349
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5

۲۴۶۵.المعجم الكبير عن أبان بن الوليد :كَتَبَ عَبدُ اللّه ِ بنُ الزُّبَيرِ إلَى ابنِ عَبّاسٍ فِي البَيعَةِ ، فَأَبى أن يُبايِعَهُ ، فَظَنَّ يَزيدُ بنُ مُعاوِيَةَ أنَّهُ إنَّمَا امتَنَعَ عَلَيهِ لِمَكانِهِ ، فَكَتَبَ يَزيدُ بنُ مُعاوِيَةَ إلَى ابنِ عَبّاسٍ :
أمّا بَعدُ ، فَقَد بَلَغَني أنَّ المُلحِدَ ابنَ الزُّبَيرِ دَعاكَ إلى بَيعَتِهِ لِيُدخِلَكَ في طاعَتِهِ ، فَتَكونَ عَلَى الباطِلِ ظَهيرا ، وفِي المَأثَمِ شَريكا ، فَامتَنَعتَ عَلَيهِ ، وَانقَبَضتَ لِما عَرَّفَكَ اللّه ُ مِن نَفسِكَ في حَقِّنا أهلَ البَيتِ ، فَجَزاكَ اللّه ُ أفضَلَ ما يَجزِي الواصِلينَ مِن أرحامِهِم ، الموفينَ بِعُهودِهِم ، فَمَهما أنسى مِنَ الأَشياءِ فَلَستُ أنسى بِرَّكَ وصِلَتَكَ ، وحُسنَ جائِزَتِكَ بِالَّذي أنتَ أهلُهُ مِنّا فِي الطّاعَةِ وَالشَّرَفِ ، وَالقَرابَةِ لِرَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، فَانظُر مَن قِبَلَكَ مِن قَومِكَ ومَن يَطرَأُ عَلَيكَ مِن أهلِ الآفاقِ مِمَّن يَسحَرُهُ ابنُ الزُّبَيرِ بِلِسانِهِ وزُخرُفِ قَولِهِ ، فَخَذِّلهُم عَنهُ ، فَإِنَّهُم لَكَ أطوَعُ ، ومِنكَ أسمَعُ مِنهُم لِلمُلحِدِ الخارِبِ ۱ المارِقِ ۲ ، وَالسَّلامُ .
فَكَتَبَ ابنُ عَبّاسٍ إلَيهِ :
أمّا بَعدُ ، فَقَد جاءَني كِتابُكَ تَذكُرُ دُعاءَ ابنِ الزُّبَيرِ إيّايَ لِلَّذي دَعاني إلَيهِ ، وأنِّي امتَنَعتُ مَعرِفَةً لِحَقِّكَ ، فَإِن يَكُن ذلِكَ كَذلِكَ فَلَستُ بِرَّكَ أغزو بِذلِكَ ، ولكِنَّ اللّه َ بِما أنوي بِهِ عَليمٌ .
وكَتَبتَ إلَيَّ أن أحُثَّ النّاسَ عَلَيكَ ، واُخَذِّلَهُم عَنِ ابنِ الزُّبَيرِ ، فَلا سُرورا ولا حُبورا ۳ ، بِفيكَ الكَثكَثُ ۴ ، ولَكَ الأَثلَبُ ۵ ، إنَّكَ لَعازِبٌ إن مَنَّتكَ نَفسُكَ ، وإنَّكَ لَأَنتَ المَنفودُ ۶ المَثبورُ . ۷
وكَتَبتَ إلَيَّ تَذكُرُ تَعجيلَ بِرّي وصِلَتي ، فَاحبِس ـ أيُّهَا الإِنسانُ ـ عَنّي بِرَّكَ وصِلَتَكَ ، فَإِنّي حابِسٌ عَنكَ وُدّي ونُصرَتي ، ولَعَمري ، ما تُعطينا مِمّا في يَدَيكَ لَنا إلَا القَليلَ ، وتَحبِسُ مِنهُ العَريضَ الطَّويلَ ، ألا [لا] ۸ أباً لَكَ ، أتَراني أنسى قَتلَكَ حُسَينا عليه السلام وفِتيانَ بَني عَبدِ المُطَّلِبِ مَصابيحَ الدُّجى ، ونُجومَ الأَعلامِ ؟! غادَرَتهُم جُنودُكَ بِأَمرِكَ ، فَأَصبَحوا مُصَرَّعينَ في صَعيدٍ واحِدٍ ، مُزَمَّلينَ ۹ في الدِّماءِ ، مَسلوبينَ بِالعَراءِ ، لا مُكَفَّنينَ ، ولا مُوَسَّدينَ ، تَسفيهِمُ الرِّياحُ ، وتَغزوهُمُ الذِّئابُ ، وتَنتابُهُم عُرجُ الضِّباعِ !! حَتّى أتاحَ اللّه ُ لَهُم قَوما لَم يَشرَكوا في دِمائِهِم ، فَكَفَّنوهُم وأجَنّوهُم ، وبِهِم ـ وَاللّه ِ ـ وبي مَنَّ اللّه ُ عَلَيكَ ، فَجَلَستَ في مَجلِسِكَ الَّذي أنتَ فيهِ .
ومَهما أنسى مِنَ الأَشياءِ فَلَستُ أنسى تَسليطَكَ عَلَيهِمُ الدَّعِيَّ ابنَ الدَّعِيِّ ، لِلعاهِرَةِ الفاجِرَةِ ، البَعيدَ رَحِما ، اللَّئيمَ أبا واُمّا ، الَّذِي اكتَسَبَ أبوكَ فِي ادِّعائِهِ لِنَفسِهِ العارَ ، وَالمَأثَمَ وَالمَذَلَّةَ ، وَالخِزيَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ؛ لِأَنَّ رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله قالَ : «الوَلَدُ لِلفِراشِ ، ولِلعاهِرِ الحَجَرُ» وإنَّ أباكَ زَعَمَ أنَّ الوَلَدَ لِغَيرِ الفِراشِ ، ولا يُضَرُّ العاهِرُ ، ويُلحَقُ بِهِ وَلَدُهُ ، كَما يُلحَقُ وَلَدُ البَغِيِّ المُرشِدَ ، ولَقَد أماتَ أبوكَ السُّنَّةَ جَهلاً ، وأحيَا الأَحداثَ المُضِلَّةَ عَمدا .
