23
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4

بِأَيّامٍ قَد عَقَدَ لَهُ عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ عَقدا ووَلّاهُ الرَّيَّ ودَستَبى ، وأمَرَهُ بِحَربِ الدَّيلَمِ ، فَأَرادَ أن يَخرُجَ إلَيها ، فَلَمّا كانَ ذلِكَ اليَومُ أقبَلَ عَلَيهِ ابنُ زِيادٍ ، فَقالَ : اُريدُ أن تَخرُجَ إلى قِتالِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ ، فَإِذا نَحنُ فَرَغنا مِن شُغُلِهِ سِرتَ إلى عَمَلِكَ إن شاءَ اللّهُ .
فَقالَ لَهُ عُمَرُ : أيُّهَا الأَميرُ ! إن أرَدتَ أن تُعفِيَني مِن قِتالِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ فَافعَل !
فَقالَ : قَد أعفَيتُكَ ، فَاردُد إلَينا عَهدَنَا الَّذي كَتَبناهُ لَكَ ، وَاجلِس في مَنزِلِكَ نَبعَثُ غَيرَكَ .
فَقالَ لَهُ عُمَرُ : أمهِلنِي اليَومَ حَتّى أنظُرَ في أمري . قالَ : قَد أمهَلتُكَ . فَانصَرَفَ عُمَرُ إلى مَنزِلِهِ وجَعَلَ يَستَشيرُ بَعضَ إخوانِهِ ومَن يَثِقُ بِهِ ، فَلَم يُشِر عَلَيهِ أحَدٌ بِشَيءٍ غَيرَ أنَّهُ يَقولُ لَهُ : اِتَّقِ اللّهَ ولا تَفعَل !
قالَ : وأقبَلَ عَلَيهِ حَمزَةُ بنُ المُغيرَةِ بنِ شُعبَةَ ، وهُوَ ابنُ اُختِهِ ، فَقالَ : أنشُدُكَ اللّهَ ـ يا خالِ ـ أن تَسيرَ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ ، فَإِنَّكَ تَأثَمُ بِرَبِّكَ ، وتَقطَعُ رَحِمَكَ ، وما لَكَ ولِسُلطانِ الأَرضِ ؟ اِتَّقِ اللّهَ أن تَتَقَدَّمَ يَومَ القِيامَةِ بِدَمِ الحُسَينِ ابنِ فاطِمَةَ .
قالَ : فَسَكَتَ عُمَرُ وفي قَلبِهِ مِنَ الرَّيِّ .
فَلَمّا أصبَحَ أقبَلَ حَتّى دَخَلَ عَلى عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ ، فَقالَ : ما عِندَكَ يا عُمَرُ ؟ فَقالَ : أيُّهَا الأَميرُ ! إنَّكَ قَد وَلَّيتَني هذَا الأَمرَ وكَتَبتَ لي هذَا العَهدَ ، وقَد سَمِعَ بِهِ النّاسُ ، وفِي الكوفَةِ أشرافٌ ـ وعَدَّهُم ـ فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ : أنَا أعلَمُ مِنكَ بِأَشرافِها ، وما اُريدُ مِنكَ إلّا أن تَكشِفَ هذِهِ الغُمَّةَ ، وأنتَ الحَبيبُ القَريبُ ، وإلَا اردُد عَلَينا عَهدَنا وَالزَم مَنزِلَكَ ، فَإِنّا لا نُكرِهُكَ .
قالَ : فَسَكَتَ عُمَرُ ، فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : يَابنَ سَعدٍ ، وَاللّهِ ، لَئِن لَم تَسِر إلَى الحُسَينِ وتَتَوَّلَ حَربَهُ وتَقدَم عَلَينا بِما يَسوؤُهُ ، لَأَضرِبَنَّ عُنُقَكَ ، ولَأَنهَبَنَّ أموالَكَ .
قالَ : فَإِنّي سائِرٌ إلَيهِ غَدا إن شاءَ اللّهُ ، فَجَزاهُ ابنُ زِيادٍ خَيرا ، ووَصَلَهُ وأعطاهُ


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4
22

لي : إنَّ الأَميرَ أمَرَني بِالمَسيرِ إلَى الحُسَينِ ، فَأَبَيتُ ذلِكَ عَلَيهِ ، فَقُلتُ لَهُ : أصابَ اللّهُ بِكَ ، أرشَدَكَ اللّهُ ، أحِل فَلا تَفعَل ولا تَسِر إلَيهِ .
قالَ : فَخَرَجتُ مِن عِندِهِ ، فَأَتاني آتٍ ، وقالَ : هذا عُمَرُ بنُ سَعدٍ يَندُبُ النّاسَ إلَى الحُسَينِ ، قالَ : فَأَتَيتُهُ فَإِذا هُوَ جالِسٌ ، فَلَمّا رَآني أعرَضَ بِوَجهِهِ ، فَعَرَفتُ أنَّهُ قَد عَزَمَ عَلَى المَسيرِ إلَيهِ ، فَخَرَجتُ مِن عِندِهِ .
قالَ : فَأَقبَلَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ إلَى ابنِ زِيادٍ ، فَقالَ : أصلَحَكَ اللّهُ ، إنَّكَ وَلَّيتَني هذَا العَمَلَ ، وكَتَبتَ لِيَ العَهدَ ، وسَمِعَ بِهِ النّاسُ ، فَإِن رَأَيتَ أن تُنفِذَ لي ذلِكَ فَافعَل ، وَابعَث إلَى الحُسَينِ في هذَا الجَيشِ مِن أشرافِ الكوفَةِ مَن لَستُ بِأَغنى ولا أجزَأَ عَنكَ في الحَربِ مِنهُ ، فَسَمّى لَهُ اُناسا .
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : لا تُعلِمني بِأَشرافِ أهلِ الكوفَةِ ، ولَستُ أستَأمِرُكَ فيمَن اُريدُ أن أبعَثَ ! إن سِرتَ بِجُندِنا ، وإلّا فَابعَث إلَينا بِعَهدِنا .
فَلَمّا رَآهُ قَد لَجَّ ، قالَ : فَإِنّي سائِرٌ .
قالَ : فَأَقبَلَ في أربَعَةِ آلافٍ حَتّى نَزَلَ بِالحُسَينِ عليه السلام مِنَ الغَدِ مِن يَومَ نَزَلَ الحُسَينُ عليه السلام نِينَوى . ۱

۱۵۲۶.الفتوح :جَمَعَ [ابنُ زِيادٍ] أصحابَهُ ، وقالَ : أيُّهَا النّاسُ ! مَن مِنكُم تَوَلّى قِتالَ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ وَلِيَ وِلايَةَ أيِّ بَلَدٍ شاءَ ؟ فَلَم يُجِبهُ أحَدٌ بِشَيءٍ .
قالَ : فَالتَفَتَ إلى عُمَرَ بنِ سَعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ ، وقَد كانَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ قَبلَ ذلِكَ

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۰۹ ، تاريخ دمشق : ج ۴۵ ص ۴۹ وفيه «عمّار بن عبداللّه بن سنان الجُهَنيّ» ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۵ ، أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۸۵ نحوه وراجع : المنتظم : ج ۵ ص ۳۳۶ وتذكرة الخواصّ : ص ۲۴۷ والأخبار الطوال : ص ۲۵۳ وبغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۲۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 148464
الصفحه من 444
طباعه  ارسل الي