۶۹۰.الأخبار الطوال عن زيد بن وهبـ في ذِكرِ حَربِ صِفّينَـ : فَإِنّي لَأَنظُرُ إلى عَلِيٍّ عليه السلام وهُوَ يَمُرُّ نَحوَ رَبيعَةَ ، ومَعَهُ بَنوهُ : الحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهماالسلام ومُحَمَّدٌ ، وإنَّ النَّبلَ لَيَمُرُّ بَينَ اُذُنَيهِ وعاتِقِهِ ، وبَنوهُ يَقونَهُ بِأَنفُسِهِم .
فَلَمّا دَنا عَلِيٌّ عليه السلام مِنَ المَيسَرَةِ وفيهَا الأَشتَرُ ، وقَد وَقَفوا في وُجوهِ أهلِ الشّامِ يُجالِدونَهُم ، ۱ فَناداهُ عَلِيٌّ عليه السلام ، وقالَ : ائتِ هؤُلاءِ المُنهَزِمينَ ، فَقُل : أينَ فِرارُكُم مِنَ المَوتِ الَّذي لَم تُعجِزوهُ إلَى الحَياةِ الَّتي لا تَبقى لَكُم ؟ ! ۲
۶۹۱.الفتوحـ في ذِكرِ قَضايا حَربِ صِفّينَـ : أرسَلَ عُبَيدُ اللّه ِ بنُ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام : أنَّ لي إلَيكَ حاجَةً ، فَالقَني إذا شِئتَ حَتّى اُخبِرَكَ .
قالَ : فَخَرَجَ إلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى واقَفَهُ وظَنَّ أنَّهُ يُريدُ حَربَهُ ، فَقالَ لَهُ ابنُ عُمَرَ : إنّي لَم أدعُكَ إلَى الحَربِ ، ولكِنِ اسمَع مِنّي ؛ فَإِنَّها نَصيحَةٌ لَكَ . فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : قُل ما تَشاءُ . فَقالَ : اِعلَم أنَّ أباكَ قَد وَتَرَ قُرَيشا ، وقَد بَغَضَهُ النّاسُ وذَكَروا أنَّهُ هُوَ الَّذي قَتَلَ عُثمانَ ، فَهَل لَكَ أن تَخلَعَهُ وتُخالِفَ عَلَيهِ حَتّى نُوَلِّيَكَ هذَا الأَمرَ ؟
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : كَلّا وَاللّه ِ ، لا أكفُرُ بِاللّه ِ وبِرَسولِهِ وبِوَصِيِّ رَسولِ اللّه ِ ، إخسَ وَيلَكَ مِن شَيطانٍ مارِدٍ ! فَلَقَد زَيَّنَ لَكَ الشَّيطانُ سوءَ عَمَلِكَ ، فَخَدَعَكَ حَتّى أخرَجَكَ مِن دينِكَ بِاتِّباعِ القاسِطينَ ونُصرَةِ هذَا المارِقِ مِنَ الدّينِ ، لَم يَزَل هُوَ وأبوهُ حَربَينِ ۳ وعُدَوَّينِ للّه ِ ولِرَسولِهِ وَلِلمُؤمِنينَ ، فَوَاللّه ِ ما أسلَما ، ولكِنَّهُمَا استَسلَما خَوفا وطَمَعا ، فَأَنتَ اليَومَ تُقاتِلُ غَيرَ مُتَذَمِّمٍ ، ۴ ثُمَّ تَخرُجُ إلَى الحَربِ مُتَخَلِّقا ۵ لِتُرائِيَ بِذلِكَ نِساءَ أهلِ الشّامِ ، ارتَع ۶ قَليلاً ، فَاِءنّي أرجو أن يَقتُلَكَ اللّه ُ عز و جل سَريعا .
قالَ : فَضَحِكَ عُبَيدُ اللّه ِ بنُ عُمَرَ ، ثُمَّ رَجَعَ إلى مُعاوِيَةَ ، فَقالَ : إنّي أرَدتُ خَديعَة الحُسَينِ وقُلتُ لَهُ كَذا وكَذا، فَلَم أطمَع في خَديعَتِهِ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : إنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ لا يُخدَعُ وهُوَ ابنُ أبيهِ . ۷
1.جالَدوا بالسيوف : تضاربوا (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۲۸۴ «جلد») .
2.الأخبار الطوال : ص ۱۸۲ وراجع : تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۱۹ والكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۳۷۴ والبداية والنهاية : ج ۷ ص ۲۶۵ ووقعة صفّين : ص ۲۵۰ .
3.في الطبعة المعتمدة : «حربيين» ، والتصويب من طبعة دار الفكر .
4.في الطبعة المعتمدة : «عن غير متذمّم» ، والتصويب من طبعة دار الفكر .
5.خلَّقتُه : طليته بالخَلوق ، وهو طيبٌ معروف يتّخَذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب ، وتغلب عليه الحمرة والصفرة (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۹۱ «خلق») .
6.رَتَع : أكَلَ وشرِبَ ما شاءَ في خصب وَسَعة ، أو هو الأكل والشرب رَغَدا في الريف ، أو بِشَرَهٍ (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۲۷ «رتع») .
7.الفتوح : ج ۳ ص ۳۹ وفي وقعة صفّين : ص ۲۹۷ و بحار الأنوار : ج ۳۲ ص ۴۸۰ ح ۴۱۶ عن الإمام الحسن عليه السلام .