8 / 34
فِي الاِعتِذارِ مِنَ السّائِلِ
۰.خَرَجَ سائِلٌ يَتَخَطّى أزِقَّةَ المَدينَةِ ، حَتّى أتى بابَ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليهماالسلام ، فَقَرَعَ البابَ وأنشَأَ يَقولُ :
لَم يَخِبِ اليَومَ مَن رَجاكَ ومَنحَرَّكَ مِن خَلفِ بابِكَ الحَلَقَه
فَأَنتَ ذُوالجودِ أنتَ مَعدِنُهُأبوكَ قد كانَ قاتِلَ الفَسَقَه .۱
وكانَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام واقِفا يُصَلّي ، فَخَفَّفَ مِن صَلاتِهِ وخَرَجَ إلَى الأَعرابِيِّ ، فَرَأى عَلَيهِ أثَرَ ضُرٍّ وفاقَةٍ ، فَرَجَعَ ونادى بِقَنبَرٍ ، فَأَجابَهُ : لَبَّيكَ يَابنَ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله .
قالَ : ما تَبَقّى مَعَكَ مِن نَفَقَتِنا ؟ قالَ : مِئَتا دِرهَمٍ ، أمَرتَني بِتَفرِقَتِها في أهلِ بَيتِكَ .
قالَ : فَهاتِها فَقَد أتى مَن هُوَ أحَقُّ بِها مِنهُم ، فَأَخَذَها وخَرَجَ يَدفَعُها إلَى الأَعرابِيِّ ، وأنشَأَ يَقولُ :
خُذها وإنّي إلَيكَ مُعتَذِرٌوَاعلَم بِأَنّي عَلَيكَ ذو شَفَقَه
لَو كانَ في سَيرِنا عَصا تُمَدُّ إذا۲كانَت سَمانا عَلَيكَ مُندَفِقَه
لكِنَّ رَيبَ المَنونِ۳ذو نَكَدٍ۴وَالكَفُّ مِنّا قَليلَةُ النَّفَقَه .
قالَ : فَأَخَذَهَا الأَعرابِيُّ ووَلّى وهُوَ يَقولُ :
مُطَهَّرونَ نَقِيّاتٌ جُيوبُهُمتَجرِي الصَّلاةُ عَلَيهِم أينَما ذُكِروا
وأنتُمُ أنتُمُ الأَعلَونَ عِندَكُمعِلمُ الكِتابِ وما جاءَت بِهِ السُّوَرُ
مَن لَم يَكُن عَلَوِيّا حينَ تَنسُبُهُفَما لَهُ في جَميعِ النّاسِ مُفتَخَرُ .۵
1.توجد بعض الأخطاء في هذين البيتين في المصدر ، وصحّحناها من ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق المطبوعة بتحقيق محمّد باقر المحمودي .
2.في المصدر : «تمدادا» ، والتصويب من بغية الطلب في تاريخ حلب . وفي ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق : «لو كانَ في سَيرنا الغَداةَ عصا» .
3.في ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق : «ريب الزمان» .
4.نَكِدَ عَيشُه : اشتَدّ وعَسُر (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۳۴۲ «نكد») .
5.تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۱۸۵ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۵۹۳ وراجع : المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۶۵ وبحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۹۰ ح ۲ .