203
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9

10 / 20

دُعاؤُهُ يَومَ عَرَفَةَ

۴۰۹۱.الإقبال :مِنَ الدَّعَواتِ المُشَرَّفَةِ في يَومِ عَرَفَةَ ، دُعاءُ مَولانَا الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ صَلَواتُ اللّه ِ عَلَيهِ ۱ :
الحَمدُ للّه ِِ الَّذي لَيسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ ، ولا لِعَطائِهِ مانِعٌ ، ولا كَصُنعِهِ صُنعُ صانِعٍ ، وهُوَ الجَوادُ الواسِعُ ، فَطَرَ ۲ أجناسَ البَدائِعِ ، وأتقَنَ بِحِكمَتِهِ الصَّنائِعَ ، لا يَخفى عَلَيهِ الطَّلائِعُ ، ولا تَضيعُ عِندَهُ الوَدائِعُ ، أتى بِالكِتابِ الجامِعِ ، وبِشَرعِ الإِسلامِ النّورِ السّاطِعِ ، وهُوَ لِلخَليقَةِ صانِعٌ ، وهُوَ المُستَعانُ عَلَى الفَجائِعِ ، جازي كُلِّ صانِعٍ ، ورائِشُ ۳ كُلِّ قانِعٍ ۴ ، وراحِمُ كُلِّ ضارِعٍ ۵ ، ومُنزِلُ المَنافِعِ وَالكِتابِ الجامِعِ بِالنّورِ السّاطِعِ ، وهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ ، ولِلدَّرَجاتِ رافِعٌ ، ولِلكُرُباتِ دافِعٌ ، ولِلجَبابِرَةِ قامِعٌ ، وراحِمُ عَبرَةِ كُلِّ ضارِعٍ ، ودافِعُ ضَرعَةِ كُلِّ ضارِعٍ ، فَلا إلهَ غَيرُهُ ، ولا شَيءَ يَعدِلُهُ ، ولَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ، وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ ، اللَّطيفُ الخَبيرُ ، وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ .
اللّهُمَّ إنّي أرغَبُ إلَيكَ ، وأشهَدُ بِالرُّبوبِيَّةِ لَكَ ، مُقِرّا بِأَنَّكَ رَبّي ، وأنَّ إلَيكَ مَرَدِّي ، ابتَدَأتَني بِنِعمَتِكَ قَبلَ أن أكونَ شَيئا مَذكورا ، وخَلَقتَني مِنَ التُّرابِ ثُمَّ أسكَنتَنِي الأَصلابَ ، أمنا لِرَيبِ المَنونِ ۶ وَاختِلافِ الدُّهورِ ، فَلَم أزَل ظاعِنا ۷ مِن صُلبٍ إلى رَحِمٍ في تَقادُمِ الأَيّامِ الماضِيَةِ ، وَالقُرونِ الخالِيَةِ ، لَم تُخرِجني ـ لِرَأفَتِكَ بي ، ولُطفِكَ لي وإحسانِكَ إلَيَّ ـ في دَولَةِ أيّامِ الكَفَرَةِ ، الَّذينَ نَقَضوا عَهدَكَ وكَذَّبوا رُسُلَكَ ، لكِنَّكَ أخرَجتَني رَأفَةً مِنكَ وتَحَنُّنا عَلَيَّ لِلَّذي سَبَقَ لي مِنَ الهُدَى ، الَّذي فيهِ يَسَّرتَني ، وفيهِ أنشَأتَني ، ومِن قَبلِ ذلِكَ رَؤُفتَ بي بِجَميلِ صُنعِكَ وسَوابِغِ نِعمَتِكَ ؛ فَابتَدَعتَ خَلقي مِن مَنِيٍّ يُمنى ، ثُمَّ أسكَنتَني في ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ، بَينَ لَحمٍ وجِلدٍ ودَمٍ ، لَم تُشَهِّرني بِخَلقي ۸ ، ولَم تَجعَل إلَيَّ شَيئا مِن أمري .
ثُمَّ أخرَجتَني إلَى الدُّنيا تامّا سَوِيّا ، وحَفِظتَني فِي المَهدِ طِفلاً صَبِيّا ، ورَزَقتَني مِنَ الغِذاءِ لَبَنا مَرِيّا ، وعَطَفتَ عَلَيَّ قُلوبَ الحَواضِنِ ، وكَفَّلتَنِي الاُمَّهاتِ الرَّحائِمَ ، وكَلَأتَني ۹ مِن طَوارِقِ الجانِّ ، وسَلَّمتَني مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقصانِ ، فَتَعالَيتَ يا رَحيمُ يا رَحمانُ .
حَتّى إذَا استَهلَلتُ ناطِقا بِالكَلامِ ، أتمَمتَ عَلَيَّ سَوابِغَ الإِنعامِ ، فَرَبَّيتَني زائِدا في كُلِّ عامٍ ، حَتّى إذا كَمُلَت فِطرَتي ، وَاعتَدَلَت سَريرَتي ، أوجَبتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَن ألهَمتَني مَعرِفَتَكَ ، ورَوَّعتَني بِعَجائِبِ فِطرَتِكَ ، وأنطَقتَني لِما ذَرَأتَ في سَمائِكَ وأرضِكَ مِن بَدائِعِ خَلقِكَ ، ونَبَّهتَني لِذِكرِكَ وشُكرِكَ وواجِبِ طاعَتِكَ وعِبادَتِكَ ، وفَهَّمتَني ما جاءَت بِهِ رُسُلُكَ ، ويَسَّرتَ لي تَقَبُّلَ مَرضاتِكَ ، ومَنَنتَ عَلَيَّ في جَميعِ ذلِكَ بِعَونِكَ ولُطفِكَ .
ثُمَّ إذ خَلَقتَني مِن حُرِّ ۱۰ الثَّرى ، لَم تَرضَ لي يا إلهي بِنِعمَةٍ دونَ اُخرى ، ورَزَقتَني مِن أنواعِ المَعاشِ وصُنوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ العَظيمِ عَلَيَّ ، وإحسانِكَ القَديمِ إلَيَّ ، حَتّى إذا أتمَمتَ عَلَيَّ جَميعَ النِّعَمِ ، وصَرَفتَ عَنّي كُلَّ النِّقَمِ ، لَم يَمنَعكَ جَهلي وجُرأَتي عَلَيكَ أن دَلَلتَني عَلى ما يُقَرِّبُني إلَيكَ ، ووَفَّقتَني لِما يُزلِفُني لَدَيكَ ، فَإِن دَعَوتُكَ أجَبتَني ، وإن سَأَلتُكَ أعطَيتَني ، وإن أطَعتُكَ شَكَرتَني ، وإن شَكَرتُكَ زِدتَني ، كُلُّ ذلِكَ إكمالاً لِأَنعُمِكَ عَلَيَّ ، وإحسانِكَ إلَيَّ .
فَسُبحانَكَ سُبحانَكَ ! مِن مُبدِئٍ مُعيدٍ حَميدٍ مَجيدٍ ، وتَقَدَّسَت أسماؤُكَ ، وعَظُمَت آلاؤُكَ ، فَأَيُّ أنعُمِكَ يا إلهي اُحصي عَدَدا أو ذِكرا ، أم أيُّ عَطاياكَ أقومُ بِها شُكرا ، وهِيَ يا رَبِّ أكثَرُ مِن أن يُحصِيَهَا العادّونَ ، أو يَبلُغَ عِلما بِهَا الحافِظونَ ! ثُمَّ ما صَرَفتَ ودَرَأتَ ۱۱ عَنِّي اللّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرّاءِ أكثَرُ مِمّا ظَهَرَ لي مِنَ العافِيَةِ وَالسَّرّاءِ .
وأنَا أشهَدُ ـ يا إلهي ـ بِحَقيقَةِ إيماني ، وعَقدِ عَزَماتِ يَقيني ، وخالِصِ صَريحِ تَوحيدي ، وباطِنِ مَكنونِ ضَميري ، وعَلائِقِ مَجاري نورِ بَصَري ، وأساريرِ صَفحَةِ جَبيني ، وخُرقِ مَسارِبِ نَفَسي ، وخَذاريفِ ۱۲ مارِنِ ۱۳ عِرنيني ۱۴ ، ومَسارِبِ صِماخِ ۱۵ سَمعي ، وما ضُمَّت وأطبَقَت عَلَيهِ شَفَتايَ ، وحَرَكاتِ لَفظِ لِساني ، ومَغرَزِ حَنَكِ فَمي وفَكّي ، ومَنابِتِ أضراسي ، وبُلوغِ حَبائِلِ بارِعِ عُنُقي ، ومَساغِ مَطعَمي ومَشرَبي ، وحِمالَةِ ۱۶ اُمِّ رَأسي ، وجُمَلِ حَمائِلِ حَبلِ وَتيني ۱۷ ، ومَا اشتَمَلَ عَلَيهِ تامورُ ۱۸ صَدري ، ونِياطُ ۱۹ حِجابِ قَلبي ، وأفلاذُ حَواشي كَبِدي ، وما حَوَتهُ شَراسيفُ ۲۰
