197
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4

فَرَسَهُ لَمَضروبٌ عَلى اُذُنَيهِ وحاجِبِهِ ، وإنَّ الدِّماءَ لَتَسيلُ ، إذ قالَ الحُصَينُ بنُ نُمَيرٍ : يا يَزيدُ ، هذَا الحُرُّ الَّذي كُنتَ تَتَمَنّاهُ ، فَهَل لَكَ بِهِ ؟ قالَ : نَعَم ، وخَرَجَ إلَيهِ ، فَما لَبِثَ الحُرُّ أن قَتَلَهُ وقَتَلَ أربَعينَ فارِسا وراجِلاً ، ولَم يَزَل يُقاتِلُ حَتّى عُرقِبَ ۱ فَرَسُهُ ، وبَقِيَ راجِلاً ، فَجَعَلَ يُقاتِلُ وهُوَ يَقولُ :


إن تَعقِروا۲
بي فَأَنَا ابنُ الحُرِّأشجَعُ مِن ذي لِبدَةٍ هِزَبرِ۳

ولَستُ بِالخَوّارِ عِندَ الكَرِّلكِنَّنِي الثّابِتُ عِندَ الفَرِّ
ثُمَّ لَم يَزَل يُقاتِلُ حَتّى قُتِلَ ، فَاحتَمَلَهُ أصحابُ الحُسَينِ عليه السلام حَتّى وَضَعوهُ بَينَ يَدَيِ الحُسَينِ عليه السلام وبِهِ رَمَقٌ ، فَجَعَلَ الحُسَينُ عليه السلام يَمسَحُ التُّرابَ عَن وَجهِهِ ، وهُوَ يَقولُ لَهُ : أنتَ الحُرُّ كَما سَمَّتكَ بِهِ اُمُّكَ ، أنتَ الحُرُّ فِي الدُّنيا وأنتَ الحُرُّ فِي الآخِرَةِ . ثُمَّ رَثاهُ بعضُ أصحابِ الحُسَينِ عليه السلام ـ وقالَ الحاكِمُ الجُشَمِيُّ : بَل رَثاهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام ـ بِقَولِهِ :


لَنِعمَ الحُرُّ حُرُّ بَني رِياحِصَبورٌ عِندَ مُشتَبَكِ الرِّماحِ
ونِعمُ الحُرُّ إذ نادى حُسَينٌفَجادَ بِنَفسِهِ عِندَ الصِّياحِ
ورُوِيَ أنَّهُ كانَ يُنشِدُ عِندَ مُكافَحَتِهِ :


آلَيتُ لا اُقتَلُ حَتّى أقتُلاولا اُصابُ اليَومَ إلّا مُقبِلا
أضرِبُهُم بِالسَّيفِ ضَربا مُعضِلالا ناكِلاً۴فيهِم ولا مُهَلِّلا۵

1.عرقبتُ الدابّةَ : قطعت عرقوبها . والعرقوب : عقب موتَّر خلف الكعبين (العين : ص ۵۳۴ «عرقب») .

2.عَقَر البعير بالسيف : ضرب قوائمه به (المصباح المنير : ص ۴۲۱ «عقر») .

3.الهزبر : الأسد (الصحاح : ج ۲ ص ۸۵۴ «هزبر») .

4.الناكِلُ : الجبان الضعيف (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۳۵ «نكل») .

5.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۹ ، الفتوح : ج۵ ص۱۰۱ ؛ بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۳ وراجع : مطالب السؤول : ص۷۶ و كشف الغمّة : ج۲ ص۲۶۲ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4
196

يا أبا يَزيدَ ! إنَّ أمرَكَ لَمُريبٌ ، فَمَا الَّذي تُريدُ ؟ قالَ : وَاللّهِ إنّي اُخَيِّرُ نَفسي بَينَ الجَنَّةِ وَالنّارِ ، ووَاللّهِ لا أختارُ عَلَى الجَنَّةِ شَيئا ولَو قُطِّعتُ وحُرِّقتُ .
ثُمَّ ضَرَبَ فَرَسَهُ ، ولَحِقَ بِالحُسَينِ عليه السلام مَعَ غُلامِهِ التُّركِيِّ ، فَقالَ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، جَعَلَنِيَ اللّهُ فِداكَ ! إنّي صاحِبُكَ الَّذي حَبَستُكَ عَنِ الرُّجوعِ ، وسايَرتُكَ فِي الطَّريقِ ، وجَعجَعتُ بِكَ في هذَا المَكانِ ، وَاللّهِ الَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ ، ما ظَنَنتُ القَومَ يَرُدّونَ عَلَيكَ ما عَرَضتَ عَلَيهِم ، ولا يَبلُغونَ بِكَ هذِهِ المَنزِلَةَ ، وإنّي لَو سَوَّلَت ۱ لي نَفسي أنَّهُم يَقتُلونَكَ ما رَكِبتُ هذا مِنكَ، وإنّي قَد جِئتُكَ تائِبا إلى رَبّي مِمّا كانَ مِنّي ، ومُواسيكَ بِنَفسي حَتّى أموتَ بَينَ يَدَيكَ ، أفَتَرى ذلِكَ لي تَوبَةً ؟
قالَ : نَعَم ! يَتوبُ اللّهُ عَلَيكَ ويَغفِرُ لَكَ ، مَا اسمُكَ ؟ قالَ : أنَا الحُرُّ ، قالَ : أنتَ الحُرُّ كَما سَمَّتكَ اُمُّكَ ، أنتَ الحُرُّ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ؛ انزِل ، فَقالَ : أنَا لَكَ فارِسا خَيرٌ مِنّي لَكَ راجِلاً ، اُقاتِلُهُم عَلى فَرَسي ساعَةً ، وإلَى النُّزولِ ما يَصيرُ أمري .
ثُمَّ قالَ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ! كُنتُ أوَّلَ خارِجٍ عَلَيكَ ، فَائذَن لي أن أكونَ أوَّلَ قَتيلٍ بَينَ يَدَيكَ ، فَلَعَلّي أن أكونَ مِمَّن يُصافِحُ جَدَّكَ مُحَمَّداً غَداً فِي القِيامَةِ . فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : إن شِئتَ فَأَنتَ مِمَّن تابَ اللّهُ عَلَيهِ وهُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ . فَكانَ أوَّلَ مَن تَقَدَّمَ إلى بِرازِ القَومِ الحُرُّ بنُ يَزيدَ الرِّياحِيُّ ، فَأَنشَدَ في بِرازِهِ :


إنّي أنَا الحُرُّ ومَأوىَ الضَّيفِأضرِبُ في أعناقِكُم بِالسَّيفِ
عَن خَيرِ مَن حَلَّ بِوادِي الخَيفِأضرِبُكُم ولا أرى مِن حَيفِ۲
ورُوِيَ أنَّ الحُرَّ لَمّا لَحِقَ بِالحُسَينِ عليه السلام قالَ رَجُلٌ مِن بَني تَميمٍ يُقالُ لَهُ يَزيدُ بنُ سُفيانَ : أما وَاللّهِ، لَو لَقيتُ الحُرَّ حينَ خَرَجَ لَأَتبَعتُهُ السِّنانَ . فَبَينا هُوَ يُقاتِلُ ، وإنَّ

1.التسويل : تحسين الشيء وتزيينه وتحبيبه إلى الإنسان ليفعله أو يقوله (النهاية : ج ۲ ص ۴۲۵ «سول») .

2.الحَيفُ : الجور والظلم (النهاية : ج ۱ ص ۴۶۹ «حيف») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 194447
الصفحه من 444
طباعه  ارسل الي