إيضاح حول مسير الذي سلكه سبايا كربلاء من الكوفة إلى الشام ومن الشام حتّى المدينة
بعد نقل سبايا كربلاء إلى الكوفة أبقوهم فيها لفترة قصيرة ، ثمّ أرسلوهم إلى دمشق عاصمة الدولة الاُموية. ولم يعيَّن الطريقُ الذي سلكه هذا الركب في كتب التاريخ والسيرة ، ولذلك فإنّ من المحتمل سلوك أيٍّ من الطرق الممتدّة بين الكوفة ودمشق في ذلك العصر. وقد حاول البعض من خلال تقديم بعض الشواهد أن يصوّر قطعية سلوكهم أحد هذه الطرق ، إلّا أنّ مجموعة القرائن لا توصلنا إلى الاطمئنان الكافي . ۱ وفيما يلي نذكر بدايةً الطرقَ المؤدّيةَ إلى الشام ، ثمّ ندرس القرائن المقدّمة .
ومن الضروري قبل الخوض في هذا البحث أن نذكر أنّ الطرق بين الكوفة ودمشق كانت ثلاثة طرق رئيسية، إلّا أنّ كلّاً من هذه الطرق كانت له فروع عديدة قصيرة وطويلة في بعض الطريق، وهو أمر طبيعي . ۲
الطريق الذي سلكه أهل البيت من الكوفة إلى الشام
الطريق الأوّل: طريق البادية
يبلغ العرض الجغرافي للكوفة حوالي 32 ، والعرض الجغرافي لدمشق حوالي 33 درجة ، وهذا يعني أنّ الطريق الطبيعي بين هاتين المدينتين يكاد يقع على مدار واحد ولاحاجة إلى الصعود والنزول على الأرض، إلّا في مستوى أقلّ من كسر من الدرجة. وعلى هذا المدار طريق يعرف ب «طريق البادية» هو أقصر الطرق بين هاتين المدينتين ويبلغ حوالي 923 كيلومترا ۳ .
والمشكلة الرئيسية لهذا الطريق القصير هي مروره بالصحراء الممتدّة بين العراق والشام والمعروفة منذ قديم الأيّام باسم «بادية الشام». ومن الواضح أنّ هذا الطريق لم يكن يسلكه سوى الذين يمتلكون الإمكانيات الكافية ـ وخاصّة الماء ـ لاجتياز المسافات الطويلة بين منازل الطريق الصحراوي المتباعدة، رغم أنّ سرعة المسافر كانت تدفعه أحياناً إلى اجتياز هذا الطريق .
وممّا يجدر ذكره أن لا وجود للمدن الكبيرة في الصحاري، ولكن هذا لا يعني عدم وجود الطرق، أو بعض القرى الصغيرة .
1.يقول الشيخ عباس القمّي رحمه اللّه في نفس المهموم: اِعلم إنّ ترتيب المنازل التي نزلوها في كلِّ مرحلة ـ باتوا بها أم عبروا منها ـ غير معلوم ولا مذكور في شيءٍ من الكتب المعتبرة، بل ليس في أكثرها سفر أهل بيت الإمام إلى الشام (نفس المهموم : ص ۳۳۸) .
2.راجع : الخريطة رقم ۵ في آخر هذا المجلّد .
3.المسافة بين الكوفة والشام إذا لوحظت بخطّ مستقيم بلغت ۸۶۷ كيلو مترا .