۱۴۵۰.أنساب الأشراف :كانَ زُهَيرُ بنُ القَينِ البَجَلِيُّ بِمَكَّةَ ، وكانَ عُثمانِيّا ، فَانصَرَفَ مِن مَكَّةَ مُتَعَجِّلاً ، فَضَمَّهُ الطَّريقُ وحُسَينا عليه السلام ، فَكانَ يُسايِرُهُ ولا يُنازِلُهُ ؛ يَنزِلُ الحُسَينُ عليه السلام في ناحِيَةٍ وزُهَيرٌ في ناحِيَةٍ .
فَأَرسَلَ الحُسَينُ عليه السلام إلَيهِ في إتيانِهِ ، فَأَمَرَتهُ امرَأَتُهُ دَيلَمُ ۱ بنتُ عَمرٍو أن يَأتِيَهُ فَأَبى ، فَقالَت : سُبحانَ اللّه ِ ! أيَبعَثُ إلَيكَ ابنُ بِنتِ رَسولِ اللّه ِ فَلا تَأتيهِ ؟ !
فَلَمّا صارَ إلَيهِ ثُمَّ انصَرَفَ إلى رَحلِهِ ، قالَ لِامرَأَتِهِ : أنتِ طالِقٌ ، فَالحَقي بِأَهلِكِ فَإِنّي لا اُحِبُّ أن يُصيبَكِ بِسَبَبي إلّا خَيرا .
ثُمَّ قالَ لِأَصحابِهِ : مَن أحَبَّ مِنكُم أن يَتبَعَني ، وإلّا فَإِنَّهُ آخِرُ العَهدِ . وصارَ مَعَ الحُسَينِ عليه السلام . ۲
۱۴۵۱.تاريخ الطبري عن أبي مخنف :حَدَّثَنِي السَّدِّيُّ ، عَن رَجُلٍ مِن بَني فَزارَةَ ، قالَ : لَمّا كانَ زَمَنُ الحَجّاجِ بنِ يوسُفَ ، كُنّا في دارِ الحارِثِ بنِ أبي رَبيعَةَ الَّتي فِي التَّمّارينَ ، الَّتي اُقطِعَت بَعدَ زُهَيرِ بنِ القَينِ ، مِن بَني عَمرِو بنِ يَشكُرَ مِن بَجيلَةَ ، وكانَ أهلُ الشّامِ لا يَدخُلونَها ، فَكُنّا مُختَبِئينَ فيها ، قالَ : فَقُلتُ لِلفَزارِيِّ : حَدِّثني عَنكُم حينَ أقبَلتُم مَعَ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام .
قالَ : كُنّا مَعَ زُهَيرِ بنِ القَينِ البَجَلِيِّ ـ حينَ أقبَلنا مِن مَكَّةَ ـ نُسايِرُ الحُسَينَ عليه السلام ، فَلَم يَكُن شَيءٌ أبغَضَ إلَينا مِن أن نُسايِرَهُ في مَنزِلٍ ، فَإِذا سارَ الحُسَينُ عليه السلام تَخَلَّفَ زُهَيرُ بنُ القَينِ ، وإذا نَزَلَ الحُسَينُ عليه السلام تَقَدَّمَ زُهَيرٌ ، حَتّى نَزَلنا يَومَئِذٍ في مَنزِلٍ لَم نَجدِ بُدّا مِن أن نُنازِلَهُ فيهِ ، فَنَزَلَ الحُسَينُ عليه السلام في جانِبٍ ، ونَزَلنا في جانِبٍ .
