۲۳۰۵.الإرشاد:دَخَلَ [ابنُ زِيادٍ] المَسجِدَ فَصَعِدَ المِنبَرَ فَقالَ : الحَمدُ للّه ِِ الَّذي أظهَرَ الحَقَّ وأهلَهُ ، ونَصَرَ أميرَ المُؤمِنينَ يَزيدَ وحِزبَهُ ، وقَتَلَ الكَذّابَ ابنَ الكَذّابِ وشيعَتَهُ .
فَقامَ إلَيهِ عَبدُ اللّه ِ بنُ عَفيفٍ الأَزدِيُّ ـ وكانَ مِن شيعَةِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ـ فَقالَ : يا عَدُوَّ اللّه ِ ، إنَّ الكَذّابَ أنتَ وأبوكَ ، وَالَّذي وَلّاكَ وأبوهُ ، يَابنَ مَرجانَةَ ، تَقتُلُ أولادَ النَّبِيّينَ وتَقومُ عَلَى المِنبَرِ مَقامَ الصِّدّيقينَ !
فَقالَ ابنُ زِيادٍ : عَلَيَّ بِهِ ، فَأَخَذَتهُ الجَلاوِزَةُ ، فَنادى بِشِعارِ الأَزدِ ، فَاجتَمَعَ مِنهُم سَبعُمِئَةِ رَجُلٍ فَانتَزَعوهُ مِنَ الجَلاوِزَةِ ، فَلَمّا كانَ اللَّيلُ أرسَلَ إلَيهِ ابنُ زِيادٍ مَن أخرَجَهُ مِن بَيتِهِ ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ وصَلَبَهُ فِي السَّبَخَةِ رَحِمَهُ اللّه ُ . ۱
۲۳۰۶.أنساب الأشراف :خَطَبَ ابنُ زِيادٍ فَقالَ : الحَمدُ للّه ِِ الَّذي قَتَلَ الكَذّابَ ابنَ الكَذّابِ الحُسَينَ وشيعَتَهُ . فَوَثَبَ عَبدُ اللّه ِ بنُ عَفيفٍ الأزَدِيُّ ثُمَّ الغامِدِيُّ ، وكانَ شيعِيّا ، وكانَت عَينُهُ اليُسرى ذَهَبَت يَومَ الجَمَلِ وَاليُمنى يَومَ صِفّينَ ، وكانَ لا يُفارِقُ المَسجِدَ الأَعظَمَ ، فَلَمّا سَمِعَ مَقالَةَ ابنِ زِيادٍ ، قالَ لَهُ : يَابنَ مَرجانَةَ ! إنَّ الكَذّابَ ابنَ الكَذّابِ أنتَ وأبوكَ وَالَّذي وَلّاهُ وأبوهُ ! يَابنَ مَرجانَةَ ! أتَقتُلونَ أبناءَ النَّبِيّينَ وتَتَكَلَّمونَ بِكَلامِ الصِّدّيقينَ ؟!
فَقالَ ابنُ زِيادٍ : عَلَيَّ بِهِ ، فَنادى بِشِعارِ الأَزدِ : مَبرورُ يا مَبرورُ ! وحاضِرُوا الكوفَةِ مِنَ الأَزدِ يَومَئِذٍ سَبعُمِئَةٍ فَوَثَبوا فَتَخَلَّصوهُ حَتّى أتَوا بِهِ أهلَهُ .
فَقالَ ابنُ زِيادٍ لِلأَشرافِ : أما رَأَيتُم ما صَنَعَ هؤُلاءِ ؟ قالوا : بَلى . قالَ : فَسيروا أنتُم ـ يا أهلَ اليَمَنِ ـ حَتّى تَأتوني بِصاحِبِكُم ، وَامتَثَلَ صَنيعَ أبيهِ في حُجرٍ حينَ بَعَثَ أهلَ اليَمَنِ .
وأشارَ عَلَيهِ عَمرُو بنُ الحَجّاجِ بِأَن يُحبَسَ كُلُّ مَن كانَ فِي المَسجِدِ مِنَ الأَزدِ ، فَحُبِسَوا وفيهِم عَبدُ الرَّحمنِ بنُ مِخنَفٍ وغَيرُهُ ، فَاقتَتَلَتِ الأَزدُ وأهلُ اليَمَنِ قِتالاً شَديدا .
وَاستَبطَأَ ابنُ زِيادٍ أهلَ اليَمَنِ ، فَقالَ لِرَسولٍ بَعَثَهُ إلَيهِم : اُنظُر ما بَينَهُم ؟ [فَأَتاهُم ]فَرَأى أشَدَّ قَتلٍ ، فَقالوا : قُل لِلأَميرِ إنَّكَ لَم تَبعَثنا إلى نَبَطِ ۲ الجَزيرَةِ ولا جَرامِقَةِ ۳ المَوصِلِ ، إنَّما بَعَثتَنا إلَى الأَزدِ ، إلى اُسودِ الأَجَمِ ۴ ، لَيسوا بِبَيضَةٍ تُحسى ولا حَرمَلَةٍ ۵ توطَأُ .
فَقُتِلَ مِنَ الأَزدِ عُبَيدُ اللّه ِ بنُ حَوزَةَ الوالِبِيُّ ومُحَمَّدُ بنُ حَبيبٍ البَكرِيُّ ، وكَثُرَتِ القَتلى بَينَهُم ، وقَوِيَتِ اليَمانِيَّةُ عَلَى الأَزدِ ، وصاروا إلى خُصٍّ ۶ في ظَهرِ دارِ ابنِ عَفيفٍ فَكَسَروهُ وَاقتَحَموا ، فَناوَلَتهُ ابنَتُهُ سَيفَهُ فَجَعَلَ يَذُبُّ بِهِ ، وشَدّوا عَلَيهِ مِن كُلِّ جانِبٍ ، فَانطَلَقوا بِهِ إلَى ابنِ زِيادٍ وهُوَ يَقولُ :
اُقسِمُ لَو يُفسَحُ لي مِن بَصَريشَقَّ عَلَيكُم مَورِدي وصَدَري
وخَرَجَ سُفيانُ بنُ يَزيدُ بنِ المُغَفَّلِ لِيَدفَعَ عَنِ ابنِ عَفيفٍ ، فَأَخَذوهُ مَعَهُ ، فَقُتِلَ ابنُ عَفيفٍ وصُلِبَ بِالسَّبَخَةِ .
واُتِيَ بِجُندَبِ بنِ عَبدِ اللّه ِ ، فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : وَاللّه ِ لَأَتَقَرَبَنَّ إلَى اللّه ِ بِدَمِكَ . فَقالَ : إنَّما تَتَباعَدُ مِنَ اللّه ِ بِدَمي . ۷
1.الإرشاد : ج ۲ ص ۱۱۷ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۷۹ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۲۱ .
2.النَّبَطُ : جيل من الناس كانوا ينزلون سواد العراق ، ثمّ استعمل في أخلاط الناس وعوامّهم (المصباح المنير : ص ۵۹۰ «نبط») .
3.الجرامقة : قوم بالموصل أصلهم من العجم (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۵۴ «الجرامقة») .
4.الاُجَمَةُ : من القصب ، والجمع أجمات وأجَم واُجُم (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۵۸ «أجم») .
5.حرملة : اسم نبات (راجع : تاج العروس : ج ۱۴ ص ۱۴۷ «حرمل») .
6.الخُصُّ : بيت يعمل من الخَشَبِ والقَصَبِ (النهاية : ج ۲ ص ۳۷ «خصص») .
7.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۱۳ .