ومَهما أنسى مِنَ الأَشياءِ فَلَستُ أنسى تَسييرَكَ حُسَينا عليه السلام مِن حَرَمِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله إلى حَرَمِ اللّه ِ ، وتَسييرَكَ إلَيهِمُ الرِّجالَ ، وإدساسَكَ إلَيهِم إن هُوَ نَذِرَ بِكُم فَعاجِلوهُ ، فَما زِلتَ بِذلِكَ حَتّى أشخَصتَهُ مِن مَكَّةَ إلى أرضِ الكُوفَةِ ، تَزأَرُ ۱۰ إلَيهِ خَيلُكَ وجُنودُكَ زَئيرَ الأَسَدِ ، عَداوَةَ مِثلِكَ ۱۱ للّه ِِ ولِرَسولِهِ ولِأَهلِ بَيتِهِ .
ثُمَّ كَتَبتَ إلَى ابنِ مَرجانَةَ يَستَقبِلُهُ بِالخَيلِ وَالرِّجالِ ، وَالأَسِنَّةِ وَالسُّيوفِ ، ثُمَّ كَتَبتَ إلَيهِ بِمُعاجَلَتِهِ وتَركِ مُطاوَلَتِهِ ، حَتّى قَتَلتَهُ ومَن مَعَهُ مِن فِتيانِ بَني عَبدِ المُطَّلِبِ ، أهلِ الْبَيتِ الَّذينَ أذهَبَ اللّه ُ عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهَّرَهُم تَطهيرا ، نَحنُ اُولئِكَ ، لا كَآبائِكَ الأَجلافِ ۱۲ الجُفاةِ ۱۳ ، أكبادِ الحَميرِ ، ولَقَد عَلِمتَ أنَّهُ كانَ أعَزَّ أهلِ البَطحاءِ بِالبَطحاءِ قَديما ، وأعَزَّهُ بِها حَديثاً ، لَو ثَوى بِالحَرَمَينِ مَقاما ، وَاستَحَلَّ بِها قِتالاً ، ولكِنَّهُ كَرِهَ أن يَكونَ هُوَ الَّذي يُستَحَلُّ بِهِ حَرَمُ اللّه ِ وحَرَمُ رَسولِهِ صلى الله عليه و آله وحُرمَةُ البَيتِ الحَرامِ .
فَطَلَبَ إلَيكُمُ الحُسَينُ عليه السلام المُوادَعَةَ ، وسَأَلَكُمُ الرَّجعَةَ ، فَاغتَنَمتُم قِلَّةَ نُصّارِهِ ۱۴ ، وَاستِئصالَ أهلِ بَيتِهِ ، كَأَنَّكُم تَقتُلونَ أهلَ بَيتٍ مِنَ التُّركِ أو كابُلٍ ۱۵ ، فَكَيفَ تَجِدُني ۱۶ عَلى وُدِّكَ ، وتَطلُبُ نُصرَتي ، وقَد قَتَلتَ بَني أبي ، وسَيفُكَ يَقطُرُ مِن دَمي ، وأنتَ آخِذٌ ۱۷ ثَأري ، فَإِن يَشَأِ اللّه ُ لا يَطُل لَدَيكَ دَمي ، ولا تَسبِقني بِثَأري ، وإن تَسبِقنا بِهِ فَقَبِلنا ما قَبِلَتِ النَّبِيّونَ وآلُ النَّبِييّنَ، فَظَلَّت دِماؤُهُم فِي الدُّنيا، وكانَ المَوعِدُ اللّه َ ، فَكَفى بِاللّه ِ لِلمَظلومينَ ناصِرا ، ومِنَ الظّالِمينَ مُنتَقِما .
وَالعَجَبُ كُلُّ العَجَبِ ـ وما عِشتَ يُريكَ ۱۸ الدَّهرُ العَجَبَ ـ حَملُكَ بَناتِ عَبدِ المُطَّلِبِ ، وحَملُكَ أبناءَهُم ـ اُغَيلِمَةً صِغارا ـ إلَيكَ بِالشّامِ ، تُرِي النّاسَ أنَّكَ قَد قَهَرتَنا ، وأنَّكَ تُذِلُّنا ، وبِهِم ـ وَاللّه ِ ـ وبي مَنَّ اللّه ُ عَلَيكَ وعَلى أبيكَ واُمِّكَ مِنَ النِّساءِ .
وَايمُ اللّه ِ ، إنَّكَ لَتُمسي وتُصبِحُ آمِناً لِجِراحِ يَدي ، ولَيَعظُمَنَّ جَرحُكَ بِلِساني ونَقضي وإبرامي ، فَلا يَستَفِزَّنَّكَ ۱۹ الجَدَلُ ۲۰ ، فَلَن يُمهِلَكَ اللّه ُ بَعدَ قَتلِكَ عِترَةَ رَسولِهِ إلّا قَليلاً ، حَتّى يَأخُذَكَ أخذا أليماً ، ويُخرِجَكَ مِنَ الدُّنيا آثِما مَذموما ، فَعِش لا أباً لَكَ ما شِئتَ ، فَقَد أرداكَ عِندَ اللّه ِ مَا اقتَرَفتَ .
فَلَمّا قَرَأَ يَزيدُ الرِّسالَةَ قالَ : لَقَد كانَ ابنُ عَبّاسٍ مُضِيّا عَلَى الشَّرِّ . ۲۱

