371
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3

۱۴۸۲.الأخبار الطوال :فَلَمَّا انتَصَفَ النَّهارُ وَاشتَدَّتِ الحَرُّ ـ وكانَ ذلِكَ فِي القَيظِ ـ تَراءَت لَهُمُ الخَيلُ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام لِزُهَيرِ بنِ القَينِ : أما هاهُنا مَكانٌ يُلجَأُ إلَيهِ ، أو شَرَفٌ نَجعَلُهُ خَلفَ ظُهورِنا ونَستَقبِلُ القَومَ مِن وَجهٍ واحِدٍ ؟
قالَ لَهُ زُهَيرٌ : بَلى ، هذا جَبَلُ ذي جُشَمٍ يَسرَةً عَنكَ ، فَمِل بِنا إلَيهِ فَإِن سَبَقتَ إلَيهِ فَهُوَ كَما تُحِبُّ ، فَسارَ حَتّى سَبَقَ إلَيهِ ، وجَعَلَ ذلِكَ الجَبَلَ وَراءَ ظَهرِهِ .
وأقبَلَتِ الخَيلُ ـ وكانوا ألفَ فارِسٍ ـ مَعَ الحُرِّ بنِ يَزيدَ التَّميمِيِّ ، ثُمَّ اليَربوعِيِّ ، حَتّى إذا دَنَوا ، أمَرَ الحُسَينُ عليه السلام فِتيانَهُ أن يَستَقبلوهُم بِالماءِ ، فَشَرِبوا ، وتَغَمَّرَت خَيلُهُم ، ثُمَّ جَلَسوا جَميعا في ظِلِّ خُيولِهِم ، وأعِنَّتُها في أيديهِم ، حَتّى إذا حَضَرَتِ الظُّهرُ قالَ الحُسَينُ عليه السلام لِلحُرِّ : أتُصَلّي مَعَنا ، أم تُصَلّي بِأَصحابِكَ واُصَلّي بِأَصحابي ؟ قالَ الحُرُّ : بَل نُصَلّي جَميعا بِصَلاتِكَ .
فَتَقَدَّمَ الحُسَينُ عليه السلام ، فَصَلّى بِهِم جَميعا ، فَلَمَّا انفَتَلَ مِن صَلاتِهِ حَوَّلَ وَجهَهُ إلَى القَومِ ، ثُمَّ قالَ :
أيُّهَا النّاسُ ! مَعذِرَةً إلَى اللّه ِ ، ثُمَّ إلَيكُم ، إنّي لَم آتِكُم حَتّى أتَتني كُتُبُكُم ، وقَدِمَت عَلَيَّ رُسُلُكُم ، فَإِن أعطَيتُموني ما أطمَئِنُّ إلَيهِ مِن عُهودِكُم ومَواثيقِكُم دَخَلنا مَعَكُم مِصرَكُم ، وإن تَكُنِ الاُخرى انصَرَفتُ مِن حَيثُ جِئتُ . فَاُسكِتَ القَومُ ، فَلَم يَرُدّوا عَلَيهِ .
حَتّى إذا جاءَ وَقتُ العَصرِ ، نادى مُؤَذِّنُ الحُسَينِ عليه السلام ثُمَّ أقامَ ، وتَقَدَّمَ الحُسَينُ عليه السلام ، فَصَلّى بِالفَريقَينِ ، ثُمَّ انفَتَلَ إلَيهِم ، فَأَعادَ مِثلَ القَولِ الأَوَّلِ ، فَقالَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ : وَاللّه ِ ما نَدري ما هذِهِ الكُتُبُ الَّتي تَذكُرُ !
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : اِيتِني بِالخُرجَينِ اللَّذَينِ فيهِما كُتُبُهُم ، فَاُتِيَ بِخُرجَينِ مَملوءَينِ كُتُبا ، فَنُثِرَت بَينَ يَدَيِ الحُرِّ وأصحابِهِ ، فَقالَ لَهُ الحُرُّ : يا هذا ، لَسنا مِمَّن كَتَبَ إلَيكَ شَيئا مِن هذِهِ الكُتُبِ ، وقَد اُمِرنا ألّا نُفارِقَكَ إذا لَقيناكَ ، أو نَقدَمَ بِكَ الكوفَةَ عَلَى الأَميرِ عُبَيدِ اللّه ِ بنِ زِيادٍ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : المَوتُ دونَ ذلِكَ . ثُمَّ أمَرَ بِأَثقالِهِ فَحُمِلَت ، وأمَرَ أصحابَهُ فَرَكِبوا ، ثُمَّ وَلّى وَجهَهُ مُنصَرِفا نَحوَ الحِجازِ ، فَحالَ القَومُ بَينَهُ وبَينَ ذلِكَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام لِلحُرِّ : مَا الَّذي تُريدُ ؟ قالَ : اُريدُ وَاللّه ِ أن أنطَلِقَ بِكَ إلَى الأَميرِ عُبَيدِ اللّه ِ بنِ زِيادٍ . قالَ الحُسَينُ عليه السلام : إذَن وَاللّه اُنابِذُكَ الحَربَ .
فَلَمّا كَثُرَ الجِدالُ بَينَهُما قالَ الحُرُّ : إنّي لَم اُؤمَر بِقِتالِكَ ، وإنَّما اُمِرتُ ألّا اُفارِقَكَ ، وقَد رَأَيتُ رَأيا فيهِ السَّلامَةُ مِن حَربِكَ ، وهُوَ أن تَجعَلَ بَيني وبَينَكَ طَريقا لا تُدخِلُكَ الكوفَةَ ، ولا تَرُدُّكَ إلَى الحِجازِ ، تَكونُ نَصَفا بَيني وبَينَكَ ، حَتّى يَأتِيَنا رَأيُ الأَميرِ .
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : فَخُذ هاهُنا . فَأَخَذَ مُتَياسِرا مِن طَريقِ العُذَيبِ ، ومِن ذلِكَ المَكانِ إلَى العُذَيبِ ثَمانِيَةٌ وثَلاثونَ ميلاً . فَسارا جَميعا حَتَّى انتَهَوا إلى عُذَيبِ الحَماماتِ ۱ ، فَنَزَلوا جَميعا ، وكُلُّ فَريقٍ مِنهُما عَلى غَلوَةٍ ۲ مِنَ الآخَرِ . ۳

