9
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2

المدخل

تعتبر الإمامة من المناصب الإلهيّة الّتي جُعلت امتدادا للنبوّة واستمرارا لها ، ويقدّم القرآن الكريم بعضا من الأنبياء ـ مثل إبراهيم عليه السلام ـ باعتبارهم أصحاب هذا المنصب:
«إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا» . ۱
ومن أجل أن ندرك النسبة والعلاقة الدقيقة بين الإمامة والنبوّة ، يجب أن نعلم أنّ لمنصب النبوّة الإلهيّة شؤونا هي :
1 . تلقّي الوحي من اللّه .
2 . إبلاغ الوحي إلى الناس .
3 . تبيان الوحي للناس .
4 . تطبيق الشريعة بين النّاس وقيادة المجتمع .
5 . كون النبيّ اُسوة .
ومن الواضح أنّ الشأنين الأوّل والثاني لابدّ فيهما من وجود شخص النبيّ ، وينتهيان برحيله عن دار الدُّنيا ، ولكنّ حاجة الناس إلى الشؤون الثلاثة الاُخرى تظلّ باقية ، وهذا هو مقتضى منصب الإمامة ، ولذلك تُعتبر الإمامة استمرارا للنبوّة .
ولا يَعتبر أتباعُ أهل البيت عليهم السلام الإمامة منصبا اجتماعيّا بحتا يمكن اختياره من قبل الناس ؛ ذلك لأنّ كون هذا المنصب مبيّنا وشارحا للدين ، وقدوة ونموذجا للناس ، يقوم على مراتب علمية ومعنوية مضمونة، حيث يعبّر عنها بمنصب الولاية الإلهيّة أيضا. ولا يمكن لغير المعصومين تشخيص أصحاب هذا المنصب ومن يليق به، وإلى هذه الملاحظة يشير الإمام الرضا عليه السلام في حديث معروف . ۲
وعلى هذا الأساس فقد عمد خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله في زمان حياته مرارا إلى وصف الأئمّة من بعده والتعريف بهم، كما أوضح مصاديقهم العينية خلال تفسيره للآيات القرآنية، أمثال آية المباهلة وآية التطهير وغيرهما .
وقد أكّد النبيّ صلى الله عليه و آله يوم الغدير في آخر حجّة له على استمرار النبوّة ، والتلازم بين القرآن والعترة ، وقدّم لاُمّته أوّل إمام بشكل حضوريّ .
وهكذا فإنّ للإمام منصبا معنويا يتمثّل في المرجعية العلمية والقيادة الاجتماعية. وحصر الإمامة في المحور الثالث ناشئ من قصور الرؤية ، وعدم المعرفة الدقيقة للإمامة . ولذلك فإنّ الإمامة ليست ظاهرة تاريخية انقضى زمنها ولا جدوى في النزاع فيها ؛ ذلك لأنّ المنصب المعنويّ والمرجعية العلمية جديدان دوما ، ولا استغناء لجميع الناس والمسلمين عنهما ، كما هو الحال بالنسبة إلى شأن القيادة الاجتماعية في عصر الغيبة، فإنّ له تأثيرا جدّيا في نوع نظرة المسلمين إلى الحكومة الدينية والحكّام المتديّنين .
ونظرا إلى أهمّية منصب الإمامة ومكانتها بالنسبة إلى النبوّة ، يتبيّن أنّ عدد الأئمّة وتعيين مصاديقهم إنّما هما شأنان سماويّان مرتبطان بالنصّ الديني . ولذلك فإنّ الإماميّة يعمدون إلى توثيق مسألة الإمامة والبرهنة عليها؛ استنادا إلى النصوص الصادرة عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله في تفسير الآيات القرآنية ، إضافة إلى النصوص غير التفسيرية. كما أنّهم يستندون إلى النصّ الوارد بشأن أوّل إمام منصوص عليه نصبه النبيّ صلى الله عليه و آله للتعريف بالأئمّة الآخرين .
وبعبارة اُخرى : إنّ الإمامة كالنبوّة أمرٌ توقيفيّ مرتبط بالنصّ ، كما أنّ الأدلّة الّتي تستند إليها المناظرات الفكريّة في هذا المجال لا تخرج عن نطاق النصوص (الآيات والأحاديث) العامّة والخاصّة .
وسنعرض في هذا القسم من الموسوعة النصوص المرويّة عن النبيّ والأئمّة ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين ـ ، والّتي تدلّ على إمامة الإمام الحسين عليه السلام وأبنائه. وقد صنّفت هذه النصوص والروايات المستفيضة والّتي جاءت في مصادر الشيعة والسنّة في أربع مجاميع :
المجموعة الاُولى : الروايات الّتي يخبرنا فيها رسول اللّه بإمامة الإمام الحسين عليه السلام وأبنائه استنادا إلى الوحي الإلهي ، وتدلّ هذه الروايات على أنّ هناك صحيفة أو وصيّة من جانب اللّه عز و جل وصلت إلى النبيّ صلى الله عليه و آله ، وقد سجّلت فيها أسماء الأئمّة من بعده ، وأنّ هذه الصحيفة والوصيّة وصلت إلى كلّ واحد من الأئمّة عليهم السلام ، كما يدلّ بعض أحاديث هذه المجموعة على أنّ هذا الموضوع تمّ إبلاغه إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله خلال معراجه .
المجموعة الثانية : يخبرنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله في هذه المجموعة عن إمامة الإمام الحسين عليه السلام وأبنائه دون الاستناد إلى الصحيفة أو الوصيّة الإلهيّة، معتبرا طاعتهم ومعصيتهم بمثابة طاعة اللّه عز و جل ومعصيته .
المجموعة الثالثة: يخبرنا أئمّة أهل البيت عليهم السلام في هذه المجموعة بإمامة الإمام الحسين عليه السلام وأبنائه. وقد نقلنا في هذا الفصل كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، وصحيفة فاطمة عليهاالسلام ، وأقوال الإمام الحسن عليه السلام ، وأقوال الإمام الحسين عليه السلام ، والإمام السجّاد عليه السلام ، والإمام الباقر عليه السلام ، والإمام الصادق عليه السلام ، والإمام الكاظم عليه السلام ، والإمام الرضا عليه السلام ، والإمام الهادي عليه السلام ، حول إمامة الإمام الحسين عليه السلام .
المجموعة الرابعة : تتضمّن هذه المجموعة من الروايات وصايا الإمام الحسين عليه السلام ، حيث تدلّ على أنّه عليه السلام سلّم اُمّ سلمة صحيفة مختومة كي تسلّمها بعد شهادته إلى ابنه الأكبر . كما أنّ له وصايا إلى ابنته الكبرى فاطمة واُخته زينب .
ورغم أنّ هذه الروايات لا تنصّ بصراحة على الإمامة ، إلاّ أنّها تتضمّن النصّ على الإمام من بعده .

1.البقرة : ۱۲۴ .

2.الكافي : ج ۱ ص ۱۹۹ ح ۱ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
8
  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 156665
الصفحه من 411
طباعه  ارسل الي