الفصل الرابع : الإِمامُ عليه السلام في أيّامِ خِلافَةِ أبيهِ
4 / 1
خُطْبَتُهُ لَمّا بويِعَ أبوهُ بِالخِلافَةِ
۶۷۷.التوحيد عن الأصبغ بن نباتة :لَمّا جَلَسَ عَلِيٌّ عليه السلام فِي الخِلافَةِ وبايَعَهُ النّاسُ ، خَرَجَ إلَى المَسجِدِ مُتَعَمِّما بِعِمامَةِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، لابِسا بُردَةَ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، مُتَنَعِّلاً نَعلَ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، مُتَقَلِّدا سَيفَ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، فَصَعِدَ المِنبَرَ فَجَلَسَ عليه السلام عَلَيهِ مُتَمَكِّنا ، ثُمَّ شَبَّكَ بَينَ أصابِعِهِ فَوَضَعَها أسفَلَ بَطنِهِ .
ثُمَّ قالَ : يا مَعشَرَ النّاسِ ! سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ... .
ثُمَّ قالَ لِلحَسَنِ عليه السلام : يا حَسَنُ ! قُم فَاصعَدِ المِنبَرَ فَتَكَلَّم بِكَلامٍ لا تُجَهِّلُكَ قُرُيشٌ مِن بَعدي ، فَيَقولونَ : إنَّ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ لا يُحسِنُ شَيئا .
قالَ الحَسَنُ عليه السلام : يا أبَتِ كَيفَ أصعَدُ وأتَكَلَّمُ وأنتَ فِي النّاسِ تَسمَعُ وتَرى ؟
قالَ لَهُ : بِأَبي واُمّي ! اُواري نَفسي عَنكَ ، وأسمَعُ وأرى وأنتَ لا تَراني .
فَصَعِدَ الحَسَنُ عليه السلام المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّه ُ بِمَحامِدَ بَليغَةٍ شَريفَةٍ ، وصَلّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله صَلاةً موجَزَةً ، ثُمَّ قالَ : أيُّهَا النّاسُ ، سَمِعتُ جَدّي رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : أنَا مَدينَةُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها ، وهَل تُدخَلُ المَدينَةُ إلّا مِن بابِها ؟ ثُمَّ نَزَلَ ، فَوَثَبَ إلَيهِ عَلِيٌّ عليه السلام فَحَمَلَهُ وضَمَّهُ إلى صَدرِهِ .
ثُمَّ قالَ لِلحُسَينِ عليه السلام : يا بُنَيَّ ! قُم فَاصعَدِ المِنبَرَ وتَكَلَّم بِكَلامٍ لا تُجَهِّلُكَ قُرَيشٌ مِن بَعدي ، فَيَقولونَ : إنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ لا يُبصِرُ شَيئا ، وَليَكُن كَلامُكَ تَبَعا لِكَلامِ أخيكَ .
فَصَعِدَ الحُسَينُ عليه السلام المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللّه َ وأثنى عَلَيهِ وصَلّى عَلى نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله صَلاةً موجَزَةً ، ثُمَّ قالَ : مَعاشِرَ النّاسِ ، سَمِعتُ جَدّي رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله وهُوَ يَقولُ : إنَّ عَلِيّا هُوَ مَدينَةُ هُدىً ؛ فَمَن دَخَلَها نَجا ومَن تَخَلَّفَ عَنها هَلَكَ .
فَوَثَبَ إلَيهِ عَلِيٌّ عليه السلام فَضَمَّهُ إلى صَدرِهِ وقَبَّلَهُ ، ثُمَّ قالَ : مَعاشِرَ النّاسِ ! اشهَدوا أنَّهُما فَرخا رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ووَديعَتُهُ الَّتِي استَودَعَنيها ، وأنَا أستَودِعُكُموها مَعاشِرَ النّاسِ ورَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله سائِلُكُم عَنهُما . ۱