أضلاعي ، وحِقاقُ مَفاصلي ، وأطرافُ أنامِلي ، وقَبضُ عَوامِلي ، ودَمي وشَعري وبَشَري ، وعَصَبي وقَصَبي ۲۱ وعِظامي ، ومُخّي وعُروقي ، وجَميعُ جَوارِحي ، ومَا انتَسَجَ عَلى ذلِكَ أيّامَ رِضاعي ، وما أقَلَّتِ الأَرضُ مِنّي ، ونَومي ويَقظَتي ، وسُكوني وحَرَكَتي ، وحَرَكاتِ رُكوعي وسُجودي ؛ أن لَو حاوَلتُ وَاجتَهَدتُ مَدَى الأَعصارِ وَالأَحقابِ لَو عُمِّرتُها ، أن اُؤَدِّيَ شُكرَ واحِدَةٍ مِن أنعُمِكَ ، مَا استَطَعتُ ذلِكَ ! إلّا بِمَنِّكَ الموجِبِ عَلَيَّ شُكرا آنِفا جَديدا ، وثَناءً طارِفا ۲۲ عَتيدا .
أجَل ، ولَو حَرَصتُ وَالعادّونَ مِن أنامِكَ أن نُحصِيَ مَدى إِنعامِكَ ، سالِفَةً وآنِفَةً ، لَما حَصَرناهُ عَدَدا ، ولا أحَصيناهُ أبَدا ، هَيهاتَ ! أنّى ذلِكَ ، وأنتَ المُخبِرُ عَن نَفسِكَ في كِتابِكَ النّاطِقِ ، وَالنَّبَأِ الصّادقِ : «وَ إِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ»۲۳ ، صَدَقَ كِتابُكَ اللّهُمَّ ونَبَؤُكَ ، وبَلَّغَت أنبِياؤُكَ ورُسُلُكَ ما أنزَلتَ عَلَيهِم مِن وَحيِكَ ، وشَرَعتَ لَهُم مِن دينِكَ ، غَيرَ أنّي أشهَدُ بِجِدّي وجَهدي ، ومَبالِغِ طاقَتي ووُسعي ، وأقولُ مُؤمِنا موقِنا : الحَمدُ للّه ِِ الَّذي لَم يَتَّخِذ وَلَدا فَيَكونَ مَوروثا ، ولَم يَكُن لَهُ شَريكٌ فِي المُلكِ فَيُضادَّهُ فيمَا ابتَدَعَ ، ولا وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرفِدَهُ ۲۴ فيما صَنَعَ ، سُبحانَهُ سُبحانَهُ سُبحانَهُ ! لَو كانَ فيهِما آلِهَةٌ إلَا اللّه ُ لَفَسَدَتا وتَفَطَّرَتا ، فَسُبحانَ اللّه ِ الواحِدِ الحَقِّ الأَحَدِ الصَّمَدِ ، الَّذي لَم يَلِد ولَم يولَد ولَم يَكُن لَهُ كُفُوا أحَدٌ .
الحَمدُ للّه ِِ حَمدا يَعدِلُ حَمدَ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبينَ ، وأنبيائِهِ المُرسَلينَ ، وصَلَّى اللّه ُ عَلى خِيَرَتِهِ مِن خَلقِهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ ، وآلِهِ الطّاهِرينَ المُخلَصينَ .
[ثُمَّ اندَفَعَ عليه السلام فِي المَسأَلَةِ وَاجتَهَدَ فِي الدُّعاءِ وقالَ ـ وعَيناهُ تَكِفانِ ۲۵ دُموعا ـ :] ۲۶
اللّهُمَّ اجعَلني أخشاكَ كَأَنّي أراكَ ، وأسعِدني بِتَقواكَ ، ولا تُشقِني بِمَعصِيَتِكَ ، وخِر لي في قَضائِكَ ، وبارِك لي في قَدَرِكَ ، حَتّى لا اُحِبَّ تَعجيلَ ما أخَّرتَ ، ولا تَأخيرَ ما عَجَّلتَ .
اللّهُمَّ اجعَل غِنايَ في نَفسي ، وَاليَقينَ في قَلبي ، وِالإِخلاصَ في عَمَلي ، وَالنّورَ في بَصَري ، وَالبَصيرَةَ في ديني ، ومَتِّعني بِجَوارِحي ، وَاجعَل سَمعي وبَصَرِي الوارِثَينِ مِنّي ، وَانصُرني عَلى مَن ظَلَمَني ، وأرِني فيهِ مَآرِبي وثاري ، وأقِرَّ بِذلِكَ عَيني .
اللّهُمَّ اكشِف كُربَتي ، وَاستُر عَورَتي ، وَاغفِر لي خَطيئَتي ، وَاخسَأ شَيطاني ، وفُكَّ رِهاني ، وَاجعَل لي يا إلهِي الدَّرَجَةَ العُليا فِي الآخِرَةِ وَالاُولى .
اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ كَما خَلَقتَني فَجَعَلتَني سَميعا بَصيرا ، ولَكَ الحَمدُ كَما خَلَقتَني فَجَعَلتَني حَيّا سَوِيّا ، رَحمَةً بي وكُنتَ عَن خَلقي غَنِيّا .
رَبِّ بِما بَرَأتَني فَعَدَّلتَ فِطرَتي ، رَبِّ بِما أنشَأتَني فَأَحسَنتَ صورَتي ، يا رَبِّ بِما أحسَنتَ بي وفي نَفسي عافَيتَني ، رَبِّ بِما كَلَأتَني ووَفَّقتَني ، رَبِّ بِما أنعَمتَ عَلَيَّ فَهَدَيتَني ، رَبِّ بِما آوَيتَني ومِن كُلِّ خَيرٍ آتَيتَني وأعطَيتَني ، رَبِّ بِما أطعَمتَني وسَقَيتَني ، رَبِّ بِما أغنَيتَني وأقنَيتَني ۲۷ ، رَبِّ بِما أعَنتَني وأعزَزتَني ، رَبِّ بِما ألبَستَني مِن ذِكرِكَ الصّافي ، ويَسَّرتَ لي مِن صُنعِكَ الكافي ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ و آلِ مُحَمَّدٍ ، وأعِنّي عَلى بَوائِقِ ۲۸ الدَّهرِ ، وصُروفِ الأَيّامِ وَاللَّيالي ، ونَجِّني مِن أهوالِ الدُّنيا وكُرُباتِ الآخِرَةِ ، وَاكفِني شَرَّ ما يَعمَلُ الظّالِمونَ فِي الأَرضِ .
اللّهُمَّ ما أخافُ فَاكفِني ، وما أحذَرُ فَقِني ، وفي نَفسي وديني فَاحرُسني ، وفي سَفَري فَاحفَظني ، وفي أهلي ومالي ووُلدي فَاخلُفني ، وفيما رَزَقتَني فَبارِك لي ، وفي نَفسي فَذَلِّلني ، وفي أعيُنِ النّاسِ فَعَظِّمني ، ومِن شَرِّ الجِنِّ وَالإِنسِ فَسَلِّمني ، وبِذُنوبي فَلا تَفضَحني ، وبِسَريرَتي فَلا تُخزِني ، وبِعَمَلي فَلا تُبسِلني ۲۹ ، ونِعَمَكَ فَلا تَسلُبني ، وإلى غَيرِكَ فَلا تَكِلني .
إلى مَن تَكِلُني ؟ إلَى القَريبِ يَقطَعُني ! أم إلَى البَعيدِ يَتَهَجَّمُني ۳۰ ! أم إلَى المُستَضعِفينَ لي ! وأنتَ رَبّي ومَليكُ أمري ، أشكو إلَيكَ غُربَتي وبُعدَ داري ، وهَواني عَلى مَن مَلَّكتَهُ أمري .
اللّهُمَّ فَلا تُحلِل بي غَضَبَكَ ، فَإِن لَم تَكُن غَضِبتَ عَلَيَّ فَلا اُبالي سِواكَ ، غَيرَ أنَّ عافِيَتَكَ أوسَعُ لي ؛ فَأَسأَلُكَ بِنورِ وَجهِكَ الَّذي أشرَقَت لَهُ الأَرضُ وَالسَّماواتُ ، وَانكَشَفَت بِهِ الظُّلُماتُ ، وصَلَحَ عَلَيهِ أمرُ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، ألّا تُميتَني عَلى غَضَبِكَ ، ولا تُنزِلَ بي سَخَطَكَ ، لَكَ العُتبى حَتّى تَرضى مِن قَبلِ ذلِكَ ، لا إلهَ إلّا أنتَ ، رَبَّ البَلَدِ الحَرامِ ، وَالمَشعَرِ الحَرامِ ، وَالبَيتِ العَتيقِ ، الَّذي أحلَلتَهُ البَرَكَةَ ، وجَعَلتَهُ لِلنّاسِ أمَنَةً .
