425
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3

2 . الشيعة من الطبقة الثانية

المجموعة الثانية : الأشخاص الذين كانوا يظهرون حبّهم لأهل البيت عليهم السلام بفعل الاُمور الجذّابة في حكومة عليّ عليه السلام ، والأحاديث التي كان قد نقلها في فضائل أهل البيت عليهم السلام ، إلّا أنّ حبّهم لم يكن يتجاوز حدود المظاهر واللّسان ، وقد وصف الإمام الصادق عليه السلام هذه المجموعة بأنّها من النمط الأسفل من محبّي أهل البيت عليهم السلام :
وَالطَّبَقَةُ الثانِيَةُ : النَّمَطُ الأَسفَلُ ، أحَبّونا فِي العَلانِيَةِ وَساروا بِسيرَةِ المُلوكِ ، فَأَلسِنَتُهُم مَعَنا وَسُيوفُهُم عَلَينا . ۱
وتُمثّل هذه المجموعةُ غالبيّة أهل الكوفة في عهد حكومة الإمام عليّ عليه السلام وسائر الأئمّة عليهم السلام ، وهم الذين كان الإمام علي عليه السلام يشكو منهم بشكلٍ متواصلٍ في أواخر حكمه ، حيث كان يقول :
يا أَشباهَ الرِّجالِ وَلا رِجالَ . ۲
ويقول :
مُنيتُ بِمَن لا يُطيعُ . ۳
ويقول :
لا غَناءَ في كَثرَةِ عَدَدِكُم . ۴
ويقول :
لَبِئسَ حُشّاشُ نارِ الحَربِ أنتُم . ۵
ويقول :
هَيهاتَ أن أطلُعَ بِكُم أسرارَ العَدلِ . ۶
ويقول :
لَو كَانَ لي مِنكُم عِصابَةٌ بِعَدَدِ أهِل بَدرٍ . ۷
ويقول :
اللَّهُمَّ إنّي قَد مَلَلتُهُم وَمَلّوني ، وَسَئِمتُهُم وَسَئِموني ۸ . ۹
و استناداً إلى بعض الروايات فقد كان الإمام الحسن عليه السلام يصفهم عند بيان حكمة صلحه مع معاوية قائلاً :
يَقولونَ لَنا إنَّ قُلُوبَهُم مَعَنا وَإِنَّ سُيوفَهُم لَمَشهورَةٌ عَلَينا ! ۱۰
ويقول الفرزدق في وصف هذه الطائفة من محبّي أهل البيت عليهم السلام عند لقائه الإمام الحسين عليه السلام :
القُلوبُ مَعَكَ ، وَالسُّيوفُ مَع بَني اُمَيَّةَ . ۱۱
والملاحظة الملفتة للنظر في وصف المجموعة الثانية من محبّي أهل البيت عليهم السلام هي «أنّ ألسنتهم معنا وسيوفهم علينا» ، ولكن جاء في كلام الفرزدق والآخرين أنّ «القلوب مع أهل البيت والسيوف ضدّهم» . والحقيقة أنّ القلوب لو كانت مع أهل البيت عليهم السلام ، لما أمكن للسيوف أن تكون ضدّهم .
وتظهر المناهضة العمليّة لهذه الطائفة لأهل بيت الرسالة في أنّ ولاءهم لهذه الاُسرة لم يكن يتجاوز اللسان كما جاء في كلام الإمام الصادق عليه السلام ، وكما قال الإمام الحسين عليه السلام عندما سمع الفرزدق يقول : «السيوف مع بني اُمية» :
ما أراكَ إلّا صَدَقتَ ، النّاسُ عَبيدُ المالِ ، وَالدّينُ لَغوٌ عَلى ألسِنَتِهِم ، يَحوطونَهُ ما دَرَّت بِهِ معايِشُهُم ، فَإِذا مُحِّصوا بِالبَلاءِ قَلَّ الدَّيّانونَ . ۱۲

1.تحف العقول : ص ۳۲۵ .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۲۷ ، الكافي : ج ۵ ص ۶ ح ۶ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۶۵ ح ۹۳۱ .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۳۹ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۳۲ ح ۹۰۵ .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۱۱۹ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۹۶ ح ۹۴۲ .

