2 / 4
ما يَمْنَعُ الاِستِشفاءَ بِتُربَتِهِ
۳۶۵۱.كامل الزيارات عن أبي يحيى الواسطي عن رجل عن أبي عبد اللّه [الصادق] عليه السلام :الطّينُ كُلُّهُ حَرامٌ كَلَحمِ الخِنزيرِ ، ومَن أكَلَهُ ثُمَّ ماتَ مِنهُ لَم اُصَلِّ عَلَيهِ ، إلّا طينَ قَبرِ الحُسَينِ عليه السلام ؛ فَإِنَّ فيهِ شِفاءً مِن كُلِّ داءٍ ، ومَن أكَلَهُ بِشَهوَةٍ لَم يَكُن فيهِ شِفاءٌ. ۱
2 / 5
نَماذِجُ مِمَّن شَفاهُ اللّه ُ عزوجل بِبَرَكَةِ تُربَتِهِ
أ ـ مُحَمَّدُ بنُ مُسلِمٍ
۳۶۵۲.كامل الزيارات عن محمّد بن مسلم :خَرَجتُ إلَى المَدينَةِ وأنَا وَجِعٌ ، فَقيلَ لَهُ [أي لِلإِمامِ الباقِرِ عليه السلام ] : مُحَمَّدُ بنُ مُسلِمٍ وَجِعٌ ، فَأَرسَلَ إلَيَّ أبو جَعفَرٍ عليه السلام شَرابا مَعَ غُلامٍ مُغَطّىً بِمِنديلٍ ، فَناوَلَنيهِ الغُلامُ وقالَ لي : اِشرَبهُ فَإِنَّهُ قَد أمَرَني ألّا أبرَحَ حَتّى تَشرَبَهُ . فَتَناوَلتُهُ فَإِذا رائِحَةُ المِسكِ مِنهُ ، وإذا بِشَرابٍ طَيِّبِ الطَّعمِ بارِدٍ .
فَلَمّا شَرِبتُهُ قالَ لِيَ الغُلامُ : يَقولُ لَكَ مَولايَ : إذا شَرِبتَهُ فَتَعالَ . فَفَكَّرتُ فيما قالَ لي ، وما أقدِرُ عَلَى النُّهوضِ قَبلَ ذلِكَ عَلى رِجلي فَلَمَّا استَقَرَّ الشَّرابُ في جَوفي فَكَأَنَّما نُشِطتُ مِن عِقالٍ ۲ ، فَأَتَيتُ بابَهُ فَاستَأذَنتُ عَلَيهِ ، فَصَوَّتَ بي : صَحَّ الجِسمُ ، ادخُل ، فَدَخَلتُ عَلَيهِ وأنَا باكٍ ، فَسَلَّمتُ عَلَيهِ وقَبَّلتُ يَدَهُ ورَأسَهُ .
فَقالَ لي : وما يُبكيكَ يا مُحَمَّدُ ؟
قُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ ! أبكي عَلَى اغتِرابي ، وبُعدِ الشُّقَّةِ ، وقِلَّةِ القُدرَةِ عَلَى المُقامِ عِندَكَ أنظُرُ إلَيكَ .
فَقالَ لي : أمّا قِلَّةُ القُدرَةِ فَكَذلِكَ جَعَلَ اللّه ُ أولِياءَنا وأهلَ مَوَدَّتِنا وجَعَلَ البَلاءَ إلَيهِم سَريعا ، وأمّا ما ذَكَرتَ مِنَ الغُربَةِ فَإِنَّ المُؤمِنَ في هذِهِ الدُّنيا غَريبٌ ، وفي هذَا الخَلقِ المَنكوسِ حَتّى يَخرُجَ مِن هذِهِ الدّارِ إلى رَحمَةِ اللّه ِ ، وأمّا ما ذَكَرتَ مِن بُعدِ الشُّقَّةِ فَلَكَ بِأَبي عَبدِ اللّه ِ عليه السلام اُسوَةٌ بِأَرضٍ نائِيَةٍ عَنّا بِالفُراتِ ، وأمّا ما ذَكَرتَ مِن حُبِّكَ قُربَنا وَالنَّظَرَ إلَينا ، وأنَّكَ لا تَقدِرُ عَلى ذلِكَ ، فَاللّه ُ يَعلَمُ ما في قَلبِكَ وجَزاؤُكَ عَلَيهِ .
ثُمَّ قالَ لي : هَل تَأتي قَبرَ الحُسَينِ عليه السلام ؟ قُلتُ : نَعَم عَلى خَوفٍ ووَجَلٍ .
فَقالَ : ما كانَ في هذا أشَدَّ فَالثَّوابُ فيهِ عَلى قَدرِ الخَوفِ ، ومَن خافَ في إتيانِهِ آمَنَ اللّه ُ رَوعَتَهُ يَومَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمينَ ، وَانصَرَفَ بِالمَغفِرَةِ ، وسَلَّمَت عَلَيهِ المَلائِكَةُ ، وزارَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله وما يَصنَعُ ۳ ودَعا لَهُ ، وَانقَلَبَ بِنِعمَةٍ مِنَ اللّه ِ وفَضلٍ لَم يَمسَسهُ سوءٌ ، وَاتَّبَعَ رِضوانَ اللّه ِ .
