361
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج8

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج8
360

التراث العلمي المأثور عن الإمام الحسين عليه السلام

الإمام الحسين عليه السلام من جملة أئمّة أهل البيت الّذين لم يتسنّى كثيراً نقل تراثهم العلمي بسبب الأوضاع السياسيّة الّتي اكتنفت فترة إمامته والتي شابهت الأوضاع الّتي مرّت بها إمامة أخيه الحسن عليه السلام ، حتّى أنّ العلّامة الطباطبائي رضوان اللّه تعالى عليه نفى نقل حديث فقهي عنه عليه السلام ۱ . وعلى الرغم من عدم خلوّ هذا الكلام عن المبالغة إلّا أنّ تتبّعنا يؤيّده إلى حدٍّ كبير .

أحلك العهود الّتي مرّت بأهل البيت عليهم السلام

مثّل عهد معاوية وولده يزيد أحرج الفترات والعهود الّتي مرّ بها أهل البيت عليهم السلام ، فقد دامت إمامة الحسين عليه السلام ما يقرب من عشرة أعوام (صفر 51 ـ محرّم 61) ، عاصر فيها معاوية لأكثر من تسعة سنين .
لقد بذل معاوية أقصى جهده لوضع الموانع والعراقيل أمام الاُمور التي تربط الاُمّة بولديّ رسول اللّه الحسن والحسين عليهماالسلام ، وذلك من أجل القضاء على الدعامة السياسية والاجتماعية لأهل البيت الّذين كانت محبوبيّتهم تتّسع في المجتمع الإسلامي يوما بعد آخر ، فمضافا لما أصدره من أوامر تقضي بقتل وتعذيب وأذى أتباع أهل البيت عليهم السلام ، فقد حرمهم من حقوق المواطنة أيضا، بل وحتّى قطع عطاءهم . ۲
وقد وجّهت هذه السياسة ضربة قاصمة لمعارف الإسلام الأصيلة ، مضافاً إلى تسديدها ضربة من الناحية السياسيّة للدولة الإسلاميّة الحقّة .
وهناك عامل آخر ضاعف كثيراً من عزوف الاُمّة عن العلماء الحقيقيّين وعلى رأسهم أهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، ألا وهو اتّخاذ سياسة المنع العامّ لتدوين الحديث ، وما تبع ذلك من دخول الإسرائيليات والقصص الغريبة إلى الساحة الثقافيّة والفكريّة للاُمّة الإسلاميّة من قبل القصّاص والأحبار الحديثي العهد بالإسلام ۳ .
وقد تصاعدت وتيرة السياسة الّتي تبنّاها معاوية لإقصاء الدين عن الحياة إلى حدّ العزم على حذف اسم النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، حيث كان يتأذّى من تكرار سماع اسمه الشريف في الأذان ! ولذا سعى من خلال دسّ الموضوعات من الأخبار في تشريع الأذان للتمهيد إلى استحداث أمرٍ جديدٍ يحلّ محلّه ، إلّا أنّه لم يفلح في ذلك ؛ نتيجة المواقف التي اتّخذها أهل البيت عليهم السلام في هذا المجال ۴ .
ومن الطبيعي في مثل ذلك الظرف السياسي أن يندر من يعرّض نفسه للخطر لتحمّل أو رواية حديث عن الإمام الحسين أو أخيه الإمام الحسن عليهماالسلام .
إلّا أنّ هذا لا يعني غلق باب الانتهال من بحر علم الإمام الحسين عليه السلام وحكمته بالمرّة ، فقد نقل عنه خواصّه وأصحابه ولاسيما ولده من بعده الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام الّذي سمع منه أحاديث كثيرة والّتي وصلنا بعضها ، وأمّا عامّة الناس (غير الشيعة) فلم يسمعوا عنه ولا عن أخيه الحسن عليه السلام إلّا مسألة واحدة ، كما يحدّثنا بذلك الإمام الرضا عليه السلام حيث يقول :
ما رأَيتُ النّاسَ أخَذوا عَنِ الحَسَنِ والحُسَينِ إِلَا الصَّلاةَ بَعد العَصرِ وَبَعدَ الغَداةِ في طَوافِ الفَريضَةِ . ۵
نستعرضُ في هذا القسم من موسوعة الإمام الحسين عليه السلام وبالاستعانة بمصادر الشيعة والسنّة الميراثَ العلميّ والكلمات التي تنبض بالحكمة لذلك الإمام العظيم ، وذلك في شتّى المجالات ؛ العقائديّة والأخلاقيّة والعلميّة ، والحكم التي جاءت على صورة شعرٍ قد نسب إلى الإمام عليه السلام أو تمثّل به .
الجدير بالذكر هو أنّ بعضا من أقوال الإمام عليه السلام جاء ضمن أقسام هذه الموسوعة الاُخرى ، إلّا أننّا إتماما للفائدة ولتيسير وصول الباحثين الكرام إليها عرضناها بصورة كاملة في هذا القسم .

1.سرگذشت شهيد جاويد (بالفارسيّة) ، رضا اُستادي ، ملحق رسالة علم للعلّامة الطباطبائي : ص ۵۳۵ .

2.راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۱۱ ص ۴۳ وموسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج ۷ ص ۱۶۳ (القسم الخامس عشر / الفصل السابع : كيد أعدائه لإطفاء نوره) .

3.راجع : الموضوعات لابن الجوزي : ج ۱ ص ۲۹ ، الوضع في الحديث : ج ۱ ص ۲۷۳ ـ ۲۷۹ ، الموضوعات في الآثار والأخبار : ص ۱۵۳ .

4.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ عنوان «الأذان» .

5.الكافي: ج ۴ ص ۴۲۴ ح ۵ . يرى عامّة أهل السنّة عدم جواز الصلاة بعد صلاتي العصر والصبح ، واستثنوا من ذلك صلاة الطواف الواجب ، اقتداءً بفعل الحسنين عليهماالسلام حيث صلّيا صلاة الطواف بعد الطواف الواجب.

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج8
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1390
عدد المشاهدين : 123519
الصفحه من 438
طباعه  ارسل الي