145
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5
144

۲۲۷۷.الاحتجاج عن حذيم بن شريك الأسدي :لَمّا أتى عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ زَينُ العابِدينَ عليه السلام بِالنِّسوَةِ مِن كَربَلاءَ ، وكانَ مَريضا ، وإذا نِساءُ أهلِ الكوفَةِ يَنتَدِبنَ مُشَقِّقاتِ الجُيوبِ ، وَالرِّجالُ مَعَهُنَّ يَبكونَ .
فَقالَ زَينُ العابِدينَ عليه السلام ـ بِصَوتٍ ضَئيلٍ وقَد نَهَكَتهُ العِلَّةُ ـ : إنَّ هؤُلاءِ يَبكونَ عَلَينا! فَمَن قَتَلَنا غَيرَهم ؟ فَأَومَأَت زَينَبُ بِنتُ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام إلَى النّاسِ بِالسُّكوتِ .
قالَ حِذيَمٌ الأَسَدِيُّ : لَم أرَ وَاللّه ِ خَفِرَةً قَطُّ أنطَقَ مِنها ، كَأَنَّها تَنطِقُ وتُفرِغُ عَلى لِسانِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، وقَد أشارَت إلَى النّاسِ بِأَن أنصِتوا ، فَارتَدَّتِ الأَنفاسُ وسَكَنَتِ الأَجراسُ ۱ ، ثُمَّ قالَت ـ بَعدَ حَمدِ اللّه ِ تَعالى وَالصَّلاةِ عَلى رَسولِهِ صلى الله عليه و آله ـ :
أمّا بَعدُ يا أهلَ الكوفَةِ ، يا أهلَ الخَتلِ وَالغَدرِ وَالخَذلِ وَالمَكرِ ، ألا فَلا رَقَأَتِ العَبرَةُ ولا هَدَأَتِ الزَّفرَةُ ، إنَّما مَثَلُكُم كَمَثَلِ «الَّتي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَـثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَـنَكُمْ دَخَلَا بَيْنَكُمْ »۲ ، هَل فيكُم إلَا الصَّلَفُ وَالعُجبُ ، وَالشَّنَفُ وَالكَذِبُ ، ومَلَقُ ۳ الإِماءِ ، وغَمزُ الأَعداءِ ، أو كَمَرعى عَلى دِنَةٍ ۴ أو كَفِضَّةٍ عَلى مَلحودَةٍ ، ألا بِئسَ ما قَدَّمَت لَكُم أنفُسكُم أن سَخِطَ اللّه ُ عَلَيكُم وفِي العَذابِ أنتمُ خالِدونَ .
أتَبكونَ أخي ؟ ! أجَل وَاللّه ِ فَابكوا فَإِنَّكُم وَاللّه ِ أحرِياءُ ۵ بِالبُكاءِ ، فَابكوا كَثيرا وَاضحَكوا قَليلاً ، فَقَد بُليتُم بِعارِها ، ومُنيتُم بِشَنارها ولَن تَرحَضوها ۶ أبَدا ، وأنّى تَرحَضونَ قَتلَ سَليلِ خاتَمِ النُّبُوَّةِ ، ومَعدِنِ الرِّسالَةِ ، وسَيِّدِ شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ ، ومَلاذِ حَريمِكُم ، ومَعاذِ حِزبِكُم ، ومَقَرِّ سِلمِكُم ، وآسي ۷ كَلِمكُم ۸ ، ومَفزَعِ نازِلَتِكُم ، وَالمَرجِعِ إلَيهِ عِندَ مُقاتَلَتِكُم ، ومَدَرَةِ ۹ حُجَجِكُم ، ومَنارِ مَحَجَّتِكُم .
ألا ساءَ ما قَدَّمَت لَكُم أنفُسُكُم ، وساءَ ما تَزِرونَ لِيَومِ بَعثِكُم . فَتَعسا تَعسا ! ونُكسا نُكسا ! لَقَد خابَ السَّعيُ ، وتَبَّتِ الأَيدي ، وخَسِرَتِ الصَّفقَةُ ، وبُؤتُم بِغَضَبٍ مِنَ اللّه ِ ، وضُرِبَت عَلَيكُم الذِّلَّةُ وَالمَسكَنَةُ .
أتَدرونَ وَيلَكُم أيَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله فَرَثتُم ۱۰ ؟ ! وأيَّ عَهدٍ نَكَثتُم ؟ ! وأيَّ كَريمَةٍ لَهُ أبرَزتُم ؟ ! وأيَّ حُرمَةٍ لَهُ هَتَكتُم ؟ ! وأيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكتُم ؟ ! «لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَـوَ تُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا» . ۱۱ !
لَقَد جِئتُم بِها شَوهاءَ صَلعاءَ ۱۲ ، عَنقاءَ ۱۳ ، سَوداءَ ، فَقماءَ ۱۴ ، خَرقاءَ ، طِلاعَ الأَرضِ وَالسَّماءِ . أفَعَجِبتُم أن تَمطُرَ السَّماءُ دَما ، «وَ لَعَذَابُ الْأَخِرَةِ أَخْزَى وَ هُمْ لَا يُنصَرُونَ»۱۵ فَلا يَستَخِفَّنَّكُمُ المَهَلُ ، فَإِنَّهُ عَزَّ وجَلَّ لا يُخفِرُهُ البِدارُ ولا يُخشى عَلَيهِ فَوتُ الثّارِ ، كَلّا إنَّ رَبَّكَ لَنا ولَهُم لَبِالمِرصادِ .
ثُمَّ أنشَأَت تَقولُ عليهاالسلام :
ماذا تَقولونَ إذ قالَ النَّبِيُّ لَكُمماذا صَنَعتُم وأنتُم آخِرُ الاُمَمِ
بِأَهلِ بَيتي وأولادي وتَكرِمَتيمِنهُم اُسارى ومِنهُم ضُرِّجوا بِدَمِ
ماكانَ ذاكَ جَزائي إذ نَصَحتُ لَكُمأن تَخلُفوني بِسوءٍ في ذَوي رَحِمي
إنِّي لَأَخشى عَلَيكُم أن يَحِلَّ بِكُممِثلُ العَذابِ الَّذي أودى عَلى إرَمِ
ثُمَّ وَلَّت عَنهُم .
قالَ حِذيَمٌ : فَرَأَيتُ النّاسَ حَيارى قَد رَدّوا أيدِيَهُم في أفواهِهِم ، فَالتَفَتُّ إلى شَيخٍ إلى جانِبي يَبكي وقَدِ اخضَلَّتِ لِحيَتُهُ بِالبُكاءِ ، ويَدُهُ مَرفوعَةٌ إلَى السَّماءِ ، وهُوَ يَقولُ : بِأَبي واُمّي كُهولُكُم خَيرُ الكُهولِ ، ونِساؤُكُم خَيرُ النِّساءِ ، وشَبابُكُم خَيرُ الشَّبابِ ، ونَسلُكُم نَسلٌ كَريمٌ ، وفَضلُكُم فَضلٌ عَظيمٌ ، ثُمَّ أنشَدَ :
كُهولُكُم خَيرُ الكُهولِ ونَسلُكُمإذا عُدَّ نَسلٌ لايَبورُ ولا يَخزى
فَقالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام : يا عَمَّةُ ! اُسكُتي فَفِي الباقي عَنِ الماضِي اعتِبارٌ ، وأنتِ بِحَمدِ اللّه ِ عالِمَةٌ غَيرُ مُعَلَّمَةٍ ، فَهِمَةٌ غَيرُ مُفَهَّمَةٍ ، إنَّ البُكاءَ وَالحَنينَ لا يَرُدّانِ مَن قَد أبادَهُ الدَّهرُ . فَسَكَتَت ، ثُمَّ نَزَلَ عليه السلام وضَرَبَ فُسطاطَهُ ، وأنزَلَ نِساءَهُ ودَخَلَ الفُسطاطَ . ۱۶