1.الخارب : اللصّ (الصحاح : ج ۱ ص ۱۱۹ «خرب») .

2.مَارِقٌ : أي خارج عن الدين (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۶۸۹ «مرق») .

3.الحُبُور : هو السرور . قال اللّه تعالى : «فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرونَ» أي يُنعّمون ويكرّمون ويسرّون (الصحاح : ج ۲ ص ۶۲۰ «حبر») .

4.الكَثْكَثُ : دقاق الحصى والتراب (النهاية : ج ۴ ص ۱۵۳ «كثكث») .

5.الأَثْلَبُ والإثْلِبُ : فتاة الحجارة والتراب (الصحاح : ج ۱ ص ۹۴ «ثلب») .

6.هكذا في المصدر !! وفي تاريخ اليعقوبي : «المفند المهوّر» .

7.المثبور : أي الملعون المطرود ، الهالك الخاسر (لسان العرب : ج ۴ ص ۹۹ «ثبر») .

8.هذه الكلمة سقطت من المصدر ، وأثبتناها من مجمع الزوائد ، وهي ممّا يقتضيه السياق .

9.زَمَّلَهُ : أي لَفَّهُ (الصحاح : ج ۴ ص ۱۷۱۸ «زمل») .

10.تزأر : أي تصيح غاضبة ، يقال زأر الأسد يزأر زأْرا وزئيرا ، إذا صاح وغضب (راجع : النهاية : ج ۲ ص ۲۹۲ «زأر») .

11.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب هكذا : «عَداوَةً مِنكَ» .

12.الجِلْفُ : الأحمق (النهاية : ج ۱ ص ۲۸۷ «جلف») .

13.رجلٌ جافي الخلق : غليظ (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۳۱۳ «جفا») .

14.كذا في المصدر ، وفي مجمع الزوائد : «أنصاره» .

15.لم يكن التُرك والأفاغنة عندئذٍ من المسلمين .

16.في المصدر : «تجدوني» ، والصواب ما أثبتناه كما في مجمع الزوائد .

17.كذا في المصدر ، والصواب «أحد» بدل «آخذ» كما سبق في النصّ السابق .

18.في المصدر «بربّك» ، والصواب ما أثبتناه كما في مجمع الزوائد .

19.لا يستفزّنّك : أي لا يستخفّنّك (النهاية : ج ۳ ص ۴۴۳ «فزز») .

20.الجَدَل ، محرّكة : اللدد في الخصومة ، والقدرة عليها (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۳۴۶ ـ ۳۴۷ «جدل») .

21.المعجم الكبير : ج ۱۰ ص ۲۴۱ الرقم ۱۰۵۹۰ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۷۷ عن شقيق بن سلمة ، تذكرة الخواصّ : ص ۲۷۵ كلاهما نحوه ، مجمع الزوائد : ج ۷ ص ۵۰۰ الرقم ۱۲۰۸۲ نقلاً عن الطبراني عن أياد ابن الوليد ؛ تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۴۷ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۳۲۳ الرقم ۱ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5
348
  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
عدد المشاهدين : 178749
الصفحه من 414
طباعه  ارسل الي