381
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9
380

7 / 15

الاِستدِراجُ

۴۳۸۲.نزهة الناظر عن الإمام الحسين عليه السلام :اللّهُمَّ لا تَستَدرِجني بِالإِحسانِ ، ولا تُؤَدِّبني بِالبَلاءِ . ۱

۴۳۸۳.تحف العقول عن الإمام الحسين عليه السلام :الاِستِدراجُ مِنَ اللّه ِ سُبحانَهُ لِعَبدِهِ : أن يُسبِغَ عَلَيهِ النِّعَمَ ويَسلُبَهُ الشُّكرَ . ۲

7 / 16

السَّعيدُ حَقّا

۴۳۸۴.كتاب من لا يحضره الفقيه بإسناده عن الإمام الحسين عليه السلام :بَينا أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ذاتَ يَومٍ جالِسٌ مَعَ أصحابِهِ يُعَبِّئُهُم لِلحَربِ ، إذا أتاهُ شَيخٌ عَلَيهِ شَحبَةُ ۳ السَّفَرِ ، فَقالَ : أينَ أميرُ المُؤمِنينَ ؟ فَقيلَ : هُوَ ذا ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي أتَيتُكَ مِن ناحِيَةِ الشّامِ ، وأنَا شَيخٌ كَبيرٌ قَد سَمِعتُ فيكَ مِنَ الفَضلِ ما لا اُحصي ، وانّي أظُنُّكَ سَتُغتالُ ، فَعَلِّمني مِمّا عَلَّمَكَ اللّه ُ .
قالَ : نَعَم يا شَيخُ : مَنِ اعتَدَلَ يَوماهُ فَهُوَ مَغبونٌ ، ومَن كانَتِ الدُّنيا هِمَّتَهُ اشتَدَّت حَسرَتُهُ عِندَ فِراقِها ، ومَن كانَ غَدُهُ شَرَّ يَومَيهِ فَهُوَ مَحرومٌ ، ومَن لَم يُبالِ بِما رُزِئَ ۴ مِن آخِرَتِهِ إذا سَلِمَت لَهُ دُنياهُ فَهُوَ هالِكٌ ، ومَن لَم يَتَعاهَدِ النَّقصَ مِن نَفسِهِ غَلَبَ عَلَيهِ الهَوى ، ومَن كانَ في نَقصٍ فَالمَوتُ خَيرٌ لَهُ .
يا شَيخُ! ارضَ لِلنّاسِ ما تَرضى لِنَفسِكَ ، وَائتِ إلَى النّاسِ ما تُحِبُّ أن يُؤتى إلَيكَ .
ثُمَّ أقبَلَ عَلى أصحابِهِ فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ !
أما تَرَونَ إلى أهلِ الدُّنيا يُمسونَ ويُصبِحونَ عَلى أحوالٍ شَتّى ؛ فَبَينَ صَريعٍ يَتَلَوّى ، وبَينَ عائِدٍ ومَعودٍ ، وآخَرَ بِنَفسِهِ يَجودُ ، وآخَرَ لا يُرجى ، وآخَرَ مُسَجّىً ، وطالِبِ الدُّنيا وَالمَوتُ يَطلُبُهُ ، وغافِلٍ ولَيسَ بِمَغفولٍ عَنهُ ، وعَلى أثَرِ الماضي يَصيرُ الباقي .
فَقالَ لَهُ زَيدُ بنُ صوحانَ العَبدِيُّ : يا أميرَ المُؤمِنينَ! أيُّ سُلطانٍ أغلَبُ وأقوى ؟
قالَ : الهَوى .
قالَ : فَأَيُّ ذُلٍّ أذَلُّ ؟
قالَ : الحِرصُ عَلَى الدُّنيا .
قالَ : فَأَيُّ فَقرٍ أشَدُّ ؟
قالَ : الكُفرُ بَعدَ الإِيمانِ .
قالَ : فَأَيُّ دَعوَةٍ أضَلُّ ؟
قالَ : الدّاعي بِما لا يَكونُ .
قالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أفضَلُ ؟
قالَ : التَّقوى .
قالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أنجَحُ ؟
قالَ : طَلَبُ ما عِندَ اللّه ِ عز و جل .
قالَ : فَأَيُّ صاحِبٍ لَكَ شَرٌّ ؟
قالَ : المُزَيِّنُ لَكَ مَعصِيَةَ اللّه ِ عز و جل .
قالَ : فَأَيُّ الخَلقِ أشقى ؟
قالَ : مَن باعَ دينَهُ بِدُنيا غَيرِهِ .
قالَ : فَأَيُّ الخَلقِ أقوى ؟
قالَ : الحَليمُ .
قالَ : فَأَيُّ الخَلقِ أشَحُّ ؟
قالَ : مَن أخَذَ المالَ مِن غَيرِ حِلِّهِ ، فَجَعَلَهُ في غَيرِ حَقِّهِ .
قالَ : فَأَيُّ النّاسِ أكيَسُ ؟
قالَ : مَن أبصَرَ رُشدَهُ مِن غَيِّهِ ، فَمالَ إلى رُشدِهِ .
قالَ : فَمَن أحلَمُ النّاسِ ؟
قالَ : الَّذي لا يَغضَبُ .
قالَ : فَأَيُّ النّاسِ أثبَتُ رَأيا ؟
قالَ : مَن لَم يَغُرَّهُ النّاسُ مِن نَفسِهِ ، ومَن لَم تَغُرَّهُ الدُّنيا بِتَشَوُّفِها ۵ .
