2 / 2
الأَوصِياءُ مِن وُلدِهِ
۵۵۸.كمال الدين بسندٍ معتبر عن أبي بصير عن أبي عبداللّه عن آبائه صلوات اللّه عليهم عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ اللّه َ عز و جل اختارَ مِنَ الأَيّامِ الجُمُعَةَ ، ومِنَ الشُّهورِ شَهرَ رَمَضانَ ، ومِنَ اللِّيالي لَيلَةَ القَدرِ ، وَاختارَني عَلى جَميعِ الأَنبِياءِ ، وَاختارَ مِنّي عَلِيّا ، وفَضَّلَهُ عَلى جَميعِ الأَوصِياءَ ، وَاختارَ مِن عَلِيٍّ الحَسَنَ وَالحُسَينَ ، وَاختارَ مِنَ الحُسَينِ الأَوصِياءَ مِن وُلدِهِ ، يَنفونَ عَنِ التَّنزيلِ تَحريفَ الغالينَ ، وَانتِحالَ المُبطِلينَ ، وتَأويلَ المُضِلّينَ ، تاسِعُهُم قائِمُهُم وهُوَ ظاهِرُهُم ، وهُوَ باطِنُهُم . ۱
۵۵۹.كمال الدين عن سلمان الفارسي :كُنتُ جالِساً بَينَ يَدَي رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله في مَرضَتِهِ الَّتي قُبِضَ فيها، فَدَخَلَت فاطِمَةُ عليهاالسلام، فَلَمّا رَأَت ما بِأَبيها مِنَ الضَّعفِ بَكَت حَتّى جَرَت دُموعُها عَلى خَدَّيها، فَقالَ لَها رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : ما يُبكيكِ يا فاطِمَةُ؟
قالَت: يا رَسولَ اللّه ِ ! أخشى عَلى نَفسي ووُلدِي الضَّيعَةَ بَعدَكَ .
فَاغرَورَقَت عَينا رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله بِالبُكاءِ ، ثُمَّ قالَ: يا فاطِمَةُ ! أما عَلِمتِ أنّا أهلُ بَيتٍ اختارَ اللّه ُ عز و جل لَنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنيا ، وأنَّهُ حَتَمَ الفَناءَ عَلى جَميعِ خَلقِهِ ؟ ! وأنَّ اللّه َ ـ تَبارَكَ وتَعالَى ـ اطَّلَعَ إلَى الأَرضِ اطِّلاعَةً ، فَاختارَني مِن خَلقِهِ ، فَجَعَلَني نَبِيّاً .
ثُمَّ اطَّلَعَ إلَى الأَرضِ اطِّلاعَةً ثانِيَةً ، فَاختارَ مِنها زَوجَكِ، وأوحى إلَيَّ أن اُزَوِّجَكِ إيّاهُ، وأتَّخِذَهُ وَلِيّاً ووَزيراً ، وأن أجعَلَهُ خَليفَتي في اُمَّتي، فَأَبوكِ خَيرُ أنبِياءِ اللّه ِ ورُسُلِهِ، وبَعلُكِ خَيرُ الأَوصِياءِ، وأنتِ أوَّلُ مَن يَلحَقُ بي مِن أهلي.
ثُمَّ اطَّلَعَ إلَى الأَرضِ اطِّلاعَةً ثالِثَةً ، فَاختارَكِ ووَلَدَيكِ؛ فَأَنتِ سَيِّدَةُ نِساءِ أهلِ الجَنَّةِ، وَابناكِ حَسَنٌ وحُسَينٌ سَيِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ، وأبناءُ بَعلِكِ أوصِيائي إلى يَومِ القِيامَةِ، كُلُّهُم هادونَ مَهدِيّونِ.
وأوَّلُ الأَوصِياءِ بَعدي أخي عَلِيٌّ، ثُمَّ حَسَنٌ، ثُمَّ حُسَينٌ، ثُمَّ تِسعَةٌ مِن وُلدِ الحُسَينِ في دَرَجَتي، ولَيسَ فِي الجَنَّةِ دَرَجَةٌ أقرَبَ إلَى اللّه ِ مِن دَرَجَتي ودَرَجَةِ أبي إبراهيمَ.
أما تَعلَمينَ يا بُنَيَّةُ أنَّ مِن كَرامَةِ اللّه ِ إيّاكِ أن زَوَّجَكِ خَيرَ اُمَّتي، وخَيرَ أهلِ بَيتي؛ أقدَمَهُم سِلماً، وأعظَمَهُم حِلماً، وأكثَرَهُم عِلماً؟!
فَاستَبشَرَت فاطِمَةُ عليهاالسلام وفَرِحَت بِما قالَ لَها رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله .
