443
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3

3 . الترغيب والترهيب

بدأ ابن زياد عمله بترغيب الناس وترهيبهم من أجل قلب جوّ الكوفة السياسي والاجتماعي ، والذي كان يخضع بشدّة لتأثير أنصار الإمام عليه السلام ، فقال في اُولى خطبه بعد قدومه إلى الكوفة مخاطباً الأهالي :
إِنَّ أميرَ المُؤمِنينَ ـ أصلَحَهُ اللّه ُ ـ وَلّاني مِصرَكُم وثَغرَكُم ، وأمَرَني بِإِنصافِ مَظلومِكُم ، وإعطاءِ مَحرومِكُم ، وبِالإِحسانِ إلى سامِعِكُم ومُطيعِكُم ، وبِالشِّدَّةِ عَلى مُريبِكُم وعاصيكُم ، وأنَا مُتَّبِعٌ فيكُم أمرَهُ ، ومُنَفِّذٌ فيكُم عَهدَهُ ، فَأَنَا لِمُحسِنِكُم ومُطيعِكُم كَالوالِدِ البَرِّ ، وسَوطي وسَيفي عَلى مَن تَرَكَ أمري ، وخالَفَ عَهدي ، فَليُبقِ امرُؤٌ عَلى نَفسِهِ . ۱

4 . تقديم الرشاوي إلى رؤساء القبائل

تمثّل خطوة ابن زياد الاُخرى لقمع ثورة الكوفة في تقديم الرشاوي الضخمة إلى رؤساء القبائل ووجهاء الكوفة ، وقد كان هذا التصرّف مؤثّراً للغاية في إخماد نار الثورة ؛ نظراً إلى النظام القبلي للكوفة ، وفي هذا المجال قال مجمع بن عبد اللّه العائذي ، أحد الذين أخبروا الإمام عليه السلام في الطريق بأحداث الكوفة :
أمّا أشرافُ النّاسِ فَقَد اُعظِمَت رِشوَتُهُم ، ومُلِئَت غَرائِرُهُم ، يُستَمالُ وُدُّهُم ، ويُستَخلَصُ بِهِ نَصيحَتُهُم ، فَهُم إلبٌ واحِدٌ عَلَيكَ ، وأمّا سائِرُ النّاسِ بَعدُ ، فَإِنَّ أفئِدَتَهُم تَهوي إلَيكَ ، وسُيوفَهُم غَدا مَشهورَةٌ عَلَيكَ . ۲

5 . اعتقال عدد من كبار أنصار الإمام عليه السلام

من إقدامات ابن زياد الاُخرى ، الاعتقال المؤقّت لجماعة من كبار أنصار الإمام عليه السلام ، وقد ذكر الطبري في هذا المجال قائلاً :
وحَبَسَ سائِرَ وُجوهِ النّاسِ عِندَهُ استيحاشا إلَيهِم ؛ لِقِلَّةِ عَدَدِ مَن مَعَهُ مِنَ النّاسِ . ۳
وكان من جملة الذين اعتقلهم ابن زياد المختار بن أبي عبيدة الثقفي، والذي بقي في السجن حتّى شهادة الإمام الحسين عليه السلام . ۴
وممّا يجدر ذكره أنّ اعتقال عنصر مؤثّر مثل المختار إلى جانب انسحاب سليمان بن صرد ، كانا وحدهما كافيين لأن يسبّبا مشكلة أكيدة للثورة ، بل وأن يوقعاها في الفشل .

1.راجع : ص ۸۸ ح ۱۰۹۵ .

2.راجع ص ۹۲ ح ۱۱۰۵ .

3.راجع : ص ۱۳۴ ح ۱۱۶۳ .

4.راجع : ص ۲۲۱ (الفصل الخامس / اعتقال المختار) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3
442

8

أهمّ عوامل فشل ثورة الكوفة

يمكن القول استناداً إلى ما ذكرناه بشأن التحليل الاجتماعي والنفسي لأهل الكوفة : إنّ أهم عوامل فشل ثورة الكوفة وإعراض أهلها عن التعاون مع الإمام الحسين عليه السلام هي كالتالي :

1 . انعدام التنظيم وضعف الإمكانيّات الاقتصادية لأنصار الإمام عليه السلام

أوضحنا فيما سبق أنّ من خصوصيّات أهل الكوفة عدم تقبّلهم للنظام ، ولذلك فإنّ أنصار الإمام الحسين عليه السلام كانوا هم أيضاً يفتقرون إلى تنظيمات خاصّة ، بل كان أكثرهم تابعاً لزعيم القبيلة بسبب سيادة النظام القبلي في الكوفة ، ولذلك فإنّ الأهالي لم يكن بإمكانهم اتّخاذ القرارات في حالة اعتزال رئيس القبيلة أو اعتقاله أو خيانته . وبالإضافة إلى افتقار أنصار الإمام للتنظيم ، فإنّ ضعف الإمكانيات المالية والتجهيزات العسكرية كان له دور أيضاً في فشل ثورة الكوفة .

2 . التنظيم الإداري والقوّة الاقتصادية لأعداء الإمام عليه السلام

في مقابل أنصار الإمام عليه السلام كان أعداؤه وأنصار الحكم الاُموي منظّمين في قالب النظام الإداري للكوفة ، وكانوا يستحوذون على الإمكانيات الاقتصادية والتجهيزات العسكرية لهذه المدينة ، ولكنّهم كانوا يواجهون مشكلتين أساسيّتين لمواجهة مسلم عليه السلام : إحداهما : ضعف إدارة النعمان بن بشير ، والاُخرى : الجوّ العامّ المتمثّل في تأييد الأهالي للإمام الحسين عليه السلام ، ولكنّ هاتين المشكلتين حُلّتا بمجيء ابن زياد .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 142735
الصفحه من 458
طباعه  ارسل الي