۳۹۰۸.المحاسن عن إسحاق بن جرير الجريري عن رجل من أهل بيته عن أبي عبد اللّه [الصادق] عليه السلام :لَمّا شَيَّعَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام أبا ذَرٍّ رحمه الله ، وشَيَّعَهُ الحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهماالسلام ، وعَقيلُ بنُ أبي طالِبٍ ، وعَبدُ اللّه ِ بنُ جَعفَرٍ ، وعَمّارُ بنُ ياسِرٍ عَلَيهِم سَلامُ اللّه ِ ، قالَ لَهُم أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : وَدِّعوا أخاكُم ، فَإِنَّهُ لابُدَّ لِلشّاخِصِ ۱ مِن أن يَمضِيَ ولِلمُشَيِّعِ مِن أن يَرجِعَ . فَتَكَلَّمَ كُلُّ رَجُلٍ مِنهُم عَلى حِيالِهِ .
فَقالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام : رَحِمَكَ اللّه ُ يا أباذَرٍّ ، إنَ القَومَ إنَّمَا امتَهَنوكَ بِالبَلاءِ لِأَنَّكَ مَنَعتَهُم دينَكَ فَمَنَعوكَ دُنياهُم ، فَما أحوَجَكَ غَدا إلى مامَنَعتَهُم ، وأغناكَ عَمّامَنَعوكَ !
فَقالَ أبو ذَرٍّ : رَحِمَكُمُ اللّه ُ مِن أهلِ بَيتٍ ، فَما لي فِي الدُّنيا مِن شَجَنٍ ۲ غَيرُكُم ، إنّي إذا ذَكَرتُكُم ذَكَرتُ رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله . ۳
۳۹۰۹.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد عن ابن عبّاس :لَمّا اُخرِجَ أبو ذَرٍّ إلَى الرَّبَذَةِ ۴ ، أمَرَ عُثمانُ فَنودِيَ فِي النّاسِ ألّا يُكَلِّمَ أحَدٌ أبا ذَرٍّ ولا يُشَيِّعَهُ ، وأمَرَ مَروانَ بنَ الحَكَمِ أن يَخرُجَ بِهِ . فَخَرَجَ بِهِ ، وتَحاماهُ النّاسُ إلّا عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ عليه السلام وعَقيلاً أخاهُ ، وحَسَنا وحُسَينا عليهماالسلام ، وعَمّارا ؛ فَإِنَّهُم خَرَجوا مَعَهُ يُشَيِّعونَهُ .
فَجَعَلَ الحَسَنُ عليه السلام يُكَلِّمُ أبا ذَرٍّ ، فَقالَ لَهُ مَروانُ : إيها يا حَسَنُ ! ألا تَعلَمُ أنَّ أميرَ المُؤمِنينَ قَد نَهى عَن كَلامِ هذَا الرَّجُلِ ؟! فَإِن كُنتَ لا تَعلَمُ فَاعلَم ذلِكَ .
فَحَمَلَ عَلِيٌّ عليه السلام عَلى مَروانَ ، فَضَرَبَ بِالسَّوطِ بَينَ اُذُنَي راحِلَتِهِ ، وقالَ : تَنَحَّ لَحاكَ ۵ اللّه ُ إلَى النّارِ ! فَرَجَعَ مَروانُ مُغضَبا إلى عُثمانَ فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ ، فَتَلَظّى عَلى عَلِيٍّ عليه السلام . . . .
ثُمَّ تَكَلَّمَ الحُسَينُ عليه السلام ، فَقالَ : يا عَمّاه ، إنَّ اللّه َ تَعالى قادِرٌ أن يُغَيِّرَ ما قَد تَرى ، وَاللّه ُ كُلَّ يَومٍ هُوَ في شَأنٍ ، وقَد مَنَعَكَ القَومُ دُنياهُم ومَنَعتَهُم دينَكَ ، فَما أغناكَ عَمّا مَنَعوكَ ، وأحوَجَهُم إلى ما مَنَعتَهُم ! فَاسأَلِ اللّه َ الصَّبرَ وَالنَّصرَ ، وَاستَعِذ بِهِ مِنَ الجَشَعِ وَالجَزَعِ ، فَإِنَّ الصَّبرَ مِنَ الدّينِ وَالكَرَمِ ، وإنَّ الجَشَعَ لا يُقَدِّمُ رِزقا ، وَالجَزَعَ لا يُؤَخِّرُ أجَلاً . ۶
1.شَخَصَ : إذا خرج من موضع إلى غيره (المصباح المنير : ص ۳۰۶ «شخص») .
2.الشَّجَنُ : الحاجة . والشَّجَنُ : الحُزن (الصحاح : ج ۵ ص ۲۱۴۳ «شجن») .
3.المحاسن : ج ۲ ص ۹۴ ح ۱۲۴۷ ، كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۲ ص ۲۷۵ ح ۲۴۲۸ ، مكارم الأخلاق : ج ۱ ص ۵۳۰ ح ۱۸۴۳ كلاهما من دون إسنادٍ إلى أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۷۶ ص ۲۸۰ ح ۳ .
4.الرَّبذَةُ : من قرى المدينة على ثلاثة أيّام ، وبهذا الموضع قبر أبي ذرّ الغفاري (معجم البلدان : ج ۳ ص ۲۴) .
5.لَحَاهُ اللّه ُ : أي قبّحه ولعنه (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۸۱ «لحى») .
6.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۸ ص ۲۵۲ ؛ الكافي : ج ۸ ص ۲۰۷ ح ۲۵۱ عن أبي جعفر الخثعمي نحوه ، بحار الأنوار : ج ۲۲ ص ۴۱۲ .