ثُمَّ قالَ: يا بُنَيَّةُ، إنَّ لِبَعلِكِ مَناقِبَ: إيمانَهُ بِاللّه ِ ورَسولِهِ قَبلَ كُلِّ أحَدٍ؛ فَلَم يَسبِقهُ إلى ذلِكَ أحَدٌ مِن اُمَّتي، وعِلمَهُ بِكِتابِ اللّه ِ عز و جلوسُنَّتي، ولَيسَ أحَدٌ مِن اُمَّتي يَعلَمُ جَميعَ عِلمي غَيرُ عَلِيٍّ عليه السلام ، وإنَّ اللّه َ جَلَّ وعَزَّ عَلَّمَني عِلماً لا يَعلَمُهُ غَيري، وعَلَّمَ مَلائِكَتَهُ ورُسُلَهُ عِلماً ، فَكُلَّما عَلَّمَهُ مَلائِكَتَهُ ورُسُلَهُ فَأَنَا أعلَمُهُ ، وأمَرَنِيَ اللّه ُ أن اُعَلِّمَهُ إيّاهُ ، فَفَعَلتُ ، فَلَيسَ أحدٌ مِن اُمَّتي يَعلَمُ جَميعَ عِلمي وفَهمي وحِكمَتي غَيرُهُ ، وإنَّكِ يا بُنَيَّةُ زَوجَتُهُ ، وَابناهُ سِبطايَ حَسَنٌ وحُسَينٌ ، وهُما سِبطا اُمَّتي ، وأمرَهُ بِالمَعروفِ ، ونَهيَهُ عَنِ المُنكَرِ ؛ فَإِنَّ اللّه َ جَلَّ وعَزَّ آتاهُ الحِكمَةَ وفَصلَ الخِطابِ .
يا بُنَيَّةُ ! إنّا أهلُ بَيتٍ أعطانَا اللّه ُ عز و جل سِتَّ خِصالٍ لَم يُعطِها أحَداً مِنَ الأَوَّلينَ كانَ قَبلَكُم ۲ ، ولَم يُعطِها أحَداً مِنَ الآخِرينَ غَيرَنا ، نَبِيُّنا سَيِّدُ الأَنبِياءِ وَالمُرسَلينَ ، وهُوَ أبوكِ، ووَصِيُّنا سَيِّدُ الأَوصِياءِ ، وهُوَ بَعلُكِ ، وشَهيدُنا سَيِّدُ الشُّهَداءِ ، وهُوَ حَمزَةُ بنُ عَبدِ المُطَّلِبِ عَمُّ أبيكِ .
قالَت : يا رَسولَ اللّه ِ، هُوَ سَيِّدُ الشُّهَداءِ الَّذينَ قُتِلوا مَعَهُ؟
قالَ: لا، بَل سَيِّدُ شُهَداءِ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ما خَلا الأَنبِياءَ وَالأَوصِياءَ . وجَعفَرُ بنُ أبي طالِبٍ ذُو الجَناحَينِ الطَّيّارُ فِي الجَنَّةِ مَعَ المَلائِكَةِ .
وَابناكِ حَسَنٌ وحُسَينٌ سِبطا اُمَّتي ، وسَيِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ .
ومِنّا ـ وَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ ـ مَهدِيُّ هذِهِ الاُمَّةِ الَّذي يَملَأُ الأَرضَ قِسطاً وعَدلاً كَما مُلِئَت جَوراً وظُلماً .
قالَت : وأيُّ هؤُلاءِ الَّذينَ سَمَّيتَهُم أفضَلُ؟
قالَ: عَلِيٌّ بَعدي أفضَلُ اُمَّتي، وحَمزَةُ وجَعفَرٌ أفضَلُ أهلِ بَيتي بَعدَ عَلِيٍّ وبَعدَكِ وبَعدَ ابنَيَّ وسِبطَيَّ حَسَنٍ وحُسَينٍ، وبَعدَ الأَوصِياءِ مِن وُلدِ ابني هذا ـ وأشارَ إلَى الحُسَينُ ـ مِنهُمُ المَهدِيُّ، إنّا أهلُ بَيتٍ اختارَ اللّه ُ لَنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنيا .
ثُمَّ نَظَرَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله إلَيها وإلى بَعلِها وإلَى ابنَيها ، فَقالَ: يا سَلمانُ! اُشهِدُ اللّه َ أنّي سِلمٌ لِمَن سالَمَهُم، وحَربٌ لِمَن حارَبَهُم، أما إنَّهُم مَعي فِي الجَنَّةِ. ۳
1.كمال الدين : ص ۲۸۱ ح ۳۲ ، الغيبة للنعماني : ص ۶۷ ح ۷ ، الغيبة للطوسي : ص ۱۴۲ ح ۱۰۷ ، دلائل الإمامة : ص ۴۵۴ ح ۴۳۲ كلاهما عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله وكلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۳۶ ص ۲۵۶ ح ۷۴ وراجع : الأمالي للطوسي : ص ۶۰۸ ح ۱۲۵۴ والصراط المستقيم : ج ۲ ص ۱۲۰ .
2.هكذا في المصدر ، وفي الخصال : «قبلنا» .
3.كمال الدين: ص ۲۶۲ ح ۱۰، الخصال: ص ۴۱۲ ح ۱۶ عن أبي أيّوب الأنصاري، كتاب سليم بن قيس: ج ۲ ص ۵۶۵ ح ۱ كلاهما نحوه، بحار الأنوار: ج ۲۸ ص ۵۲ ح ۲۱ .