275
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9

الفَصلُ الثّاني : مكارم أخلاق النّبيّ9

۴۱۸۷.تاريخ دمشق باسناده عن الامام الحسين عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله أحسَنَ مَن خَلَقَ اللّه ُ خُلُقا . ۱

۴۱۸۸.عيون أخبار الرضا عليه السلام بإسناده عن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :قالَ الحُسَينُ عليه السلام : سَأَلتُ أبي عليه السلام عَن مَدخَلِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، فَقالَ :
كانَ دُخولُهُ لِنَفسِهِ مَأذونا لَهُ في ذلِكَ ، فَإِذا أوى إلى مَنزِلِهِ جَزَّأَ دُخولَهُ ثَلاثَةَ أجزاءٍ : جُزءٌ للّه ِِ تَعالى ، وجُزءٌ لِأَهلِهِ ، وجُزءٌ لِنَفسِهِ ، ثُمَّ جَزَّأَ جُزأَهُ ۲ بَينَهُ وبَينَ النّاسِ ، فَيَرُدُّ ذلِكَ بِالخاصَّةِ عَلَى العامَّةِ ولا يَدَّخِرُ عَنهُم مِنهُ شَيئا .
وكانَ مِن سيرَتِهِ في جُزءِ الاُمَّةِ إيثارُ أهلِ الفَضلِ بِإِذنِهِ ، وقَسمِهِ عَلى قَدرِ فَضلِهِم فِي الدّينِ ؛ فَمِنهُم ذُو الحاجَةِ ، ومِنهُم ذُو الحاجَتَينِ ، ومِنهُم ذُو الحَوائِجِ ، فَيَتَشاغَلُ ويَشغَلُهُم فيما أصلَحَهُم وأصلَحَ الاُمَّةَ مِن مَسأَلَتِهِ عَنهُم ، وإخبارِهِم بِالَّذي يَنبَغي ، ويَقولُ : «لِيُبلِغِ الشّاهِدُ مِنكُمُ الغائِبَ ، وأبلِغوني حاجَةَ مَن لا يَقدِرُ عَلى إبلاغِ حاجَتِهِ ، فَإِنَّهُ مَن أبلَغَ سُلطانا حاجَةَ مَن لا يَقدِرُ عَلى إبلاغِها ثَبَّتَ اللّه ُ قَدَمَيهِ يَومَ القِيامَةِ» ، لا يُذكَرُ عِندَهُ إلّا ذلِكَ ، ولا يُقبَلُ مِن أحَدٍ غَيرُهُ ، يَدخُلونَ رُوّادا ۳ ، ولا يَفتَرِقونَ إلّا عَن ذَواقٍ ۴ ، ويَخرُجونَ أدِلَّةً فُقهاءَ .
فَسَأَلتُهُ عَن مَخرَجِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، كَيفَ كانَ يَصنَعُ فيهِ ؟
فَقالَ : كانَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله يَخزُنُ لِسانَهُ إلّا عَمّا يَعنيهِ ، ويُؤلِفُهُم ولا يُنَفِّرُهُم ، ويُكرِمُ كَريمَ كُلِّ قَومٍ ويُوَلّيهِ عَلَيهِم ، ويَحذَرُ النّاسَ ويَحتَرِسُ مِنهُم ، مِن غَيرِ أن يَطوِيَ عَن أحَدٍ بِشرَهُ ولا خُلُقَهُ ، ويَتَفَقَّدُ أصحابَهُ ، ويَسأَلُ النّاسَ عَمّا فِي النّاسِ ، ويُحَسِّنُ الحَسَنَ ويُقَوّيهِ ، ويُقَبِّحُ القَبيحَ ويوهِنُهُ ، مُعتَدِلَ الأَمرِ غَيرَ مُختَلِفٍ ، لا يَغفُلُ مَخافَةَ أن يَغفُلوا أو يَميلوا ، ولا يَقصُرُ عَنِ الحَقِّ ولا يَجوزُهُ ، الَّذينَ يَلونَهُ مِنَ النّاسِ خِيارُهُم ، أفضَلُهُم عِندَهُ أعَمُّهُم ۵ نَصيحَةً لِلمُسلِمينَ ، وأعظَمُهُم عِندَهُ مَنزِلَةً أحسَنُهُم مُؤاساةً ومُؤازَرَةً .
قالَ : فَسَأَلتُهُ عَن مَجلِسِهِ .
