167
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2

۷۴۳.أنساب الأشراف :كَتَبَ مُعاوِيَةُ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام : أمّا بَعدُ ، فَقَدِ انتَهَت إلَيَّ عَنكَ اُمورٌ أرغَبُ ۱ بِكَ عَنها ، فَإِن كانَت حَقّا لَم اُقارَّكَ ۲ عَلَيها ، ولَعَمري إنَّ مَن أعطى صَفقَةَ يَمينِهِ وعَهدَ اللّه ِ وميثاقَهُ لَحَرِيٌّ بِالوَفاءِ . وإن كانَت باطِلاً فَأَنتَ أسعَدُ النّاسِ بِذلِكَ ، وبِحَظِّ نَفسِكَ تَبدَأُ ، وبِعَهدِ اللّه ِ توفي ، فَلا تَحمِلني عَلى قَطيعَتِكَ وَالإِساءَةِ بِكَ ، فَإِنّي مَتى اُنكِركَ تُنكِرني ، ومَتى تَكِدني أكِدكَ ، فَاتَّقِ شَقَّ عَصا هذِهِ الاُمَّةِ وأن يَرجِعوا عَلى يَدِكَ إلَى الفِتنَةِ ، فَقَد جَرَّبتَ النّاسَ وبَلَوتَهُم ، وأبوكَ كانَ أفضَلَ مِنكَ ، وقَد كانَ اجتَمَعَ عَلَيهِ رَأيُ الَّذينَ يَلوذونَ بِكَ ، ولا أظُنُّهُ يَصلُحُ لَكَ مِنهُم ما كانَ فَسَدَ عَلَيهِ ، فَانظُر لِنَفسِكَ ودينِكَ «وَ لَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ »۳ .
فَكَتَبَ إلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام : أمّا بَعدُ ، فَقَد بَلَغَني كِتابُكَ تَذكُرُ أنَّهُ بَلَغَتكَ عَنّي اُمورٌ تَرغَبُ عَنها ، فَإِن كانَت حَقّا لَم تُقارَّني عَلَيها ، ولَن يَهدِيَ إلَى الحَسَناتِ ويُسَدِّدَ لَها إلَا اللّه ُ . فَأَمّا ما نُمِّيَ إلَيكَ فَإِنّما رَقّاهُ المَلّاقونَ ۴ المَشّاؤونَ بِالنَّمائِمِ ۵ ، المُفَرِّقونَ بَينَ الجَميعِ ، وما أريدُ حَربا لَكَ ولا خِلافا عَلَيكَ ، وَايمُ اللّه ِ لَقَد تَرَكتُ ذلِكَ وأنَا أخافُ اللّه َ في تَركِهِ ، وما أظُنُّ اللّه َ راضِيا عَنّي بِتَركِ مُحاكَمَتِكَ إلَيهِ ، ولا عاذِري دونَ الإِعذارِ إلَيهِ فيكَ وفي أولِيائِكَ القاسِطينَ المُلحِدينَ ، حِزبِ الظّالِمينَ وأولِياءِ الشَّياطينِ .
ألَستَ قاتِلَ حُجرِ بنِ عَدِيٍّ وأصحابِهِ المُصَلّينَ العابِدينَ ، الَّذينَ يُنكِرونَ الظُّلمَ ويَستَعظِمونَ البِدَعَ ولا يَخافونَ فِي اللّه ِ لَومَةَ لائِمٍ ، ظُلما وعُدوانا ، بَعدَ إعطائِهِمُ الأَمانَ بِالمَواثيقِ وَالأَيمانِ المُغَلَّظَةِ ؟
أوَلَستَ قاتِلَ عَمرِو بنِ الحَمِقِ صاحِبِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، الَّذي أبلَتهُ العِبادَةُ وصَفَّرَت لَونَهُ وأنحَلَت جِسمَهُ ؟
