7 / 15
الاِستدِراجُ
  ۴۳۸۲.نزهة الناظر عن الإمام الحسين عليه السلام :اللّهُمَّ لا تَستَدرِجني بِالإِحسانِ ، ولا تُؤَدِّبني بِالبَلاءِ . ۱
  ۴۳۸۳.تحف العقول عن الإمام الحسين عليه السلام :الاِستِدراجُ مِنَ اللّه ِ سُبحانَهُ لِعَبدِهِ : أن يُسبِغَ عَلَيهِ النِّعَمَ ويَسلُبَهُ الشُّكرَ . ۲
7 / 16
السَّعيدُ حَقّا
  ۴۳۸۴.كتاب من لا يحضره الفقيه بإسناده عن الإمام الحسين عليه السلام :بَينا أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ذاتَ يَومٍ جالِسٌ مَعَ أصحابِهِ يُعَبِّئُهُم لِلحَربِ ، إذا أتاهُ شَيخٌ عَلَيهِ شَحبَةُ ۳ السَّفَرِ ، فَقالَ : أينَ أميرُ المُؤمِنينَ ؟ فَقيلَ : هُوَ ذا ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : 
 يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي أتَيتُكَ مِن ناحِيَةِ الشّامِ ، وأنَا شَيخٌ كَبيرٌ قَد سَمِعتُ فيكَ مِنَ الفَضلِ ما لا اُحصي ، وانّي أظُنُّكَ سَتُغتالُ ، فَعَلِّمني مِمّا عَلَّمَكَ اللّه ُ . 
 قالَ : نَعَم يا شَيخُ : مَنِ اعتَدَلَ يَوماهُ فَهُوَ مَغبونٌ ، ومَن كانَتِ الدُّنيا هِمَّتَهُ اشتَدَّت حَسرَتُهُ عِندَ فِراقِها ، ومَن كانَ غَدُهُ شَرَّ يَومَيهِ فَهُوَ مَحرومٌ ، ومَن لَم يُبالِ بِما رُزِئَ ۴ مِن آخِرَتِهِ إذا سَلِمَت لَهُ دُنياهُ فَهُوَ هالِكٌ ، ومَن لَم يَتَعاهَدِ النَّقصَ مِن نَفسِهِ غَلَبَ عَلَيهِ الهَوى ، ومَن كانَ في نَقصٍ فَالمَوتُ خَيرٌ لَهُ . 
 يا شَيخُ! ارضَ لِلنّاسِ ما تَرضى لِنَفسِكَ ، وَائتِ إلَى النّاسِ ما تُحِبُّ أن يُؤتى إلَيكَ . 
 ثُمَّ أقبَلَ عَلى أصحابِهِ فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ! 
 أما تَرَونَ إلى أهلِ الدُّنيا يُمسونَ ويُصبِحونَ عَلى أحوالٍ شَتّى ؛ فَبَينَ صَريعٍ يَتَلَوّى ، وبَينَ عائِدٍ ومَعودٍ ، وآخَرَ بِنَفسِهِ يَجودُ ، وآخَرَ لا يُرجى ، وآخَرَ مُسَجّىً ، وطالِبِ الدُّنيا وَالمَوتُ يَطلُبُهُ ، وغافِلٍ ولَيسَ بِمَغفولٍ عَنهُ ، وعَلى أثَرِ الماضي يَصيرُ الباقي . 
 فَقالَ لَهُ زَيدُ بنُ صوحانَ العَبدِيُّ : يا أميرَ المُؤمِنينَ! أيُّ سُلطانٍ أغلَبُ وأقوى ؟ 
 قالَ : الهَوى . 
 قالَ : فَأَيُّ ذُلٍّ أذَلُّ ؟ 
 قالَ : الحِرصُ عَلَى الدُّنيا . 
 قالَ : فَأَيُّ فَقرٍ أشَدُّ ؟ 
 قالَ : الكُفرُ بَعدَ الإِيمانِ . 
 قالَ : فَأَيُّ دَعوَةٍ أضَلُّ ؟ 
 قالَ : الدّاعي بِما لا يَكونُ . 
 قالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أفضَلُ ؟ 
 قالَ : التَّقوى . 
 قالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أنجَحُ ؟ 
 قالَ : طَلَبُ ما عِندَ اللّه ِ عز و جل . 
 قالَ : فَأَيُّ صاحِبٍ لَكَ شَرٌّ ؟ 
 قالَ : المُزَيِّنُ لَكَ مَعصِيَةَ اللّه ِ عز و جل . 
 قالَ : فَأَيُّ الخَلقِ أشقى ؟ 
 قالَ : مَن باعَ دينَهُ بِدُنيا غَيرِهِ . 
 قالَ : فَأَيُّ الخَلقِ أقوى ؟ 
 قالَ : الحَليمُ . 
 قالَ : فَأَيُّ الخَلقِ أشَحُّ ؟ 
 قالَ : مَن أخَذَ المالَ مِن غَيرِ حِلِّهِ ، فَجَعَلَهُ في غَيرِ حَقِّهِ . 
 قالَ : فَأَيُّ النّاسِ أكيَسُ ؟ 
 قالَ : مَن أبصَرَ رُشدَهُ مِن غَيِّهِ ، فَمالَ إلى رُشدِهِ . 
 قالَ : فَمَن أحلَمُ النّاسِ ؟ 
 قالَ : الَّذي لا يَغضَبُ . 
 قالَ : فَأَيُّ النّاسِ أثبَتُ رَأيا ؟ 
 قالَ : مَن لَم يَغُرَّهُ النّاسُ مِن نَفسِهِ ، ومَن لَم تَغُرَّهُ الدُّنيا بِتَشَوُّفِها ۵ . 
 قالَ : فَأَيُّ النّاسِ أحمَقُ ؟ 
 قالَ : المُغتَرُّ بِالدُّنيا وهُوَ يَرى ما فيها مِن تَقَلُّبِ أحوالِها . 
 قالَ : فَأَيُّ النّاسِ أشَدُّ حَسرَةً ؟ 
 قالَ : الَّذي حُرِمَ الدُّنيا وَالآخِرَةَ ، ذلِكَ هُوَ الخُسرانُ المُبينُ . 
 قالَ : فَأَيُّ الخَلقِ أعمى ؟ 
 قالَ : الَّذي عَمِلَ لِغَيرِ اللّه ِ ، يَطلُبُ بِعَمَلِهِ الثَّوابَ مِن عِندِ اللّه ِ عز و جل . 
 قالَ : فَأَيُّ القُنوعِ أفضَلُ ؟ 
 قالَ : القانِعُ بِما أعطاهُ اللّه ُ عز و جل . 
 قالَ : فَأَيُّ المَصائِبِ أشَدُّ ؟ 
 قالَ : المُصيبَةُ بِالدّينِ . 
 قالَ : فَأَيُّ الأَعمالِ أحَبُّ إلَى اللّه ِ عز و جل ؟ 
 قالَ : اِنتِظارُ الفَرَجِ . 
 قالَ : فَأَيُّ النّاسِ خَيرٌ عِندَ اللّه ِ ؟ 
 قالَ : أخوَفُهُم للّه ِِ ، وأعمَلُهُم بِالتَّقوى ، وأزهَدُهُم فِي الدُّنيا . 
 قالَ : فَأَيُّ الكَلامِ أفضَلُ عِندَ اللّه ِ عز و جل ؟ 
 قالَ : كَثرَةُ ذِكرِهِ ، وَالتَّضَرُّعُ إلَيهِ بِالدُّعاءِ . 
 قالَ : فَأَيُّ القَولِ أصدَقُ ؟ 
 قالَ : شَهادَةُ أن لا إلهَ إلَا اللّه ُ . 
 قالَ : فَأَيُّ الأَعمالِ أعظَمُ عِندَ اللّه ِ عز و جل ؟ 
 قالَ : التَّسليمُ وَالوَرَعُ . 
 قالَ : فَأَيُّ النّاسِ أصدَقُ ؟ 
 قالَ : مَن صَدَقَ فِي المَواطِنِ . 