فَقالَ : كانَ صلى الله عليه و آله لا يَجلِسُ ولا يَقومُ إلّا عَلى ذِكرٍ ، ولا يوطِنُ الأَماكِنَ ۶ ويَنهى عَن إيطانِها ، وإذَا انتَهى إلى قَومٍ جَلَسَ حَيثُ يَنتَهي بِهِ المَجلِسُ ، ويَأمُرُ بِذلِكَ ، ويُعطي كُلَّ جُلَسائِهِ نَصيبَهُ حَتّى لا يَحسَبَ أحَدٌ مِن جُلَسائِهِ أنَّ أحَدا أكرَمُ عَلَيهِ مِنهُ ، مَن جالَسَهُ صابَرَهُ حَتّى يَكونَ هُوَ المُنصَرِفَ عَنهُ ، مَن سَأَلَهُ حاجَةً لَم يَرجِع إلّا بِها أو بِمَيسورٍ مِنَ القَولِ ، قَد وَسِعَ النّاسَ مِنهُ خُلُقُهُ ، وصارَ لَهُم أبا رَحيما ، وصاروا عِندَهُ فِي الحَقِّ سَواءً .
مَجلِسُهُ مَجلِسُ حِلمٍ وحَياءٍ وصِدقٍ وأمانَةٍ ، لا تُرفَعُ فيهِ الأَصواتُ ، ولا تُؤبَنُ ۷ فيهِ الحُرَمُ ، ولا تُنثى ۸ فَلَتاتُهُ ، مُتَعادِلينَ ، مُتَواصِلينَ فيهِ بِالتَّقوى ، مُتَواضِعينَ ، يُوَقِّرونَ الكَبيرَ ويَرحَمونَ الصَّغيرَ ، ويُؤثِرونَ ذَا الحاجَةِ ، ويَحفَظونَ الغَريبَ .
فَقُلتُ : كَيفَ كانَ سيرَتُهُ في جُلَسائِهِ ؟
فَقالَ : كانَ دائِمَ البِشرِ ، سَهلَ الخُلُقِ ، لَيِّنَ الجانِبِ ، لَيسَ بِفَظٍّ ۹ ولا غَليظٍ ، ولا صَخّابٍ ولا فَحّاشٍ ولا عَيّابٍ ، ولا مَزّاحٍ ولا مَدّاحٍ ، يَتَغافَلُ عَمّا لا يَشتَهي ، فَلا يُؤيَسُ مِنهُ ولا يَخيبُ فيهِ مُؤَمِّليهِ ، قَد تَرَكَ نَفسَهُ مِن ثَلاثٍ : المِراءِ ۱۰ ، وَالإِكثارِ ، وما لا يَعنيهِ ، وتَرَكَ النّاسَ مِن ثَلاثٍ : كانَ لا يَذُمُّ أحَدا ، ولا يُعَيِّرُهُ ، ولا يَطلُبُ عَثَراتِهِ ولا عَورَتَهُ ، ولا يَتَكَلَّمُ إلّا فيما رَجا ثَوابَهُ ، إذا تَكَلَّمَ أطرَقَ جُلَساؤُهُ كَأَنَّما عَلى رُؤوسِهِمُ الطَّيرُ ۱۱ ، وإذا سَكَتَ تَكَلَّموا ، ولا يَتَنازَعونَ عِندَهُ الحَديثَ ، وإذا تَكَلَّمَ عِندَهُ أحَدٌ أنصَتوا لَهُ حَتّى يَفرُغَ مِن حَديثِهِ ، يَضحَكُ مِمّا يَضحَكونَ مِنهُ ، ويَتَعَجَّبُ مِمّا يَتَعَجَّبونَ مِنهُ ، ويَصبِرُ لِلغَريبِ عَلَى الجَفوَةِ فِي المَسأَلَةِ وَالمَنطِقِ ، حَتّى إن كانَ أصحابُهُ لَيَستَجلِبونَهُم ، ويَقولُ : إذا رَأَيتُم طالِبَ حاجَةٍ يَطلُبُها فَارفِدوهُ ۱۲ . ولا يَقبَلُ الثَّناءَ إلّا مِن مُكافِئٍ ، ولا يَقطَعُ عَلى أحَدٍ كَلامَهُ حَتّى يَجوزَهُ فَيَقطَعَهُ بِنَهيٍ أو قِيامٍ .
قالَ : فَسَأَلتُهُ عَن سُكوتِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله .
فَقالَ عليه السلام : كانَ سُكوتُهُ عَلى أربَعٍ : الحِلمِ ، وَالحَذَرِ ، وَالتَّقديرِ ، وَالتَّفَكُّرِ : فَأَمَّا التَّقديرُ فَفي تَسوِيَةِ النَّظَرِ وَالاستِماعِ بَينَ النّاسِ ، وأما تَفَكُّرُهُ فَفيما يَبقى ويَفنى ، وجُمِعَ لَهُ الحِلمُ فِي الصَّبرِ ؛ فَكانَ لا يُغضِبُهُ شَيءٌ ولا يَستَفِزُّهُ ، وجُمِعَ لَهُ الحَذَرُ في أربَعٍ : أخذِهِ الحَسَنَ لِيُقتَدى بِهِ ، وتَركِهِ القَبيحَ لِيُنتَهى عَنهُ ، وَاجتِهادِهِ الرَّأيَ في إصلاحِ اُمَّتِهِ ، وَالقِيامِ فيما جَمَعَ لَهُم مِن خَيرِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، صَلَواتُ اللّه ِ عَلَيهِ وآلِهِ الطّاهِرينَ . ۱۳