5.نهج البلاغة : الخطبة ۱۲۵ ، الغارات : ج ۱ ص ۳۶ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۴۹ ح ۹۱۰ - ۹۱۱ ، تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۹۰ .

6.نهج البلاغة : الخطبة ۱۳۱ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۱۱۰ ح ۹۴۹ .

7.الإرشاد : ج ۱ ص ۲۶۳ ، الاحتجاج : ج۱ ص ۴۰۸ ح ۸۸ ، بحار الأنوار : ج ۳۲ ص ۳۹۰ ح ۳۶۰

8.نهج البلاغة : الخطبة ۲۵ ،الإرشاد : ج ۱ ص ۲۸۲ ، بحار الأنوار : ج ۳۴ ص ۱۳۹ ح ۹۵۶ .

9.راجع : موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج ۳ ص ۶۹ (القسم السابع / الفصل الثالث / شكوى الإمام من عصيان الصحابة) وص ۱۹۳ (الفصل العاشر / بحث في جذور التخاذل و العوامل الجانبيّة) .

10.الاحتجاج : ج ۲ ص ۷۲ ح ۱۵۹ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۴۷ ، ح ۱۴ .

11.راجع : ص ۳۲۳ ح ۱۴۳۴ .

12.راجع : ص ۳۲۷ ح ۱۴۳۸ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3
424

5

أقسام الشيعة في ذلك العصر

قسّمت روايات أهل البيت عليهم السلام مدّعي التشيّع ومحبّي أهل البيت عليه السلام إلى عدّة أقسام :

1 . الشيعة من الطبقة الاُولى

المجموعة الاُولى : هم الأشخاص الذين يُكِنّون حبّاً عميقاً لأهل بيت الرسالة ، ويدافعون سرّاً وعلانية عن تطلّعات أهل البيت عليهم السلام وأهدافهم ، وقد قدّمهم الإمامُ الصادق عليه السلام باعتبارهم أنصار أهل البيت عليهم السلام من الطراز الأوّل ، حيث قال :
طَبَقَهٌ يُحِبّونا فِي السِرِّ وَالعَلانِيَةِ ، هُمُ النَّمَطُ الأَعلى .
ويتحدّث الإمام عليه السلام في بقيّة هذه الرواية عن خصائص هذه المجموعة فيقول :
فَمِن بَينِ مَجروحٍ وَمَذبوحٍ ، مُتَفَرِّقينَ في كُلِّ بِلادٍ قاصِيَةٍ . . . وَهُمُ الأَقَلّونَ عَدَداً ، الأَعظَمونَ عِندَ اللّه ِ قَدراً وَخَطَراً . ۱
ومن الأمثلة البارزة لهذه المجموعة من الشيعة ومحبّي أهل البيت عليهم السلام في عصر النهضة الحسينية : حبيب بن مظاهر الأسدي ومسلم بن عوسجة وأبو ثمامة الصائدي ؛ حيث اجتمعوا بعد موت معاوية في دار سليمان بن صرد الخزاعي ، وفتحوا باب مراسلة الإمام الحسين عليه السلام ، وقد وصفت هذه المجموعة من محبّي أهل البيت عليهم السلام في روايات اُخرى بعباراتٍ مثل «صِنفٌ مِنّا وَإِلَينا» ۲ أو «صِنفٌ كَالذَّهَبِ الأَحمَرِ كُلَّما أُدخِلَ النّارَ ازدادَ جَودَةً» ۳ ، ولكنّ عددهم ـ كما جاء في حديث الإمام الصادق عليه السلام ـ كان قليلاً للغاية ، وهم الذين قُتِلوا على يد عُمّال الحكومة الاُموية ، أو تعرّضوا للسجن والنفي .

1.تحف العقول : ص ۳۲۵ .

2.مشكاة الأنوار : ص ۱۲۷ح ۲۹۷ .

3.كشف الغمّة : ج ۲ ص ۳۴۴ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۱۸۶ح ۲۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 175135
الصفحه من 458
طباعه  ارسل الي