375
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج8

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج8
374

۳۶۹۹.عيون أخبار الرضا عليه السلام عن محمّد بن زياد ومحمّد بن سيّار عن الحسن بن علي عن أبيه عن جدّه [الجواد] عليهم السلام :جاءَ رَجُلٌ إلَى الرِّضا عليه السلام فَقالَ لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللّه ِ ، أخبِرني عَن قَولِ اللّه ِ عز و جل : «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ» ما تَفسيرُهُ ؟
فَقالَ : لَقَد حَدَّثَني أبي عَن جَدّي ، عَنِ الباقِرِ ، عَن زَينِ العابِدينَ، عَن أبيهِ عليهم السلام أنَّ رَجُلاً جاءَ إلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ : أخبِرني عَن قَولِ اللّه ِ عز و جل : «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ» ما تَفسيرُهُ ؟
فَقالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ» هُوَ أن عَرَّفَ عِبادَهُ بَعضَ نِعَمِهِ جُمَلاً ، إذ لا يَقدِرونَ عَلى مَعرِفَةِ جَميعِها بِالتَّفصيلِ ، لِأَنَّها أكثَرُ مِن أن تُحصى أو تُعرَفَ ، فَقالَ لَهُم : قولوا :
«الْحَمْدُ لِلَّهِ» عَلى ما أنعَمَ بِهِ عَلَينا «رَبِّ الْعَــلَمِينَ» ، وهُمُ الجَماعاتُ مِن كُلِّ مَخلوقٍ؛ مِنَ الجَماداتِ وَالحَيَواناتِ .
فَأَمَّا الحَيَواناتُ فَهُوَ يُقَلِّبُها في قُدرَتِهِ ، ويَغذوها مِن رِزقِهِ ، ويَحوطُها بِكَنَفِهِ ، ويُدَبِّرُ كُلّاً مِنها بِمَصلَحَتِهِ . وأمَّا الجَماداتُ فَهُوَ يُمسِكُها بِقُدرَتِهِ ، ويُمسِكُ المُتَّصِلَ مِنها أن يَتَهافَتَ ۱ ، ويُمسِكُ المُتَهافِتَ مِنها أن يَتَلاصَقَ ، ويُمسِكُ السَّماءَ أن تَقَعَ عَلَى الأَرضِ إلّا بِإِذنِهِ ، ويُمسِكُ الأَرضَ أن تَنخَسِفَ إلّا بِأَمرِهِ ، إنَّهُ بِعِبادِهِ لَرَؤوفٌ رَحيمٌ .
وقالَ عليه السلام : «رَبِّ الْعَــلَمِينَ» مالِكُهُم وخالِقُهُم وسائِقُ أرزاقِهِم إلَيهِم ، مِن حَيثُ يَعلَمونَ ومِن حَيثُ لا يَعلَمونَ ، وَالرِّزقُ مَقسومٌ ، وهُوَ يَأتِي ابنَ آدَمَ عَلى أيِّ سيرَةٍ سارَها مِنَ الدُّنيا ، لَيسَ تَقوى مُتَّقٍ بِزائِدِهِ ، ولا فُجورُ فاجِرٍ بِناقِصِهِ ، وبَينَهُ وبَينَهُ سِترٌ وهُوَ طالِبُهُ ، فَلَو أنَّ أحَدَكُم يَفِرُّ مِن رِزقِهِ لَطَلَبَهُ رِزقُهُ كَما يَطلُبُهُ المَوتُ .
فَقالَ اللّه ُ ـ جَلَّ جَلالُهُ ـ : قولوا : «الْحَمْدُ لِلَّهِ» عَلى ما أنعَمَ بِهِ عَلَينا وذَكَرَنا بِهِ مِن خَيرٍ في كُتُبِ الأَوَّلينَ قَبلَ أن نَكونَ ، فَفي هذا إيجابٌ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وعَلى شيعَتِهِم أن يَشكُروهُ بِما فَضَّلَهُم ، وذلِكَ أنَّ رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله قالَ : لَمّا بَعَثَ اللّه ُ عز و جلموسَى بنَ عِمرانَ عليه السلام وَاصطَفاهُ نَجِيّا ، وفَلَقَ لَهُ البَحرَ ونَجّى بَني إسرائيلَ ، وأعطاهُ التَّوراةَ وَالأَلواحَ ، رَأى مَكانَهُ مِن رَبِّهِ عز و جل فَقالَ : يا رَبِّ لَقَد أكرَمتَني بِكَرامَةٍ لَم تُكرِم بِها أحَدا قَبلي !
فَقالَ اللّه ُ ـ جَلَّ جَلالُهُ ـ : يا موسى ! أما عَلِمتَ أنَّ مُحَمَّدا عِندي أفضَلُ مِن جَميعِ مَلائِكَتي وجَميعِ خَلقي ؟
قالَ موسى عليه السلام : يا رَبِّ ! فَإِن كانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله أكرَمَ عِندَكَ مِن جَميعِ خَلقِكَ ، فَهَل في آلِ الأَنبِياءِ أكرَمُ مِن آلي ؟
قالَ اللّه ُ ـ جَلَّ جَلالُهُ ـ : يا موسى ! أما عَلِمتَ أنَّ فَضلَ آلِ مُحَمَّدٍ عَلى جَميعِ آلِ النَّبِيّينَ كَفَضلِ مُحَمَّدٍ عَلى جَميعِ المُرسَلينَ ؟