1.تاريخ دمشق : ج ۳ ص ۳۸۴ عن موسى بن عُمَير عن الإمام الباقر عن أبيه عليهماالسلام ، كنز العمّال : ج ۷ ص ۲۱۷ ح ۱۸۶۹۴ .

2.في المصدر : «ثمّ جزاء جزء» ، والتصويب من سائر المصادر .

3.يدخلون روّادا : أي يدخلون عليه طالبين العلم وملتمسين الحُكم من عنده . والرُّوّاد : جمع رائد : وأصل الرائد الذي يتقدّم القوم يُبصِر لهم الكلَأ ومساقط الغيث (النهاية : ج ۲ ص ۲۷۵ «رود») .

4.الذَّواق : المأكول والمشروب . يقال : ما ذُقتُ ذَواقا : أي شيئا . [وهُنا] ضرب الذَّواق مثلاً لِما ينالون عنده من الخير ؛ أي لا يتفرّقون إلّا عن علمٍ وأدبٍ يتعلّمونه (النهاية : ج ۲ ص ۱۷۲ «ذوق») .

5.في المصدر : «وأعمّهم» ، والصواب ما أثبتناه كما في المصادر الاُخرى .

6.لا يوطِنُ الأماكنَ : أي لا يتّخذُ لنفسِهِ مَجلسا يُعرَفُ به (النهاية : ج ۵ ص ۲۰۴ «وطن») .

7.لا تُؤْبَنُ فيه الحُرَمُ : أي لا يُذكرن بقبيح (النهاية : ج ۱ ص ۱۷ «أبن») .

8.في المصدر : «لا تُثنى» ، والصواب ما أثبتناه كما في سائر المصادر . و «لا تُنثى فلتاتُه» : أي لا تُشاع ولا تُذاع . والفَلَتات : جمع فَلتة ؛ وهي الزلّة . أراد أنّه لم يكن لمجلسه فلتات فتنثى (النهاية : ج ۵ ص ۱۶ «نثا») .

9.رجل فَظٌّ : شديد غليظ القلب (المصباح المنير : ص ۴۷۸ «فظظ») .

10.المِراءُ : الجدال (النهاية : ج ۴ ص ۳۲۲ «مرا») .

11.كأنّما على رؤوسهم الطَّير : معناه أنّهم كانوا لإجلالِهم نبيّهم عليه السلام لا يتحرّكون ، فكانت صفتهم صفةَ مَن على رأسه طائر يريد أن يصيده وهو يخاف إن تحرّك طار وذهب (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۱۱۳۲ «طير») .

