257
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
256

۷۹۲.الفتوح عن معاويةـ في عَهدِهِ لِابنِهِ يَزيدَـ : إنَّ ابنَ عَبّاسٍ حَدَّثَني فَقالَ :
إنّي حَضَرتُ رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله وهُوَ فِي السِّياقِ ۱ وقَد ضَمَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ إلى صَدرِهِ وهُوَ يَقولُ : هذا مِن أطائِبِ أرومَتي ۲ وأنوارِ عِترَتي ۳ وخِيارِ ذُرِّيَّتي ، لا بارَكَ اللّه ُ فيمَن لا يَحفَظُهُ بَعدي ! قالَ ابنُ عَبّاسٍ : ثُمَّ اُغمِيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ساعَةً ثُمَّ أفاقَ وقالَ : يا حُسَينُ ! إنَّ لي ولِقاتِلِكَ يَومَ القِيامَةِ مَقاما بَينَ يَدَي رَبّي وخُصومَةً ، وقَد طابَت نَفسي إذ جَعَلَنِيَ اللّه ُ خَصيما لِمَن قَتَلَكَ يَومَ القِيامَةِ .
يا بُنَيَّ ! هذا حَديثُ ابنِ عَبّاسٍ ، وأنَا اُحَدِّثُكَ عَن رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله أنَّهُ قالَ : أتاني جِبريلُ يَوما فَخَبَّرَني وقالَ : يا مُحَمَّدُ ! إنَّ اُمَّتَكَ سَتَقتُلُ ابنَكَ حُسَينا وقاتِلَهُ لَعينُ هذِهِ الاُمَّةِ .
ولَقَد لَعَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ـ يا بُنَيَّ ـ قاتِلَ الحُسَينِ مِرارا ، فَانظُر لِنَفسِكَ ثُمَّ انظُر ألّا يُتَعَرَّضَ لَهُ بِأَذِيَّةٍ ، فَحَقُّهُ وَاللّه ِ يا بُنَيَّ عَظيمٌ ، ولَقَد رَأَيتَني كَيفَ كُنتُ أحتَمِلُهُ في حَياتي ، وأضَعُ لَهُ رَقَبَتي وهُوَ يُواجِهُني بِالكَلامِ الَّذي يُمِضُّني ۴ ويُؤلِم قَلبي ، فَلا اُجيبُهُ ولا أقدِرُ لَهُ عَلى حيلَةٍ ؛ فَإِنَّهُ بَقِيَّةُ أهلِ الأَرضِ في يَومِهِ هذا ، وقَد أعذَرَ مَن أنذَرَ .
قالَ : ثُمَّ أقبَلَ عَلَى الضَّحّاكِ ومُسلِمِ بن عُقبَةَ فَقالَ لَهُما مُعاوِيَةُ : اِشهَدا عَلى مَقالَتي هذِهِ ، فَوَاللّه ِ إن فَعَلَ بِيَ الحُسَينُ كُلَّ ما يَسوؤُني لَاحتَمَلتُهُ أبَدا ولَم يَكُنِ اللّه ُ يَسأَلُني عَن دَمَهِ ، أفَهِمتَ عَنّي ما أوصَيتُكَ بِهِ يا يَزيدُ ؟ فَقالَ : فَهِمتُ يا أميرَ المُؤمِنينَ .
ثُمَّ قالَ مُعاوِيَةُ : اُنظُر في أهلِ الحِجازِ ؛ فَهُم أصلُكَ وفَرعُكَ ، فَأَكرِم مَن قَدِمَ عَلَيكَ مِنهُم ومَن غابَ عَنكَ ، فَلا تَجفُهُم ولا تَعِقُّهُم ، وَانظُر أهلَ العِراقِ فَإِنَّهُم لا يُحِبّونَكَ أبَدا ولا يَنصَحونَكَ ، ولكِن دارِهِم مَهما أمكَنَكَ وَاستَطَعتَ ، وإن سَأَلوكَ عَلى كُلِّ يَومٍ أن تَعزِلَ عَنهُم عامِلاً فَافعَل ؛ فَإِنَّ عَزلَ عامِلٍ واحِدٍ هُوَ أيسَرُ وأخَفُّ مِن أن يُشهَرَ عَلَيكَ مِئَةُ ألفِ سَيفٍ .