 ثُمَّ أقبَلَ عليه السلام عَلَى الشَّيخِ فَقالَ : يا شَيخُ ! إنَّ اللّه َ عز و جل خَلَقَ خَلقا ضَيَّقَ الدُّنيا عَلَيهِم نَظَرا لَهُم ، فَزَهَّدَهُم فيها وفي حُطامِها ، فَرَغِبوا في دارِ السَّلامِ الَّتي دَعاهُم إلَيها ، وصَبَروا عَلى ضيقِ المَعيشَةِ ، وصَبَروا عَلَى المَكروهِ ، وَاشتاقوا إلى ما عِندَ اللّه ِ عز و جلمِنَ الكَرامَةِ ، فَبَذَلوا أنفُسَهُمُ ابتِغاءَ رِضوانِ اللّه ِ ، وكانَت خاتِمَةُ أعمالِهِمُ الشَّهادَةَ ، فَلَقُوا اللّه َ عز و جل وهُوَ عَنهُم راضٍ ، وعَلِموا أنَّ المَوتَ سَبيلُ مَن مَضى ومَن بَقِيَ ، فَتَزَوَّدوا لِاخِرَتِهِم غَيرَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ ، ولَبِسُوا الخَشِنَ ، وصَبَروا عَلَى البَلوى ، وقَدَّمُوا الفَضلَ ، وأحَبّوا فِي اللّه ِ وأبغَضوا فِي اللّه ِ عز و جل ، اُولئِكَ المَصابيحُ وأهلُ النَّعيمِ فِي الآخِرَةِ ، وَالسَّلامُ . 
 قالَ الشَّيخُ : فَأَينَ أذهَبُ وأدَعُ الجَنَّةَ ، وأنَا أراها وأرى أهلَها مَعَكَ ـ يا أميرَ المُؤمِنينَ ـ ؟! جَهِّزني بِقُوَّةٍ أتَقَوّى بِها عَلى عَدُوِّكَ . 
 فَأَعطاهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام سِلاحا وحَمَلَهُ ، وكانَ فِي الحَربِ بَينَ يَدَي أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام يَضرِبُ قُدُما ، وأميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام يَعجَبُ مِمّا يَصنَعُ ، فَلَمَّا اشتَدَّ الحَربُ أقدَمَ فَرَسَهُ حَتّى قُتِلَ ـ رَحمَةُ اللّه ِ عَلَيهِ ـ وأتبَعَهُ رَجُلٌ مِن أصحابِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَوَجَدَهُ صَريعا ، ووَجَدَ دابَّتَهُ ووَجَدَ سَيفَهُ في ذِراعِهِ ، فَلَمَّا انقَضَتِ الحَربُ أتى أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام بِدابَّتِهِ وسِلاحِهِ وصَلّى عَلَيهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ، وقالَ : 
 هذا وَاللّه ِ السَّعيدُ حَقّا ، فَتَرَحَّموا عَلى أخيكُم . ۶
1.نزهة الناظر : ص ۸۳ ح ۱۰ ، الدرّة الباهرة : ص ۲۴ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۴۳ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۱۲۷ ح ۹ .
2.تحف العقول : ص ۲۴۶ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۱۱۷ ح ۷ .
3.الشاحِبُ : المتغيّر اللّون والجسم من سفرٍ أو مرضٍ (النهاية : ج ۲ ص ۴۴۸ «شحب») .
4.الرُّزءُ : المصيبة ، رزَأَتْهُ رزيئة : أي أصابته مصيبة (الصحاح : ج ۱ ص ۵۳ «رزأ») .
5.تشوَّف فلان لكذا : طمح بصره إليه ، ثمّ استعمل في تعلّق الآمال والتطلّب (المصباح المنير : ص ۳۲۷ «شوف») .
6.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۴ ص ۳۸۱ ح ۵۸۳۳ ، معاني الأخبار : ص ۱۹۸ ح ۴ كلاهما عن عبد اللّه بن بكر المرادي عن الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۳۷۶ ح ۱ ، وفي الأمالي للطوسي : ص ۴۳۵ ح ۹۷۴ والأمالي للصدوق : ص ۴۷۷ ح ۶۴۴ عن عبد اللّه بن بكر المرادي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن الحسين عليهم السلام .