1.الصحيح : عذيب الهجانات ، كما في سائر المصادر .

2.الغَلْوَةُ : قَدْرُ رمية بسهم (النهاية : ج ۳ ص ۳۸۳ «غلا») .

3.الأخبار الطوال : ص ۲۴۸ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۲۲ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3
370

۱۴۸۱.مقاتل الطالبيّين عن أبي مخنف :إنَّ عُبَيدَ اللّه ِ بنَ زِيادٍ وَجَّهَ الحُرَّ بنَ يَزيدَ لِيَأخُذَ الطَّريقَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَلَمّا صارَ في بَعضِ الطَّريقِ لَقِيَهُ أعرابِيّانِ مِن بَني أسَدٍ ، فَسَأَلَهُما عَنِ الخَبَرِ ، فَقالا لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللّه ِ ! إنَّ قُلوبَ النّاسِ مَعَكَ ، وسُيوفَهُم عَلَيكَ ، فَارجِع . وأخبَراهُ بِقَتلِ ابنِ عَقيلٍ وأصحابِهِ ، فَاستَرجَعَ الحُسَينُ عليه السلام .
فَقالَ لَهُ بَنو عَقيلٍ : لا نَرجِعُ وَاللّه ِ أبَدا ، أو نُدرِكَ ثَأرَنا ، أو نُقتَلَ بِأَجمَعِنا .
فَقالَ لِمَن كانَ لَحِقَ بِهِ مِنَ الأَعرابِ : مَن كانَ مِنكُم يُريدُ الاِنصِرافَ عَنّا فَهُوَ في حِلٍّ مِن بَيعَتِنا . فَانصَرَفوا عَنهُ ، وبَقِيَ في أهلِ بَيتِهِ ونَفَرٍ مِن أصحابِهِ .
ومَضى حَتّى دَنا مِنَ الحُرِّ بنِ يَزيدَ ، فَلَمّا عايَنَ أصحابُهُ العَسكَرَ مِن بَعيدٍ كَبَّروا ، فَقالَ لَهُمُ الحُسَينُ عليه السلام : ما هذَا التَّكبيرُ ؟ قالوا : رَأَينَا النَّخلَ ، فَقالَ بَعضُ أصحابِهِ : ما بِهذَا المَوضِعِ وَاللّه ِ نَخلٌ ، ولا أحسَبُكُم تَرَونَ إلّا هَوادِيَ الخَيلِ وأطرافَ الرِّماحِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : وأنا وَاللّه ِ أرى ذلِكَ .
فَمَضَوا لِوُجوهِهِم ، ولَحِقَهُمُ الحُرُّ بنُ يَزيدَ في أصحابِهِ ، فَقالَ لِلحُسَينِ عليه السلام : إنّي اُمِرتُ أن اُنزِلَكَ في أيِّ مَوضِعٍ لَقيتُكَ ، واُجَعجِعَ بِكَ ، ولا أترُكَكَ أن تَزولَ مِن مَكانِكَ .
قالَ : إذا اُقاتِلَكَ ، فَاحذَر أن تَشقى بِقَتلي ثَكِلَتكَ اُمُّكَ !
فَقالَ : أما وَاللّه ِ لَو غَيرُكَ مِنَ العَرَبِ يَقولُها ـ وهُوَ عَلى مِثلِ الحالِ الَّتي أنتَ عَلَيها ـ ما تَرَكتُ ذِكرَ اُمِّهِ بِالثُّكلِ أن أقولَهُ كائِنا مَن كانَ ، ولكِن ـ وَاللّه ِ ـ ما لي إلى ذِكرِ اُمِّكَ مِن سَبيلٍ إلّا بِأَحسنِ ما يُقدَرُ عَلَيهِ .
وأقبَلَ يَسيرُ وَالحُرُّ يُسايِرُهُ ويَمنَعُهُ مِنَ الرُّجوعِ مِن حَيثُ جاءَ ، ويَمنَعُ الحُسَينُ عليه السلام مِن دُخولِ الكوفَةِ ، حَتّى نَزَلَ بِأَقساسِ مالِكٍ ۱ ، وكَتَبَ الحُرُّ إلى عُبَيدِ اللّه ِ يُعلِمُهُ ذلِكَ . ۲

1.أقساس : قرية بالكوفة يقال لها : أقساس مالك ، منسوبة إلى مالك بن عبد هند (معجم البلدان : ج ۱ ص ۲۳۶) وراجع : الخريطة رقم ۴ في آخر المجلّد ۴ .

2.مقاتل الطالبيّين : ص ۱۱۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 179543
الصفحه من 458
طباعه  ارسل الي