يا مَن عَفا عَنِ العَظيمِ مِنَ الذُّنوبِ بِحِلمِهِ ، يا مَن أسبَغَ النِّعمَةَ بِفَضلِهِ ، يا مَن أعطَى الجَزيلَ بِكَرَمِهِ ، يا عُدَّتي في كُربَتي ، ويا مونِسي في حُفرَتي ، يا وَلِيَّ نِعمَتي ، يا إلهي وإلهَ آبائي إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاقَ ويَعقوبَ ، ورَبَّ جَبرَئيلَ وميكائيلَ و إسرافيلَ ، ورَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ وآلِهِ المُنتَجَبينَ ، ومُنزِلَ التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالزَّبورِ وَالقُرآنِ العَظيمِ ، ومُنزِلَ كهيعص وطه ويس وَالقُرآنِ الحَكيمِ ، أنتَ كَهفي حينَ تُعيينِي المَذاهِبُ في سَعَتِها ، وتَضيقُ عَلَيَّ الأَرضُ بِما رَحُبَت ۳۱ ، ولَولا رَحمَتُكَ لَكُنتُ مِنَ [الهالِكينَ ، وأنتَ مُقيلُ عَثرَتي ، ولَولا سَترُكَ إيّايَ لَكُنتُ مِنَ] ۳۲ المَفضوحينَ ، وأنتَ مُؤَيِّدي بِالنَّصرِ عَلَى الأَعداءِ ، ولَولا نَصرُكَ لي لَكُنتُ مِنَ المَغلوبينَ .
يا مَن خَصَّ نَفسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفعَةِ ، وأولِياؤُهُ بِعِزِّهِ يَعتَزّونَ ، يا مَن جَعَلَت لَهُ المُلوكُ نيرَ ۳۳ المَذَلَّةِ عَلى أعناقِهِم فَهُم مِن سَطَواتِهِ خائِفونَ ، يَعلَمُ خائِنَةَ الأَعيُنِ وما تُخفِي الصُّدورُ ، وغَيبَ ما تَأتي بِهِ الأَزمانُ وَالدُّهورُ .
يا مَن لا يَعلَمُ كَيفَ هُوَ إلّا هُوَ ، يا مَن لا يَعلَمُ ما هُوَ إلّا هُوَ ، يا مَن لا يَعلَمُ ما يَعلَمُهُ إلّا هُوَ ، يا مَن كَبَسَ الأَرضَ عَلَى الماءِ ، وسَدَّ الهَواءَ بِالسَّماءِ ، يا مَن لَهُ أكرَمُ الأَسماءِ ، يا ذَا المَعروفِ الَّذي لا يَنقَطِعُ أبَدا .
يا مُقَيِّضَ ۳۴ الرَّكبِ لِيوسُفَ فِي البَلَدِ القَفرِ ، ومُخرِجَهُ مِنَ الجُبِّ ، وجاعِلَهُ بَعدَ العُبودِيَّةِ مَلِكا .
يا رادَّ يوسُفَ عَلى يَعقوبَ بَعدَ أنِ ابيَضَّت عَيناهُ مِنَ الحُزنِ فَهُوَ كَظيمٌ .
يا كاشِفَ الضُرِّ وَالبَلاءِ عَن أيّوبَ .
يا مُمسِكَ يَدِ إبراهيمَ عَن ذَبحِ ابنِهِ بَعدَ أن كَبِرَ سِنُّهُ وفَنِيَ عُمُرُهُ .
يا مَنِ استَجابَ لِزَكَرِيّا فَوَهَبَ لَهُ يَحيى ولَم يَدَعهُ فَردا وَحيدا .
يا مَن أخرَجَ يونُسَ مِن بَطنِ الحوتِ .
يا مَن فَلَقَ البَحرَ لِبَني إسرائيلَ فَأَنجاهُم وجَعَلَ فِرعَونَ وجُنودَهُ مِنَ المُغرَقينَ .
يا مَن أرسَلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ بَينَ يَدي رَحمَتِهِ .
يا مَن لا يَعجَلُ عَلى مَن عَصاهُ مِن خَلقِهِ .
يا مَنِ استَنقَذَ السَّحَرَةَ مِن بَعدِ طولِ الجُحودِ ، وقَد غَدَوا في نِعمَتِهِ يَأكُلونَ رِزقَهُ ويَعبُدونَ غَيرَهُ ، وقَد حادّوهُ ۳۵ ونادّوهُ وكَذَّبوا رُسُلَهُ .
يا اللّه ُ يا بَديءُ لا بَدءَ لَكَ ، يا دائِما لا نَفادَ لَكَ ، يا حَيُّ يا قَيّومُ ، يا مُحيِيَ المَوتى ، يا مَن هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفسٍ بِما كَسَبَت ، يا مَن قَلَّ لَهُ شُكري فَلَم يَحرِمني ، وعَظُمَت خَطيئَتي فَلَم يَفضَحني ، ورَآني عَلَى المَعاصي فَلَم يَخذُلني .
يا مَن حَفِظَني في صِغَري ، يا مَن رَزَقَني في كِبَري ، يا مَن أياديهِ عِندي لا تُحصى ، يا مَن نِعَمُهُ عِندي لا تُجازى ، يا مَن عارَضَني بِالخَيرِ وَالإِحسانِ وعارَضتُهُ بِالإِساءَةِ وَالعِصيانِ ، يا مَن هَداني بِالإِيمانِ قَبلَ أن أعرِفَ شُكرَ الاِمتِنانِ .
يا مَن دَعَوتُهُ مَريضا فَشَفاني ، وعُريانا فَكَساني ، وجائِعا فَأَطعَمَني ، وعَطشانا فَأَرواني ، وذَليلاً فَأَعَزَّني ، وجاهِلاً فَعَرَّفَني ، ووَحيدا فَكَثَّرَني ، وغائِبا فَرَدَّني ، ومُقِلّاً فَأَغناني ، ومُنتَصِرا فَنَصَرَني ، وغَنِيّا فَلَم يَسلُبني ، وأمسَكتُ عَن جَميعِ ذلِكَ فَابتَدَأتَني ، فَلَكَ الحَمدُ يا مَن أقالَ عَثرَتي ، ونَفَّسَ كُربَتي ، وأجابَ دَعوَتي ، وسَتَرَ عَورَتي وذُنوبي ، وبَلَّغَني طَلِبَتي ، ونَصَرَني عَلى عَدُوّي ، وإن أعُدَّ نِعَمَكَ ومِنَنَكَ وكَرائِمَ مِنَحِكَ لا اُحصيها .
يا مَولايَ! أنتَ الَّذي أنعَمتَ ، أنتَ الَّذي أحسَنتَ ، أنتَ الَّذي أجمَلتَ ، أنتَ الَّذي أفضَلتَ ، أنتَ الَّذي مَنَنتَ ، أنتَ الَّذي أكمَلتَ ، أنتَ الَّذي رَزَقتَ ، أنتَ الَّذي أعطَيتَ ، أنتَ الَّذي أغنَيتَ ، أنتَ الَّذي أقنَيتَ ، أنتَ الَّذي آوَيتَ ، أنتَ الَّذي كفَيتَ ، أنتَ الَّذي هَدَيتَ ، أنتَ الَّذي عَصَمتَ ، أنتَ الَّذي سَتَرتَ ، أنتَ الَّذي غَفَرتَ ، أنتَ الَّذي أقَلتَ ، أنتَ الَّذي مَكَّنتَ ، أنتَ الَّذي أعزَزتَ ، أنتَ الَّذي أعَنتَ ، أنتَ الَّذي عَضَدتَ ، أنتَ الَّذي أيَّدتَ ، أنتَ الَّذي نَصَرتَ ، أنتَ الَّذي شفَيتَ ، أنتَ الَّذي عافَيتَ ، أنتَ الَّذي أكرَمتَ ، تَبارَكتَ رَبّي وتَعالَيتَ ، فَلَكَ الحَمدُ دائِما ، ولَكَ الشُّكرُ واصِبا ۳۶ .
ثُمَّ أنَا ـ يا إلهي ـ المُعتَرِفُ بِذُنوبي فَاغفِرها لي ، أنَا الَّذي أخطَأتُ ، أنَا الَّذي أغفَلتُ ، أنَا الَّذي جَهِلتُ ، أنَا الَّذي هَمَمتُ ، أنَا الَّذي سَهَوتُ ، أنَا الَّذِي اعتَمَدتُ ، أنَا الَّذي تَعَمَّدتُ ، أنَا الَّذي وَعَدتُ ، أنَا الَّذي أخلَفتُ ، أنَا الَّذي نَكَثتُ ، أنَا الَّذي أقرَرتُ .
يا إلهي ! أعتَرِفُ بِنِعَمِكَ عِندي ، وأبوءُ بِذُنوبي ۳۷
فَاغفِر لي ، يا مَن لا تَضُرُّهُ ذُنوبُ عِبادِهِ ، وهُوَ الغَنِيُّ عَن طاعَتِهِم ، وَالمُوَفِّقُ مَن عَمِلَ مِنهُم صالِحا بِمَعونَتِهِ ورَحمَتِهِ ، فَلَكَ الحَمدُ .
إلهي ! أمَرتَني فَعَصَيتُكَ ، ونَهَيتَني فَارتَكَبتُ نَهيَكَ ، فَأَصبَحتُ لا ذا بَراءَةٍ فَأَعتَذِرَ ، ولا ذا قُوَّةٍ فَأَنتَصِرَ ، فَبِأَيِّ شَيءٍ أستَقيلُكَ ۳۸ يا مَولايَ ؛ أبِسَمعي ، أم بِبَصَري ، أم بِلِساني ، أم بِيَدي ، أم بِرِجلي ؟ ألَيسَ كُلُّها نِعَمَكَ عِندي ؟ وبِكُلِّها عَصَيتُكَ يا مَولايَ ، فَلَكَ الحُجَّةُ وَالسَّبيلُ عَلَيَّ .
