۲۳۹۲.الدعوات :رُوِيَ أنَّهُ لَمّا حُمِلَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام إلى يَزيدَ عَلَيهِ اللَّعنَةُ ، هَمَّ بِضَربِ عُنُقِهِ ، فَوَقَّفَهُ بَينَ يَدَيهِ وهُوَ يُكَلِّمُهُ لِيَستَنطِقَهُ بِكَلِمَةٍ يوجِبُ بِها قَتلَهُ ، وعَلِيٌّ عليه السلام يُجيبُهُ حَسَبَ ما يُكَلِّمُهُ ، وفي يَدِهِ سُبحَةٌ صَغيرَةٌ يُديرُها بِأَصابِعِهِ ، وهُوَ يَتَكَلَّمُ ، فَقالَ لَهُ يَزيدُ ـ عَلَيهِ ما يَستَحِقُّةُ ـ : أنَا اُكَلِّمُكَ وأنتَ تُجيبُني وتُديرُ أصابِعَكَ بِسُبحَةٍ في يَدِكَ ، فَكَيفَ يَجوزُ ذلِكَ ؟
فَقالَ عليه السلام : حَدَّثَني أبي عَن جَدّي صلى الله عليه و آله أنَّهُ كانَ إذا صَلَّى الغَداةَ وَانفَتَلَ ۱ ، لا يَتَكلََّمُ حَتّى يَأخُذَ سُبحَةً بَينَ يَدَيهِ ، فَيَقولَ : اللّهُمَّ إنّي أصبَحتُ اُسَبِّحُكَ واُحَمِّدُكَ واُهَلِّلُكَ واُكَبِّرُكَ واُمَجِّدُكَ بِعَدَدِ ما اُديرُ بِهِ سُبحَتي ، ويَأخُذُ السُّبحَةَ في يَدِهِ ويُديرُها وهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما يُريدُ مِن غَيرِ أن يَتَكَلَّمَ بِالتَّسبيحِ ، وذَكَرَ أنَّ ذلِكَ مُحتَسَبٌ لَهُ وهُوَ حِرزٌ إلى أن يَأوِيَ إلى فِراشِهِ فَإِذا أوى إلى فِراشِهِ ، قالَ مِثلَ ذلِكَ القَولِ ، ووَضَعَ سُبحَتَهُ تَحتَ رَأسِهِ ، فَهِيَ مَحسوبَةٌ لَهُ مِنَ الوَقتِ إلَى الوَقتِ ، فَفَعَلتُ هذَا اقتِداءً بِجَدّي صلى الله عليه و آله .
فَقالَ لَهُ يَزيدُ عَلَيهِ اللَّعنَةُ : مَرَّةً بَعدَ اُخرى ، لَستُ اُكَلِّمُ أحَدا مِنكُم إلّا ويُجيبُني بِما يَفوزُ بِهِ . وعَفا عَنهُ ووَصَلَهُ ، وأمَرَ بِإِطلاقِهِ . ۲
۲۳۹۳.إثبات الوصيّة :لَمَّا استُشهِدَ [الحُسَينُ عليه السلام ] حُمِلَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام مَعَ الحَريمِ واُدخِلَ عَلَى اللَّعينِ يَزيدَ ، وكانَ لِابنِهِ أبي جَعفَرٍ عليه السلام سِنَتانِ وشُهورٌ ، فَاُدخِلَ مَعَهُ ، فَلَمّا رَآهُ يَزيدُ قالَ لَهُ : كَيفَ رَأَيتَ يا عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ ؟
قالَ : رَأَيتُ ما قَضاهُ اللّه ُ عز و جل قَبلَ أن يَخلُقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ .
فَشاوَرَ يَزيدُ جُلَساءَهُ في أمرِهِ فَأَشاروا بِقَتلِهِ ، وقالوا لَهُ : لا نَتَّخِذ مِن كَلبِ سَوءٍ جَروا .
فَابتَدَرَ أبو مُحَمَّدٍ عليه السلام الكَلامَ ، فََحمِدَ اللّه َ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ لِيَزيدَ لَعَنَهُ اللّه ُ : لَقَد أشارَ عَلَيكَ هؤُلاءِ بِخِلافِ ما أشارَ جُلَساءُ فِرعَونَ عَلَيهِ حَيثُ شاوَرَهُم في موسى وهارونَ ، فَإِنَّهُم قالوا لَهُ : أرجِه وأخاهُ ، وقَد أشارَ هؤُلاءِ عَلَيكَ بِقَتلِنا ، ولِهذا سَبَبٌ .
فَقالَ يَزيدُ : ومَا السَّبَبُ ؟
فَقالَ : إنَّ اُولئِكَ كانُوا الرِّشدَةَ وهؤُلاءِ غَيرُ رِشدَةٍ ۳ ، ولا يَقتُلُ الأَنبِياءَ وأولادُهُم إلّا أولادُ الأَدعِياءِ .
فَأَمسَكَ يَزيدُ مُطرِقا ، ثُمَّ أمَرَ بِإِخراجِهِم عَلى ما قُصَّ ورُوِيَ . ۴
1.اِنفَتَلَ : اِنصَرَفَ (الصحاح : ج ۵ ص ۱۷۸۸ «فتل») .
2.الدعوات : ص ۶۱ ح ۱۵۲ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۲۰۰ ح ۴۱ .
3.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب : «إنّ اُولئك كانوا لرِشدَةٍ وهؤلاء لِغير رِشدَةٍ» . قال الجوهري : الرَّشاد خلافَ الغَيّ ؛ تقول : هو لِرِشْدَة ، خلاف قولك : لِزِنيَة (الصحاح : ج ۲ ص ۴۷۴ «رشد») .
4.إثبات الوصيّة : ص ۱۸۱ .