443
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9

8 / 33

في جَوابِ الأَعرابِيِّ

۰.إنَّ أعرابِيّا دَخَلَ المَسجِدَ الحَرامَ ، فَوَقَفَ عَلَى الحَسَنِ عليه السلام وحَولَهُ حَلقَةٌ ، فَقالَ لِبَعضِ جُلَساءِ الحَسَنِ عليه السلام : مَن هذَا الرَّجُلُ ؟
فَقالَ لَهُ : الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام .
فَقالَ الأَعرابِيُّ : إيّاهُ أرَدتُ .
فَقالَ لَهُ : وما تَصنَعُ بِهِ يا أعرابِيُّ ؟
فَقالَ : بَلَغَني أنَّهُم يَتَكَلَّمونَ فَيُعرِبونَ في كَلامِهِم ، وإنّي قَطَعتُ بَوادِيا وقِفارا وأودِيَةً وجِبالاً ، وجِئتُ لِاُطارِحَهُ الكَلامَ وأسأَلَهُ عَن عَويصِ ۱ العَرَبِيَّةِ .
فَقالَ لَهُ جَليسُ الحَسَنِ عليه السلام : إن كُنتَ جِئتَ لِهذا فَابدَأ بِذلِكَ الشّابِ ـ وأومى إلَى الحُسَينِ عليه السلام ـ .
فَوَقَفَ عَلَيهِ وسَلَّمَ ، [فَرَدَّ عليه السلام ] ۲ ، ثُمَّ قالَ : وما حاجَتُكَ يا أعرابِيُّ ؟
فَقالَ : إنّي جِئتُكَ مِنَ الهَرْقَلِ ۳ ، وَالجَعلَلِ ، والأَينَمِ ، والهَمهَمِ . ۴
فَتَبَسَّمَ الحُسَينُ عليه السلام وقالَ : يا أعرابِيُّ! لَقَد تَكَلَّمتَ بِكَلامٍ ما يَعقِلُهُ إلَا العالِمونَ .
فَقالَ الأَعرابِيُّ : وأقولُ أكثَرَ مِن هذا ، فَهَل تُجيبُني عَلى قَدرِ كَلامي ؟
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : قُل ما شِئتَ ، فَإِنّي مُجيبُكَ عَنهُ .
فَقالَ الأَعرابِيُّ : إنّي بَدَوِيٌّ وأكثَرُ مَقالِي الشِّعرُ ، وهُوَ ديوانُ العَرَبِ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : قُل ما شِئتَ فَإِنّي مُجيبُكَ عَلَيهِ .
فَأَنشَأَ يَقولُ :
هَفا قَلبي إلَى اللَّهوِوقَد وَدَّعَ شَرخَيهِ۵
وقَد كانَ أنيقا عَصرَ تَجراريَ ذَيلَيهِ
عُلالاتٌ ولَذّاتٌفَيا سُقيا لِعَصرَيهِ
فَلَمّا عَمَّمَ الشَّيبُمِنَ الرَّأسِ نِطاقَيهِ
وأمسى قَد عَناني مِنهُ تَجديدُ خِضابَيهِ
تَسَلَّيتُ عَنِ اللَّهوِوألقَيتُ قِناعَيهِ
وفِي الدَّهرِ أعاجيبٌلِمَن يَلبَسُ حالَيهِ
فَلَو يُعمِلُ ذو رَأيٍأصيلٍ فيهِ رَأيَيهِ
لَأَلفى عِبرَةً مِنهُلَهُ في كُلِّ عَصرَيهِ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام ۶ : يا أعرابِيُّ! قَد قُلتَ فَاسمَع مِنّي : ۷
فَما رَسمٌ شَجاني أنمَحا آيَةَ رَسمَيهِ