يا مَن سَتَرَني مِنَ الآباءِ وَالاُمَّهاتِ أن يَزجُروني ، ومِنَ العَشائِرِ وَالإِخوانِ أن يُعَيِّروني ، ومِنَ السَّلاطينِ أن يُعاقِبوني ، ولَوِ اطَّلَعوا يا مَولايَ عَلى مَا اطَّلَعتَ عَلَيهِ مِنّي إذا ما أنظَروني ، ولَرَفَضوني وقَطَعوني .
فَها أنَا ذا بَينَ يَدَيكَ يا سَيِّدي ، خاضِعَا ذَليلاً حَصيرا حَقيرا ، لا ذو بَراءَةٍ فَأَعتَذِرَ ، ولا ذو قُوَّةٍ فَأَنتَصِرَ ، ولا حُجَّةَ لي فَأَحتَجَّ بِها ، ولا قائِلٌ لَم أجتَرِح ۳۹ ولَم أعمَل سوءا ، وما عَسَى الجُحودُ لَو جَحَدتُ يا مَولايَ يَنفَعُني ، وكَيفَ وأنّى ذلِكَ وجَوارِحي كُلُّها شاهِدَةٌ عَلَيَّ بِما قَد عَمِلتُ وعَلِمتُ يَقينا غَيرَ ذي شَكٍّ أنَّكَ سائِلي عَن عَظائِمِ الاُمورِ ، وأنَّكَ الحَكَمُ العَدلُ الَّذي لا يَجورُ ، وعَدلُكَ مُهلِكي ، ومِن كُلِّ عَدلِكَ مَهرَبي ، فَإِن تُعَذِّبني فَبِذُنوبي يا مَولايَ بَعدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ ، وإن تَعفُ عَنّي فَبِحِلمِكَ وجودِكِ وكَرَمِكَ .
لا إلهَ إلّا أنتَ سُبحانَكَ إنّي كُنتُ مِنَ الظّالِمينَ .
لا إلهَ إلّا أنتَ سُبحانَكَ إنّي كُنتُ مِنَ المُستَغفِرينَ .
لا إلهَ إلّا أنتَ سُبحانَكَ إنّي كُنتُ مِنَ المُوَحِّدينَ .
لا إلهَ إلّا أنتَ سُبحانَكَ إنّي كُنتُ مِنَ الوَجِلينَ .
لا إلهَ إلّا أنتَ سُبحانَكَ إنّي كُنتُ مِنَ الرّاجينَ الرّاغِبينَ .
لا إلهَ إلّا أنتَ سُبحانَكَ إنّي كُنتُ مِنَ السّائِلينَ .
لا إلهَ إلّا أنتَ سُبحانَكَ إنّي كُنتُ مِنَ المُهَلِّلينَ المُسَبِّحينَ .
لا إلهَ إلّا أنتَ رَبّي ورَبُّ آبائِيَ الأَوَّلينَ .
اللّهُمَّ هذا ثَنائي عَلَيكَ مُمَجِّدا ، وإخلاصي لَكَ مُوَحِّدا ، وإقراري بِآلائِكَ مُعَدِّدا ، وإن كُنتُ مُقِرّا أنّي لا اُحصيها لِكَثرَتِها وسُبوغِها ۴۰ ، وتَظاهُرِها وتَقادُمِها ، إلى حادِثٍ ما لَم تَزَل تَتَغَمَّدُني بِهِ مَعَها ، مُذ خَلَقتَني وبَرَأتَني مِن أوَّلِ العُمُرِ ؛ مِنَ الإِغناءِ بَعدَ الفَقرِ ، وكَشفِ الضُّرِّ ، وتَسبيبِ اليُسرِ ، ودَفعِ العُسرِ ، وتَفريجِ الكَربِ ، وَالعافِيَةِ فِي البَدَنِ ، وَالسَّلامَةِ فِي الدّينِ . ولَو رَفَدَني ۴۱ عَلى قَدرِ ذِكرِ نِعَمِكَ عَلَيَّ جَميعُ العالَمينَ مِنَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، لَما قَدَرتُ ولا هُم عَلى ذلِكَ .
تَقَدَّستَ وتَعالَيتَ مِن رَبٍّ عَظيمٍ كَريمٍ رَحيمٍ ، لا تُحصى آلاؤُكَ ، ولا يُبلَغُ ثَناؤُكَ ، ولا تُكافى نَعماؤُكَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ و آلِ مُحَمَّدٍ ، وأتمِم عَلَينا نِعمَتَكَ ، وأسعِدنا بِطاعَتِكَ ، سُبحانَكَ لا إلهَ إلّا أنتَ .
اللّهُمَّ إنَّكَ تُجيبُ دَعوَةَ المُضطَرِّ إذا دَعاكَ ، وتَكشِفُ السّوءَ ، وتُغيثُ المَكروبَ ، وتَشفِي السَّقيمَ ، وتُغنِي الفَقيرَ ، وتَجبُرُ الكَسيرَ ، وتَرحَمُ الصَّغيرَ ، وتُعينُ الكَبيرَ ، ولَيسَ دونَكَ ظَهيرٌ ، ولا فَوقَكَ قَديرٌ ، وأنتَ العَلِيُّ الكَبيرُ .
يا مُطلِقَ المُكَبَّلِ الأَسيرِ ، يا رازِقَ الطِّفلِ الصَّغيرِ ، يا عِصمَةَ الخائِفِ المُستَجيرِ ، يا مَن لا شَريكَ لَهُ ولا وَزيرَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ و آلِ مُحَمَّدٍ ، وأعطِني في هذِهِ العَشِيَّةِ أفضَلَ ما أعطَيتَ وأنَلتَ أحَدا مِن عِبادِكَ مِن نِعمَةٍ توليها ، وآلاءٍ تُجَدِّدُها ، وبَلِيَّةٍ تَصرِفُها ، وكُربَةٍ تَكشِفُها ، ودَعوَةٍ تَسمَعُها ، وحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها ، وسَيِّئَةٍ تَغفِرُها ، إنَّكَ لَطيفٌ خَبيرٌ ، وعَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ .
اللّهُمَّ إنَّكَ أقرَبُ مَن دُعِيَ ، وأسرَعُ مَن أجابَ ، وأكرَمُ مَن عَفا ، وأوسَعُ مَن أعطى ، وأسمَعُ مَن سُئِلَ ، يا رَحمانَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ورَحيمَهُما ، لَيسَ كَمِثلِكَ مَسؤولٌ ، ولا سِواكَ مَأمولٌ ، دَعَوتُكَ فَأَجَبتَني ، وسَأَلتُكَ فَأَعطَيتَني ، ورَغِبتُ إلَيكَ فَرَحِمتَني ، ووَثِقتُ بِكَ فَنَجَّيتَني ، وفَزِعتُ إلَيكَ فَكَفَيتَني .
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبدِكَ ورَسولِكَ ونَبِيِّكَ وعَلى آلِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ أجمَعينَ ، وتَمِّم لَنا نَعماءَكَ ، وهَنِّئنا عَطاءَكَ ، وَاجعَلنا لَكَ شاكِرينَ ، ولِالائِكَ ذاكِرينَ ، آمينَ رَبَّ العالَمينَ .
اللّهُمَّ يا مَن مَلَكَ فَقَدَرَ ، وقَدَرَ فَقَهَرَ ، وعُصِيَ فَسَتَرَ ، وَاستُغفِرَ فَغَفَرَ ، يا غايَةَ رَغبَةِ الرّاغِبينَ ، ومُنتَهى أمَلِ الرّاجينَ ، يا مَن أحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلما ، ووَسِعَ المُستَقيلينَ ۴۲ رَأفَةً وحِلما .
اللّهُمَّ إنّا نَتَوَجَّهُ إلَيكَ في هذِهِ العَشِيَّةِ الَّتي شَرَّفتَها وعَظَّمتَها ، بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ ورَسولِكَ وخِيَرَتِكَ ، وأمينِكَ عَلى وَحيِكَ .
اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى البَشيرِ النَّذيرِ ، السِّراجِ المُنيرِ ، الَّذي أنعَمتَ بِهِ عَلَى المُسلِمينَ ، وجَعَلتَهُ رَحمَةً لِلعالَمينَ .
اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ كَما مُحَمَّدٌ أهلُ ذلِكَ يا عَظيمُ ، فَصَلِّ عَلَيهِ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ المُنتَجَبينَ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ أجمَعينَ ، وتَغَمَّدنا بِعَفوِكَ عَنّا ، فَإِلَيكَ عَجَّتِ الأَصواتُ بِصُنوفِ اللُّغاتِ ، وَاجعَل لَنا في هذِهِ العَشِيَّةِ نَصيبا في كُلِّ خَيرٍ تَقسِمُهُ ، ونورٍ تَهدي بِهِ ، ورَحمَةٍ تَنشُرُها ، وعافِيَةٍ تُجَلِّلُها ، وبَرَكَةٍ تُنزِلُها ، ورِزقٍ تَبسُطُهُ ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ .
اللّهُمَّ اقلِبنا في هذَا الوَقتِ مُنجِحينَ مُفلِحينَ مَبرورينَ غانِمينَ ، ولا تَجعَلنا مِنَ القانِطينَ ، ولا تُخلِنا مِن رَحمَتِكَ ، ولا تَحرِمنا ما نُؤَمِّلُهُ مِن فَضلِكَ ، ولا تَرُدَّنا خائِبينَ ، ولا مِن بابِكَ مَطرودينَ ، ولا تَجعَلنا مِن رَحمَتِكَ مَحرومينَ ، ولا لِفَضلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِن عَطاياكَ قانِطينَ ، يا أجوَدَ الأَجوَدينَ ويا أكرَمَ الأَكرَمينَ .
اللّهُمَّ إلَيكَ أقبَلنا موقِنينَ ، ولِبَيتِكَ الحَرامِ آمّينَ قاصِدينَ ، فَأَعِنّا عَلى مَنسَكِنا ، وأكمِل لَنا حَجَّنا ، وَاعفُ اللّهُمَّ عَنّا وعافِنا ، فَقَد مَدَدنا إلَيكَ أيدِيَنا ، وهِيَ بِذِلَّةِ الاِعتِرافِ مَوسومَةٌ .
اللّهُمَّ فَأَعطِنا في هذِهِ العَشِيَّةِ ما سَأَلناكَ ، وَاكفِنا مَا استَكفَيناكَ ، فَلا كافِيَ لَنا سِواكَ ، ولا رَبَّ لَنا غَيرُكَ ، نافِذٌ فينا حُكمُكَ ، مُحيطٌ بِنا عِلمُكَ ، عَدلٌ فينا قَضاؤُكَ ، اقضِ لَنَا الخَيرَ وَاجعَلنا مِن أهلِ الخَيرِ .
اللّهُمَّ أوجِب لَنا بِجودِكَ عَظيمَ الأَجرِ ، وكَريمَ الذُّخرِ ، ودَوامَ اليُسرِ ، وَاغفِر لَنا ذُنوبَنا أجمَعينَ ، ولا تُهلِكنا مَعَ الهالِكينَ ، ولا تَصرِف عَنّا رَأفَتَكَ ، بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمينَ .
اللّهُمَّ اجعَلنا في هذَا الوَقتِ مِمَّن سَأَلَكَ فَأَعطَيتَهُ ، وشَكَرَكَ فَزِدتَهُ ، وتابَ إلَيكَ فَقَبِلتَهُ ، وتَنَصَّلَ ۴۳ إلَيكَ مِن ذُنوبِهِ فَغَفَرتَها لَهُ ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ .
اللّهُمَّ وَفِّقنا وسَدِّدنا وَاعصِمنا وَاقبَل تَضَرُّعَنا ، يا خَيرَ مَن سُئِلَ ، ويا أرحَمَ مَنِ استُرحِمَ ، يا مَن لا يَخفى عَلَيهِ إغماضُ الجُفونِ ، ولا لَحظُ العُيونِ ، ولا مَا استَقَرَّ فِي المَكنونِ ، ولا مَا انطَوَت عَلَيهِ مُضمَراتُ القُلوبِ ، ألا كُلُّ ذلِكَ قَد أحصاهُ عِلمُكَ ، ووَسِعَهُ حِلمُكَ ، سُبحانَكَ وتَعالَيتَ عَمّا يَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّا كَبيرا ، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ السَّبعُ وَالأَرضُ ومَن فيهنَّ ، وإن مِن شَيءٍ إلّا يُسَبِّحُ بِحَمدِكَ ، فَلَكَ الحَمدُ وَالمَجدُ ، وعُلُوُّ الجَدِّ ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ ، وَالفَضلِ وَالإِنعامِ ، وَالأَيادِي الجِسامِ ، وأنتَ الجَوادُ الكَريمُ ، الرَّؤوفُ الرَّحيمُ ، أوسِع عَلَيَّ مِن رِزقِكَ ، وعافِني في بَدَني وديني ، وآمِن خَوفي ، وأعتِق رَقَبَتي مِنَ النّارِ .
اللّهُمَّ لا تَمكُر بي ولا تَستَدرِجني ولا تَخذُلني ، وَادرَأ عَنّي شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ وَالإِنسِ .
[ثُمَّ رَفَعَ عليه السلام صَوتَهُ وبَصَرَهُ إلَى السَّماءِ وعَيناهُ قاطِرَتانِ كَأَنَّهُما مَزادَتانِ ، وقالَ :] ۴۴
يا أسمَعَ السّامِعينَ ، ويا أبصَرَ النّاظِرينَ ، ويا أسرَعَ الحاسِبينَ ، ويا أرحَمَ الرّاحِمينَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وأسأَلُكَ اللّهُمَّ حاجَتِيَ الَّتي إن أعطَيتَنيها لَم يَضُرَّني ما مَنَعتَني ، وإن مَنَعتَنيها لَم يَنفَعني ما أعطَيتَني ، أسأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ ، لا إلهَ إلّا أنتَ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ ، لَكَ المُلكُ ولَكَ الحَمدُ ، وأنتَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ! ۴۵
إلهي! أنَا الفَقيرُ في غِنايَ ، فَكَيفَ لا أكونُ فَقيرا في فَقري ؟
إلهي! أنَا الجاهِلُ في عِلمي ، فَكَيفَ لا أكونُ جَهولاً في جَهلي ؟
إلهي! إنَّ اختِلافَ تَدبيرِكَ ، وسُرعَةَ طَواءِ مَقاديرِكَ ، مَنَعا عِبادَكَ العارِفينَ بِكَ عَنِ السُّكونِ إلى عَطاءٍ ، وَاليَأسِ مِنكَ في بَلاءٍ .
إلهي! مِنّي ما يَليقُ بِلُؤمي ، ومِنكَ ما يَليقُ بِكَرَمِكَ .
إلهي! وَصَفتَ نَفسَكَ بِاللُّطفِ وَالرَّأفَةِ لي قَبلَ وُجودِ ضَعفي ، أفَتَمنَعُني مِنهُما بَعدَ وُجودِ ضَعفي ؟
إلهي! إن ظَهَرَتِ المَحاسِنُ مِنّي فَبِفَضلِكَ ، ولَكَ المِنَّةُ عَلَيَّ ، وإن ظَهَرَتِ المَساوِئُ مِنّي فَبِعَدلِكَ ، ولَكَ الحُجَّةُ عَلَيَّ .
إلهي! كَيفَ تَكِلُني ، وقَد تَوَكَّلتَ لي ؟ وكَيفَ اُضامُ ۴۶ ، وأنتَ النّاصِرُ لي ؟ أم كَيفَ أخيبُ ، وأنتَ الحَفِيُّ ۴۷ بي ؟
ها أنَا أتَوَسَّلُ إلَيكَ بِفَقري إلَيكَ ، وكَيفَ أتَوَسَّلُ إلَيكَ بِما هُوَ مَحالٌ أن يَصِلَ إلَيكَ ؟ أم كَيفَ أشكو إلَيكَ حالي ، وهُوَ لا يَخفى عَلَيكَ ؟ أم كَيفَ اُتَرجِمُ بِمَقالي ، وهُوَ مِنكَ ، بَرَزٌ إلَيكَ ؟ أم كَيفَ تُخَيِّبُ آمالي ، وهِيَ قَد وَفَدَت إلَيكَ ؟ أم كَيفَ لا تُحِسنُ أحوالي ، وبِكَ قامَت ؟
إلهي! ما ألطَفَكَ بي مَعَ عَظيمِ جَهلي ! وما أرحَمَكَ بي مَعَ قَبيحِ فِعلي !
إلهي! ما أقرَبَكَ مِنّي وأبعَدَني عَنكَ ! وما أرأَفَكَ بي ، فَمَا الَّذي يَحجُبُني عَنكَ ؟
إلهي! عَلِمتُ بِاختِلافِ الآثارِ ، وتَنَقُّلاتِ الأَطوارِ ، أنَّ مُرادَكَ مِنّي أن تَتَعَرَّفَ إلَيَّ في كُلِّ شَيءٍ ، حَتّى لا أجهَلَكَ في شَيءٍ .
إلهي! كُلَّما أخرَسَني لُؤمي أنطَقَني كَرَمُكَ ، وكُلَّما آيَسَتني أوصافي أطمَعَتني مِنَنُكَ .
