287
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5

۲۴۵۰.بشارة المصطفى عن عطيّة العوفي۱:خَرَجتُ مَعَ جابِرِ بنِ عَبدِ اللّه ِ الأَنصارِيِّ زائِرَينِ قَبرَ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، فَلَمّا وَرَدنا كَربَلاءَ دَنا جابِرٌ مِن شاطِئِ الفُراتِ فَاغتَسَلَ ، ثُمَّ اتَّزَرَ بِإِزارٍ وَارتَدى بِآخَرَ ، ثُمَّ فَتَحَ صُرَّةً فيها سُعدٌ فَنَثَرَها عَلى بَدَنِهِ ، ثُمَّ لَم يَخطُ خُطوَةً إلّا ذَكَرَ اللّه َ تَعالى .
حَتّى إذا دَنا مِنَ القَبرِ قالَ : ألمِسنيهِ ، فَأَلمَستُهُ ، فَخَرَّ عَلَى القَبرِ مَغشِيّا عَلَيهِ ، فَرَشَشتُ عَلَيهِ شَيئا مِنَ الماءِ ، فَلَمّا أفاقَ قالَ : يا حُسَينُ ، ثَلاثا ، ثُمَّ قالَ : حَبيبٌ لا يُجيبُ حَبيبَهُ . ثُمَّ قالَ : وأنّى لَكَ بِالجَوابِ وقَد شُحِطَت أوداجُكَ ۲ عَلى أثباجِكَ ۳ ، وفُرِّقَ بَينَ بَدَنِكَ ورَأسِكَ ، فَأَشهَدُ أنَّكَ ابنُ خاتَمِ النَّبِيّينَ ، وَابنُ سَيِّدِ المُؤمِنينَ ، وَابنُ حَليفِ التَّقوى وسَليلِ الهُدى وخامِسُ أصحابِ الكِساءِ ، وَابنُ سَيِّدِ النُّقَباءِ ، وَابنُ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ النِّساءِ ، وما لَكَ لا تَكونُ هكَذا وقَد غَذَّتكَ كَفُّ سَيِّدِ المُرسَلينَ ، ورُبّيتَ في حِجرِ المُتَّقينَ ، ورُضِعتَ مِن ثَديِ الإِيمانِ وفُطِمتَ بِالإِسلامِ ، فَطِبتَ حَيّا وطِبتَ مَيِّتا ، غَيرَ أنَّ قُلوبَ المُؤمِنينَ غَيرُ طَيِّبَةٍ لِفِراقِكَ ، ولا شاكَّةٍ فِي الخِيَرَةِ لَكَ ، فَعَلَيكَ سَلامُ اللّه ِ ورِضوانُهُ ، وأشهَدُ أنَّكَ مَضَيتَ عَلى ما مَضى عَلَيهِ أخوكَ يَحيَى بنُ زَكَرِيّا .
ثُمَّ جالَ بِبَصَرِهِ حَولَ القَبرِ وقالَ : السَّلامُ عَلَيكُم أيَّتُهَا الأَرواحُ الَّتي حَلَّت بِفِناءِ الحُسَينِ وأناخَت بِرَحلِهِ ، وأشهَدُ أنَّكُم أقَمتُمُ الصَّلاةَ وآتَيتُمُ الزَّكاةَ ، وأمَرتُم بِالمَعروفِ ونَهَيتُم عَنِ المُنكَرِ ، وجاهَدتُمُ المُلحِدينَ ، وعَبَدتُمُ اللّه َ حَتّى أتاكُمُ اليَقينُ . وَالَّذي بَعَثَ مُحَمَّدا بِالحَقِّ نَبِيّا لَقَد شارَكنا كُم فيما دَخَلتُم فيهِ .
قالَ عَطِيَّةُ : فَقُلتُ لَهُ : يا جابِرُ ! كَيفَ ولَم نَهبِط وادِيا ولَم نَعلُ جَبَلاً ولَم نَضرِب بِسَيفٍ ، وَالقَومُ قَد فُرِّقَ بَينَ رُؤوسِهِم وأبدانِهِم ، واُوتِمَت أولادُهُم ، وأرمَلَت أزواجُهُم ؟!
فَقالَ : يا عَطِيَّةُ ! سَمِعتُ حَبيبي رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : مَن أحَبَّ قَوما حُشِرَ مَعَهُم ، ومَن أحَبَّ عَمَلَ قَومٍ اُشرِكَ في عَمَلِهِم ، وَالَّذي بَعَثَ مُحَمَّدا بِالحَقِّ نَبِيّا ، إنَّ نِيَّتي ونِيَّةَ أصحابي عَلى ما مَضى عَلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام وأصحابُهُ ، خُذوا بي نَحوَ أبياتِ كوفانَ . ۴
فَلَمّا صِرنا في بَعضِ الطَّريقِ قالَ : يا عَطِيَّةُ ! هَل اُوصيكَ وما أظُنُّ أنَّني بَعدَ هذِهِ السَّفَرَةِ مُلاقيكَ ؟ أحبِب مُحِبَّ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ما أحَبَّهُم ، وأبغِض مُبغِضَ آلِ مُحَمَّدٍ ما أبغَضَهُم وإن كانَ صَوّاما قَوّاما ، وَارفُق بِمُحِبِّ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، فَإِنَّهُ إن تَزِلَّ لَهُ قَدَمٌ بِكَثرَةِ ذُنوبِهِ ثَبَتَت لَهُ اُخرى بِمَحَبَّتِهِم ، فَإِنَّ مُحِبَّهُم يَعودُ إلَى الجَنَّةِ ، ومُبغِضَهُم يَعودُ إلَى النّارِ . ۵

