كلام حول عدد المبايعين
ذكرت النصوص التاريخية أرقاماً مختلفة لعدد مبايعي مسلم عليه السلام ، منها : اثني عشر ألفاً ، ثمانية عشر ألفاً ، عشرين ألفاً ونيف ، خمسة وعشرين ألفاً ، أكثر من ثلاثين ألفاً . ۱
وممّا يجدر ذكره أنّ معظم الروايات تؤيّد العدد ثمانية عشر ألفاً ، فقد ورد هذا العدد في أكثر من عشرة مصادر قديمة ، مثل الأخبار الطوال ، الإرشاد ، تاريخ الطبري ، الثقات لابن حبّان ، ۲ الطبقات الكبرى وأنساب الأشراف .
وعلى سبيل المثال فقد نقل الطبري عن جعفر بن حذيفة الطائي :
كانَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ ـ حَيثُ تَحَوَّلَ إلى دارِ هانِئِ بنِ عُروَةَ ، وبايَعَهُ ثَمانِيَةَ عَشَرَ ألفا ـ قَدَّمَ كِتابا إلى حُسَينٍ عليه السلام مَعَ عابِسِ بنِ أبي شَبيبٍ الشّاكِرِيِّ :
أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ الرّائِدَ لا يَكذِبُ أهلَهُ ، وقَد بايَعَني مِن أهلِ الكوفَةِ ثَمانِيَةَ عَشَرَ ألفا ، فَعَجِّلِ الإِقبالَ حينَ يَأتيكَ كِتابي ؛ فَإِنَّ النّاسَ كُلَّهُم مَعَكَ ، لَيسَ لَهُم في آلِ مُعاوِيَةَ رَأيٌ ولا هَوىً ، وَالسَّلامُ . ۳
ويبدو أنّ النقول التي تحدّثت عن الاثني عشر ألفاً ترتبط بابتداء البيعة ، وقد ازداد عدد المبايعين بمرور الزمان .
كتب ابن كثير قائلاً :
فاجتمع على بيعته من أهلها اثنا عشر ألفاً ، ثمّ تكاثروا حتّى بلغوا ثمانية عشر ألفاً . ۴
وأمّا النقول التي سجّلت أعداداً اُخرى ، فإنّها قد تكون روايات تقريبية وتخمينية؛ نظراً إلى أنّ مصادرها قليلة .
وممّا يجدر ذكره أنّ بعض المصادر ذكرت أنّ أهل الكوفة أعربوا في رسالة بعثوها إلى الإمام الحسين عليه السلام لدعوته إليهم ، أنّ مئة ألف رجل مقاتل سيرافقونه في الكوفة ، وقد ذكر الشيخ المفيد هذا الموضوع كالتالي :
وكَتَبَ إلَيهِ أهلُ الكوفَةِ : إنَّ لَكَ هاهُنا مِئَةَ ألفِ سَيفٍ ، فَلا تَتَأَخَّر . ۵
ومن البديهي أنّ هذا الكلام لا يدلّ على أنّ جميع هؤلاء قد بايعوه بعد وصول مسلم إلى الكوفة ، بل من الممكن أن يشير إلى المقاتلين المتواجدين في الكوفة ، أو أنهّ مبالغة في تعبير المحبّين للإمام لترغيبه في القدوم إلى الكوفة .