إلهي! مَن كانَت مَحاسِنُهُ مَساوِيَ ، فَكَيفَ لا تَكونُ مَساويهِ مَساوِيَ ؟ ومَن كانَت حَقايِقُهُ دَعاوِيَ ، فَكَيفَ لا تَكونُ دَعاويهِ دَعاوِيَ ؟
إلهي! حُكمُكَ النّافِذُ ، ومَشِيَّتُكَ القاهِرَةُ ، لَم يَترُكا لِذي مَقالٍ مَقالاً ، ولا لِذي حالٍ حالاً .
إلهي! كَم مِن طاعَةٍ بَنَيتُها ، وحالَةٍ شَيَّدتُها ، هَدَمَ اعتِمادي عَلَيها عَدلُكَ ، بل أقالَني مِنها فَضلُكَ .
إلهي! إنَّكَ تَعلَمُ أنّي وإن لَم تَدُمِ الطّاعَةُ مِنّي فِعلاً جَزما ، فَقَد دامَت مَحَبَّةً وعَزما .
إلهي! كَيفَ أعزِمُ وأنتَ القاهِرُ ؟ وكَيفَ لا أعزِمُ وأنتَ الآمِرُ ؟
إلهي! تَرَدُّدي فِي الآثارِ يوجِبُ بُعدَ المَزارِ ، فَاجمَعني عَلَيكَ بِخِدمَةٍ توصِلُني إلَيكَ .
كَيفَ يُستَدَلُّ عَلَيكَ بِما هُوَ في وُجودِهِ مُفتَقِرٌ إلَيكَ ، أيَكونُ لِغَيرِكَ مِنَ الظُّهورِ ما لَيسَ لَكَ ، حَتّى يَكونَ هُوَ المُظهِرَ لَكَ ؟ مَتى غِبتَ حَتّى تَحتاجَ إلى دَليلٍ يَدُلُّ عَلَيكَ ؟ ومَتى بَعِدتَ حَتّى تَكونَ الآثارُ هِيَ الَّتي توصِلُ إلَيكَ ؟ عَمِيَت عَينٌ لا تَراكَ ۴۸ عَلَيها رَقيبا ، وخَسِرَت صَفقَةُ عَبدٍ لَم تَجعَل لَهُ مِن حُبِّكَ نَصيبا .
إلهي! أمَرتَ بِالرُّجوعِ إلَى الآثارِ ، فَارجِعني إلَيكَ بِكِسوَةِ الأَنوارِ ، وهِدايَةِ الاِستِبصارِ ، حَتّى أرجِعَ إلَيكَ مِنها كَما دَخَلتُ إلَيكَ مِنها ؛ مَصونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ إلَيها ، ومَرفوعَ الهِمَّةِ عَنِ الاِعتِمادِ عَلَيها ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ .
إلهي! هذا ذُلّي ظاهِرٌ بَينَ يَدَيكَ ، وهذا حالي لا يَخفى عَلَيكَ ، مِنكَ أطلُبُ الوُصولَ إلَيكَ ، وبِكَ أستَدِلُّ عَلَيكَ ، فَاهدِني بِنورِكَ إلَيكَ ، وأقِمني بِصِدقِ العُبودِيَّةِ بَينَ يَدَيكَ .
إلهي! عَلِّمني مِن عِلمِكَ المَخزونِ ، وصُنّي بِسِرِّكَ المَصونِ .
إلهي! حَقِّقني بِحَقايِقِ أهلِ القُربِ ، وَاسلُك بي مَسلَكَ أهلِ الجَذبِ .
إلهي! أغنِني بِتَدبيرِكَ لي عَن تَدبيري ، وبِاختِيارِكَ عَنِ اختِياري ، وأوقِفني عَلى مَراكِزِ اضطِراري .
إلهي! أخرِجني مِن ذُلِّ نَفسي ، وطَهِّرني مِن شَكّي وشِركي ، قَبلَ حُلولِ رَمسي ۴۹ .
بِكَ أنتَصِرُ فَانصُرني ، وعَلَيكَ أتَوَكَّلُ فَلا تَكِلني ، وإيّاكَ أسأَلُ فَلا تُخَيِّبني ، وفي فَضلِكَ أرغَبُ فَلا تَحرِمني ، وبِجَنابِكَ أنتَسِبُ فَلا تُبعِدني ، وبِبابِكَ أقِفُ فَلا تَطرُدني .
إلهي! تَقَدَّسَ رِضاكَ أن تَكونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنكَ ، فَكَيفَ يَكونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنّي ؟
إلهي! أنتَ الغَنِيُّ بِذاتِكَ أن يَصِلَ إلَيكَ النَّفعُ مِنكَ ، فَكَيفَ لا تَكونُ غَنِيّا عَنّي ؟
إلهي! إنَّ القَضاءَ وَالقَدَرَ يُمَنّيني ، وإنَّ الهَوى ۵۰ بِوَثائِقِ الشَّهوَةِ أسَرَني ، فَكُن أنتَ النَّصيرَ لي حَتّى تَنصُرَني وتُبَصِّرَني ، وأغنِني بِفَضلِكَ حَتّى أستَغنِيَ بِكَ عَن طَلَبي .
أنتَ الَّذي أشرَقتَ الأَنوارَ في قُلوبِ أولِيائِكَ حَتّى عَرَفوكَ ووَحَّدوكَ ، وأنتَ الَّذي أزَلتَ الأَغيارَ عَن قُلوبِ أحِبّائِكَ حَتّى لَم يُحِبّوا سِواكَ ، ولَم يَلجَؤوا إلى غَيرِكَ . أنتَ المونِسُ لَهُم حَيثُ أوحَشَتهُمُ العَوالِمُ ، وأنتَ الَّذي هَدَيتَهُم حَيثُ استَبانَت لَهُمُ المَعالِمُ .
ماذا وَجَدَ مَن فَقَدَكَ ؟ ومَا الَّذي فَقَدَ مَن وَجَدَكَ ؟ لَقَد خابَ مَن رَضِيَ دونَكَ بَدَلاً ، ولَقَد خَسِرَ مَن بَغى عَنكَ مُتَحَوِّلاً .
كَيفَ يُرجى سِواكَ وأنتَ ما قَطَعتَ الإِحسانَ ؟ وكَيفَ يُطلَبُ مِن غَيرِكَ وأنتَ ما بَدَّلتَ عادَةَ الاِمتِنانِ ؟
يا مَن أذاقَ أحِبّاءَهُ حَلاوَةَ المُؤانَسَةِ فَقاموا بَينَ يَدَيهِ مُتَمَلِّقينَ ، ويا مَن ألبَسَ أولِياءَهُ مَلابِسَ هَيبَتِهِ فَقاموا بَينَ يَدَيهِ مُستَغفِرينَ ، أنتَ الذّاكِرُ قَبلَ الذّاكِرينَ ، وأنتَ البادي بِالإِحسانِ قَبلَ تَوَجُّهِ العابِدينَ ، وأنتَ الجَوادُ بِالعَطاءِ قَبلَ طَلَبِ الطّالِبينَ ، وأنتَ الوَهّابُ ثُمَّ لِما وَهَبتَ لَنا مِنَ المُستَقرِضينَ .
إلهي! اُطلُبني بِرَحمَتِكَ حَتّى أصِلَ إلَيكَ ، وَاجذِبني بِمَنِّكَ حَتّى اُقبِلَ عَلَيكَ .
إلهي! إنَّ رَجائي لا يَنقَطِعُ عَنكَ وإن عَصَيتُكَ ، كَما أنَّ خَوفي لا يُزايِلُني وإن أطَعتُكَ ، فَقَد رَفَعَتني (/ دفَعَتني) العَوالِمُ إلَيكَ ، وقَد أوقَعَني عِلميبِكَرَمِكَ عَلَيكَ .
إلهي! كَيفَ أخيبُ وأنتَ أمَلي ؟ أم كَيفَ اُهانُ وعَلَيكَ مُتَّكَلي ؟
إلهي! كَيفَ أستَعِزُّ وفِي الذِّلَّةِ أركَزتَني ؟ أم كَيفَ لا أستَعِزُّ وإلَيكَ نَسَبتَني ؟
إلهي! كَيفَ لا أفتَقِرُ وأنتَ الَّذي فِي الفُقَراءِ أقَمتَني ؟ أم كَيفَ أفتَقِرُ وأنتَ الَّذي بِجودِكَ أغنَيتَني ؟
وأنتَ الَّذي لا إلهَ غَيرُكَ ؛ تَعَرَّفتَ لِكُلِّ شَيءٍ فَما جَهِلَكَ شَيءٌ ، وأنتَ الَّذي تَعَرَّفتَ إلَيَّ في كُلِّ شَيءٍ فَرَأَيتُكَ ظاهِرا في كُلِّ شَيءٍ ، وأنتَ الظّاهِرُ لِكُلِّ شَيءٍ .
يا مَنِ استَوى بِرَحمانِيَّتِهِ فَصارَ العَرشُ غَيبا في ذاتِهِ ، مَحَقتَ الآثارَ بِالآثارِ ، ومَحَوتَ الأَغيارَ بِمُحيطاتِ أفلاكِ الأَنوارِ .
يا مَنِ احتَجَبَ في سُرادِقاتِ ۵۱ عَرشِهِ عَن أن تُدرِكَهُ الأَبصارُ ، يا مَن تَجَلّى بِكَمالِ بَهائِهِ فَتَحَقَّقَت عَظَمَتُهُ [مِنَ] ۵۲
الاِستِواءِ ، كَيفَ تَخفى وأنتَ الظّاهِرُ ؟ أم كَيفَ تَغيبُ وأنتَ الرَّقيبُ الحاضِرُ ؟ إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ . وَالحَمدُ للّه ِِ وَحدَهُ . ۵۳

