85
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9
84

7 / 5

مُكاتَباتُ الإِمامِ ومُعاوِيَةَ

۳۹۲۴.أنساب الأشراف :كَتَبَ مُعاوِيَةُ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام : أمّا بَعدُ : فَقَدِ انتَهَت الَيَّ عَنكَ اُمورٌ أرغَبُ بِكَ عَنها ، فَإِن كانَت حَقّا لَم اُقارَّكَ ۱ عَلَيها ، ولَعَمري إنَّ مَن أعطى صَفقَةَ يَمينِهِ وعَهدَ اللّه ِ وميثاقَهُ لَحَرِيٌّ بِالوَفاءِ ، وإن كانَت باطِلاً فَأَنتَ أسعَدُ النّاسِ بِذلِكَ ، وبِحَظِّ نَفسِكَ تَبدَأُ ، وبِعَهدِ اللّه ِ توفي ، فَلا تَحمِلني عَلى قَطيعَتِكَ وَالإِساءَةِ بِكَ ، فَإِنّي مَتى اُنكِركَ تُنكِرني ، ومَتى تَكِدني أكِدكَ ، فَاتَّقِ شَقَّ عَصا هذِهِ الاُمَّةِ وأن يَرجِعوا عَلى يَدِكَ إلَى الفِتنَةِ ، فَقَد جَرَّبتَ النّاسَ وبَلَوتَهُم ، وأبوكَ كانَ أفضَلَ مِنكَ ، وقَد كانَ اجتَمَعَ عَلَيهِ رَأيُ الَّذينَ يَلوذونَ بِكَ ، ولا أظُنُّهُ يَصلُحُ لَكَ مِنهُم ما كانَ فَسَدَ عَلَيهِ ، فَانظُر لِنَفسِكَ ودينِكَ «وَ لَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ»۲ .
فَكَتَبَ إلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام :
أمّا بَعدُ ، فَقَد بَلَغَني كِتابُكَ تَذكُرُ أنَّهُ بَلَغَتكَ عَنّي اُمورٌ تَرغَبُ عَنها ، فَإِن كانَت حَقّا لَم تُقارَّني عَلَيها ، ولَن يَهدِيَ إلَى الحَسَناتِ ويُسَدِّدَ لَها إلَا اللّه ُ ، فَأَمّا ما نُمِّيَ ۳ إلَيكَ فَإِنَّما رَقَّاهُ ۴ المَلّاقونَ ۵ المَشّاؤونَ بِالنَّمائِمِ ۶ ، المُفَرِّقونَ بَينَ الجَميعِ ۷ ، وما اُريدُ حَربا لَكَ ولا خِلافا عَلَيكَ ، وَايمُ اللّه ِ لَقَد تَرَكتُ ذلِكَ وأنَا أخافُ اللّه َ في تَركِهِ ، وما أظُنُّ اللّه َ راضِيا عَنّي بِتَركِ مُحاكَمَتِكَ إلَيهِ ، ولا عاذِري دونَ الإِعذارِ إلَيهِ فيكَ وفي أولِيائِكَ القاسِطينَ المُلحِدينَ ، حِزبِ الظّالِمينَ وأولِياءِ الشَّياطينِ .
ألَستَ قاتِلَ حُجرِ بنِ عَدِيٍّ وأصحابِهِ المُصَلّينَ العابِدينَ ، الَّذينَ يُنكِرونَ الظُّلمَ ويَستَعظِمونَ البِدَعَ ، ولا يَخافونَ فِي اللّه ِ لَومَةَ لائِمٍ ـ ظُلما وعُدوانا ـ ، بَعدَ إعطائِهِمُ الأَمانَ بِالمَواثيقِ وَالأَيمانِ المُغَلَّظَةِ ؟
أوَلَستَ قاتِلَ عَمرِو بنِ الحَمِقِ صاحِبِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، الَّذي أبلَتهُ العِبادَةُ وصَفَّرَت لَونَهُ وأنحَلَت جِسمَهُ ؟!
أوَلَستَ المُدَّعِيَ زِيادَ بنَ سُمَيَّةَ المَولودَ عَلى فِراشِ عُبَيدٍ عَبدِ ثَقيفٍ ، وزَعَمتَ أنَّهُ ابنُ أبيكَ ، وقَد قالَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : «الوَلَدُ لِلفِراشِ ولِلعاهِرِ الحَجَرُ» ، فَتَرَكتَ سُنَّةَ رَسولِ اللّه ٍ صلى الله عليه و آله وخالَفتَ أمرَهُ مُتَعَمِّدا ، وَاتَّبَعتَ هَواكَ مُكَذِّبا ، بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّه ِ ، ثُمَّ سَلَّطتَهُ عَلَى العِراقَينِ فَقَطَعَ أيدِيَ المُسلِمينَ وسَمَلَ ۸ أعيُنَهُم ، وصَلَبَهُم عَلى جُذوعِ النَّخلِ ، كَأَنَّكَ لَستَ مِنَ الاُمَّةِ وكَأَنَّها لَيسَت مِنكَ ، وقَد قالَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : «مَن ألحَقَ بِقَومٍ نَسَبا لَيسَ لَهُم فَهُوَ مَلعونٌ» !
أوَلَستَ صاحِبَ الحَضرَمِيّينَ الَّذينَ كَتَبَ إلَيكَ ابنُ سُمَيَّةَ أنَّهُم عَلى دينِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَكَتَبتَ إلَيهِ : اُقتُل مَن كانَ عَلى دينِ عَلِيٍّ ورَأيِهِ ، فَقَتَلَهُم ومَثَّلَ بِهِم بِأَمرِكَ ، ودينُ عَلِيٍّ عليه السلام دينُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله الَّذي كانَ يَضرِبُ عَلَيهِ أباكَ ، وَالَّذِي انتِحالُكَ إيّاهُ أجلَسَكَ مَجلِسَكَ هذا ، ولَولا هُوَ كانَ أفضَلُ شَرَفِكَ تَجَشُّمَ الرَّحلَتَينِ في طَلَبِ الخُمورِ !
وقُلتَ : اُنظُر لِنَفسِكَ ودينِكَ وَالاُمَّةِ ، وَاتَّقِ شَقَّ عَصَا الاُلفَةِ وأن تَرُدَّ النّاسَ إلَى الفِتنَةِ !
فَلا أعلَمُ فِتنَةً عَلَى الاُمَّةِ أعظَمَ مِن وِلايَتِكَ عَلَيها ! ولا أعلَمُ نَظَرا لِنَفسي وديني أفضَلَ مِن جِهادِكَ ! فَإِن أفعَلهُ فَهُوَ قُربَةٌ إلى رَبّي ، وإن أترُكهُ فَذَنبٌ أستَغفِرُ اللّه َ مِنهُ في كَثيرٍ مِن تَقصيري ، وأسأَلُ اللّه َ تَوفيقي لِأَرشَدِ اُموري .
وأمّا كَيدُكَ إيّايَ ، فَلَيسَ يَكونُ عَلى أحَدٍ أضَرَّ مِنهُ عَلَيكَ ، كَفِعلِكَ بِهؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذينَ قَتَلتَهُم ومَثَّلتَ بِهِم بَعدَ الصُّلحِ مِن غَيرِ أن يَكونوا قاتَلوكَ ولا نَقَضوا عَهدَكَ ، إلّا مَخافَةَ أمرٍ لَو لَم تَقتُلهُم مِتَّ قَبلَ أن يَفعَلوهُ ، أو ماتوا قَبلَ أن يُدرِكوهُ ، فَأَبشِر يا مُعاوِيَةُ بِالقِصاصِ ، وأيقِن بِالحِسابِ ، وَاعلَم أنَّ للّه ِِ كِتابا لا يُغادِرُ صَغيرَةً ولا كَبيرَةً إلّا أحصاها ، ولَيسَ اللّه ُ بِناسٍ لَكَ أخذَكَ بِالظِّنَّةِ ، وقَتلَكَ أولِياءَهُ عَلَى الشُّبهَةِ وَالتُّهمَةِ ، وأخذَكَ النّاسَ بِالبَيعَةِ لِابنِكَ ؛ غُلامٍ سَفيهٍ يَشرَبُ الشَّرابَ ويَلعَبُ بِالكِلابِ !
ولا أعلَمُكَ إلّا خَسِرتَ نَفسَكَ ، وأوبَقتَ ۹ دينَكَ ، وأكَلتَ أمانَتَكَ ، وغَشَشتَ رَعِيَّتَكَ ، وتَبَوَّأتَ مَقعَدَكَ مِنَ النّارِ فَ «بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّــلِمِينَ»۱۰ . ۱۱