1.الجرس : الصوت الخفيّ (الصحاح : ج ۳ ص ۹۱۲ «جرس») .

2.النحل : ۹۲ .

3.الملق : أن يعطي بلسانه ما ليس في قلبه (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۳۴۷ «ملق») .

4.الدّمنة : هي ما تُدمّنه الإبل والغنم بأبعارها ... فربما نَبَتَ فيها النبات الحسن النضير (النهاية : ج ۲ ص ۱۳۴ «دمن») .

5.أحرياء : جمع حريّ ؛ وهو الخليق (راجع : لسان العرب : ج ۱۴ ص ۱۷۳ «حري») .

6.ترحضوها : أي تغسلوها (راجع : النهاية : ج ۲ ص ۲۰۸ «رحض») .

7.الآسي : الطبيب (الصحاح : ج ۶ ص ۲۲۶۹) .

8.الكلم : الجراحة (الصحاح : ج ۵ ص ۲۰۲۳ «كلم») .

9.المدرة: زعيم القوم والمتكلّم عنهم (الصحاح: ج ۶ ص ۲۲۳۱ «دره»).

10.الفرث : تفتيت الكبد بالغمّ والأذى (لسان العرب : ج ۲ ص ۱۷۶ «فرث») .

11.مريم : ۸۹ ـ ۹۰ .

12.الصلعاء عند العرب: كلّ خطّة مشهورة (تاج العروس : ج ۱۱ ص ۲۷۸ «صلع») .

13.العنقاء : الداهية (العين : ص ۵۸۴ «عنق») .

14.الفقماء : المائلة الحنك ، وقيل : تقدّم الثنايا حتّى لا تقع عليها العليا (لسان العرب : ج ۱۲ ص ۴۵۷ «فقم») .

15.فصّلت : ۱۶ .

16.الاحتجاج : ج ۲ ص ۱۰۹ ح ۱۷۰ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۱۱۵ نحوه وليس فيه ذيله من «ثمّ ولّت عنهم» ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۶۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
عدد المشاهدين : 211701
الصفحه من 414
طباعه  ارسل الي