أوَلَستَ المُدَّعِيَ زِيادَ بنَ سُمَيَّةَ المَولودَ عَلى فِراشِ عُبَيدِ عَبدِ ثَقيفٍ ، وزَعَمتَ أنَّهُ ابنُ أبيكَ ، وقَد قالَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : «الوَلَدُ لِلفِراشِ ولِلعاهِرِ الحَجَرُ» ، فَتَرَكتَ سُنَّهَ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله وخالَفتَ أمرَهُ مُتَعَمِّدا ، وَاتَّبَعتَ هَواكَ مُكَذِّبا بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّه ِ ،
ثُمَّ سَلَّطتَهُ عَلَى العِراقَينِ ۶ فَقَطَعَ أيدِي المُسلِمينَ وسَمَلَ ۷ أعيُنَهُم ، وصَلَبَهُم عَلى جُذوعِ النَّخلِ ؛ كَأَنَّكَ لَستَ مِنَ الاُمَّةِ وكَأَنَّها لَيسَت مِنكَ ، وقَد قالَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله :«مَن ألحَقَ بِقَومٍ نَسَبا لَيسَ لَهُم فَهُوَ مَلعونٌ» ؟
أوَلَستَ صاحِبَ الحَضرَمِيّينَ الَّذينَ كَتَبَ إلَيكَ ابنُ سُمَيَّةَ أنَّهُم عَلى دينِ عَلِيٍّ ، فَكَتَبتَ إلَيهِ : اُقتُل مَن كانَ عَلى دينِ عَلِيٍّ ورَأيِهِ ؟ فَقَتَّلَهُم ومَثَّلَ بِهِم بِأَمرِكَ ، ودينُ عَلِيٍّ دينُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله الَّذي كانَ يَضرِبُ عَلَيهِ أباكَ ، وَالَّذِي انتِحالُكَ ۸ إيّاهُ أجلَسَكَ مَجلِسَكَ هذا ،ولَولا هُوَ كانَ أفضَلُ شَرَفِكَ تَجَشُّمَ ۹ الرِّحلَتَينِ في طَلَبِ الخُمورِ .
وقُلتَ : اُنظُر لِنَفسِكَ ودينِكَ وَالاُمَّةِ ، وَاتَّقِ شَقَّ عَصَا الاُلفَةِ ، وأن تَرُدَّ النّاسَ إلَى الفِتنَةِ ! فَلا أعلَمُ فِتنَةً عَلَى الاُمَّةِ أعظَمَ مِن وِلايَتِكَ عَلَيها ، ولا أعلَمُ نَظَرا لِنَفسي وديني أفضَلَ مِن جِهادِكَ ، فَإِن أفعَلهُ فَهُوَ قُربَةٌ إلى رَبّي ، وإن أترُكهُ فَذَنبٌ أستَغفِرُ اللّه َ مِنهُ في كَثيرٍ مِن تَقصيري ، وأسأَلُ اللّه َ تَوفيقي لِأَرشَدِ اُموري .
وأمّا كَيدُكَ إيّايَ ، فَلَيسَ يَكونُ عَلى أحَدٍ أضَرَّ مِنهُ عَلَيكَ ، كَفِعلِكَ بِهؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذينَ قَتَلتَهُم ومَثَّلتَ بِهِم بَعدَ الصُّلحِ مِن غَيرِ أن يَكونوا قاتَلوكَ ولا نَقَضوا عَهدَكَ ، إلّا مَخافَةَ أمرٍ لَو لَم تَقتُلهُم مِتَّ قَبلَ أن يَفعَلوهُ ، أو ماتوا قَبلَ أن يُدرِكوهُ . فَأَبشِر يا مُعاوِيَةُ بِالقِصاصِ ، وأيقِن بِالحِسابِ ، وَاعلَم أنَّ للّه ِِ كِتابا لا يُغادِرُ صَغيرَةً ولا كَبيرَةً إلّا أحصاها ، ولَيسَ اللّه ُ بِناسٍ لَكَ أخذَكَ بِالظِّنَّةِ ، وقَتلَكَ أولِياءَهُ عَلَى الشُّبهَةِ وَالتُّهمَةِ ، وأخذَكَ النّاسَ بِالبَيعَةِ لِابنِكَ غُلامٍ سَفيهٍ يَشرَبُ الشَّرابَ ويَلعَبُ بِالكِلابِ ، ولا أعلَمُكَ إلّا خَسِرتَ نَفسَكَ ، وأوبَقتَ ۱۰ دينَكَ ، وأكَلتَ أمانَتَكَ ، وغَشَشتَ رَعِيَّتَكَ ،وتَبَوَّأتَ مَقعَدَكَ مِنَ النّارِ ، فَبُعدا لِلقَومِ الظّالِمينَ ! ۱۱

