4
دراسة مجتمع الكوفة
القضية التي يجب أن تخضع للدراسة في تقييم سفر الإمام الحسين عليه السلام وثورة أهل الكوفة ، هي دراسة هذه المدينة من الناحية الاجتماعية ، حيث تعدّ الكوفة مدينة متنوّعة وذات جوانب مختلفة من عدّة زوايا :
1 . المجتمع الكوفي من الناحية العرقية ۱
يمكن تقسيم المجتمع الكوفي من الناحية العرقية إلى قسمين هما : العرب ، وغير العرب .
كان العرب الساكنون في الكوفة عبارة عن قبائل رُحِّلت من شبه الجزيرة العربية نحو العراق ـ مع بداية الفتوح الإسلامية في إيران ـ بهدف المشاركة في الفتوح ، وأخيراً سكنت في الكوفة والبصرة بعد نهاية الفتوح .
وقد كان هؤلاء العرب الذين كانوا يشكّلون النواة الأوّلية للكوفة من القحطانيين والعدنانيين ، حيث كان يصطلح عليهم باليمانيين والنزاريين .
وقد خُصّص من بين عشرين ألف بيت تمّ بناؤه في بداية تأسيس الكوفة ، 12 ألف بيت لليمانيين ، وثمانية آلاف بيت للنزاريين . ۲
وقد كان اليمانيون يضمرون حبّاً أكبر لأهل البيت عليهم السلام ؛ ولذلك فقد ركّز معاوية جهوده من أجل استقطابهم . ۳
وكان هناك قسم آخر من العرب الساكنين في الكوفة يتألّفون من قبائل مثل بني تغلب ، حيث كانوا يقطنون العراق من بداية الإسلام ، وكانت هذه القبائل في حالة حرب دائمة مع الإيرانيّين ، وانضمّت القبائل المشار إليها إلى القبائل المسلمة مع بداية الفتوح الإسلامية وأعانتها في الفتوح ، ثمّ سكن قسم منها في المدن الإسلامية المؤسّسة حديثا . ۴
وكانت العناصر غير العربية في الكوفة تتألّف من شرائح ـ كالموالي ۵ والسريانيّين ۶ والأنباط ۷ ـ يُشكّلون هذه المجموعة . ۸
وبالطبع فإنّ الشريحتين الأخيرتين كانتا تشكّلان أقلّية من سكّان الكوفة .
1.راجع : حياة الإمام الحسين عليه السلام للقرشي : ج ۲ ص ۴۳۳ .
2.الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الكوفة في القرن الأوّل الهجري : ۴۷ .
3.تاريخ التمدّن الإسلامي : ج ۴ ص ۳۳۸ وراجع : فتوح البلدان : ص ۲۷۴ .
4.الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الكوفة في القرن الأوّل الهجري : ص ۴۲ .
5.هم المسلمون من غير العرب كالفرس والروم والترك وغيرهم (تاريخ تمدّن إسلامي «بالفارسيّة» : ص ۶۸۶) .
6.السريانيّون : هم اليوم المسيحيون أبناء اللغة السريانية ، وهم في سورية وفي بلاد ما بين النهرين (المنجد : ص ۳۵۴ «السريان)» .
7.النبط : قوم من العرب دخلوا في العجم والروم ، واختلفت أنسابهم ، وفسدت ألسنتهم (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۷۴۶) .
8.حياة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۲ ص ۴۳۷- ۴۳۹ .