمَقامِ ، ثُمَّ انفَتَلَ مِن صَلاتِهِ وسَأَلَ رَبَّهُ الخَيرَ فيما كَتَبَ إلَيهِ أهلُ الكوفَةِ ، ثُمَّ جَمَعَ الرُّسُلَ فَقالَ لَهُم : إنّي رَأَيتُ جَدّي رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله في مَنامي ، وقَد أمَرَني بِأَمرٍ وأنَا ماضٍ لأَِمرِهِ ، فَعَزَمَ اللّه ُ لي بِالخَيرِ ، إنَّهُ وَلِيُّ ذلِكَ وَالقادِرُ عَلَيهِ إن شاءَ اللّه ُ تَعالى . ۴

1.عَضَيْتُ الشَّيء : إذا فَرَّقْتُه (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۳۰ «عضا») .

2.في المصدر : «إليه» ، والصواب ما أثبتناه كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .

3.في المصدر : «عليك» ، والصواب ما أثبتناه كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .

4.الفتوح : ج ۵ ص ۲۷ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۹۳ ؛ الملهوف : ص ۱۰۲ وزاد فيه : «فورد عليه في يوم واحد ستّمئة كتاب ، وتواترت الكتب حتّى اجتمع عنده منها في نوب متفرّقة اثني عشر ألف كتاب» بعد «فلا يجيبهم» وكلاهما نحوه .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 179740
الصفحه من 458
طباعه  ارسل الي