قالَ : فَوَاللّهِ ما رَأَيتُ مَكسورا قَطُّ ، قَد قُتِلَ وُلدُهُ ، وأهلُ بَيتِهِ وأصحابُهُ ، أربَطَ جَأشا ولا أمضى جَنانا ولا أجرَأَ مَقدَما مِنهُ ، وَاللّهِ ما رَأَيتُ قَبلَهُ ولا بَعدَهُ مِثلَهُ ، إن كانَتِ الرَّجّالَةُ لَتَنكَشِفُ مَن عَن يَمينِهِ وشِمالِهِ انكِشافَ المِعزى إذا شَدَّ فيهَا الذِّئبُ... .قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَنِي الصَّقعَبُ بنُ زُهَيرٍ ، عَن حُمَيدِ بنِ مُسلِمٍ ، قالَ : كانَت عَلَيهِ جُبَّةٌ مِن خَزٍّ ، وكانَ مُعتَمّا ، وكانَ مَخضوبا بِالوَسمَةِ .قالَ : وسَمِعتُهُ يَقولُ قَبلَ أن يُقتَلَ ، وهُوَ يُقاتِلُ عَلى رِجلَيهِ قِتالَ الفارِسِ الشُّجاعِ ، يَتَّقِي الرَّمِيَّةَ ، ويَفتَرِصُ ۱ العَورَةَ ، ويَشُدُّ عَلَى الخَيلِ وهُوَ يَقولُ : أعَلى قَتلي تَحاثّونَ ۲ ؟ أما وَاللّهِ لا تَقتُلونَ بَعدي عَبدا مِن عِبادِ اللّهِ ، اللّهُ أسخَطُ عَلَيكُم لِقَتلِهِ مِنّي ، وَايمُ اللّهِ ، إنّي لَأَرجو أن يُكرِمَنِيَ اللّهُ بِهَوانِكُم ، ثُمَّ يَنتَقِمُ لي مِنكُم مِن حَيثُ لا تَشعُرونَ ، أما وَاللّهِ أن لَو قَد قَتَلتُموني ، لَقَد ألقَى اللّهُ بَأسَكُم بَينَكُم ، وسَفَكَ دِماءَكُم ، ثُمَّ لا يَرضى لَكُم حَتّى يُضاعِفَ لَكُمُ العَذابَ الأَليمَ . ۳
۱۹۰۳.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) :لَمّا قُتِلَ أصحابُهُ وأهلُ بَيتِهِ ، بَقِيَ الحُسَينُ عليه السلام عامَّةَ النَّهارِ لا يُقدِمُ عَلَيهِ أحَدٌ إلَا انصَرَفَ ، حَتّى أحاطَت بِهِ الرَّجّالَةُ ، فَما رَأَينا مَكثورا قَطُّ أربَطَ جَأشا مِنهُ ، إن كانَ لَيُقاتِلُهُم قِتالَ الفارِسِ الشُّجاعِ ، وإن كانَ لَيَشُدُّ عَلَيهِم فَيَنكَشِفونَ عَنهُ انكِشافَ المِعزى شَدَّ فيهَا الأَسَدُ . ۴
۱۹۰۴.مطالب السؤول :ثُمَّ دَعَا [الحُسَينُ عليه السلام ] النّاسَ إلَى البِرازِ ، فَلَم يَزَل يُقاتِلُ ويَقتُلُ كُلَّ مَن
1.فَرَصَ : انتهز فلان الفُرصة ، أي اغتنمها وفاز بها (الصحاح : ج ۳ ص ۱۰۴۸ «فرص») .
2.الحَثُّ : الإعجال في اتّصال (لسان العرب : ج ۲ ص ۱۲۹ «حثث») .
3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۵۲ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۷۲ نحوه وراجع : أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۰۸ ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۳۸ والبداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۸۸ .
4.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۷۳ ، سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۰۲ نحوه .