مزار الإمام عليه السلام في القرن الثالث عشر الهجري
في العهد القاجاري ساد نفس الإحساس الذي كان سائداً في العهد الصفوي تجاه إعمار وتوسعة المشهد الحسيني الشريف ، بل كان أكثر شدّة ، فقد كانت علاقاتهم بالعثمانيّين أفضل في هذا العهد ، وكان بإمكانهم أن يقوموا بأعمال أفضل وأوسع قياساً إلى عهد الصفويّين .
فأمر محمّد خان القاجاري ـ أوّل سلاطين هذه السلالة ـ في سنة (1205 هـ . ق) بتجديد بناء القبّة وتذهيبها وتزيينها . ۱ وقد كانت أعماله متينة للغاية وخاصّة فيما يتعلّق بالقبّة . وقد ذكر في رحلة ناصر الدين شاه قيام آغا محمّد خان بتذهيب القبّة في سنة (1287 ه . ق) . ۲
وفي سنة (1213 ه . ق) وبفضل جهود السيّد عليّ الطباطبائي (من مراجع التقليد في زمانه) ، تمّ فتح الطريق بين مزار الشهداء ومرقد الإمام الحسين عليه السلام وصارت قبور جميع الشهداء في موضع واحد . ۳
وفي عام (1216 هـ . ق) هاجم الوهابيّون العراق ، ولم ينهبوا كربلاء فحسب، بل ألحقوا بالمشهد الحسيني أضراراً جسيمة. فقد اقتلعوا الضريح والصندوق ونهبوا المجوهرات التي كانت فيهما. وقد تمّ تسجيل خبر هذه الغارة في العديد من المصادر التاريخيّة في ذلك العهد. كما استشهد خلال هذا الهجوم عدد كبير من زوّار الحسين عليه السلام . ۴
وفي عام (1216 هـ . ق) صُنع ضريح جديد لحرم الإمام الحسين بأمر فتح علي شاه ، وتمّ نصبه في عام (1218 هـ . ق) . ۵ وقام محمّد علي ميرزا ـ والي كرمانشاه ـ بأعمال كثيرة لإصلاح وإعمار الحرم الحسيني سنة (1220 هـ . ق) . ۶ كما بنى بالإضافة إلى ذلك بعض الخانات والمنازل المعدّة لاستراحة قوافل الزائرين في أثناء الطريق .
وممّا يجدر ذكره أنّ أوقافاً كثيرة كانت قد رصدت طيلة حكم الصفويّين والقاجاريّين في إيران للإنفاق على المشاهد والزوّار وترميم الخانات والطرق .
وفي عهد فتح علي شاه وما بعده حتّى عهد ناصر الدين شاه، لم يكن السلطان القاجاري هو الوحيد الذي ينفق على الحرم الحسيني فحسب ، بل إنّ بعض أهل البلاط ـ ومنهم النساء ـ كانوا ينفقون أموالاً طائلة في هذا المجال أيضاً. فقد قامت زوجة فتح علي شاه في سنة (1232 هـ . ق) بتذهيب الأيوان المقابل للقبر . ۷ وفي سنة (1237 هـ . ق) قامت زوجة فتح علي شاه ـ ولعلّها نفس المرأة المذكورة سابقا ـ بتذهيب مئذنتي الحرم الحسيني . ۸
وخلال سنتي (1258 و1260 هـ . ق) هجم نجيب باشا ـ حاكم بغداد ـ على كربلاء بذريعة محاربة الأشرار ، فقتل عدداً كبيراً من الناس . ۹
وبطبيعة الحال فإنّه إذا ما دفع الملك أو رجال البلاط النفقات المذكورة ، فإنّه يتمّ اختيار أشخاص يشرفون على ذلك ، فكان بعض العلماء يتحمّلون مسؤوليّة ذلك . فخلال السنوات (1270 - 1286 هـ . ق) قام الشيخ عبد الحسين الطهراني ـ أحد العلماء البارزين آنذاك ـ بترميمات واسعة النطاق في حرم الإمام الحسين عليه السلام . وكان ناصر الدين شاه يؤمّن المساعدات الماليّة لذلك . ۱۰ وقيل: إنّ قسماً من النفقات التي أنفقها الشيخ عبدالحسين على مشاهد الأئمّة كانت من ثلث المرحوم الميرزا تقي خان أمير كبير . ۱۱
وقد قدّم لنا أديب الملك أفضلَ وصفٍ لبناء مشهد الإمام الحسين في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، حيث ذهب إلى زيارة المشاهد المشرّفة سنة (1273 هـ . ق) ذكر لنا تاريخ المشهد الحسيني بشكل كامل ، كما ذكر أعمال الترميم المنجزة فيه . ۱۲
كما وصلتنا رواية اُخرى من سنة (1280 هـ . ق) كتبها سيف الدولة . ۱۳ وذكر عضد الملك روايةً اُخرى عن وضع المشهد سنة (1284 هـ . ق) . ۱۴ كما ذكر ناصر الدين شاه في رحلته إلى المراقد المطهّرة التي قام بها سنة (1287 هـ . ق) إيضاحاتٍ حول حرم الإمام الحسين عليه السلام . ۱۵
1.تاريخ محمّدي : ص ۲۰۳ - ۲۰۶.
2.شهريار جاده ها (بالفارسية): ص ۱۲۱.
3.شهر حسين (بالفارسية) : ص ۳۴۷ - ۳۴۸.
4.أعيان الشيعة : ج ۱ ص ۶۲۹، تاريخ العراق : ج۶ ص ۱۴۴، موسوعة العتبات المقدّسة : ج ۸ ص ۲۷۱ ـ ۲۷۲ .
5.ناسخ التواريخ : (قسم القاجاريين) : ج ۱ ص ۱۱۶.
6.تاريخ كربلاء وحائر الحسين : ص ۲۵۶ - ۲۵۷.
7.شهر حسين (بالفارسية): ص ۴۰۰ - ۴۰۱.
8.شهر حسين (بالفارسية) ص ۴۵۶.
9.ناسخ التواريخ (قسم القاجاريين): ج ۲ ص ۸۳۵، روضات الجنات: ج ۴ ص ۱۹۹.
10.ناسخ التواريخ (قسم القاجاريين): ج ۳ ص ۱۳۴۲ وراجع: أحسن الوديعة : ج ۱ ص ۶۲.
11.الكرام البررة : ج ۲ ص ۷۱۳ - ۷۱۴.
12.سفرنامه أديب الملك (بالفارسية) : ص ۱۵۹ - ۱۶۴.
13.سفرنامه سيف الدولة (بالفارسية) : ص ۲۳۰- ۲۳۲ .
14.سفرنامه عضد الملك (بالفارسية) : ص ۱۶۱ .
15.راجع: شهريار جاده ها (بالفارسية) .