1.قال الكفعمي في البلد الأمين : ذكر السيّد الحسيب النسيب رضيّ الدين عليّ بن طاووس ـ قدّس اللّه روحه ـ في كتاب مصباح الزائر ، قال : روى بشر وبشير الأسديّان أنّ الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، خرج عشيّة عرفة يومئذٍ من فسطاطه ، متذلِّلاً خاشعا ، فجعل عليه السلام يمشي هونا هونا ، حتّى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في مَيسرة الجبل ، مستقبلَ البيت ، ثمّ رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين ، ثمّ قال : الحمد للّه الذي ليس لقضائه دافع . . . إلى آخره (البلد الأمين : ص ۲۵۱ ، بحار الأنوار : ج ۹۸ ص ۲۱۴ ح ۲) .

2.فَطَرَ : خلق (المصباح المنير : ص ۴۷۶ «فطر») .

3.يقال : راشَهُ يَريشُه ؛ إذا أحسن حاله . وكلّ من أوليته خيرا فقد رِشتَه (لسان العرب : ج ۶ ص ۳۱۰ «ريش») .

4.القانِعُ : السائل ، من القنوع : الرضا باليسير من العطاء (النهاية : ج ۴ ص ۱۱۴ «قنع») .

5.الضارعُ : النحيف الضاوي الجسم (النهاية : ج ۳ ص ۸۴ «ضرع») .

6.المنون : الدَّهرُ (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۲۷۲ «منّ») .

7.ظَعَنَ : سارَ (الصحاح : ج ۴ ص ۲۱۵۹ «ظعن») .

8.قال العلّامة المجلسي : لم تشهّرني بخلقي ؛ أي لم تجعل تلك الحالات الخسيسة ظاهرة للخلق في ابتداء خلقي لأصير محقّرا مهينا عندهم ، بل سترت تلك الأحوال عنهم ، وأخرجتني بعد اعتدال صورتي وخروجي عن تلك الاُصول الدنية (بحار الأنوار : ج ۶۰ ص ۳۷۳) . هذا وفي البلد الأمين : «لَم تُشهِدني خلقي» .

9.كَلأهُ : حرسه (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۲۶ «كلأ») .

10.الحُرّ من الطين والرمل : الطيّب . وحرّ كلّ أرضٍ : وسطها وأطيبها (تاج العروس : ج ۶ ص ۲۶۱ «حرر») .

11.الدَّرأُ : الدَّفع (الصحاح : ج ۱ ص ۴۸ «درأ») .

12.الخُذروف : عُوَيد ، أو قصَبَة مشقوقة ، يفرضُ في وسطه . . . (تاج العروس : ج ۱۲ ص ۱۵۷ «خذرف») . وقد استعاره عليه السلام لمجاري الأنف هنا .

13.المارِن : ما لان من الأنفِ وفَضَل عن القصَبَة (الصحاح : ج ۶ ص ۲۲۰۲ «مرن») .

14.العِرنِينُ : الأنف (النهاية : ج ۳ ص ۲۲۳ «عرن») .

15.الصِّماخ : قناة الاُذن التي تُفضي إلى طبلته (المعجم الوسيط : ج ۱ ص ۵۲۲ «صمخ») .

16.مَحامِلُ الشيء وحَمائِله : العروق التي في أصله وجلده (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۱۸۰ «حمل») .

17.الوَتِينُ : عِرْقٌ في القلب إذا انقطع مات صاحبه (الصحاح : ج ۶ ص ۲۲۱۰ «وتن») .

18.التامور : علقة القلب ودمه (النهاية : ج ۱ ص ۱۹۶ «تمر») .

19.نياط القلب : هو العرق الذي القلب معلّق به (النهاية : ج ۵ ص ۱۴۱ «نيط») .

20.الشراسيف : وهي أطراف الأضلاع المشرفة على البطن (النهاية : ج ۲ ص ۴۵۹ «شرسف») .

21.القُصْبُ : اسم للأمعاء كلّها (النهاية : ج ۴ ص ۶۷ «قصب») .

22.الطارف : المستحدث ، خلاف التالد والتليد (الصحاح : ج ۴ ص ۱۳۹۴ «طرف») .

23.إبراهيم : ۳۴ ، النحل : ۱۸ .