فَبَينا نَحنُ جُلوسٌ نَتَغَدّى مِن طَعامٍ لَنا ، إذ أقبَلَ رَسولُ الحُسَينِ عليه السلام حَتّى سَلَّمَ ، ثُمَّ دَخَلَ فَقالَ : يا زُهَيرُ بنُ القَينِ ، إنَّ أبا عَبدِ اللّه ِ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام بَعَثَني إلَيكَ لِتَأتِيَهُ ، قالَ : فَطَرَحَ كُلُّ إنسانٍ ما في يَدِهِ ، حَتّى كَأَنَّنا عَلى رُؤوسِنا الطَّيرُ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : فَحَدَّثَتني دَلهَمُ بِنتُ عَمرٍو امرَأَةُ زُهَيرِ بنِ القَينِ ، قالَت : فَقُلتُ لَهُ : أيَبعَثُ إلَيكَ ابنُ رَسولِ اللّه ِ ثُمَّ لا تأتيهِ ؟ ! سُبحانَ اللّه ِ ! لَو أتَيتَهُ فَسَمِعتَ مِن كَلامِهِ ثُمَّ انصَرَفتَ .
قالَت : فَأَتاهُ زُهَيرُ بنُ القَينِ ، فَما لَبِثَ أن جاءَ مُستَبشِرا قَد أسفَرَ وَجهُهُ .
قالَت : فَأَمَرَ بِفُسطاطِهِ وثَقَلِهِ ومَتاعِهِ فَقُدِّمَ ، وحُمِلَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، ثُمَّ قالَ لِامرَأَتِهِ : أنتِ طالِقٌ ، اِلحَقي بِأَهلِكِ ، فَإِنّي لا اُحِبُّ أن يُصيبَكِ مِن سَبَبي إلّا خَيرٌ .
ثُمَّ قالَ لِأَصحابِهِ : مَن أحَبَّ مِنكُم أن يَتبَعَني ، وإلّا فَإِنَّهُ آخِرُ العَهدِ ، إنّي سَاُحَدِّثُكُم حَديثا :
غَزَونا بَلَنجَرَ ۳ ، فَفَتَحَ اللّه ُ عَلَينا ، وأصَبنا غَنائِمَ ، فَقالَ لَنا سَلمانُ الباهِلِيُّ ۴ : أفَرِحتُم بِما فَتَحَ اللّه ُ عَلَيكُم ، وأصَبتُم مِنَ الغَنائِمِ ؟! فَقُلنا : نَعَم ، فَقالَ لَنا : إذا أدرَكتُم شَبابَ آلِ مُحَمَّدٍ فَكونوا أشَدَّ فَرَحا بِقِتالِكُم مَعَهُم مِنكُم بِما أصَبتُم مِنَ الغَنائِمِ ، فَأَمّا أنا ، فَإِنّي أستَودِعُكُمُ اللّه َ ، قالَ : ثُمَّ وَاللّه ِ ما زالَ في أوَّلِ القَومِ حَتّى قُتِلَ . ۵
1.هكذا ، وفي بعض النقول : «دَلهَم» .
2.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۷۸ .
3.بَلَنْجَر : مدينة ببلاد الخزر ... قالوا : فتحها عبد الرحمن بن ربيعة ، وقال البلاذري : سلمان بن ربيعة الباهلي (معجم البلدان : ج ۱ ص ۴۸۹) وراجع : الخريطة رقم ۵ في آخر المجلّد ۵ .
4.سلمان بن ربيعة الباهلي : كوفي ، شهد حرب القادسيّة ، وولّاه عمر بن الخطّاب قضاء المدائن ، وهو أوّل من قضى بالعراق ، ثمّ عزله عمر فخرج غازيا للترك ، قتل في ولاية سعيد بن العاص ببلنجر في خلافة عثمان (راجع : تاريخ بغداد : ج ۹ ص ۲۰۶ وتاريخ خليفة بن خيّاط : ص ۱۱۸ واُسد الغابة : ج ۲ ص ۵۰۸ وتاريخ دمشق : ج ۲۱ ص ۴۶۲) .
وتجدر الإشارة إلى أنّه قد ورد في بعض المصادر ـ كالإرشاد وروضة الواعظين ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي والكامل في التاريخ ـ بدل «سلمان الباهلي» «سلمان الفارسي» وهو غير صحيح ؛ لأنّ سلمان قد توفّي في عهد عمر ، والحال أنّ القتال وفتح بلنجر كان في عهد عثمان .
5.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۹۶ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۷۲ ، روضة الواعظين : ص ۹۷ ، مثير الأحزان : ص ۴۶ كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۷۱ وراجع : مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۵ .