قالَ : فَأَيُّ النّاسِ أحمَقُ ؟
قالَ : المُغتَرُّ بِالدُّنيا وهُوَ يَرى ما فيها مِن تَقَلُّبِ أحوالِها .
قالَ : فَأَيُّ النّاسِ أشَدُّ حَسرَةً ؟
قالَ : الَّذي حُرِمَ الدُّنيا وَالآخِرَةَ ، ذلِكَ هُوَ الخُسرانُ المُبينُ .
قالَ : فَأَيُّ الخَلقِ أعمى ؟
قالَ : الَّذي عَمِلَ لِغَيرِ اللّه ِ ، يَطلُبُ بِعَمَلِهِ الثَّوابَ مِن عِندِ اللّه ِ عز و جل .
قالَ : فَأَيُّ القُنوعِ أفضَلُ ؟
قالَ : القانِعُ بِما أعطاهُ اللّه ُ عز و جل .
قالَ : فَأَيُّ المَصائِبِ أشَدُّ ؟
قالَ : المُصيبَةُ بِالدّينِ .
قالَ : فَأَيُّ الأَعمالِ أحَبُّ إلَى اللّه ِ عز و جل ؟
قالَ : اِنتِظارُ الفَرَجِ .
قالَ : فَأَيُّ النّاسِ خَيرٌ عِندَ اللّه ِ ؟
قالَ : أخوَفُهُم للّه ِِ ، وأعمَلُهُم بِالتَّقوى ، وأزهَدُهُم فِي الدُّنيا .
قالَ : فَأَيُّ الكَلامِ أفضَلُ عِندَ اللّه ِ عز و جل ؟
قالَ : كَثرَةُ ذِكرِهِ ، وَالتَّضَرُّعُ إلَيهِ بِالدُّعاءِ .
قالَ : فَأَيُّ القَولِ أصدَقُ ؟
قالَ : شَهادَةُ أن لا إلهَ إلَا اللّه ُ .
قالَ : فَأَيُّ الأَعمالِ أعظَمُ عِندَ اللّه ِ عز و جل ؟
قالَ : التَّسليمُ وَالوَرَعُ .
قالَ : فَأَيُّ النّاسِ أصدَقُ ؟
قالَ : مَن صَدَقَ فِي المَواطِنِ .
ثُمَّ أقبَلَ عليه السلام عَلَى الشَّيخِ فَقالَ : يا شَيخُ ! إنَّ اللّه َ عز و جل خَلَقَ خَلقا ضَيَّقَ الدُّنيا عَلَيهِم نَظَرا لَهُم ، فَزَهَّدَهُم فيها وفي حُطامِها ، فَرَغِبوا في دارِ السَّلامِ الَّتي دَعاهُم إلَيها ، وصَبَروا عَلى ضيقِ المَعيشَةِ ، وصَبَروا عَلَى المَكروهِ ، وَاشتاقوا إلى ما عِندَ اللّه ِ عز و جلمِنَ الكَرامَةِ ، فَبَذَلوا أنفُسَهُمُ ابتِغاءَ رِضوانِ اللّه ِ ، وكانَت خاتِمَةُ أعمالِهِمُ الشَّهادَةَ ، فَلَقُوا اللّه َ عز و جل وهُوَ عَنهُم راضٍ ، وعَلِموا أنَّ المَوتَ سَبيلُ مَن مَضى ومَن بَقِيَ ، فَتَزَوَّدوا لِاخِرَتِهِم غَيرَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ ، ولَبِسُوا الخَشِنَ ، وصَبَروا عَلَى البَلوى ، وقَدَّمُوا الفَضلَ ، وأحَبّوا فِي اللّه ِ وأبغَضوا فِي اللّه ِ عز و جل ، اُولئِكَ المَصابيحُ وأهلُ النَّعيمِ فِي الآخِرَةِ ، وَالسَّلامُ .
قالَ الشَّيخُ : فَأَينَ أذهَبُ وأدَعُ الجَنَّةَ ، وأنَا أراها وأرى أهلَها مَعَكَ ـ يا أميرَ المُؤمِنينَ ـ ؟! جَهِّزني بِقُوَّةٍ أتَقَوّى بِها عَلى عَدُوِّكَ .
فَأَعطاهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام سِلاحا وحَمَلَهُ ، وكانَ فِي الحَربِ بَينَ يَدَي أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام يَضرِبُ قُدُما ، وأميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام يَعجَبُ مِمّا يَصنَعُ ، فَلَمَّا اشتَدَّ الحَربُ أقدَمَ فَرَسَهُ حَتّى قُتِلَ ـ رَحمَةُ اللّه ِ عَلَيهِ ـ وأتبَعَهُ رَجُلٌ مِن أصحابِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَوَجَدَهُ صَريعا ، ووَجَدَ دابَّتَهُ ووَجَدَ سَيفَهُ في ذِراعِهِ ، فَلَمَّا انقَضَتِ الحَربُ أتى أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام بِدابَّتِهِ وسِلاحِهِ وصَلّى عَلَيهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ، وقالَ :
هذا وَاللّه ِ السَّعيدُ حَقّا ، فَتَرَحَّموا عَلى أخيكُم . ۶