1.قارَّهُ مُقارَّةً : قَرَّ معَهُ وسَكَنَ ، وفلانٌ قارٌّ : ساكِنٌ (تاج العروس : ج ۷ ص ۳۸۶ «قرر») .

2.الروم : ۶۰ .

3.نَمَّيتُ الحديثَ تنميةً : إذا بلّغتَهُ على وجه النميمة والإفساد (الصحاح : ج ۶ ص ۲۵۱۶ «نما») .

4.رَقّى عليه كلاما : إذا رَفَعَ (الصحاح : ج ۶ ص ۲۳۶۱ «رقي») .

5.المَلَق : أن تُعطي باللسان ما ليس في القلب (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۲۸۴ «ملق») .

6.النَّميمَةُ : هي نقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الإفساد والشرّ (النهاية : ج ۵ ص ۱۲۰ «نمم») .

7.هكذا في المصدر ، وفي الإمامة والسياسة : «الجمع» بدل «الجميع» .

8.سَمَلْتُ عَيْنَهُ : فقأتُها بحديدة مُحْماة (المصباح المنير : ص ۲۸۹ «سمل») .

9.وَبَقَ : هَلَكَ ، ويتعدّى بالهمزة ، فيقال : أوبقته (المصباح المنير : ص ۶۴۶ «وبق») .

10.هود : ۴۴ .

11.أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۱۲۸ ، الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۰۱ ـ ۲۰۲ ؛ رجال الكشّي : ج ۱ ص ۲۵۲ ح ۹۸ و ۹۹ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۱۲ ح ۹ وراجع : هذه الموسوعة : ج ۲ ص ۱۶۵ (القسم الخامس / الفصل الثاني / رسالة توبيخيّة من الإمام عليه السلام لمعاوية لظلمه وبدعه) .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج9
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 157375
الصفحه من 491
طباعه  ارسل الي