سَفورٌ دَرَحَ۸الذَّيلَينِ في بَوغاءِ۹قاعَيهِ
وَمودٌ۱۰حَرجَفٌ تَترىعَلى تَلبيدِ ثَوبَيهِ
ودَلّاحٌ۱۱مِنَ المُزنِدَنا نَوءُ سِماكَيهِ۱۲
أتى مُثعَنجِرَ۱۳الوَدقِ۱۴يَجودُ مِن خِلالَيهِ
وقَد أحمَدَ بَرقاهُفَلا ذَمَّ لِبَرقَيهِ
وقَد جَلَّلَ رَعداهُفَلا ذَمَّ لِرَعدَيهِ
ثَجيجُ۱۵الرَّعدِ ثَجّاجٌإذا أرخى نِطاقَيهِ
فَأَضحى دارِسا قَفرالِبَينونَةِ أهلَيهِ .
فَقالَ الأَعرابِيُّ لَمّا سَمِعَها : ما رَأَيتُ كَاليَومِ قَطُّ مِثلَ هذَا الغُلامِ أعرَبَ مِنهُ كَلاما ، وأذرَبَ لِسانا ، وأفصَحَ مِنهُ مَنطِقا !
فَقالَ لَهُ الحَسَنُ عليه السلام : يا أعرابِيُّ :
هذا غُلامٌ كَرَّمَ الرَّحمنُ بِالتَّطهيرِ جَدَّيهِ
كَساهُ القَمَرُ القَمقامُ مِن نورِ سَناءَيهِ

ولَو عَدَّدَ طَمّاحٌنَفَحنا عَن عِدادَيهِ
وقَد أرضَيتُ۱۶مِن شِعريوقَوَّمتُ عَروضَيهِ .
فَلَمّا سَمِعَ الأَعرابِيُّ قَولَ الحَسَنِ عليه السلام قالَ : بارَكَ اللّه ُ عَلَيكُما ! مِثلُكُما بَخِلَتهُ الرِّجالُ ، وعَن مِثلِكُما قامَتِ النِّساءُ ، فَوَاللّه ِ لَقَدِ انصَرَفتُ وأنَا مُحِبٌّ لَكُما ، راضٍ عَنكُما ، فَجَزاكُمَا اللّه ُ خَيرا . وَانصَرَفَ . ۱۷

1.العَوَصُ : ضدّ الإمكان واليُسر ؛ شيء أعوصُ وعويص ، وكلامٌ عويص (لسان العرب : ج ۷ ص ۵۸ «عوص») .

2.لم تذكر في المصدر ، وأثبتناها لاقتضاء السياق لها .

3.اسم لأحد سلاطين الروم (لغت نامه دهخدا «بالفارسية») .

4.كلمات غريبة استخدمها الأعرابي كي يختبر بها الإمام عليه السلام ، والإمام هو أمير البلاغة والفصاحة ، وعدم جوابه ببيان معانيها هو إمّا لانسياق الكلام لكلام آخر ، أو أنّ الإمام ارتأى عدم الضرورة لذلك ، أو وجود سقط في المتن المنقول ، علما أنّ هذه الكلمات جاءت بصور مختلفة في المصادر .

5.شَرْخ الشَّبابِ : أوّله ، وقيل : نضارته وقوّته (النهاية : ج ۲ ص ۴۵۷ «شرخ») .

6.في المصدر : «الحسن عليه السلام » ، والصحيح ما أثبتناه .

7.الأبيات الآتية الّتي أنشدها الإمام عليه السلام لم تُذكر هنا في المصدر ، حيث قال المؤلّف : «ثمّ إنّه عليه السلام قال أبياتا سيأتي ذكرها في الباب المختصّ به المعقود لمناقبه إن شاء اللّه » ، ثمّ ذكرها في الصفحة ۷۳ . وقد أوردناها هنا كي يتمّ الكلام ويكتمل السياق .

8.دَرَحَ : دفع (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۲۲۰ «درح») . وفي الصراط المستقيم : «سفود درج . . .» .

9.البَوْغاءُ : التراب الناعم (النهاية : ج ۱ ص ۱۶۲ «بوغ») .