1.رغبت عن الشيء : إذا لم ترده وزهدت فيه (الصحاح : ج ۱ ص ۱۳۷ «رغب») .

2.لا أقارك على ما أنت عليه ، أي لا أقرّ معك (تاج العروس : ج ۷ ص ۳۸۸ «قرر») .

3.الروم : ۶۰ .

4.المَلَقُ : الزيادة في التودّد والدعاء والتضرّع فوق ما ينبغي (النهاية : ج ۴ ص ۳۵۸ «ملق») .

5.النَمُّ : إظهار الحديث بالوشاية ، والنميمة : الوشاية ، ورجل نمّام (مفردات ألفاظ القرآن : ص ۸۲۵ «نمم») .

6.العِراقان : البصرة والكوفة (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۲۴۸ «عرق») .

7.سملُ العين : فقؤها (الصحاح : ج ۵ ص ۱۷۳۲ «سمل») .

8.فلان ينتحل مذهب كذا وقبيلة كذا ؛ إذا انتسب إليه (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۲۷ «نحل») .

9.جشمت الأمر ـ بالكسر ـ : إذا تكلّفته على مشقّة (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۸۸ «جشم») .

10.تُوبِقُ دِينَكَ : أي تُهلكه وتضيّعه (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۹۰۰ «وبق») .

11.أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۱۲۸ ، الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۰۱ و ۲۰۲ نحوه .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
166

۷۴۲.أنساب الأشراف :كانَ رِجالٌ مِن أهلِ العِراقِ ولُثمانُ ۱ أهلِ الحِجازِ يَختَلِفونَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، يُجِلّونَهُ ويُعَظِّمونَهُ ويَذكُرونَ فَضلَهُ ويَدعونَهُ إلى أنفُسِهِم ، ويَقولونَ : إنّا لَكَ عَضُدٌ ويَدٌ ، لِيَتَّخِذُوا الوَسيلَةَ إلَيهِ ، وهُم لا يَشُكّونَ في أنَّ مُعاوِيَةَ إذا ماتَ لَم يَعدِلِ النّاسُ بِحُسَينٍ عليه السلام أحَدا .
فَلَمّا كَثُرَ اختِلافُ النّاسِ إليهِ ، أتى عَمرُو بنُ عُثمانَ بنِ عَفّانَ مَروانَ بنَ الحَكَمِ ـ وهُوَ إذ ذاكَ عامِلُ مُعاوِيَةَ عَلَى المَدينَةِ ـ فَقالَ لَهُ : قَد كَثُرَ اختِلافُ النّاسِ إلى حُسَينٍ ، وَاللّه ِ إنّي لَأَرى أنَّ لَكُم مِنهُ يَوما عَصيبا . فَكَتَبَ مَروانُ ذلِكَ إلى مُعاوِيَةَ ، فَكَتَبَ إلَيهِ مُعاوِيَةُ : بِأَنِ اترُك حُسَينا ما تَرَكَكَ ولَم يُظهِر عَداوَتَهُ ، ويُبدي صَفحَتَهُ ۲ . وَاكمُن ۳ عَنهُ كُمونَ الثَّرى ۴ إن شاءَ اللّه ُ وَالسَّلامُ .
وكَتَبَ مُعاوِيَةُ إلَى الحُسَينِ عليه السلام : أمّا بَعدُ فَقَد اُنهِيَت إلَيَّ عَنكَ اُمورٌ إن كانَت حَقّا فَإِنّي لَم أكُن أظُنُّها بِكَ رَغبَةً عَنها ، وإن كانَت باطِلاً فَأَنتَ أسعَدُ النّاسِ بِمُجانَبَتِها ، وبِحَظِّ نَفسِكَ تَبدَأُ ، وبِعَهدِ اللّه ِ توفي ، فَلا تَحمِلني عَلى قَطيعَتِكَ وَالإِساءَةِ إلَيكَ ؛ فَإِنّي مَتى أنكَرتُكَ تُنكِرُني ، ومَتى تَكِدني أكِدكَ ، فَاتَّقِ اللّه َ يا حُسَينُ في شَقِّ عَصَا الاُمَّةِ ، وأن تَرُدَّهُم في فِتنَةٍ ! !
فَكَتَبَ إلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام كِتابا غَليظا يَعُدُّ عَلَيهِ فيهِ ما فَعَلَ في أمرِ زيادٍ ، وفي قَتلِ حُجرٍ ، ويَقولُ لَهُ : إنَّكَ قَد فُتِنتَ بِكَيدِ الصّالِحينَ مُذ خَلَفتَ ! فَكِدني ما بَدا لَكَ !
وكانَ آخِرُ نَصِّ الكِتابِ : وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدى ۵ . ۶

1.اللِثامُ : ما على الفم من نقاب (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۱۷۴ «لثم») . لفظة «لُثمان» أي المتلثّمون وهم المتنقّبون ، وهو كاشف عن معروفيّتهم ، حيث أرادوا بتلثّمهم أن لا يُعرفوا ، ويؤيّد ذلك نصّ رجال الكشّي الوارد في الحديث ۷۴۴ ، حيث قال : «وجوه أهل الحجاز» .

2.يقال لمن خالف وكاشف : قد أبدى صفحته (راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۱۸ ص ۳۷۱) .

3.كَمَنَ : اختفى ومنه الكمين في الحرب (الصحاح : ج ۶ ص ۲۱۸۸ «كمن») .

4.الثَرى : التراب النديّ (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۳۰۸ «الثّرى») .

5.إشارة إلى الآية ۴۸ من سورة طه ، التي علّم اللّه سبحانه فيها موسى وهارون عليهماالسلامكيفيّة الكلام مع فرعون ، وهو نوع تعريضٍ منه عليه السلام بمعاوية .

6.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۶۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 148828
الصفحه من 411
طباعه  ارسل الي