1.عطيّة بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي القيسي الكوفي ، أبو الحسن . سمّاه أمير المومنين عليه السلام ، وقال فيه : «هذا عطيّة اللّه » . كان من مشاهير التابعين، وذكره الطوسي في أصحاب عليّ والباقر عليهماالسلام ، وعدّه البرقي في أصحاب الباقر والصادق عليهماالسلام . كان ثقة ، كثير الحديث ، خرج مع ابن الأشعث على الحجّاج ، وضُرب بأمر الحجّاج ۴۰۰ سوطاً؛ لامتناعه عن سبّ عليّ عليه السلام ، وحلق رأسه ولحيته. ثمّ لجأ إلى فارس ، واستقرّ بخراسان بقيّة أيّام الحجّاج ، وعاد إلى الكوفة لمّا ولي العراق عمر بن هبيرة ، وتوفّي بها سنة ۱۱۱ على المشهور ، أو ۱۲۷ كما قيل ، وهو الظاهر بقرينة روايته عن الصادق عليه السلام وراجع: رجال الطوسي: ص ۷۶ وص ۱۴۰ ورجال البرقي: ص ۴۰ والطبقات الكبرى : ج ۶ ص ۳۰۴ وسير أعلام النبلاء: ج۵ ص ۳۲۵ وتهذيب الكمال: ج ۲۰ ص ۱۴۵ وتهذيب التهذيب: ج ۴ ص ۱۳۸ وتاريخ الطبري : ج ۱۱ (المنتخب من ذيل المذيل) ص ۶۴۰ .

2.الأوداجُ : هي ما أحاط بالعنق من العروق (النهاية : ج ۵ ص ۱۶۵ «ودج») .

3.الثَّبَجُ : ما بين الكاهل إلى الظهر (الصحاح : ج ۱ ص ۳۰۱ «ثبج») .

4.في المصدر : «خذني نحو إلى أبيات كوفان» ، والتصويب من بحار الأنوار .