فَقالَ موسى : يا رَبِّ ! فَإِن كانَ آلُ مُحَمَّدٍ كَذلِكَ فَهَل في اُمَمِ الأَنبِياءِ أفضَلُ عِندَكَ مِن اُمَّتي ؛ ظَلَّلتَ عَلَيهِمُ الغَمامَ ، وأنزَلتَ عَلَيهِمُ المَنَّ وَالسَّلوى ، وفَلَقتَ لَهُمُ البَحرَ ؟
فَقالَ اللّه ُ ـ جَلَّ جَلالُهُ ـ : يا موسى ! أما عَلِمتَ أنَّ فَضلَ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلى جَميعِ الاُمَمِ كَفَضلِهِ عَلى جَميعِ خَلقي ؟
فَقالَ موسى عليه السلام : يا رَبِّ ! لَيتَني كُنتُ أراهُم !
فَأَوحَى اللّه ُ عز و جل إلَيهِ : يا موسى ! إنَّكَ لَن تَراهُم ولَيسَ هذا أوانَ ظُهورِهِم ، ولكِن سَوفَ تَراهُم فِي الجَنّاتِ ؛ جَنّاتِ عَدنٍ وَالفِردَوسِ ، بِحَضرَةِ مُحَمَّدٍ في نَعيمِها يَتَقَلَّبونَ ، وفي خَيراتِها يَتَبَحبَحونَ ۲ ، أفَتُحِبُّ أن اُسمِعَكَ كَلامَهُم ؟
فَقالَ : نَعَم إلهي !
قالَ اللّه ُ ـ جَلَّ جَلالُهُ ـ : قُم بَينَ يَدَيَّ ، وَاشدُد مِئزَرَكَ قِيامَ العَبدِ الذَّليلِ بَينَ يَدَيِ المَلِكِ الجَليلِ .
فَفَعَلَ ذلِكَ موسى عليه السلام ، فَنادى رَبُّنا عز و جل : يا اُمَّةَ مُحَمَّدٍ ! فَأَجابوهُ كُلُّهُم وهُم في أصلابِ آبائِهِم وأرحامِ اُمَّهاتِهِم : لَبَّيكَ اللّهُمَّ لَبَّيكَ ، لَبَّيكَ لا شَريكَ لَكَ لَبَّيكَ ، إنَّ الحَمدَ وَالنِّعمَةَ وَالمُلكَ لَكَ ، لا شَريكَ لَكَ .
قالَ : فَجَعَلَ اللّه ُ عز و جل تِلكَ الإِجابَةَ شِعارَ الحاجِّ .
ثُمَّ نادى رَبُّنا عز و جل : يا اُمَّةَ مُحَمَّدٍ ! إنَّ قَضائي عَلَيكُم أنَّ رَحمَتي سَبَقَت غَضَبي ، وعَفوي قَبلَ عِقابي ، فَقَدِ استَجَبتُ لَكُم مِن قَبلِ أن تَدعوني ، وأعطَيتُكُم مِن قَبلِ أن تَسأَلوني ، مَن لَقِيَني مِنكُم بِشَهادَةِ أن لا إلهَ إلَا اللّه ُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وأنَّ مُحَمَّدا عَبدُهُ ورَسولُهُ ، صادِقٌ في أقوالِهِ ، مُحِقٌّ في أفعالِهِ ، وأنَّ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ أخوهُ ووَصِيُّهُ مِن بَعدِهِ ووَلِيُّهُ ، يُلتَزَمُ طاعَتُهُ كَما يُلتَزَمُ طاعَةُ مُحَمَّدٍ ، وأنَّ أولِياءَهُ المُصطَفَينَ الطّاهِرينَ المُطَهَّرينَ المُنبِئينَ بِعَجائِبِ آياتِ اللّه ِ ودَلائِلِ حُجَجِ اللّه ِ مِن بَعدِهِما أولِياؤُهُ ، أدخَلتُهُ جَنَّتي . . . .
قالَ عليه السلام : فَلَمّا بَعَثَ اللّه ُ عز و جل نَبِيَّنا مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله قالَ : يا مُحَمَّدُ «وَ مَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا»۳ اُمَّتَكَ بِهذِهِ الكَرامَةِ . ثُمَّ قالَ عز و جل لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله : قُل : «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ» عَلى مَا اختَصَّني بِهِ مِن هذِهِ الفَضيلَةِ ، وقالَ لِاُمَّتِهِ : قولوا أنتُم : «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ» عَلى مَا اختَصَّنا بِهِ مِن هذِهِ الفَضائِلِ . ۴

1.التَّهافُت : التساقُط قطعةً قطعةً (الصحاح : ج ۱ ص ۲۷۱ «هفت») .

2.تَبَحبَحَ : تمكّن في الحُلول والمَقام (لسان العرب : ج ۲ ص ۴۰۷ «بحح») .

3.القصص : ۴۶ .

4.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۲۸۲ ح ۳۰ ، علل الشرائع : ص ۴۱۶ ح ۳ ، بشارة المصطفى : ص ۲۱۲ ، التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ص ۳۰ ح ۱۱ ، بحار الأنوار : ج ۹۲ ص ۲۲۴ ح ۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج8
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1390
عدد المشاهدين : 156206
الصفحه من 438
طباعه  ارسل الي