357
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج8

1 . الحكمة العلميّة

المراد بالحكمة العلمية : عامّة المعارف والعلوم الّتي يحتاجها الإنسان في الارتقاء إلى مقام الإنسان الكامل . وبعبارة اُخرى فإنّ « الحكمة » تشمل العلم المرتبط بالعقائد والعلم المرتبط بالأخلاق والعلم المرتبط بالسلوك والعمل ، ولذا أطلق القرآن لفظ الحكمة على البُعد العقائدي والأخلاقي والعملي عند استعراضه جملةً من التعاليم المتعلّقة بكلّ واحدٍ من هذه الأبعاد ، فقال جلّ شأنه : «ذَ لِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ» . ۱
والحكمة بهذا المفهوم تمثّل نقطة الانطلاق في فلسفة بعثة الأنبياء ، وهذا ما أكّدته آيات قرآنية عديدة ، منها قوله تعالى :
«لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَـتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَـبَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَـلٍ مُّبِينٍ» . ۲

2 . الحكمة العمليّة

وتعني الحكمة العمليّة : البرنامج العملي للوصول إلى مرتبة الإنسان الكامل . وتُطلق هذه اللفظة في القرآن والحديث على العلم والعمل الّذي يقع مقدّمة لتكامل الإنسان مع هذا الفارق ، وهو أنّ العلم يمثّل الدرجة الاُولى ، والعمل يمثّل الدرجة الثانية . وقد أشارت الأحاديث الّتي فسّرت الحكمة بامتثال أوامر اللّه سبحانه ومداراة الناس واجتناب المعاصي والمكر والحيلة إلى الحكمة العملية .

1.راجع : الإسراء : ۳۹ وما قبلها .

2.آل عمران : ۱۶۴ وراجع : البقرة : ۱۲۹ و ۱۵۱ ، الجمعة : ۲ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج8
356

الحكمة في القرآن والحديث

لقد تكرّر لفظ الحكمة في القرآن الكريم في عشرين موضعاً ، ووصف الباري جلّ شأنه ذاته بـ «الحكيم» في هذا الكتاب السماوي 91 مرّة . ۱
إنّ التأمّل في موارد استعمال هذه المفردة فيالنصوص الدينية يدلّنا على أنّ المقصود بها ـ من زاوية قرآنية وروائية ـ هو تلك المقدّمات العلميّة والعمليّة والنفسيّة المتقنة والمحكمة لنيل المقاصد الإنسانية السامية . وما المعنى الوارد في الأحاديث في تفسير الحكمة في حقيقته إلّا مصداقاً من مصاديق هذا التعريف الكلّي .

أقسام الحكمة

في ضوء ما ذكرنا من التعريف العامّ للحكمة فإنّها تنقسم في النظرة القرآنية والحديثية إلى ثلاثة أقسام : الحكمة العلميّة ، والحكمة العمليّة ، والحكمة الحقيقيّة .
ويستند هذا التقسيم وهذه التسمية إلى تتبّع مواضع استعمالها في القرآن والحديث والتأمّل فيها .
ويعتبر كلّ واحدٍ من هذه الأقسام الثلاثة للحكمة ( العلميّة والعمليّة والحقيقيّة ) درجة في سُلّم الاستقامة والثبات يُستعان بها لنيل قمم الإنسانية الرفيعة . والملفت للنظر هو أن مؤسّس الدرجة الاُولى في هذا السُلّم ( أعني الحكمة العلميّة ) هم الرسل الإلهيّون ، وأمّا الدرجة الثانية (وهي الحكمة العمليّة) فعلى الإنسان بناءها بنفسه ، وأمّا الدرجة الأخيرة في سلّم الرقي إلى مقام الإنسان الكامل (الحكمة الحقيقيّة) ، فإنّ اللّه سبحانه هو الممهّد لها .
وفيما يلي بيان مقتضب لهذه الأنواع الثلاثة للحكمة :

1.تكرّر وصف «الحكيم» مقروناً بصفة «العليم» في القرآن في ۳۶ موضعاً ، كما اقترن مع صفة «العزيز» في ۴۷ موضعاً ، ومع صفة «الخبير» في أربعة مواضع ، ومع كلٍّ من صفة «التوّاب» و«الحميد» و«العليّ» و«الواسع» مرّةً واحدةً .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج8
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1390
عدد المشاهدين : 123392
الصفحه من 438
طباعه  ارسل الي