10.في ديوان الإمام الحسين عليه السلام : «هتوفٌ» .

11.سَحَابَةٌ دَلُوح : أي كثيرة الماء (الصحاح : ج ۱ ص ۳۶۱ «دلح») .

12.السِّماك : نجم في السماء معروف ، وهما سماكان : رامح وأعزل ورامح لا نوء له (النهاية : ج ۲ ص ۴۰۳ «سمك») .

13.ثَعجرتُ الدمَ : أي صببته فانصبّ (الصحاح : ج ۲ ص ۶۰۵ «ثعجر») .

14.الوَدْقُ : المطر (النهاية : ج ۵ ص ۱۶۸ «ودق») .

15.مطر ثجّاج : إذا انصبّ جدّا (الصحاح : ج ۱ ص ۳۰۲ «ثجج») .

16.كذا في المصدر ، وفي ديوان الإمام الحسين عليه السلام : «أرصَنتُ» بدل «أرضَيت» ، والظاهر أنّه الصواب .

17.مطالب السؤول : ص ۶۹ ؛ الصراط المستقيم : ج ۲ ص ۱۷۲ نحوه .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9
442

8 / 32

فِي المُناجاةِ مَعَ رَبِّ الأَربابِ

۰.إنَّهُ عليه السلام سايَرَ أنَسَ بنَ مالِكٍ ، فَأَتى قَبرَ خَديجَةَ فَبَكى ، ثُمَّ قالَ : اِذهَب عَنّي . قالَ أنَسٌ : فَاستَخفَيتُ عَنهُ ، فَلَمّا طالَ وُقوفُهُ فِي الصَّلاةِ سَمِعتُهُ قائِلاً :
يا رَبِّ يا رَبِّ! أنتَ مَولاهُفَارحَم عُبَيدا إلَيكَ مَلجاهُ
يا ذَا المَعالي عَلَيكَ مُعتَمَديطوبى لِمَن كُنتَ أنتَ مَولاهُ
طوبى لِمَن كانَ خائِفا أرِقايَشكو إلى ذِي الجَلالِ بَلواهُ
وما بِهِ عِلَّةٌ ولا سَقَمٌأكثَرُ مِن حُبِّهِ لِمَولاهُ
إذَا اشتَكى بَثَّهُ وغُصَّتَهُأجابَهُ اللّه ُ ثُمَّ لَبّاهُ
إذَا ابتَلى۱بِالظَّلامِ مُبتَهِلاًأكرَمَهُ اللّه ُ ثُمَّ أدناهُ .
فَنودِيَ :
لَبَّيكَ لَبَّيكَ أنتَ في كَنَفيوكُلُّ ما قُلتَ قَد عَلِمناهُ
صَوتُكَ تَشتَاقُهُ مَلائِكَتيفَحَسبُكَ الصَّوتُ قَد سَمِعناهُ
دُعاكَ عِندي يَجولُ في حُجُبٍفَحَسبُكَ السِّترُ قَد سَفَرناهُ۲
لَو هَبَّتِ الرّيحُ في جَوانِبِهِ۳خَرَّ صَريعا لِما تَغَشّاهُ
سَلني بِلا رَغبَةٍ ولا رَهَبٍولا حِسابٍ إنّي أنَا اللّه ُ .۴

1.كذا في المصدر وبحار الأنوار ، ولعلّ الصواب : «خلا» ، كما في دائرة المعارف الحسينية.

2.سَفَرْتُ الشيء : كشفته (المصباح المنير : ص ۲۷۸ «سفر») .

3.الضمير يحتمل إرجاعه إليه عليه السلام على سبيل الالتفات ، لبيان غاية خضوعه وولهه في العبادة بحيث لو تحرّكت ريحٌ لأسقَطَته (بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۹۳) .

4.المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۶۹ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۹۳ ح ۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 157308
الصفحه من 491
طباعه  ارسل الي