وَانظُر يا بُنَيَّ أهلَ الشّامِ ؛ فَإِنَّهُم بِطانَتُكَ وظِهارَتُكَ وقَد بَلَوتُهُم وَاختَبَرتُهُم ، فَهُم صُبَّرٌ عِندَ اللِّقاءِ ، حُماةٌ فِي الوَغى ۵ ، فَإِن رابَكَ أمرٌ مِن عَدُوٍّ يَخرُجُ عَلَيكَ فَانتَصِر بِهِم ، فَإِذا أصَبتَ مِنهُم حاجَتَكَ فَاردُدهُم إلى بِلادِهِم يَكونوا بِها إلى وَقتِ الحاجَةِ إلَيهِم .
قالَ : ثُمَّ تَنَفَّسَ مُعاوِيَةُ الصُّعَداءَ ۶ وغُشِيَ عَلَيهِ طَويلاً ، فَلَمّا أفاقَ قالَ : آوَّه آوَّه ۷«جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَـطِـلُ إِنَّ الْبَـطِـلَ كَانَ زَهُوقًا »۸ . ثُمَّ جَعَلَ يَقولُ :
إن تُناقِش يَكُن نِقاشُكَ يا رَبِّ عَذابا لا طَوقَ لي بِالعَذابِ
أو تُجاوِز فَأَنتَ رَبٌّ رَحيمٌعَن مُسيءٍ ذُنوبُهُ كَالتُّرابِ
قالَ : ثُمَّ التَفَتَ إلى أهلِ بَيتِهِ وقَرابَتِهِ وبَني عَمِّهِ فَقالَ : اِتَّقُوا اللّه َ حَقَّ تُقاتِهِ ؛ فَإِنَّ تَقوَى اللّه ِ جُنَّةٌ حَصينَةٌ ، ووَيلٌ لِمَن لَم يَتَّقِ اللّه َ ويَخافُ عَذابَهُ وأليمَ عِقابِهِ ! ثُمَّ قالَ : اِعلَموا أنّي كُنتُ بَينَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ذاتَ يَومٍ وهُوَ يُقَلِّمُ أظفارَهُ ، فَأَخَذتُ مِن قُلامَتِهِ فَجَعَلتُها في قارورَةٍ فَهِيَ عِندي ، وعِندي أيضا شَيءٌ مِن شَعرِهِ ، إذا أنَا مِتُّ وغَسَّلتُموني وكَفَّنتُموني فَقَطِّعوا تِلكَ القُلامَةَ فَاجعَلوها في عَيني ، وَاجعَلُوا الشَّعرَ في فَمي واُذُني ، وصَلُّوا عَلَيَّ وواروني في حُفرَتي ، وذَروني ورَبّي ؛ فَإِنَّ رَبّي رَؤوفٌ رَحيمٌ .
قالَ : ثُمَّ انقَطَعَ كَلامُهُ فَلَم يَنطِق بِشَيءٍ . ۹

1.ساقَ المريضُ سَوقا وسياقا : شرعَ في نزع الروح (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۲۴۷ «سوق») .

2.الأرومة ـ بوزن الأكولة ـ : الأصل (النهاية : ج ۱ ص ۴۱ «أرم») .

3.في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : «أبرار عترتي» .

4.مَضّني الجُرح وأمضّني : آلمني وأوجعني . ويقال : أمَضّني هذا الأمر : أي بلغت منه المشقّة (لسان العرب : ج ۷ ص ۲۳۳ «مضض») .

5.الوغى : الحرب (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۳۹۷ «وغي») .

6.الصُّعَداء : تنفّسٌ طويل (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۳۰۷ «صعد») .

7.آوّه ، وأوّه ، وآووه ، وأوهِ ، وأوة، وآهِ كلّها : كلمة معناها التحزّن (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۴۷۲ «أوه») .

8.الإسراء : ۸۱ .

9.الفتوح : ج ۴ ص ۳۵۰ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۷۶ نحوه .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 177289
الصفحه من 411
طباعه  ارسل الي