ثُمَّ قالَ لي : كَيفَ وَجَدتَ الشَّرابَ؟
فَقُلتُ : أشهَدُ أنَّكُم أهلُ بَيتِ الرَّحمَةِ ، وأنَّكَ وَصِيُّ الأَوصِياءِ ، ولَقَد أتانِي الغُلامُ بِما بَعَثتَهُ وما أقدِرُ عَلى أن أستَقِلَّ عَلى قَدَمَيَّ ، ولَقَد كُنتُ آيِسا مِن نَفسي ، فَناوَلَنِي الشَّرابَ فَشَرِبتُهُ فَما وَجَدتُ مِثلَ ريحِهِ ، ولا أطيَبَ مِن ذَوقِهِ ولا طَعمِهِ ولا أبرَدَ مِنهُ ، فَلَمّا شَرِبتُهُ قالَ لِيَ الغُلامُ : إنَّهُ أمَرَني أن أقولَ لَكَ إذا شَرِبتَهُ فَأَقبِل إلَيَّ ، وقَد عَلِمتُ شِدَّةَ ما بي ، فَقُلتُ لَأَذهَبَنَّ إلَيهِ ولَو ذَهَبَت نَفسي ، فَأَقبَلتُ إلَيكَ فَكَأَنّي نُشِطتُ مِن عِقالٍ ! فَالحَمدُ للّه ِِ الَّذي جَعَلَكُم رَحمَةً لِشيعَتِكُم .
فَقالَ : يا مُحَمَّدُ ، إنَّ الشَّرابَ الَّذي شَرِبتَهُ فيهِ مِن طينِ قَبرِ الحُسَينِ عليه السلام ، وهُوَ أفضَلُ ما أستَشفي بِهِ ، فَلا تَعدِل بِهِ ، فَإِنّا نَسقيهِ صِبيانَنا ونِساءَنا فَنَرى فيهِ كُلَّ خَيرٍ .
فَقُلتُ لَهُ : جُعِلتُ فِداكَ ! إنّا لَنَأخُذُ مِنهُ ونَستَشفي بِهِ .
فَقالَ : يَأخُذُهُ الرَّجُلُ فَيُخرِجُهُ مِنَ الحائِرِ وقَد أظهَرَهُ ، فَلا يَمُرُّ بِأَحَدٍ مِنَ الجِنِّ بِهِ عاهَةٌ ولا دابَّةٍ ولا شَيءٍ بِهِ آفَةٌ إلّا شَمَّهُ ، فَتَذهَبُ بَرَكَتُهُ فَيَصيرُ بَرَكَتُهُ لِغَيرِهِ ، وهذَا الَّذي نَتَعالَجُ بِهِ لَيسَ هكَذا ، ولَولا ما ذَكَرتُ لَكَ ما تَمَسَّحَ بِهِ شَيءٌ ولا شَرِبَ مِنهُ شَيءٌ إلّا أفاقَ مِن ساعَتِهِ ، وما هُوَ إلّا كَالحَجَرِ الأَسوَدِ أتاهُ أصحابُ العاهاتِ وَالكُفرِ وَالجاهِلِيَّةِ وكانَ لا يَتَمَسَّحُ بِهِ أحَدٌ إلّا أفاقَ ، وكانَ كَأَبيَضِ ياقوتَةٍ ، فَاسوَدَّ حَتّى صارَ إلى ما رَأَيتَ .
فَقُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ ! وكَيفَ أصنَعُ بِهِ؟
فَقالَ : أنتَ تَصنَعُ بِهِ مَعَ إظهارِكَ إيّاهُ ما يَصنَعُ غَيرُكَ ، تَستَخِفُّ بِهِ فَتَطرَحُهُ في خُرجِكَ وفي أشياءَ دَنِسَةٍ فَيَذهَبُ ما فيهِ مِمّا تُريدُهُ لَهُ .
فَقُلتُ : صَدَقتَ جُعِلتُ فِداكَ !
قالَ : لَيسَ يَأخُذُهُ أحَدٌ إلّا وهُوَ جاهِلٌ بِأَخذِهِ ، ولا يَكادُ يَسلَمُ بِالنّاسِ .
فَقُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ ، وكَيفَ لي أن آخُذَهُ كَما تَأخُذُهُ ؟
فَقالَ لي : اُعطيكَ مِنهُ شَيئا ؟ فَقُلتُ : نَعَم .
قالَ : إذا أخَذتَهُ فَكَيفَ تَصنَعُ بِهِ ؟ فَقُلتُ : أذهَبُ بِهِ مَعي .
فَقالَ : في أيِّ شَيءٍ تَجعَلُهُ ؟ فَقُلتُ : في ثِيابي .
قالَ : فَقَد رَجَعتَ إلى ما كُنتَ تَصنَعُ ، اِشرَب عِندَنا مِنهُ حاجَتَكَ ولاتَحمِلهُ ؛ فَإِنَّهُ لا يَسلَمُ لَكَ .
فَسَقاني مِنهُ مَرَّتَينِ ، فَما أعلَمُ أنّي وَجَدتُ شيئا مِمّا كُنتُ أجِدُ ، حَتَّى انصَرَفتُ . ۴
1.كامل الزيارات : ص ۴۷۸ ح ۷۲۸ ، علل الشرائع : ص ۵۳۲ ح ۲ و فيه «طين القبر» بدل «طين قبر الحسين عليه السلام » ، مكارم الأخلاق : ج ۱ ص ۳۶۲ ح ۱۱۸۳ وفيه «شيء» بدل «شفاء» وليس فيهما «فإنّ فيه شفاء من كلّ داء» ، بحار الأنوار : ج ۱۰۱ ص ۱۲۹ ح ۴۳ .
2.فكأنّما اُنشِطَ من عقال : أي حُلّ (النهاية : ج ۵ ص ۵۷ «نَشَط») .
3.«وما يصنع» كذا في المصدر وبحار الأنوار ، ولعلّها من زيادة النسّاخ .
4.كامل الزيارات : ص ۴۶۲ ح ۷۰۵ ، بحار الأنوار : ج ۱۰۱ ص ۱۲۰ ح ۹ وراجع : الاختصاص : ص ۵۲ .