۷۳۳.دلائل الإمامة :لَمّا حَضَرَتهُ [أي الإِمامَ الحَسَنَ عليه السلام ] الوَفاةُ ، قالَ لِأَخيهِ الحُسَينِ عليه السلام : إذا مِتُّ فَغَسِّلني وحَنِّطني وكَفِّنّي ، وصَلِّ عَلَيَّ ، وَاحمِلني إلى قَبرِ جَدّي حَتّى تُلحِدَني إلى جانِبِهِ ، فَإِن مُنِعتَ مِن ذلِكَ فَبِحَقِّ جَدِّكَ رَسولِ اللّه ِ وأبيكَ أميرِ المُؤمِنينَ واُمِّكَ فاطِمَةَ وبِحَقّي عَلَيكَ ، إن خاصَمَكَ أحَدٌ رُدَّني إلَى البَقيعِ ، فَادفِنّي فيهِ ولا تُهرِق فِيَّ مِحجَمَةَ دَمٍ .
فَلَمّا فرَغَ مِن أمرِهِ وصَلّى عَلَيهِ وسارَ بِنَعشِهِ يُريدُ قَبرَ جَدِّهِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله لِيُلحِدَهُ مَعَهُ ، بَلَغَ ذلِكَ مَروانَ بنَ الحَكَمِ طَريدِ رَسولِ اللّه ِ ، فَوافى مُسرِعا عَلى بَغلَةٍ حَتّى دَخَلَ عَلى عائِشَةَ ، فَقالَ لَها : يا اُمَّ المُؤمِنينَ ، إنَّ الحُسَينَ يُريدُ أن يَدفِنَ أخاهُ الحَسَنَ عِندَ قَبرِ جَدِّهِ ، ووَاللّه ِ لَئِن دَفَنَهُ مَعَهُ لَيَذهَبَنَّ فَخرُ أبيكِ وصاحِبِهِ عُمَرَ إلى يَومِ القِيامَةِ .
فَقالَت لَهُ : فَما أصنَعُ يا مَروانُ ؟
قالَ : اِلحَقي بِهِ وَامنَعيهِ ۱ مِنَ الدُّخولِ إلَيهِ .
قالَت : فَكَيفَ ألحَقُهُ ؟
قالَ : هذا بَغلي فَاركَبيهِ وَالحَقِي القَومَ قَبلَ الدُّخولِ .
فَنَزَلَ لَها عَن بَغلِهِ ورَكِبَتهُ ، وأسرَعَت إلَى القَومِ ، وكانَت أوَّلَ امرَأَةٍ رَكِبَتِ السَّرجَ هِيَ ، فَلَحِقَتهُم وقَد صاروا إلى حَرَمِ قَبرِ جَدِّهِما رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، فَرَمَت بِنَفسِها بَينَ القَبرِ وَالقَومِ ، وقالَت : وَاللّه ِ ، لا يُدفَنُ الحَسَنُ هاهُنا أو تُحلَقَ هذِهِ ، وأخرَجَت ناصِيَتَها ۲ بِيَدِها .
وكانَ مَروانُ لَمّا رَكِبَت بَغلَهُ جَمَعَ مَن كانَ مِن بَني اُمَيَّةَ وحَثَّهُم ، فَأَقبَلَ هُوَ وأصحابُهُ وهُوَ يَقولُ :
يا رُبَّ هَيجا هِيَ خَيرٌ مِن دَعَة .
أيُدفَنُ عُثمانُ في أقصَى البَقيعِ ويُدفَنُ الحَسَنُ مَعَ رَسولُ اللّه ِ ؟ ! وَاللّه ِ ، لا يَكونُ ذلِكَ أبَدا وأنَا أحمِلُ السَّيفَ .
وكادَتِ الفِتنَةُ تَقَعُ ، وعائِشَةُ تَقولُ : وَاللّه ِ ، لا يُدخَلُ داري مَن أكرَهُ !
فَقالَ لَهَا الحُسَينُ عليه السلام : هذِهِ دارُ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، وأنتِ حَشِيَّةٌ ۳ مِن تِسعِ حَشِيّاتٍ خَلَّفَهُنَّ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، وإنَّما نَصيبُكَ مِنَ الدّارِ مَوضِعُ قَدَمَيكِ .
فَأَرادَ بَنو هاشِمٍ الكَلامَ وحَمَلُوا السِّلاحَ ، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : اللّه َ اللّه َ ! لا تَفعَلوا فَتُضَيِّعوا وَصِيَّةَ أخي . وقالَ لِعائِشَةَ : وَاللّه ِ لَولا أنَّهُ أوصى إلَيَّ ألّا اُهرِقَ فيهِ مِحجَمَةَ دَمٍ ، لَدَفَنتُهُ هاهُنا ولَو رَغِمَ لِذلِكِ أنفُكِ .
وعَدَلَ بِهِ إلَى البَقيعِ فَدَفَنَهُ فيهِ مَعَ الغُرَباءِ . ۴
1.في الطبعة المعتمدة للمصدر : «تلحقي وتمنعي» ، والتصويب من طبعة دار الذخائر وبحار الأنوار .
2.الناصية عند العرب : منبت الشعر في مقدّم الرأس ، لا الشعر الّذي تسمّيه العامة الناصية ، وسمّي الشعر ناصية لنباته من ذلك الموضع (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۳۲۷ «نصو») .
3.الحَشِيّة : الفراش المحشوّ ، والجمع حَشايا ، كَنّى عن النساء ، والتعبير عنهنّ بالفراش شائع (بحار الأنوار : ج ۳۲ ص ۲۷۱) .
4.دلائل الإمامة : ص ۱۶۰ ، عيون المعجزات : ص ۶۶ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۴۱ ح ۷ .