1.نزهة الناظر : ص ۸۳ ح ۱۰ ، الدرّة الباهرة : ص ۲۴ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۴۳ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۱۲۷ ح ۹ .

2.تحف العقول : ص ۲۴۶ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۱۱۷ ح ۷ .

3.الشاحِبُ : المتغيّر اللّون والجسم من سفرٍ أو مرضٍ (النهاية : ج ۲ ص ۴۴۸ «شحب») .

4.الرُّزءُ : المصيبة ، رزَأَتْهُ رزيئة : أي أصابته مصيبة (الصحاح : ج ۱ ص ۵۳ «رزأ») .

5.تشوَّف فلان لكذا : طمح بصره إليه ، ثمّ استعمل في تعلّق الآمال والتطلّب (المصباح المنير : ص ۳۲۷ «شوف») .

6.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۴ ص ۳۸۱ ح ۵۸۳۳ ، معاني الأخبار : ص ۱۹۸ ح ۴ كلاهما عن عبد اللّه بن بكر المرادي عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۳۷۶ ح ۱ ، وفي الأمالي للطوسي : ص ۴۳۵ ح ۹۷۴ والأمالي للصدوق : ص ۴۷۷ ح ۶۴۴ عن عبد اللّه بن بكر المرادي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن الحسين عليهم السلام .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 157303
الصفحه من 491
طباعه  ارسل الي