5.بشارة المصطفى : ص ۷۴ ، الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۲۹ ، تيسير المطالب : ص ۹۳ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۶۸ ص ۱۳۰ ح ۶۲ ؛ مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۱۶۷ نحوه .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5
286

۲۴۴۷.الآثار الباقية:في العِشرينَ رُدَّ رَأسُ الحُسَينِ عليه السلام إلى مَجثَمِهِ حَتّى دُفِنَ مَعَ جُثَّتِهِ ، وفيهِ زِيارَةُ الأَربَعينَ ، وهُم حَرَمُهُ بَعدَ انصِرافِهِم مِنَ الشّامِ . ۱

۲۴۴۸.الأمالي للصدوق عن فاطمة بنت عليّ عليه السلام :إنَّ يَزيدَ أمَرَ بِنِساءِ الحُسَينِ عليه السلام فَحُبِسنَ مَعَ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليهماالسلام في مَحبِسٍ ، لا يُكِنُّهُم مِن حَرٍّ ولا قَرٍّ حَتّى تَقَشَّرَت وُجوهُهُم ، ولَم يُرفَع بِبَيتِ المَقدِسِ حَجَرٌ عَن وَجهِ الأَرضِ إلّا وُجِدَ تَحتَهُ دَمٌ عَبيطٌ ۲ ، وأبصَرَ النّاسُ الشَّمسَ عَلَى الحيطانِ حَمراءَ كَأَنَّها المَلاحِفُ المُعَصفَرَةُ ۳ ، إلى أن خَرجَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهماالسلام بِالنِّسوَةِ ، ورَدَّ رَأسَ الحُسَينِ عليه السلام إلى كَربَلاءَ . ۴۵

8 / 9

أوَّلُ مَن زارَ قَبرَ الحُسَينِ عليه السلام مِنَ النّاسِ

۲۴۴۹.مصباح الزائر عن عطا :كُنتُ مَعَ جابِرِ بنِ عَبدِ اللّه ِ يَومَ العِشرينَ مِن صَفَرٍ ، فَلَمّا وَصَلنَا الغاضِرِيَّةَ ۶
اغتَسَلَ في شَريعَتِها ، ولَبِسَ قَميصا كانَ مَعَهُ طاهِرا .
ثُمَّ قالَ لي : أمَعَكَ شَيءٌ مِنَ الطّيبِ يا عَطا ؟ قُلتُ : مَعي سُعدٌ ۷ ، فَجَعَلَ مِنهُ عَلى رَأسِهِ وسائِرِ جَسَدِهِ .
ثُمَّ مَشى حافِيا حَتّى وَقَفَ عِندَ رَأسِ الحُسَينِ عليه السلام ، وكَبَّرَ ثَلاثا ثُمَّ خَرَّ مَغشِيّا عَلَيهِ ، فَلَمّا أفاقَ سَمِعتُهُ يَقولُ :
السَّلامُ عَلَيكُم يا آلَ اللّه ِ... . ۸

1.الآثار الباقية : ص ۴۲۲ .

2.العَبيطُ من الدم : الخالص الطريّ (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۴۲ «عبط») .

3.العُصفُر : صِبغ (الصحاح : ج ۲ ص ۷۵۰ «عصفر») .

4.يستفاد من هذا النصّ ـ وكما نلاحظ ـ خصوص مجيء الإمام السجّاد إلى كربلاء مع إبهام فيه (وذلك إنّ الفاعل في قوله «وردّ رأس الحسين عليه السلام » يحتمل أن يكون يزيدا ، لا الإمام زين العابدين عليه السلام ) ، وأمّا فيما يتعلّق بسائر أهل البيت فلم يتعرّض له .

5.الأمالي للصدوق : ص ۲۳۱ ح ۲۴۳ ، روضة الواعظين : ص ۲۱۲ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۴۰ .

6.راجع : الخريطة رقم ۴ في آخر المجلّد ۳ .

7.السُّعْدُ : من الطِيب (الصحاح : ج ۲ ص ۴۸۸ «سعد») .

8.مصباح الزائر : ص ۲۸۶ ، بحار الأنوار : ج ۱۰۱ ص ۳۲۹ الرقم ۱ ، راجع : هذه الموسوعة : ج ۸ ص ۱۵۴ ح ۳۵۱۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
عدد المشاهدين : 206842
الصفحه من 414
طباعه  ارسل الي