۸۹۴.تهذيب الكمال عن هرثمة بن سلمى :خَرَجنا مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام في بَعضِ غَزوِهِ ، فَسارَ حَتَّى انتَهى إلى كَربَلاءَ ، فَنَزَلَ إلى شَجَرَةٍ يُصَلّي إلَيها ، فَأَخَذَ تُربَةً مِنَ الأَرضِ ، فَشَمَّها ، ثُمَّ قالَ : واها لَكِ تُربَةً ! لَيُقتَلَنَّ بِكَ قَومٌ يَدخُلونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ .
قالَ : فَقَفَلنا مِن غَزاتِنا ، وقُتِلَ عَلِيٌّ ، ونَسيتُ الحَديثَ .
قالَ : فَكُنتُ فِي الجَيشِ الَّذينَ ساروا إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَلَمَّا انتَهَيتُ إلَيهِ نَظَرتُ إلَى الشَّجَرَةِ ، فَذَكَرتُ الحَديثَ ، فَتَقَدَّمتُ عَلى فَرَسٍ لي ، فَقُلتُ : اُبَشِّرُكَ ابنَ بِنتِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، وحَدَّثتُهُ الحَديثَ ، قالَ : مَعَنا أو عَلَينا ؟ قُلتُ : لا مَعَكَ ولا عَلَيكَ ، تَرَكتُ عِيالاً وتَرَكتُ ۱ .
قالَ : أمّا لا ، فَوَلِّ فِي الأَرضِ ؛ فَوَالَّذي نَفسُ حُسَينٍ بِيَدِهِ ، لا يَشهَدُ قَتلَنَا اليَومَ رَجُلٌ إلّا دَخَلَ جَهَنَّمَ .
قالَ : فَانطَلَقتُ هارِبا مُوَلِّيا فِي الأَرضِ حَتّى خَفِيَ عَلَيَّ مَقتَلُهُ . ۲
3 / 4
إنباؤُهُ حُذَيفَةَ بنَ اليَمانِ بِشَهادَةِ الحُسَينِ عليه السلام
۸۹۵.الغيبة للنعماني عن عمرو بن سعد عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلامـ لِحُذَيفَةَ بنِاليَمانِـ : فَوَالَّذي نَفسُ عَلِيٍّ بِيَدِهِ ، لا تَزالُ هذِهِ الاُمَّةُ بَعدَ قَتلِ الحُسَينِ ابني في ضَلالٍ وظُلمٍ ، وعَسفٍ ۳ وجَورٍ ، وَاختِلافٍ فِي الدّينِ ، وتَغييرٍ وتَبديلٍ لِما أنزَلَ اللّه ُ في كِتابِهِ ، وإظهارِ البِدَعِ ، وإبطالِ السُّنَنِ ، وَاختِلالٍ وقِياسِ مُشتَبِهاتٍ ، وتَركِ مُحكَماتٍ ، حَتّى تَنسَلِخَ مِنَ الإِسلامِ ، وتَدخُلَ فِي العَمى وَالتَّلَدُّدِ ۴ وَالتَّكَسُّعِ .
ما لَكَ يا بَني اُمَيَّةَ ! لا هُديتَ يا بَني اُمَيَّةَ ، وما لَكَ يا بَنِي العَبّاسِ ! لَكَ الأَتعاسُ ، فما في بني اُمَيَّةَ إلّا ظالِمٌ ، ولا في بَنِي العَبّاسِ إلّا مُعتَدٍ مُتَمَرِّدٌ عَلَى اللّه ِ بِالمَعاصي ، قَتّالٌ لِوُلدي ، هَتّاكٌ لِسِتري وحُرمتي .
فَلا تَزالُ هذِهِ الاُمَّةُ جَبّارينَ يَتَكالَبونُ عَلى حَرامِ الدُّنيا ، مُنغَمِسينَ في بِحارِ الهَلَكاتِ ، وفي أودِيَةِ الدِّماءِ ، حَتّى إذا غابَ المُتَغَيِّبُ مِن وُلدي عَن عُيونِ النّاسِ ، وماجَ النّاسُ بِفَقدِهِ أو بِقَتلِهِ أو بِمَوتِهِ ، أطلَعَتِ الفِتنَةُ ، ونَزَلَتِ البَلِيَّةُ، وَالتَحَمَتِ العَصَبِيَّةُ ، وغَلاَ النّاسُ في دينِهِم ، وأجمَعوا عَلى أنَّ الحُجَّةَ ذاهِبَةٌ ، وَالإِمامَةَ باطِلَةٌ ، ويَحُجُّ حَجيجُ النّاسِ في تِلكَ السَّنَةِ مِن شيعَةِ عَلِيٍّ ونَواصِبِهِ لِلتَّحَسُّسِ وَالتَّجَسُّسِ عَن خَلَفِ الخَلَفِ ، فَلا يُرى لَهُ أثَرٌ ، ولا يُعرَفُ لَهُ خَبَرٌ ولا خَلَفٌ .
فَعِندَ ذلِكَ سُبَّت شيعَةُ عَلِيٍّ ، سَبَّها أعداؤُها ، وظَهَرَت عَلَيهَا الأَشرارُ وَالفُسّاقُ بِاحتِجاجِها ، حَتّى إذا بَقِيَتِ الاُمَّةُ حَيارى ، وتَدَلَّهَت ۵ ، وأكثَرَت في قَولِها : إنَّ الحُجَّةَ هالِكَةٌ ، وَالإِمامَةَ باطِلَةٌ ! ! فَوَرَبِّ عَلِيٍّ ، إنَّ حُجَّتَها عَلَيها قائِمَةٌ ماشِيَةٌ في طُرُقِها ، داخِلَةٌ في دورِها وقُصورِها ، جَوّالَةٌ في شَرقِ هذِهِ الأَرضِ وغَربِها ، تَسمَعُ الكَلامَ ، وتُسَلِّمُ عَلَى الجَماعَةِ ، تَرى ولا تُرى إلَى الوَقتِ وَالوَعدِ ، ونِداءِ المُنادي مِنَ السَّماءِ ؛ ألا ذلِكَ يَومٌ فيهِ سُرورُ وُلدِ عَلِيٍّ وشيعَتِهِ . ۶
1.حُذف المفعول هنا ، أي : وتركتُ اُمورا اُخرى كثيرة .
2.تهذيب الكمال : ج ۶ ص ۴۱۱ ، تهذيب التهذيب : ج ۱ ص ۵۹۰ ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۲۲ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۱۹ .
3.عَسَف عن الطريق : مال وعدل ، أو خبطه على غير هداية (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۱۷۵ «عسف») .
4.تَلَدَّدَ : تَلَفَّت يمينا وشمالاً وتحيّر متبلّدا (لسان العرب : ج ۳ ص ۳۹۰ «لدد») .
5.دَلِهَه : حيّره وأدهشه (الصحاح : ج ۶ ص ۲۲۳۱ «دله») .
6.الغيبة للنعماني : ص ۱۴۳ ح ۳ ، بحار الأنوار : ج ۲۸ ص ۷۱ ح ۳۱ .