لَمّا أقبَلوا نَحوَنا ، فَنَظَروا إلَى النّارِ تَضطَرِمُ فِي الحَطَبِ وَالقَصَبِ ، الَّذي كُنّا ألهَبنا فيهِ النّارَ مِن وَرائِنا لِئَلّا يَأتونا مِن خَلفِنا . ۱
ويضيف قائلاً : إنّ خيام أصحاب الإمام عليه السلام ضُرب حولها طوق من النيران والدخّان ، بحيث إنّ الشمر عندما مرّ بالقرب منها لم يكن يرى سوى نيران وسحب من الدخّان كانت تتصاعد منها!
واستناداً إلى هذه الخطّة ، وبفضل هذا التنظيم العسكري، استطاع جيش الإمام عليه السلام الذي لم يكن عدده يتجاوز 72 نفراً حسب النقل المشهور ، ۲ أن يقاوم لساعات أمام جيش العدوّ الذي قدّر عدده ب 35 ألفاً، وأن يقتل عدداً كبيراً منه، حيث يصرّح الطبري في هذا المجال :
وقاتَلوهُم حَتَّى انتَصَفَ النَّهارُ ، أشَدَّ قِتالٍ خَلَقَهُ اللّهُ ، وأخَذوا لا يَقدِرونَ عَلى أن يَأتوهم إلّا مِن وَجهٍ واحِدٍ ؛ لِاجتِماعِ أبنِيَتِهِم ، وتَقارُبِ بَعضِها مِن بَعضٍ . ۳
وقد أدّت شدّة مقاومة أصحاب الإمام الحسين عليه السلام في المواجهة المباشرة ، إلى أن يأمر عمر بن سعد مجموعة من جيشه بأن يطيحوا بخيامهم كي يستطيعوا محاصرتهم . ۴
ولكنّ هذه الخطّة لم تنفع هي الاُخرى ؛ ذلك لأنّ أصحابَ الإمام عليه السلام كانوا ينصبون الكمائن بين الخيام في مجاميع مؤلّفة من ثلاثة أشخاص أو أربعة ، فكانوا يقتلون الأعداء الذين كانوا منشغلين بإطاحة الخيام .
وعندما لم يجنِ ابنُ سعدٍ فائدةً من هذه الخطّة، أصدر الأمرَ بإيقافها من أجل الحيلولة دون تكبّد خسائر أكبر في الأرواح، ثمّ أمر من جديد :
أحرِقوها بِالنّارِ ، ولا تَدخُلوا بَيتا ولا تُقَوِّضوهُ ، فَجاءوا بِالنّارِ ، فَأَخَذوا يُحرِقونَ . ۵