413
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3

1 . الردّ على عمّال الحكومة

كان ردّ الإمام عليه السلام على عمّال يزيد الذين كانوا يمنعونه من السفر إلى العراق هوالطلب منهم ألّا يتدخّلوا في شأنه ، فعندما منع عمّال عمرو بن سعيد والي مكّة الإمامَ وأصحابه من الخروج من مكّة ، خاطبوا الإمام قائلين بعد مشادّة بسيطة :
يا حسين ، ألا تتّقي اللّه تخرج من الجماعة وتفرّق بين هذه الاُمّة !
ولكنّ الإمام اكتفى بقراءة هذه الآية الكريمة :
«لِى عَمَلِى وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُم بَرِيئونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَ أَنَا بَرِى ءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ»۱ . ۲
واستناداً إلى نقل ابن أعثم ، فقد اكتفى الإمام أيضاً بكتابة الآية المذكورة ردّاً على كتاب يزيد إلى أهل المدينة ، والذي كان يتضمّن منعهم من الثورة . ۳

2 . ردّ الإمام عليه السلام على الذين لم يكن يريد أن يخبرهم بمصير هذا السفر

بما أنّ الهدف الأساسي للإمام عليه السلام من السفر إلى العراق كان يتمثّل في تأسيس الحكومة الإسلامية ، فإنّه لم يكن يستطيع من باب إتمام الحجّة ، أن يخبر جميع الناس ـ بل حتّى بعض الخواصّ ـ بمصير هذا السفر ،ولذلك فقد كان يكتفي بأجوبة إجمالية ردّاً على الذين كانوا يريدون ثنيه عن عزمه على هذا السفر من خلال تصوير مخاطره ، كما قال ردّاً على مقترح الطرِّماح وأبي بكر بن عبد الرحمن :
مَهما يَقضِ اللّه ُ مِن أمرٍ يَكُن . ۴
إنَّ بَيني وَبَينَ القَومِ مَوعِداً اُكرَهُ أن اُخلِفَهُم ، فَإِن يَدفَعِ اللّه ُ عَنّا ، فَقَديماً ما أَنعَمَ عَلَينا وَكَفى ، وَإِن يَكُن ما لابُدَّ مِنهُ ، فَفَوزٌ وَشَهادَةٌ إن شاءَ اللّه ُ . ۵
كما اكتفى بأجوبة إجماليّة ردّاً على بشر بن غالب ۶ وعبد اللّه بن مطيع وعمر بن عبد الرحمن والفرزدق ، وأمثالهم . ۷

1.يونس : ۴۱ .

2.راجع : ص ۳۱۰ ح ۱۴۱۰ .

3.راجع : ص ۲۷۱ (جهود يزيد لصرف الإمام عليه السلام عن الخروج) .

4.راجع : ص ۲۳۳ ح ۱۲۹۵ .

5.راجع : ص ۲۴۱ ح ۱۳۰۹ .

6.راجع : ص ۳۳۲ (الفصل السابع / لقاء بشر بن غالب في ذات عرق) .

7.راجع : ص ۲۳۳ (الفصل السادس / من أشار على الإمام عليه السلام بعدم التوجّه نحو العراق) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3
412

2

أجوبة الإمام عليه السلام على وصف السفر إلى الكوفة بأنه محفوف بالمخاطر

تُظهر دراسة الروايات التي جاءت في هذا المجال في المصادر التاريخية ، والتي مرّ قسم منها في الفصل السادس ، أنّ هناك أشخاصاً مختلفين كانوا يريدون ـ وبدوافع مختلفة ـ أن يثنوا الإمام عليه السلام عن السفر إلى العراق ، وكان البعض مكلّفين بشكلٍ مباشر من يزيد بمنع الإمام ، وكان البعض منفّذين لأمره بشكل غير مباشر ، وكان البعض ينفّذ إرادة حكومة يزيد في نفس الوقت الذي كانوا يعبّرون فيه عن حبّهم للإمام ، وكان البعض يتوجّس خيفة من هذا السفر بسبب بعض التنبّؤات التي وردت عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله والتي كانوا قد سمعوها منه ، وكان البعض الآخر يهدفون إلى أن يكون الإمام مثلهم مؤثِراً للعافية والسلامة ، وأخيراً فقد كان هناك بعضٌ ممّن لم يكن يدفعهم دافع سوى حبّهم له عليه السلام .
ومن أجل تحليل أجوبة الإمام عليه السلام للذين كانوا يسعون لثنيه عن هذا السفر من خلال تصوير مخاطره ، يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار ـ كما أسلفنا ـ أنّ هدف الإمام من السفر إلى الكوفة كان بالدرجة الاُولى تأسيس الحكومة الإسلامية ، وبالدرجة الثانية تضعيف أركان الحكومة الاُموية ، والدفاع عن أساس الإسلام ، وإن استلزم ذلك شهادته هو وأهل بيته وأصحابه ، وعلى هذا فإنّ تحقيق هذا الهدف لا يتنافى مع الأخطار المحتملة ، بل الأكيدة لهذا السفر .
كان الإمام عليه السلام يعلم بمصير هذا السفر من جهة ، ويعي تماماً مخاطره ، ولم يكن يستطيع من جهة اُخرى ـ ومن أجل إتمام الحجَّة ـ أن يبوح بكلّ ما كان يعلمه لجميع الناس ، ولذلك فقد كانت أجوبة الإمام للذين وصفوا السفر إلى الكوفة بأنّه خطير ، مختلفةً . ويمكن تقسيم هذه الأجوبة إلى ثلاث طوائف :

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 147640
الصفحه من 458
طباعه  ارسل الي