127
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4

ثالثا : المسألة المهمّة هي أنّ عدد أصحاب الإمام الحسين عليه السلام ـ وفقا لبعض هذه النقول ـ كان 72 شخصا ، وعليه فإن كان عدد شهداء الحملة الاُولى خمسين شخصا ، فلايبقى منهم حينئذ إلّا قلائل لا يمكن توزيعهم على ساحة القتال بالشكل المطلوب ، وكيف يتسنّى لهذا العدد القليل مقاومة العدوّ حتّى عصر عاشوراء؟
على أنّه لو كان العدوّ قد كبّد جيش الإمام هذا العدد من القتلى في حملة واحدة وبرمي السهام، لما كانت هناك حاجة للمبارزة، ولَاستمرّ على هذا الاُسلوب ليحسم النتيجة لصالحه في وقتٍ قصير !
فعلى هذا الأساس ، لا يمكن قبول ما ورد حول شهداء الحملة الاُولى ، وخصوصا ما جاء في المناقب لابن شهر آشوب .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4
126

ويبدو أنّ أوّل مصدر أشار إلى أنّ عدد شهداء الحملة على أصحاب الإمام رحمه الله كان خمسين شخصا ، هو الفتوح لابن أعثم، الّذي قال ـ بعد إشارته إلى الحملة الاُولى والّتي تمثّلت برمي السهام من قبل عسكر الكوفة ـ :
فاقتتلوا ساعةً من النهار ، حملةً واحدة ، حتّى قُتل من أصحاب الحسين عليه السلام نيّف وخمسون رجلاً . ۱
وبالتأمّل في رواية ابن أعثم ، يتّضح أنّ مراده هو أنّ العدد المذكور استشهدوا خلال الحرب وفي فترة من يوم عاشوراء، لا أنّهم استشهدوا في الحملة الاُولى . إلاّ أنّ الخوارزميّ ۲ ـ ومن دون الالتفات إلى المعنى الدقيق للعبارة ـ نقل الحادثة بشكل آخر ؛ فبعد أن نقل خبر الحملة الاُولى كتب قائلاً:
فلمّا رموهم هذه الرمية قلّ أصحاب الحسين عليه السلام ، فبقي في هؤلاء القوم الّذين يُذكرون في المبارزة ، وقد قُتل منهم ما ينيف على خمسين رجلاً . ۳
وفي سياق أمثال هذه النقول ذكر ابن شهر آشوب أسماء 28 منهم ـ كما أشرنا ـ على أنّهم شهداء الحملة الاُولى ، إلاّ أنّ الظاهر عدم صحّة ذلك لما يلي :
أوّلاً : لا توجد في المصادر القديمة نقول بهذا النحو عن الحملة الاُولى، وكلام ابن أعثم ليس فيه دلالة على هذا المعنى ، بل هو دالّ على خلافه ، كما أشرنا .
ثانيا : ذكرت بعض المصادر المعتبرة ـ كالإرشاد للمفيد، وتاريخ الطبري ـ رميَ السهام من قبل الأعداء بعنوان الحملة الاُولى، من دون إشارة إلى استشهاد أحد في هذه الحملة ، بل ذكرت في هذا السياق انتصار أصحاب الإمام رحمه الله عبر المبارزة الفردية بالقتال ، ممّا حَدا بالعدوّ إلى العدول عن هذا الاُسلوب في القتال إلى الهجوم الجماعي .

1.راجع: ص ۱۲۳ ح ۱۶۳۸ .

2.ممّا ينبغي ذِكره هو أنّ قسماً كبيراً من كتاب مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي قد اُخذ من كتاب الفتوح لابن أعثم .

3.راجع: ص ۱۲۳ ح ۱۶۳۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 155398
الصفحه من 444
طباعه  ارسل الي