۲۱۰۰.الخرائج والجرائح :رُوِيَ عَنِ الصّادِقِ عليه السلام أنَّ عَبدَ المَلِكِ بنَ مَروانَ كَتَبَ إلى عامِلِهِ بِالمَدينَةِ ـ وفي رِوايَةٍ : هِشامَ بنَ عَبدِ المَلِكِ ـ : أن وَجِّه إلَيَّ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ .
فَخَرَجَ أبي وأخرَجَني مَعَهُ ، فَمَضَينا حَتّى أتَينا مَديَنَ ۱ شُعَيبٍ عليه السلام ، فَإِذا نَحنُ بِدَيرٍ ۲ عَظيمِ البُنيانِ وعَلى بابِهِ أقوامٌ ، عَلَيهِم ثِيابُ صوفٍ خَشِنَةٌ ، فَأَلبَسَني والِدي ، ولَبِسَ ثِيابا خَشِنَةً ، وأخَذَ بِيَدي حَتّى جِئنا وجَلَسنا عِندَ القَومِ ، فَدَخَلنا مَعَ القَومِ الدَّيرَ ، فَرَأَينا شَيخا قَد سَقَطَ حاجِباهُ عَلى عَينَيهِ مِنَ الكِبَرِ ، فَنَظَرَ إلَينا ، فَقالَ لِأَبي : أنتَ مِنّا أم مِن هذِهِ الاُمَّةِ المَرحومَةِ ؟
قالَ : لا ، بَل مِن هذِهِ الاُمَّةِ المَرحومَةِ .
قالَ : مِن عُلَمائِها أم مِن جُهّالِها ؟
قالَ أبي : مِن عُلَمائِها .
قالَ : أسأَلُكَ عَن مَسأَلَةٍ ،
قالَ لَه : سَل ما شِئتَ... .
وَسَأَلَ عَن مَسائلَ كَثيرَةٍ وَأَجابَ أَبي عَنها... .
ثُمَّ ارتَحَلنا حَتّى أتَينا عَبدَ المَلِكِ ... وقالَ : عُرِضَت لي مَسأَلَةٌ لَم يَعرِفهَا العُلَماءُ ! فَأَخبِرني ، إذا قَتَلَت هذِهِ الاُمَّةُ إمامَهَا المَفروضَ طاعَتُهُ عَلَيهِم ، أيَّ عِبرَةٍ يُريهُمُ اللّه ُ في ذلِكَ اليَومِ ؟
قالَ أبي : إذا كانَ كَذلِكَ لا يَرفَعونَ حَجَرا إلّا ويَرَونَ تَحتَهُ دَما عَبيطا .
فَقَبَّلَ عَبدُ المَلِكِ رَأسَ أبي ، وقالَ : صَدَقتَ ، إنَّ فِي اليَومِ الَّذي قُتِلَ فيهِ أبوكَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام كانَ عَلى بابِ أبي مَروانَ حَجَرٌ عَظيمٌ ، فَأَمَرَ أن يَرفَعوهُ ، فَرَأَينا تَحتَهُ دَما عَبيطا يَغلي ، وكانَ لي أيضا حَوضٌ كَبيرٌ في بُستاني ، وكانَ حافَتاهُ حِجارَةً سَوداءَ ، فَأَمَرتُ أن تُرفَعَ ويوضَعَ مَكانَها حِجارَةٌ بيضٌ ، وكانَ في ذلِكَ اليَومِ قَتلُ الحُسَينِ عليه السلام ، فَرَأَيتُ دَما عَبيطا يَغلي تَحتَها ، أفَتُقيمُ عِندَنا ولَكَ مِنَ الكَراماتِ ما تَشاءُ ، أم تَرجِعُ ؟
قالَ أبي : بَل أرجِعُ إلى قَبرِ جَدّي . فَأَذِنَ لَهُ بِالاِنصِرافِ . ۳
1.مَدْيَن : مدينة على بحر القلزم محاذية لتبوك على نحو من ستّ مراحل ، وهي أكبر من تبوك ، وبها البئر التي استقى منها موسى عليه السلام لسائمة شُعيب (معجم البلدان : ج ۵ ص ۷۷) وراجع : الخريطة رقم ۵ في آخر هذا المجلّد .
2.الدَّيْرُ : خان النصارى (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۳۳ «دير») .
3.الخرائج والجرائح : ج ۱ ص ۲۹۱ ح ۲۵ ، بحار الأنوار : ج ۱۰ ص ۱۵۲ ح ۳ .