۷۲۴.الأخبار الطوال :دَخَلَ [حُجرُ بنُ عَدِيٍّ] عَلَى الحُسَينِ عليه السلام مَعَ عُبَيدَةَ بنِ عَمرٍو ، فَقالا : أبا عَبدِ اللّه ِ ، شَرَيتُمُ الذُّلَّ بِالعِزِّ ، وقَبِلتُمُ القَليلَ وتَرَكتُمُ الكَثيرَ ، أطِعنَا اليَومَ وَاعصِنَا الدَّهرَ ، دَعِ الحَسَنَ عليه السلام وما رَأى مِن هذَا الصُّلحِ ، وَاجمَع إلَيكَ شيعَتَكَ مِن أهلِ الكوفَةِ وغَيرِها ، ووَلِّني وصاحِبي هذِهِ المُقَدِّمَةَ ، فَلا يُشعِرُ ابنُ هِندٍ إلّا ونَحنُ نُقارِعُهُ بِالسُّيوفِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام ، إنّا قَد بايَعنا وعاهَدنا ولا سَبيلَ لِنَقضِ بَيعَتِنا . ۱
۷۲۵.أنساب الأشراف :لَمّا بايَعَ الحَسَنُ عليه السلام مُعاوِيَةَ ومَضى ، تَلاقَتِ الشّيعَةُ بِإِظهارِ الحَسرَةِ وَالنَّدَمِ عَلى تَركِ القِتالِ وَالإِذعانِ بِالبَيعَةِ ، فَخَرَجَت إلَيهِ جَماعَةٌ مِنهُم فَخَطَّؤوهُ فِي الصُّلحِ ، وعَرَضوا لَهُ بِنَقضِ ذلِكَ ، فَأَباهُ وأجابَهُم بِخِلافِ ما أرادوهُ عَلَيهِ .
ثُمَّ إنَّهُم أتَوُا الحُسَينَ عليه السلام فَعَرَضوا عَلَيهِ ما قالوا لِلحَسَنِ عليه السلام ، وأخبَروهُ بِما رَدَّ عَلَيهِم ، فَقالَ : قَد كانَ صُلحٌ وكانَت بَيعَةٌ كُنتُ لَها كارِها ، فَانتَظِروا ما دامَ هذَا الرَّجُلُ [مُعاوِيَةَ] حَيّا ، فَإِن يَهلِك نَظَرنا ونَظَرتُم .
فَانصَرَفوا عَنهُ ، فَلَم يَكُن شَيءٌ أحَبَّ إلَيهِم وإلَى الشّيعَةِ مِن هَلاكِ مُعاوِيَةَ ، وهُم يَأخُذونَ أعطِيَتَهُم ويَغزونَ مَغازِيَهُم .
قالوا : وشَخَصَ ۲ مُحَمَّدُ بنُ بِشرٍ الهَمدانِيُّ وسُفيانُ بنُ لَيلَى الهَمدانِيُّ إلَى الحَسَنِ عليه السلام ، وعِندَهُ الشّيعَةُ الَّذينَ قَدِموا عَلَيهِ أوَّلاً ، فَقالَ لَهُ سُفيانُ ـ كَما قالَ لَهُ بِالعِراقِ ـ : السَّلامُ عَلَيكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، فَقالَ لَهُ : اِجلِس للّه ِِ أبوكَ ۳ ! وَاللّه ِ لَو سِرنا إلى مُعاوِيَةَ بِالجِبالِ وَالشَّجَرِ ما كانَ إلَا الَّذي قُضِيَ .
ثُمَّ أتَيَا الحُسَينَ عليه السلام فَقالَ : لِيَكُن كُلُّ امرِئٍ مِنكُم حِلسا مِن أحلاسِ بَيتِهِ ما دامَ هذَا الرَّجُلُ [مُعاوِيَةُ ]حَيَّا ، فَإِن يَهلِك وأنتُم أحياءٌ رَجَونا أن يَخيرَ اللّه ُ لَنا ويُؤتِيَنا رُشدَنا ولا يَكِلَنا إلى أنفُسِنا «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّ الَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ » . ۴
قالوا : وكانَ حُجرُ بنُ عَدِيٍّ أوَّلَ مَن ذَمَّ الحَسَنَ عليه السلام عَلَى الصُّلحِ ، وقالَ لَهُ قَبلَ خُروجِهِ مِنَ الكوفَةِ : خَرَجنا مِنَ العَدلِ ودَخَلنا فِي الجَورِ ، وتَرَكنَا الحَقَّ الَّذي كُنّا عَلَيهِ ودَخَلنا فِي الباطِلِ الَّذي كُنّا نَذُمُّهُ ! واُعطينَا الدَّنِيَّةَ ورَضينا بِالخَسيسَةِ ، وطَلَبَ القَومُ أمرا وطَلَبنا أمرا ، فَرَجَعوا بِما أحَبّوا مُسرورينَ ، ورَجَعنا بِما كَرِهنا راغِمينَ !
فَقالَ لَهُ : يا حُجرُ ، لَيسَ كُلُّ النّاسِ يُحِبُّ ما أحبَبتَ ، إنّي قَد بَلَوتُ النّاسَ ، فَلَو كانوا مِثلَكَ في نِيَّتِكَ وبَصيرَتِكَ لَأَقدَمتُ .
وأتَى الحُسَينَ عليه السلام فَقالَ لَهُ : يا أبا عَبدِ اللّه ِ ، شَرَيتُمُ العِزَّ بِالذُّلِّ ! وقَبِلتُمُ القَليلَ بِتَركِ الكَثيرِ ، أطِعنِي اليَومَ وَاعصِني سائِرَ الدَّهرِ ، دَع رَأيَ الحَسَنِ عليه السلام وَاجمَع شيعَتَكَ ، ثُمَّ ادعُ قَيسَ بنَ سَعدِ بنِ عُبادَةَ وَابعَثهُ فِي الرِّجالِ ، وأخرِج أنَا فِي الخَيلِ ، فَلا يُشعِرُ ابنُ هِندٍ إلّا ونَحنُ مَعَهُ في عَسكَرِهِ ، فَنُضارِبُهُ حَتّى يَحكُمَ اللّه ُ بَينَنا وبَينَهُ وهُوَ خَيرُ الحاكِمينَ ، فَإِنَّهُمُ الآنَ غارّونَ . ۵
فَقالَ : إنّا قَد بايَعنا ولَيسَ إلى ما ذَكَرتَ سَبيلٌ . ۶
1.الأخبار الطوال : ص ۲۲۰ .
2.شَخَصَ من بلدٍ إلى بلد شُخوصا : أي ذهب (الصحاح : ج ۳ ص ۱۰۴۳ «شخص») .
3.للّه أبوك : في معرض المدح والتعجّب : أي أبوك للّه خالصا حيث أنجب بك واُتى بمثلك (النهاية : ج ۱ ص ۱۹) .
4.النحل : ۱۲۸ .
5.غارّون : أي غافلون (النهاية : ج ۳ ص ۳۵۵ «غرر») .
6.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۶۴ وراجع : تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۲۸ والثاقب في المناقب : ص ۳۲۲ .