24.الرِفْدُ : العَطَاءُ والصلة (الصحاح : ج ۲ ص ۴۷۵ «رفد») .

25.وَكَفَ الدَّمعُ : إذا تَقَاطَر (النهاية : ج ۵ ص ۲۲۰ «وكف») .

26.ما بين المعقوفين أثبتناه من البلد الأمين : ص ۲۵۳ وراجع : بحار الأنوار : ج ۹۸ ص ۲۱۳ ح ۲ ومستدرك الوسائل : ج ۱۰ ص ۲۵ ح ۱۱۳۷۰ .

27.أغْناهُ اللّه ُ وأقْناهُ : أي أعطاه اللّه ما يسكن إليه (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۶۸ «قنا») .

28.البائقة : الداهية (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۵۲ «بوق») .

29.أبسَلَهُ : أسلَمَهُ للهَلَكَة . وأبسَلَهُ لِعَمَلِهِ وبِعَمَلِهِ : وَكَلَهُ إليهِ (راجع : القاموس المحيط : ج ۳ ص ۳۳۵ «بسل») . وفي البلد الأمين وبحار الأنوار : «فلا تَبتَلِني» .

30.هَجَمَ الرّجلَ وغَيرَهُ : ساقه وطرده ، ويقال : هجم الفحلُ آتُنَهُ : أي طَرَدَها (لسان العرب : ج ۱۲ ص ۶۰۲ «هجم») . وفي البلد الأمين : «يَتَجهَّمُني» ، قال ابن الأثير في معناها : أي يلقاني بالغلظة والوجه الكريه (النهاية : ج ۱ ص ۳۲۳ «جهم») .

31.الرُّحب : السَّعَة (الصحاح : ج ۱ ص ۱۳۴ «رحب») .

32.ما بين المعقوفين أثبتناه من البلد الأمين : ص ۲۵۴ .

33.نيرُ الفدّان : الخشبة المعترضة في عنق الثورين ، وقد يستعار للإذلال (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۸۵۳ «نير») .

34.قَيَّضَ اللّه ُ فلانا لفلانٍ : أي جاء به وأتاحهُ له (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۰۴ «قيض») .

35.المحادّة : المعاداة والمخالفة والمنازعة (النهاية : ج ۱ ص ۳۵۳ «حدد») .

36.وَصَبَ الشيء : دامَ وثَبَتَ (تاج العروس : ج ۲ ص ۴۶۸ «وصب») .

37.أبوءُ بذنبي : أي ألتَزِمُ واُقِرُّ وأرجِعُ (النهاية : ج ۱ ص ۱۵۹ «بوء») .

38.في بحار الأنوار والبلد الأمين : «أستقبلك» .

39.جَرَحَ واجتَرَحَ : اكتسبَ (الصحاح : ج ۱ ص ۳۵۸ «جرح») .

40.أسبغ عليه النعمة : أي أتمّها (الصحاح : ج ۴ ص ۱۳۲۰ «سبغ») .

41.تقول : رَفَدتُه ؛ إذا أعَنتَه (الصحاح : ج ۲ ص ۴۷۵ «رفد») .

42.في المصدر : «المستقبلين» ، والصواب ما أثبتناه كما في بحار الأنوار والبلد الأمين .

43.تَنَصَّلَ : أي انتفى من ذنبه واعتذر إليه (النهاية : ج ۵ ص ۶۷ «نصل») .

44.أثبتنا ما بين المعقوفين من البلد الأمين : ص ۲۵۸ وراجع : بحار الأنوار : ج ۹۸ ص ۲۱۳ ح ۲ ومستدرك الوسائل : ج ۱۰ ص ۲۵ ح ۱۱۳۷۰ .

45.عند هذه الكلمات تمّ دعاؤه عليه السلام في البلد الأمين ، ولم يذكر قوله بعد ذلك : «إلهي أنا الفقير . . .» إلى ف آخر الدعاء . ثمّ قال : فلم يكن له عليه السلام جهد إلّا قوله : يا ربّ ، يا ربّ ، بعد هذا الدعاء ، وشغل من حضر ممّن كان حوله وشهد ذلك المحضر عن الدعاء لأنفسهم ، وأقبلوا على الاستماع له عليه السلام ، والتأمين على دعائه ، قد اقتصروا على ذلك لأنفسهم ، ثمّ علت أصواتهم بالبكاء معه ، وغربت الشمس ، وأفاض عليه السلام وأفاض الناس معه (البلد الأمين : ص ۲۵۸ وراجع : بحار الأنوار : ج ۹۸ ص ۲۱۳ ح ۲ ومستدرك الوسائل : ج ۱۰ ص ۲۶ ح ۱۱۳۷۰) . جدير بالذكر أنّنا نقلنا المقطع التالي من الدعاء عن كتاب الإقبال للسيّد ابن طاووس ، ولهذا وقع الاختلاف في كون المقطع المذكور من دعاء الإمام الحسين عليه السلام أم من غيره ، وسنتعرّض لذلك في البيان الذي نذكره بعد إيراد الدعاء .

46.الضّيْمُ : الظلم (الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۷۳ «ضيم») .

47.حَفِيَ به : أي بالغ في برّه والسؤال عنه (النهاية : ج ۱ ص ۴۰۹ «حفا») .

48.في المصدر : «لا تَزال» ، والتصويب من بحار الأنوار .

49.الرَّمس : الدَّفن ، والقَبر (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۲۲۰ «رمس») .

50.في المصدر : «الهواء» ، والتصويب من بحار الأنوار .

51.السُّرادِقُ : واحد السرادقات التي تمدّ فوق صحن الدار (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۹۶ «سردق») .

52.ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار .

53.الإقبال (طبعة دار الكتب الإسلاميّة) : ص ۳۳۹ ، البلد الأمين : ص ۲۵۱ وليس فيه ذيله من : «إلهي ، أنا الفقير في غناي . . .» ، بحار الأنوار : ج ۹۸ ص ۲۱۶ ح ۲ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9
202

10 / 18

تَسبيحُهُ فِي اليَومِ الخامِسِ مِنَ الشَّهرِ

۴۰۸۹.الدعوات :تَسبيحُ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي اليَومِ الخامِسِ [مِنَ الشَّهرِ] : سُبحانَ الرَّفيعِ الأَعلى ، سُبحانَ العَظيمِ الأَعظَمِ ، سُبحانَ مَن هُوَ هكَذا ولا يَكونُ هكَذا غَيرُهُ ، ولا يَقدِرُ أحَدٌ قُدرَتَهُ ، سُبحانَ مَن أوَّلُهُ عِلمٌ لا يوصَفُ ، وآخِرُهُ عِلمٌ لا يَبيدُ ، سُبحانَ مَن عَلا فَوقَ البَرِيّاتِ بِالإِلهِيَّةِ فَلا عَينٌ تُدرِكُهُ ، ولا عَقلٌ يُمَثِّلُهُ ، ولا وَهمٌ يُصَوِّرُهُ ، ولا لِسانٌ يَصِفُهُ بِغايَةِ ما لَهُ مِنَ الوَصفِ ، سُبحانَ مَن عَلا فِي الهَواءِ ، سُبحانَ مَن قَضَى المَوتَ عَلَى العِبادِ ، سُبحانَ المَلِكِ المُقتَدِرِ ، سُبحانَ المَلِكِ القُدّوسِ ، سُبحانَ الباقِي الدّائِمِ . ۱

10 / 19

دُعاؤُهُ فِي الرَّغبَةِ إلَى الآخِرَةِ

۴۰۹۰.كشف الغمّة عن راشد بن أبي روح الأنصاري :كانَ مِن دُعاءِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام : اللّهُمَّ ارزُقنِي الرَّغبَةَ فِي الآخِرَةِ حَتّى أعرِفَ صِدقَ ذلِكَ في قَلبي بِالزَّهادَةِ مِنّي في دُنيايَ ، اللّهُمَّ ارزُقني بَصَرا في أمرِ الآخِرَةِ حَتّى أطلُبَ الحَسَناتِ شَوقا ، وأفِرَّ ۲ مِنَ السَّيِّئاتِ خَوفا ، يا رَبِّ! ۳

1.الدعوات للراوندي : ص ۹۲ ح ۲۲۸ ، بحار الأنوار : ج ۹۴ ص ۲۰۶ ح ۳ .

2.في المصدر : «وافرا» ، وهو تصحيف .

3.كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۷۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 157045
الصفحه من 491
طباعه  ارسل الي