57
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4

أما وَاللّهِ ، لَبِئسَ القَومُ عِندَ اللّهِ غَدا قَومٌ يَقدَمونَ عَلَيهِ قَد قَتَلوا ذُرِّيَّةَ نَبِيِّهِ عليه السلام وعِترَتَهُ وأهلَ بَيتِهِ صلى الله عليه و آله ، وعُبّادَ أهلِ هذَا المِصرِ المُجتَهِدينَ بِالأَسحارِ ، وَالذّاكِرينَ اللّهَ كَثيرا .
فَقالَ لَهُ عَزرَةُ بنُ قَيسٍ : إنَّكَ لَتُزَكّي نَفسَكَ مَا استَطَعتَ !
فَقالَ لَهُ زُهَيرٌ : يا عَزرَةُ ! إنَّ اللّهَ قَد زَكّاها وهَداها ، فَاتَّقِ اللّهَ يا عَزرَةُ ، فَإِنّي لَكَ مِنَ النّاصِحينَ ، أنشُدُكَ اللّهَ يا عَزرَةُ أن تَكونَ مِمَّن يُعينُ الضَّلالَ عَلى قَتلِ النُّفوسِ الزَّكِيَّةِ !
قالَ : يا زُهَيرُ ! ما كُنتَ عِندَنا مِن شيعَةِ أهلِ هذَا البَيتِ . إنَّما كُنتَ عُثمانِيّا !
قالَ : أفَلَستَ تَستَدِلُّ بِمَوقِفي هذا أنّي مِنهُم ! أما وَاللّهِ ، ما كَتَبتُ إلَيهِ كِتابا قَطُّ ، ولا أرسَلتُ إلَيهِ رَسولاً قَطُّ ، ولا وَعَدتُهُ نُصرَتي قَطُّ ، ولكِنَّ الطَّريقَ جَمَعَ بَيني وبَينَهُ ، فَلَمّا رَأَيتُهُ ذَكَرتُ بِهِ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ومَكانَهُ مِنهُ ، وعَرَفتُ ما يُقدَمُ عَلَيهِ مِن عَدُوِّهِ وحِزبِكُم ، فَرَأَيتُ أن أنصُرَهُ ، وأن أكونَ في حِزبِهِ ، وأن أجعَلَ نَفسي دونَ نَفسِهِ ، حِفظا لِما ضَيَّعتُم مِن حَقِّ اللّهِ وحَقِّ رَسولِهِ صلى الله عليه و آله .
قالَ : وأقبَلَ العَبّاسُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام يَركُضُ حَتَّى انتَهى إلَيهِم ، فَقالَ : يا هؤُلاءِ ، إنَّ أبا عَبدِ اللّهِ يَسأَ لُكُم أن تَنصَرِفوا هذِهِ العَشِيَّةَ حَتّى يَنظُرَ في هذَا الأَمرِ ... وكانَ العَبّاسُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام حينَ أتى حُسَينا عليه السلام بِما عَرَضَ عَلَيهِ عُمَرُ بنُ سَعدٍ قالَ : اِرجِع إلَيهِم ، فَإِنِ استَطَعتَ أن تُؤَخِّرَهُم إلى غُدوَةٍ وتَدفَعَهُم عِندَ العَشِيَّةِ ؛ لَعَلَّنا نُصَلّي لِرَبِّنَا اللَّيلَةَ ، ونَدعوهُ ونَستَغفِرُهُ ، فَهُوَ يَعلَمُ أنّي قَد كُنتُ اُحِبُّ الصَّلاةَ لَهُ ، وتِلاوَةَ كِتابِهِ ، وكَثرَةَ الدُّعاءِ وَالاِستِغفارِ !
قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَنِي الحارِثُ بنُ حَصِيرَةَ ، عَن عَبدِ اللّهِ بنِ شَريكٍ العامِرِيِّ ، عَن عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام قالَ : أتانا رَسولٌ مِن قِبَلِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، فَقامَ مِثلَ حَيثُ


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4
56

وأبشِري ! فَرَكِبَ فِي النّاسِ ، ثُمَّ زَحَفَ نَحوَهُم بَعدَ صَلاةِ العَصرِ ، وحُسَينٌ عليه السلام جالِسٌ أمامَ بَيتِهِ ، مُحتَبِيا ۱ بِسَيفِهِ ، إذ خَفَقَ بِرَأسِهِ عَلى رُكبَتَيهِ ، وسَمِعَت اُختُهُ زَينَبُ عليهاالسلامالصَّيحَةَ ، فَدَنَت مِن أخيها ، فَقالَت : يا أخي ، أما تَسمَعُ الأَصواتَ قَدِ اقتَرَبَت ؟!
قالَ : فَرَفَعَ الحُسَينُ عليه السلام رَأسَهُ ، فَقالَ : إنّي رَأَيتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله فِي المَنامِ ، فَقالَ لي : إنَّكَ تَروحُ إلَينا ، قالَ : فَلَطَمَت اُختُهُ وَجهَها ، وقالَت : يا وَيلَتا ! فَقالَ : لَيسَ لَكِ الوَيلُ يا اُخَيَّةُ ، اسكُني رَحِمَكِ الرَّحمنُ !
وقالَ العَبّاسُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام : يا أخي ! أتاكَ القَومُ ، قالَ : فَنَهَضَ ، ثُمَّ قالَ : يا عَبّاسُ ، اركَب بِنَفسي أنتَ يا أخي حَتّى تَلقاهُم ، فَتَقولُ لَهُم : ما لَكُم ، وما بَدا لَكُم ؟ وتَسأَ لُهُم عَمّا جاءَ بِهِم ؟
فَأَتاهُمُ العَبّاسُ عليه السلام ، فَاستَقبَلَهُم في نَحوٍ مِن عِشرينَ فارِسا ، فيهِم زُهَيرُ بنُ القَينِ ، وحَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ ، فَقالَ لَهُمُ العَبّاسُ عليه السلام : ما بَدا لَكُم ، وما تُريدونَ ؟ قالوا : جاءَ أمرُ الأَميرِ بِأَن نَعرِضَ عَلَيكُم أن تَنزِلوا عَلى حُكمِهِ ، أو نُنازِلَكُم !
قالَ : فَلا تَعجَلوا حَتّى أرجِعَ إلى أبي عَبدِ اللّهِ ، فَأَعرِضَ عَلَيهِ ما ذَكَرتُم ، قالَ : فَوَقَفوا ، ثُمَّ قالوا : اِلقَهُ فَأَعلِمهُ ذلِكَ ، ثُمَّ القَنا بِما يَقولُ .
قالَ : فَانصَرَفَ العَبّاسُ عليه السلام راجِعا يَركُضُ إلَى الحُسَينِ عليه السلام يُخبِرُهُ بِالخَبَرِ ، ووَقَفَ أصحابُهُ يُخاطِبونَ القَومَ ، فَقالَ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ لِزُهَيرِ بنِ القَينِ : كَلِّمِ القَومَ إن شِئتَ ، وإن شِئتَ كَلَّمتُهُم .
فَقالَ لَهُ زُهَيرٌ : أنتَ بَدَأتَ بِهذا ، فَكُن أنتَ تُكَلِّمُهُم ، فَقالَ لَهُم ۲ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ:

1.الاحتباء : ضمّ الساقين إلى البطن بالثوب أو اليدين (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۳۵۶ «حبا») .

2.في المصدر : «له» ، والصواب ما أثبتناه كما في أنساب الأشراف .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 189178
الصفحه من 444
طباعه  ارسل الي