الحكمة في هذه الفضيلة والبركة العظيمة
البحث المهّم هنا هو: ما الحكمة في ذكر كلّ تلك الفضائل والبركات لزيارة سيّد الشهداء ؟ ولماذا لم تَحظَ زيارة سائر أهل البيت عليهم السلام بهذا المستوى من التوصية والتأكيد حتّى زيارة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأمير المؤمنين عليه السلام مع شرافتهما عليه؟
أشرنا فيما سبق إلى أنّ المعيار في الحثّ على الزيارة في روايات أهل البيت عليهم السلام هو مدى تأثيرها في البناء الفردي والاجتماعي ، وعلى هذا الأساس فإنّ علينا أن نبحث عن حكمة كلّ تلك الفضيلة والبركة التي ذُكرت لزيارة الإمام الحسين عليه السلام في دورها في بناء المجتمع التوحيدي .
وبعبارة أوضح : إنّ حكمة زيارة سيّد الشهداء ، وحكمة استمرار إقامة العزاء له ، وحكمة شهادته شيء واحد.
وقد أوضحنا قبل ذلك ۱ أنّ أهمّ أهداف الإمام الحسين عليه السلام في شهادته، هو إزالة الجهل من المجتمع المسلم. والملاحظة التي تستحقّ الاهتمام أنّ هذه الحكمة رويت عن الإمام الصادق عليه السلام خلال زيارة الأربعين :
وبَذَلَ مُهجَتَهُ فيكَ ، لِيَستَنقِذَ عِبادَكَ مِنَ الجَهالَةِ ، وحَيرَةِ الضَّلالَةِ . ۲
وبناءً على ذلك ، فإنّ الحكمة من بيان الفضائل والبركات لزيارته عليه السلام ، هي أنّ زيارة الإمام الحسين عليه السلام إذا كانت مقرونة بالآداب التي سنُشير إليها ، هي نظير إقامة العزاء الهادف له، تلعب دوراً فعّالاً لانظير له في إحياء ثقافة الشهادة الأصيلة، وهي بمثابة تهيئة الأرضيّة لحكومة الإسلام العالمية بقيادة أهل بيت الرسالة، وأمّا زيارة سائر أهل البيت عليه السلام فلا يمكنها أن تؤدّي مثل هذا الدور .