12.الرِّفد : الإعانة (النهاية : ج ۲ ص ۲۴۱ «رفد») .

13.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۳۱۷ ح ۱ ، معاني الأخبار : ص ۸۱ ح ۱ كلاهما عن إسماعيل بن محمّد بن إسحاق بن جعفر عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، مكارم الأخلاق : ج ۱ ص ۴۴ ح ۱ ؛ المعجم الكبير : ج ۲۲ ص ۱۵۷ ح ۴۱۴ ، الطبقات الكبرى : ج ۱ ص ۴۲۳ كلاهما عن ابن أبي هالة التميمي ، تاريخ دمشق : ج ۳ ص ۳۴۰ عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام وكلّها نحوه ، كنز العمّال : ج ۷ ص ۱۶۵ ح ۱۸۵۳۵ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9
274

1 / 23

التَّوكُّلُ عَلَى اللّه ِ عزوجل

۴۱۸۴.مستدرك الوسائل عن الحسين بن عليّ عليهماالسلام :إنَّ العِزَّ وَالغِنى خَرَجا يَجولانِ فَلَقِيَا التَّوَكُّلَ فَاستَوطَنا . ۱

۴۱۸۵.الفتوح :أقبَلَ الحُسَينُ عليه السلام عَلى عَبدِ اللّه ِ بنِ عَبّاسٍ فَقالَ : يَابنَ عَبّاسٍ ! إنَّكَ ابنُ عَمِّ والِدي ، ولَم تَزَل تَأمُرُ بِالخَيرِ مُنذُ عَرَفتُكَ ، وكُنتَ مَعَ والِدي تُشيرُ عَلَيهِ بِما فيهِ الرَّشادُ ، وقَد كانَ يَستَنصِحُكَ ويَستَشيرُكَ فَتُشيرُ عَلَيهِ بِالصَّوابِ ، فَامضِ إلَى المَدينَةِ في حِفظِ اللّه ِ وكِلائِهِ ۲ ، ولا يَخفى عَلَيَّ شَيءٌ مِن أخبارِكَ ، فَإِنّي مُستَوطِنٌ هذَا الحَرَمَ ، ومُقيمٌ فيهِ أبَدا ما رَأَيتُ أهلَهُ يُحِبُّونّي ويَنصُرُونّي ، فَإِذا هُم خَذَلونِي استَبدَلتُ بِهِم غَيرَهُم ، وَاستَعصَمتُ بِالكَلِمَةِ الَّتي قالَها إبراهيمُ الخَليلُ عليه السلام يَومَ اُلقِيَ فِي النّارِ : «حَسبِيَ اللّه ُ ونِعمَ الوَكيلُ» ، فَكانَتِ النّارُ عَلَيهِ بَردا وسَلاما . ۳

1 / 24

أورَعُ النّاسِ

۴۱۸۶.الأمالي للصدوق بإسناده عن الحسين بن عليّ عليه السلام :سَمِعتُ جَدّي رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله يَقولُ لي : اِعمَل بِفَرائِضِ اللّه ِ تَكُن أتقَى النّاسِ ، وَارضَ بِقَسمِ اللّه ِ تَكُن أغنَى النّاسِ ، وكُفَّ عَن مَحارِمِ اللّه ِ تَكُن أورَعَ النّاسِ . . . . ۴

1.مستدرك الوسائل : ج ۱۱ ص ۲۱۸ ح ۱۲۷۹۳ نقلاً عن القطب الراوندي في لبّ اللباب .

2.الكِلاءة : الحِفظ والحراسة ، يقال : كَلأتُه أكلؤهُ كِلاءَةً (النهاية : ج ۴ ص ۱۹۴ «كلأ») .

3.الفتوح : ج ۵ ص ۲۶ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۹۳ .

4.الأمالي للصدوق : ص ۲۶۹ ح ۲۹۵ عن إسماعيل بن مسلم عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۶۹ ص ۳۶۸ ح ۴ وراجع : الأمالي للمفيد : ص ۳۵۰ ح ۱ والأمالي للطوسي: ص ۱۲۰ ح ۱۸۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 157067
الصفحه من 491
طباعه  ارسل الي